المحامي علي ابوحبله - ما جدوى التنسيق مع إسرائيل في ظل ممارساتها وخرقها الفاضح للقوانين والمواثيق الدولية

جهود هيئة الشؤون المدنية ترتيب زيارة لعائلة الشهيد ناصر ابوحميد وهو يعاني من آلام المرض لم تنجح وعندما ذهب الشهيد في غيبوبة الموت اضطرت سلطات الاحتلال لترتيب زيارة لعائلته وهي تدرك أنه قد غادر الحياة ، وبعد استشهاده تبذل جهود فلسطينيه من اجل تحرير جثمانه الطاهر من الأسر ليتسنى لعائلته دفنه إلى مثواه الأخير حيث قال حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس هيئة الشؤون المدنية ، إن هناك جهود تبذل من أجل تحرير جثمان الشهيد الأسير ناصر أبو حميد.

وأعرب الشيخ في تصريحات صحفية من منزل عائلة الشهيد ناصر أبو حميد في رام الله، عن أمله في أن يتم تسليم جثمانه، مشيرًا إلى أنه خلال الساعات المقبلة يتوقع أن يكون هناك رد إسرائيلي. ، ولفت إلى أن هناك اتصالات جرت مع جهات عربية مؤثرة وكذلك مع الإدارة الأميركية للضغط على الاحتلال لتسليم جثمانه.

وقال الشيخ: "لا يعقل إطلاقًا شخص تعرض للإهمال الطبي، ولا زال لديه 4 أشقاء أسرى ما زالوا في سجون الاحتلال .. أقل ما يمكن بالحد الأدنى من التكريم أن يسلم جثمانه لوالدته وعائلته وأبناء شعبه لتكريمه لمثواه الأخير، وهذا بالحد الأدنى".

أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين اليوم الثلاثاء الواقع في 20/12/2022، عن استشهاد الأسير القائد ناصر أبو حميد (50 عامًا) من مخيم الأمعري، في مستشفى "أساف هروفيه"، جرّاء سياسة الإهمال الطبي المتعمد "القتل الطبي"، التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى.

وكانت سلطات الاحتلال قد نقلت ظهر امس الاثنين، الاسير ابو حميد بشكل عاجل من سجن "الرملة" إلى مستشفى أساف هروفيه، بعد تدهور خطير جدا طرأ على حالته الصحية.

وعلى مدار الشهور الماضية، فشلت جميع المحاولات القانونية، في سبيل تحقيق حريته، ورفض الاحتلال عبر عدة جلسات محاكمة عقدت طلب الإفراج المبكر عنه. ،وكان الشهيد ابو حميد قد رفض مقترحا تقدم به محاميه، لطلب "عفو" من رئيس حكومة الاحتلال، في سبيل الإفراج عنه، تأكيدًا منه على الحقّ في الاستمرار بمقاومة الاحتلال، واحترامًا لمسيرة الشهداء، ورفاقه الأسرى.

اعتقل أبو حميد أول مرة عندما كان في الثالثة عشرة، بعد أن أصيب إصابة بالغة عام 1990، وحاول الاحتلال اغتياله أكثر من مرة بعد أن تحول إلى مطارد، في الثاني والعشرين من نيسان 2002، اعتقل برفقة أخيه نصر في مخيم قلنديا ورافق اعتقاله الاعتداء عليه وإصابته إصابات بالغة، وتعرض لتحقيقٍ قاسٍ، وحكم عليه بالسجن سبع مؤبدات وثلاثين عامًا.

عدا عن ذلك، فهو شقيق الشهيد عبد المنعم أبو حميد، وشقيق الأسير نصر المحكوم بخمسة مؤبدات، وشريف المحكوم بأربعة مؤبدات، ومحمد المحكوم بمؤبدين وثلاثين عاما، وإسلام المحكوم بمؤبد وثماني سنوات ، هدم الاحتلال منزل عائلة أبو حميد خمس مرات، ومنع أمه من زيارته لسنوات، وقد أُطلِقَ على والدته لقب "خنساء فلسطين" و"سنديانة فلسطين"، وقد توفي والده وهو داخل السجن، ولم يتمكن من المشاركة في تشييع جثمانه.

وفي تطور لافت قرر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي "بيني غانتس" صباح يوم الأربعاء، الاحتفاظ بجثة الشهيد القائد الأسير ناصر أبو حميد، في مقبرة الأرقام. ، ورفض غانتس بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، تسليمها لعائلة الشهيد أبو حميد بطلب فلسطيني وأممي، ونفى تورط إسرائيل باستشهاده.

وكانت، القناة (12) العبرية، أنّه في الأيام المقبلة، أكدت: أنّ الجيش الإسرائيلي سيقدم رأيه بشأن احتجاز أو الإفراج عن جثة الأسير أبو حميد وستحدد: هل هناك مخاوف من اندلاع انتفاضة أو توتر في السجون أو في مناطق السلطة بعد احتجاز الجثة، أم هناك إمكانية لاحتجازها من أجل التفاوض عليها فيما بعد ، ونوهت، أنّ هذه القضية لا تنفصل عن السياق السياسي ويمكن أن يكون لها تداعيات.

وباستشهاد القائد ناصر ابو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة، إلى (233) شهيدًا منذ عام 1967، منهم (74) شهيدًا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء)، وكان من بينهم هذا العام إلى جانب الأسير ابو حميد، الأسيرة سعدية فرج الله التي اُستشهدت كذلك جراء الإهمال الطبي المتعمد، بحسب نادي الاسير.

احتجاز جثامين الشهداء أو ما يطلق قضية مقبرة الأرقام وسرقة أعضاء الشهداء والتي كانت أحد المحاور الرئيسية في المؤتمر السابع للتحالف الأوروبي لمناصرة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، الذي عقد مؤتمره السابع في مالمو بالسويد يومي 18 و19 من شهر يونيو الحالي. وقد قدم في المؤتمر عدد من المتدخلين معلومات مهمة حول موضوع الجثامين وسرقة الأعضاء، خاصة الفيلم الوثائقي المهم " ما بعد الرصاصة " الذي أعده خصيصا لهذا المؤتمر المنتج والصحافي أحمد فراسيني من بلجيكا، بالإضافة إلى مداخلة عبر تقنية الفيديو من المحامي والخبير القانوني أنيس القاسم من عمّان، الذي عالج الموضوع من الناحية القانونية. قضية تدويل جريمة احتجاز الجثامين كانت إحدى التوصيات التي خرج بها المؤتمر، وشكّل لجنة قانونية مختصة لهذا الموضوع حتى لا تصبح قضية الجثامين قضية نائمة، مثلها مثل جدار الفصل العنصري حيث تخلو تقارير تور وينيسلاند، منسق عملية السلام في الشرق الأوسط وممثل الأمم المتحدة لدى السلطة الفلسطينية، من ذكر هذين الموضوعين في إحاطته الشهرية لمجلس الأمن الدولي.

الكيان الصهيوني لا يكترث للقانون الدولي، لكن من غير المسموح له أن يرتكب مثل هذه الجرائم ويتم السكوت عنه ، حيث تحتجز سلطات الاحتلال الصهيوني الآن بين 82 إلى 105 جثث في ثلاجات، وبين 254 إلى 266 في مقابر الأرقام، التي لا تعطي أي تعريف بالشهيد وتضع يافطة على القبر تحمل رقما فقط. وقد بدأت هذه الممارسة منذ عام 1980، ولم يكن أحد يدرك أن إخفاء الجثث سيأخذ منحى السياسة الجديدة لدى سلطات الاحتلال، حتى أثيرت قضية جثمان الشهيد أنيس دولة، شهيد الأسر عام 1980 الذي لم تعترف سلطة الاحتلال بوجود جثمانه لديها وصنفته تحت عنوان "| مفقود" ، رغم اعتراف " المحكمة العليا الإسرائيلية" بتشريح الجثمان عام 1982 أي بعد سنتين من الاختفاء. ولا يمكن فهم سر اختفاء جثمانه، سوى خشية الاحتلال من فضح جريمته بحق الشهداء، وهي الاتجار بالبشر وسرقة أعضائهم. ومن بين الجثث المحتجزة جثث عشرة أطفال وسبعة أسرى توفوا في المعتقلات. والقناعة التي أثبتتها الوثائق والتقارير الاستقصائية، هي أن هناك عملية منظمة تشرف عليها قيادات الجيش لسرقة أعضاء الشهداء، خاصة قرنية العين والجلد والكلى وصمامات القلب. وقد وثق الصحافي السويدي دونالد بوستروم في تقرير نشره عام 2001 موضوع سرقة الأعضاء، ثم ثبّتت هذه الحقيقة الطبيبة الإسرائيلية مائيرا فايسي، في كتابها" على جثثهم الميتة " الصادر عام 2008 لزرعها في أجساد المرضي والمصابين من أفراد الجيش والمدنيين الإسرائيليين، بالإضافة إلى استعمالها في كليات الطب في الجامعات العبرية، لإجراء الأبحاث عليها. وأوردت فايس بعض الحقائق حول التمييز في تعامل معهد التشريح العدلي الرسميّ في أبو كبير مع جثث الإسرائيليين ومنع استئصال أعضاء منها، وفي المقابل يسمح باستئصال أعضاء من جثث الفلسطينيين وتخزينها في بنك الأعضاء والاستفادة منها بشكل خاص للمرضى الإسرائيليين. وقد بلغت طفرة السرقة، حسب فايس، خلال الانتفاضة الأولى لكثرة عدد الشهداء. وقد أجرت شبكة الأخبار الأمريكية (CNN) تحقيقيا عام 2008 عن شبكات تهريب الأعضاء إلى الأسواق الأمريكية، وتم اعتقال نحو عشرين متورطا معظمهم في ولاية نيوجرسي من بينهم رؤساء بلديات ومسئولون وسياسيون.

وتعتبر ممارسة حجز الجثامين انتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويمكن تصنيفها على أنها جريمة حرب لأن القانون الدولي ينص على احترام قتلى الحروب. فما بالك عندما يكون القتيل مدنيا توفي في السجن تحت التعذيب أو الإهمال الطبي. وهو ما أكده تقرير لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عام 2016 الذي اعتبر حجز الجثامين ضربا من ضروب المعاملة القاسية اللاإنسانية والحاطة بالكرامة الإنسانية.

وحسب اتفاقية جنيف فهي جريمة إخفاء قسري وتصنف كذلك بأنها جريمة أخذ رهينة. فالجثمان في زمن الحرب يجب دفنه في مكان معروف وتحت اسم حقيقي بانتظار نقله إلى ذويه، ومعاملة الجثامين بهذه الطريقة معاملة قاسية تحط من كرامة الإنسان، إضافة إلى أنها جريمة عقاب جماعي لذوي الشهيد، من دون أن يكون لهم أي دخل بموضوع الاستشهاد. وحسب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية البند السابع تصنف جريمة الحط من قيمة الجثمان جريمة حرب تحيل فاعلها للمحاكمة.

عندما يقرر الاحتلال تسليم جثمان لذوية فإنه يضع عليهم شروطا قاسية قد تزيد عن عشرة، أهمها دفن الجثمان، والذي يكون مجمدا تماما، خلال ساعتين على الأكثر وعادة تفرض ساعة الدفن وتكون بعد منتصف الليل. وتشترط عدم عرض الجثة للتشريح وعدم دعوة أحد من خارج العائلة للمشاركة في الجنازة وألا يزيد عدد المشاركين عن عشرة أشخاص ويمنع رفع الشعارات أو التظاهر أو حمل اليافطات. كل تلك الممارسات تشير إلا أن السلطات تعمل على إخفاء معلومات تتعلق بحالة الجثة.




لقد اعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية 27 أغسطس من كل عام اليوم الوطني لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، بعد أن أقر عام 2008. لكن تسليط الأضواء على هذه الممارسة الفاشية لا يكفيها يوم واحد في السنة، بل يجب العمل على ملاحقتها على مدار العام. وهي مسؤولية شعبية ورسمية ويجب ألا يتكئ أحد على الآخر. منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية يجب أن تعمل على توثيق هذه الجرائم وتصوير الجثامين المفرج عنها، وإعداد ملف عن كل جثمان محتجز. وعلى السلطات الرسمية أن تتقدم بملف كامل حول الموضوع لمحكمة الجنايات الدولية وتصنف هذه الممارسة كجريمة حرب، كما عليها أن تتقدم لمحكمة العدل الدولية لاستصدار رأي قانوني في هذه الجريمة.

وبات مطلوب من وفد فلسطين في الأمم المتحدة التقدم بمشروع قرار للجمعية العامة لاستصدار قرار قوي حول إدانة هذه الممارسة البشعة والطلب الفوري بإطلاق سراح الجثامين المحتجزة بعد ضمان دعم عربي وإسلامي ومن مجموعة الـ77 والدول المحبة للسلام والملتزمة بالقانون الدولي. كما يجب لفت نظر لجنة التحقيق الدولية، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان برئاسة السيدة نافي بيله من جنوب افريقيا، ليشمل تقريرها الدوري موضوع حجز الجثامين. وضرورة لفت انتباه منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، لهذه الجريمة البشعة أمر مهم وضروري ولا يحتمل التأجيل.

حكومة الاحتلال الصهيوني لا تكترث للقانون الدولي، لكن من غير المسموح له أن يرتكب مثل هذه الجرائم ويتم السكوت عنه. فإثارة الضجة وتسليط الأضواء وفضح الممارسات على مستوى العالم ستكون مقدمة لوقف أو تقليص هذه الظاهرة الأبشع في تاريخ الفظائع البشرية.

ناصر أبو حميد من المناضلين الذين آمنوا بأن الأرض تنادي أبناءها، فاستجابوا لندائها دون أن يفكروا ولو للحظة بما سيخسرونه من أعمارهم.وهذا يتطلب فضح ممارسات الاحتلال وجرائمه وفتح ملف جثامين مقابر الأرقام أمام المحافل الدولية وأمام محكمة الجنايات الدولية بحيث يبقى السؤال ؟؟ ما جدوى التنسيق مع إسرائيل في ظل ممارساتها وخرقها الفاضح للقوانين والمواثيق الدولية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى