محمد علي عزب - مقومات الهوية العربية

العروبة ليست عرقا سلاليا ولا هي _ العروبة _ فكرة سياسية، إنما العروبة هوية، دول أمريكا اللاتينية قوامها السكاني من ثلاثة عناصر الأول منها هو المحتل الإسباني أو البرتغالي والعنصر الثاني الهنود الحمر السكان الأصليين والعنصر الثالث هو الأفارقة الذين جليهم المحتل الأوروبي كعبيد في الأرض الجديدة ، وحدث تزواج بين هذه العناصر الثلاثة واندمجت ثقافتهم وكونت هوية خلاسية تسمي "كيريلو" خلاسي باللغة الإسبانية اي مهجن، ثم أصبحت بعد ذلك تطلق علي كل من ولد في أمريكا اللاتينية ، أما نحن فمنذ ١٥٠٠ سنة نتكلم لغة واحدة لها مستوى فصيح رسمي واحد وعاميات متعددة كلها مرجعيتها واحدة هي العربية ، وموقع جغرافي واحد وتاريخ ومصالح مشتركة ، ٩٠ ٪ مسلمين و١٠ ٪ مسيحين ولا خلاف طائفي أو نزاع ينشأ بينهم إلا بعد أن يغذيه الاستعمار في أوقات الأزمات كما في لبنان والعراق والحمد لله انتهي هذا الصراع المصطنع .
تاريخ ولغة واحدة وموقع جغرافي وثقافة مشتركة يعني ذلك أننا نمتلك مقومات تكوين الهوية العربية أكثر من دول أمريكا اللاتينية التي أسست الهوية الخلاسية ، ولنفترض أنك ترفض فكرة الهوية العربية ولا أنكر ذلك عليك ، انت حر ، لكن ألا تتفق معي أن هناك لغة واحدة وثقافة وفنون وآداب مشتركة ذات سمات تميز ثقافات وفنون هذه الدول، فالادب العربي هو الأدب المكتوب بالعربية في الدول التي تقع جغرافيا بين الخليج العربي شرقا والمحيط الأطلنطي غربا ، والأدب الإفريقي هو الأدب المكتوب بلغة المحتل الأوروبي القديم التي حلت محل اللغة الأصلية أو مكتوب بلغة أفريقية مثل الصومالية أو الأمهرية أو السواحلية في البلاد التي تقع جنوب الصحراء الكبري ويعبر هذا الأدب عن تراث وهوية وحاضر ومستقبل سكان تلك البلاد الذين يختلفون في رؤاهم وثقافة عن سكان الشمال. الإفريقي الذين يتفقون في اللغة والثقافة والتاريخ مع دول غرب آسيا "الجناح الاسيوى للوطن العربي" ، ستقول لي واين امازيغ المغرب ، احتفظ الأمازيغ بثقافتهم ولغتهم المحلية وفي نفس الوقت انتموا لاوطانهم وشاركوا في الثقافة والإبداع العربي مثل الروائي الليبي إبراهيم الكوني يفتخر بجذوره الأمازيغية والليبية ويقدم نفسه للعالم بوصفه أديبا عربيا، فعندما فاز بجائزة الرواية العربية من مصر تبرع بها لأطفال قبيلة الطوارق الأمازيغ ، ستقول لي والسودان ذوى البشرة السوداء، ساقول لك عندنا النوبة في مصر من ذوي البشرة السمراء ، واقول لك ايضا أن السودان اعتمدت اللغة العربية لغة رسمية منذ ١٥ قرنا وشاركت في الثقافة والإبداع العربي وقدمت أدباء ومبدعين في كل المجالات أثروا في الثقافة العربية مثل الروائي الكبير الطيب صالح والشاعر الكبير محمد الفيتوري والشاعر والناقد عز الدين اسماعيل ، لو أن العروبة منحصرة فقط في فكرة سياسية لكانت الأدب الصومالي أدب عربي والصومال في جامعة الدول العربية منذ سنة ١٩٧٥م، لكن الصومال سياسيا عربية ولكن ثقافيا وتاريخيا لا فاللغة في الصومال موزعة بين العربية زالصومالية والإنجليزية أيضا والتاريخ مختلف والبيئة والثقافة، فالصومال أقرب للأدب والثقافة الأفريقية ، نور الدين فارح أبو الرواية الصومالية كتب بالإنجليزية والصومالية ، ومحمد حضري أبو الشعر الصومالي الحديث كتب غالبية شعره باللغة الصومالية، وهناك تيار صومالي ظهر في تسعينات القرن العشرين يكتب الأدب باللغة العربية لكنه أدب أفريقي مثل الأدب الصومالي الذي يكتب بالصونالية أو الإنجليزية وليس أدبا عربيا فليست اللغة فقط هي الفيصل بل ما تحمله اللغة من رؤي وتراث وثقافة ومشاعر ملتصقة بوعي ووجدان وذاكرة الإنسان .
لو اختلف بعض مثقفينا علي الهوية العربية فأعتقد أنه لا خلاف علي وجود لغة واحدة وثقافة وأدب يعرف بين الآداب العالمية باسم الأدب العربي، قال لي أحد الأصدقاء يمكن أن نستخدم مسمي "الدول الناطقة بالعربية" بدلا من الوطن العربي، من وجهة نظرى مسمي الوطن العربي افضل بكثير ، وان مسمي "الدول الناطقة بالعربية" يحمل في طياته اعترافا ضمنيا بأن هناك رابط تاريخي بين الدول العربية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى