حمادة عبد الونيس الدرعمي - عود على بدء...!

أستهل كلمتي إليك أيها القاريء الحبيب بقول الصادق الأمين :"الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ".
لأقيم الحجة دامغة أن الدكتور د.سيد شعبان من كرام الناس أصلا ومحتدا إذ إن من أمارات أولاد الأصول حفظ الود وعدم نكران الجميل ولا إخال أحدا من الكتاب المعاصرين قد شغفه والداه حبا مثل صديقنا و"بلدينا" الدكتور سيد شعبان الذي مازال يتحفنا كل يوم بجديد تليد لم نكد نطالع كتابه عن أبيه حتى أغدق علينا من فيض سرده بكتاب آخر عن أحب خلق الله إلى قلبه إنها أمه التي كانت زاد حكمته ومكمن أسراره وسر حكيه ومنبع أقاصيصه!
سهرت الليالي الطوال على راحته تجوع ليشبع وتعطش ليرتوي كانت تراه كل دناها ومناها لم تبخل عليه بشيء قط ،تحدثه عن حكايات آبائه الأولين الذين ساحوا في دنيا الله يبتغون الرزق الحلال رجالا لا يقبلون المذلة ولا يخلدون إلى الراحة ولا يركنون إلى الدعة راكبين الأخطار في شتي بقاع الأمصار له رءوس مرفوعة تناطح الجوزاء شمما وإباء !
علمته أمه كيف يدبر وكيف يفكر فكانت قدوته الطيبة ودليله الخريت في خوض غمار الحياة التي لا تكف عن قلب ظهر مجنها عدد الأنفاس في وجوه الكادحين!
علمته كيف يكون الصبر على شظف العيش وكيف يكون الوفاء للأب الذي هاجر متجرعا مرارة الغربة تاركا وراءه حمولا ثقالا تنوء بحملها الجبال الرواسي !
لكن بنت الصاوي كانت حسيبة شريفة لها عقل يزن أمة وإرادة فولاذية وبصيرة تبين لها الغث من السمين !
كانت تزرع وتحصد تغني للطين المبارك أغاني النهر الخالد تلتف حولها الأطيار فوق الأشجار يباركن مسيرتها المقدسة يربطن على قلبها:سيري وجدي في سيرك فالأمل كبير والحلم يراودك غدا ترتدين السعادة جلباب عز وترفلين في نعيم مقيم فلابد لكل زارع من حصاد تطيب له نفسه ويسعد به قلبه ويرتاح في يوم الجائزة الكبرى ضميره !
تعمل في صمت طاهرة الأردان لا تغش ولا تخون ولا تعرف غير الطهر ثوبا ولا غير العفاف موردا تربي الأنعام بل حينما يقتضي الأمر في الليالي الحالكة تلبس ملابس زوجها تحارب الظلام تروي زرعها الأخضر في الحقول فيصبح الصباح وقد أورق وأثمر له فرن بلدي تقصده النسوة من كل فج وشارع تنصح حديثة العهد منهن بزواج تبين لها كيف تعجن وكيف تقرص وكيف تزرق وكيف تخبز لا تفارق ابتسامتها وجنتيها شاكرة لأنعم الله حامدة صابرة لا تسأل الله غير الستر في الأولى والآخرة!
تنام ساعات الليل الأولى تقوم قبل أذان الديكة ترتب أمورها وتعد الطعام لأبنائها وتذهب لحلب أبقارها بادئة باسم الله طالبة منه زيادة الرزق والبركة !
دجاجها ثروة اقتصادية كبرى خمسون دجاجة بياضة و
ديوك فيها شراسة وقوة وفحولة !
لها مطران على السطح يحاكيان هرم خوفو وخفرع !
واحد للأرز والآخر للغلال !
لم ينس هذا الابن الذي ضرب في أرض الله مبتغيا للعلوم حتي حصل أعلى درجاتها هذه الأوراق الوارفة من حياة الأم التي كانت محرابه الذي يتعبد فيه طالبا رضا ربه العفو !
كتب عن أبيه انتماء وافتخارا وكتب عن أمه أول حب وآخر حب كتب عن جنة الله في أرضه داعيا الله أن يجمع بينهما في جنات عدن حيث النعيم المقيم والرضوان الأكبر من الله الرحمن الرحيم !
بنت الصاوي لقطات سردية واقعية من حياة امرأة علمت الرجال كيف يكون الكفاح وعلمت النسوة كيف تكون المرأة لزوجها وأبنائها غير مبددة وإنما حافظة لحدود الله مطيعة للزوج حانية على الولد في قصة حب سرمدية تحكيها الأطيار لأفراخها كل مساء
وإني أتركك أيها القاريء الحصيف مع صاحب السرد العجيب والأسلوب الرهيب مع الحبيب الدكتور سيد فاقرأ وارتق فدونك أفانين البيان وعناقيد الجمان والله وحده المستعان وعليه التكلان !
وكتبه الفقير إلى عفو مولاه :
حمادة عبد الونيس الدرعمي
عصر يوم الأحد الموافق الخامس من يونيه عام ألفين واثنين وعشرين من الميلاد .



1670148033784.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى