أعتقد أنه موضوع مهم، وتأتي أهميته لأن فيه محاولة للتعرف على أبعاد الشخصية المصرية في المسرح المصري المعاصر.
وفي البداية نتحدث عن أهم صفات الشخصية المصرية، وعلى الرغم من كثرة من تحدثوا عن صفات الشخصية المصرية فما زال هناك جديد يقال عن هذا الأمر؛ ولهذا نرى كثيرين يعيدون النظر في صفات الشخصية المصرية عبر تاريخ مصر الطويل منذ عصر الفراعنة حتى العصر الحديث.
وفي ظني أن من أهم ما يميز الشخصية المصرية هو التمسك بالأرض، فالمصري لا يشعر بالراحة والاستقرار عند اغترابه عن وطنه، ولو هاجر بعيدًا عن وطنه يكون لديه حنين شديد له، ونرى في بعض البرديات حكايات عن مصريين شعروا بالمرارة لبعدهم عن مصر، وفي العصر الحديث نرى المصري مهما علا شأنه في خارج وطنه فإنه يظل له حنين شديد لمصر مهما كان فيها من ظروف صعبة وقاسية.
وأيضًا من ملامح الشخصية المصرية ميل المصري للتوسط وعدم المغالاة؛ ولهذا قبل المصري الإسلام واقتنع به؛ لأنه رَآه دين الوسطية ليس فيه إفراط ولا تفريط، ولا عجب إذًا ألا يعبأ المصريون بمذهب التشيع المغالي الذي جاءت به الدولة الفاطمية التي حكم خلفاؤها مصر نحو قرنين، والتطرّف الذي نراه عند بعض المصرييين في الوقت الحالي وافد دخيل،
ولا يعبر عن طبيعة أهل مصر في وسطيتهم، وأرى أنه لن يستقر في مصر طويلاً؛ لأنه يتنافى مع طبيعة المصريين بما لديهم من تسامح وترابط مهما كان اختلاف الدين والمستوى الفكري والاجتماعي بينهم.
وكذلك من خصائص الشخصية المصرية الميل للفكاهة والتنكيت؛ ولهذا شاع بينهم عبارة فلان ابن نكتة، وغالبًا ما ينفس المصري عن ضيقه من المواقف التي لا ترضيه بالنكتة الساخرة والتعبير المتهكم، وخلال تنفيس المصري عن همومه من خلال النكتة يفرغ شحنة الغضب التي لديه، ويشعر أنه لم ينهزم، بل لقد نال ممن ضايقه أو ظلمه، وخلال تلك السخرية من المصري في نقده للأوضاع التي يهاجمها نراه يغالي في تصوير من يهجوه ويسخر منه؛ ولهذا رأينا ابن مماتي في كتاب "الفاشوش في حكم قراقوش"
لا يستعين بالوقائع في سخريته من قراقوش، بل يستعين بالكاريكاتير الذي يضخم عيوب قراقوش، فيصبح مثالاً للحاكم الظالم الذي يخلو من العقل والحكمة، والحقيقة أن قراقوش لم يكن أحمق كما وصفه ابن مماتي، وكذلك لم يكن بهذا الظلم الذي صوره به ابن مماتي، ولكنها طبيعة المصري في المغالاة في سخريته ممن يغضب عليه؛ حين يشعر أنه جار عليه
أو أهانه بشكل أو بآخر.
وكذلك من طبيعة المصري أنه خلال فكاهته يستشعر الخوف من أن يحدث ما يعكر عليه هناءه، فهو قلق خلال فرحه من أن يتحول فرحه لحزن وسعادته لألم.
وأيضًا نرى المصري منذ الفراعنة يشغله التفكير في الخلود، إنه
لا يقنع بأن حياته ستنتهي بالموت، بل هناك عالم آخر سيعيش فيه؛ ولذا فالموت لا يعني عنده النهاية، بل يعني العبور من حياة لأخرى، وخلال سعي المصريين القدماء للخلود توصلوا للتحنيط، وبنوا المعابد التي تخلد أمجادهم، وكان مما جعل كثيرين منهم يدخلون في الإسلام أنهم رأوْا فيه الدين الذي يتحدث عن الخلود في العالم الآخر بشكل واضح ومقنع.
ولا شك أن هناك خصائص أخرى للشخصية المصرية، ولكن هذه الخصائص التي ذكرتها للشخصية المصرية هي أبرزها.
والآن نتحدث عن كيفية تناول كتاب المسرح المصري هذه الخصائص في الشخصية المصرية في مسرحياتهم.
إن توفيق الحكيم هو رائد المسرح المصري والعربي، وهو أيضًا أهم كاتب مسرح مصري اهتم في مسرحه بالبحث عن خصائص الشخصية المصرية؛ ولهذا نراه يقول في كتاب "ملامح داخلية": إن أدبي يجمعه خيط واحد هو البحث عن روح مصر وهويتها، ويتضح هذا في "عودة الروح" و"أهل الكهف" وغيرها من أعمالي.
ويرى توفيق الحكيم أن الفراعنة لو كانوا عرفوا التراجيديا لكان محور الصراع فيها بين الإنسان والزمن – في حين كان محور الصراع في التراجيديا الإغريقية بين الإنسان والقدر – لأن المصري مشغول دائمًا بقضية الخلود والصراع مع الشيخوخة والموت.
وقد عبر توفيق الحكيم في مسرحية "أهل الكهف" عن صراع الإنسان مع الزمن، ورأى أن الإنسان يكافح في صراعه مع الزمن مع علمه بأنه سينهزم في النهاية؛ ولهذا انهزم أهل الكهف، ولم يستطيعوا أن يعيشوا في ذلك العصر الآخر الذي بُعثوا فيه، وارتدوا لكهفهم.
وأيضًا نرى فكرة الصراع مع الزمن في مسرحية "لو عرف الشباب" للحكيم، وفيها أيضًا نرى الحكيم يرى أن الزمن ينتصر على الإنسان، فهو لا يستطيع أن يقفز من العصر الذي يعيش فيه لعصر آخر، ويرى توفيق الحكيم فيها أن بعث الشباب لشيخ بوسائل العلم كارثة؛ لأن هذا الشيخ لا يمكنه بعقله الناضج الحكيم أن يعيش تجربة الشباب من جديد.
وكذلك نراه في مسرحية "رحلة إلى الغد" غير راضٍ عما يمكن أن يحمله المستقبل من ثورة علمية قد تمد في حياة الإنسان أو تعطيه ما يشبه الخلود في أي كوكب من الكواكب.
ولا شك أن موقف توفيق الحكيم من الزمن موقف متشائم لا يتفق مع تطلع الفراعنة للخلود وسعيهم إليه؛ ولهذا أرى أن توفيق الحكيم مع وعيه باهتمام المصري بقضية الخلود وصراعه مع الزمن لكنه خالف المصري في تشاؤمه – أي توفيق الحكيم – من فكرة الخلود والعيش في زمن آخر خلاف الذي يعيش فيه.
وأرى أن توفيق الحكيم كان معبرًا عن الروح المصري بشكل أوضح في مسرحياته التي تناول فيها الريف المصري وعادات المصريين فيه، وبعضها يعود لعصر الفراعنة، ونرى هذا بوضوح في مسرحية "احتفال أبو سنبل" ومسرحية "الزمار" ومسرحية "الصفقة"، وفِي هذه المسرحيات نرى عشق المصري للأرض، وميله للسخرية من كل من يحاول أن يتجبر عليه ويظلمه، وأيضًا نرى فيها المصري الخفيف الظل الذي يتغلب على مواقفه الصعبة بالنكتة الساخرة، وفيها كذلك نرى التداخل بين الموت والحياة لا سيما في مسرحية "الصفقة".
وكتاب مسرح الستينيات في مصر عبروا عن الشخصية المصرية من خلال تناول بعضهم للفلاح المصري الذي ينبض بداخله المصري القديم بكل صفاته، ونرى بعض مسرحيات سعد الدين وهبة تصور الفلاح المصري وهو يواجه قهر المستعمرين والظالمين بصبر وتلاحم مع إخوانه من الفلاحين وسخرية ممن ينال منه، ونرى هذا في مسرحية "المحروسة" ومسرحية "كوبري الناموس" ومسرحية "كفر البطيخ" ومسرحية "السبنسة".
ولكنني أظن أن سعد الدين وهبة لم يكن يهتم في هذه المسرحيات بعرض طبيعة المصري بقدر اهتمامه بتصوير بعض مظاهر الظلم التي تعرض لها المصري قبل ثورة يوليو، وهذا النطاق الضيق الذي حصر فيه سعد الدين وهبة مسرحه عن الفلاح المصري لم يمكنه من إظهار الشخصية المصرية بشكل واضح.
وأيضًا نرى في بعض مسرحيات محمود دياب تعبيرًا عن الريف المصري والفلاح المصري في احتفالاته بجني القطن على وجه الخصوص، مما يعد أحد مظاهر الفرجة لديه، وغير مستبعد أن يكون الفراعنة قد عرفوا شكلاً من المسرح منذ القدم شبيهًا بهذا السامر الذي نراه في احتفالاتهم التي كانوا يعقدونها في جني أهم محاصيلهم، ويؤكد هذا الاحتمال أن المسرح عند الإغريق نشأ من احتفالاتهم بأعياد الإله الوثني باخوس في موسم حصاد الكرم على وجه الخصوص.
وقد ذكر يوسف إدريس في مقالاته التي نشرها مع مسرحية "الفرافير" أن الفرفور هو شخص يمثل المصري في ميله للتهريج والسخرية؛ ولذا رأى أنه من خلاله يؤسس لمسرح مصري في شكله ومضمونه، ولا شك أن تجربة يوسف إدريس في مسرحية "الفرافير" تجربة تحسب له، وفيها محاولة للتجديد في شكل المسرح المصري، وإن كنا نرى تأثره في هذه المسرحية بالمسرح الملحمي وببعض تقنيات مسرح العبث، وقد قرأت بردية فيها صورة لما نراه في مسرحية "الفرافير" من الصراع بين الفرفور والسيد مما يؤكد الصِّلة بين هذه المسرحية وبطليها الفرفور والسيد بتراثنا الفرعوني.
وبعد فهذا مجرد مقال سريع عن ملامح الشخصية المصرية في المسرح المصري، وآمل أن أكتب دراسة مطولة في هذا الموضوع بإذن الله.
وفي البداية نتحدث عن أهم صفات الشخصية المصرية، وعلى الرغم من كثرة من تحدثوا عن صفات الشخصية المصرية فما زال هناك جديد يقال عن هذا الأمر؛ ولهذا نرى كثيرين يعيدون النظر في صفات الشخصية المصرية عبر تاريخ مصر الطويل منذ عصر الفراعنة حتى العصر الحديث.
وفي ظني أن من أهم ما يميز الشخصية المصرية هو التمسك بالأرض، فالمصري لا يشعر بالراحة والاستقرار عند اغترابه عن وطنه، ولو هاجر بعيدًا عن وطنه يكون لديه حنين شديد له، ونرى في بعض البرديات حكايات عن مصريين شعروا بالمرارة لبعدهم عن مصر، وفي العصر الحديث نرى المصري مهما علا شأنه في خارج وطنه فإنه يظل له حنين شديد لمصر مهما كان فيها من ظروف صعبة وقاسية.
وأيضًا من ملامح الشخصية المصرية ميل المصري للتوسط وعدم المغالاة؛ ولهذا قبل المصري الإسلام واقتنع به؛ لأنه رَآه دين الوسطية ليس فيه إفراط ولا تفريط، ولا عجب إذًا ألا يعبأ المصريون بمذهب التشيع المغالي الذي جاءت به الدولة الفاطمية التي حكم خلفاؤها مصر نحو قرنين، والتطرّف الذي نراه عند بعض المصرييين في الوقت الحالي وافد دخيل،
ولا يعبر عن طبيعة أهل مصر في وسطيتهم، وأرى أنه لن يستقر في مصر طويلاً؛ لأنه يتنافى مع طبيعة المصريين بما لديهم من تسامح وترابط مهما كان اختلاف الدين والمستوى الفكري والاجتماعي بينهم.
وكذلك من خصائص الشخصية المصرية الميل للفكاهة والتنكيت؛ ولهذا شاع بينهم عبارة فلان ابن نكتة، وغالبًا ما ينفس المصري عن ضيقه من المواقف التي لا ترضيه بالنكتة الساخرة والتعبير المتهكم، وخلال تنفيس المصري عن همومه من خلال النكتة يفرغ شحنة الغضب التي لديه، ويشعر أنه لم ينهزم، بل لقد نال ممن ضايقه أو ظلمه، وخلال تلك السخرية من المصري في نقده للأوضاع التي يهاجمها نراه يغالي في تصوير من يهجوه ويسخر منه؛ ولهذا رأينا ابن مماتي في كتاب "الفاشوش في حكم قراقوش"
لا يستعين بالوقائع في سخريته من قراقوش، بل يستعين بالكاريكاتير الذي يضخم عيوب قراقوش، فيصبح مثالاً للحاكم الظالم الذي يخلو من العقل والحكمة، والحقيقة أن قراقوش لم يكن أحمق كما وصفه ابن مماتي، وكذلك لم يكن بهذا الظلم الذي صوره به ابن مماتي، ولكنها طبيعة المصري في المغالاة في سخريته ممن يغضب عليه؛ حين يشعر أنه جار عليه
أو أهانه بشكل أو بآخر.
وكذلك من طبيعة المصري أنه خلال فكاهته يستشعر الخوف من أن يحدث ما يعكر عليه هناءه، فهو قلق خلال فرحه من أن يتحول فرحه لحزن وسعادته لألم.
وأيضًا نرى المصري منذ الفراعنة يشغله التفكير في الخلود، إنه
لا يقنع بأن حياته ستنتهي بالموت، بل هناك عالم آخر سيعيش فيه؛ ولذا فالموت لا يعني عنده النهاية، بل يعني العبور من حياة لأخرى، وخلال سعي المصريين القدماء للخلود توصلوا للتحنيط، وبنوا المعابد التي تخلد أمجادهم، وكان مما جعل كثيرين منهم يدخلون في الإسلام أنهم رأوْا فيه الدين الذي يتحدث عن الخلود في العالم الآخر بشكل واضح ومقنع.
ولا شك أن هناك خصائص أخرى للشخصية المصرية، ولكن هذه الخصائص التي ذكرتها للشخصية المصرية هي أبرزها.
والآن نتحدث عن كيفية تناول كتاب المسرح المصري هذه الخصائص في الشخصية المصرية في مسرحياتهم.
إن توفيق الحكيم هو رائد المسرح المصري والعربي، وهو أيضًا أهم كاتب مسرح مصري اهتم في مسرحه بالبحث عن خصائص الشخصية المصرية؛ ولهذا نراه يقول في كتاب "ملامح داخلية": إن أدبي يجمعه خيط واحد هو البحث عن روح مصر وهويتها، ويتضح هذا في "عودة الروح" و"أهل الكهف" وغيرها من أعمالي.
ويرى توفيق الحكيم أن الفراعنة لو كانوا عرفوا التراجيديا لكان محور الصراع فيها بين الإنسان والزمن – في حين كان محور الصراع في التراجيديا الإغريقية بين الإنسان والقدر – لأن المصري مشغول دائمًا بقضية الخلود والصراع مع الشيخوخة والموت.
وقد عبر توفيق الحكيم في مسرحية "أهل الكهف" عن صراع الإنسان مع الزمن، ورأى أن الإنسان يكافح في صراعه مع الزمن مع علمه بأنه سينهزم في النهاية؛ ولهذا انهزم أهل الكهف، ولم يستطيعوا أن يعيشوا في ذلك العصر الآخر الذي بُعثوا فيه، وارتدوا لكهفهم.
وأيضًا نرى فكرة الصراع مع الزمن في مسرحية "لو عرف الشباب" للحكيم، وفيها أيضًا نرى الحكيم يرى أن الزمن ينتصر على الإنسان، فهو لا يستطيع أن يقفز من العصر الذي يعيش فيه لعصر آخر، ويرى توفيق الحكيم فيها أن بعث الشباب لشيخ بوسائل العلم كارثة؛ لأن هذا الشيخ لا يمكنه بعقله الناضج الحكيم أن يعيش تجربة الشباب من جديد.
وكذلك نراه في مسرحية "رحلة إلى الغد" غير راضٍ عما يمكن أن يحمله المستقبل من ثورة علمية قد تمد في حياة الإنسان أو تعطيه ما يشبه الخلود في أي كوكب من الكواكب.
ولا شك أن موقف توفيق الحكيم من الزمن موقف متشائم لا يتفق مع تطلع الفراعنة للخلود وسعيهم إليه؛ ولهذا أرى أن توفيق الحكيم مع وعيه باهتمام المصري بقضية الخلود وصراعه مع الزمن لكنه خالف المصري في تشاؤمه – أي توفيق الحكيم – من فكرة الخلود والعيش في زمن آخر خلاف الذي يعيش فيه.
وأرى أن توفيق الحكيم كان معبرًا عن الروح المصري بشكل أوضح في مسرحياته التي تناول فيها الريف المصري وعادات المصريين فيه، وبعضها يعود لعصر الفراعنة، ونرى هذا بوضوح في مسرحية "احتفال أبو سنبل" ومسرحية "الزمار" ومسرحية "الصفقة"، وفِي هذه المسرحيات نرى عشق المصري للأرض، وميله للسخرية من كل من يحاول أن يتجبر عليه ويظلمه، وأيضًا نرى فيها المصري الخفيف الظل الذي يتغلب على مواقفه الصعبة بالنكتة الساخرة، وفيها كذلك نرى التداخل بين الموت والحياة لا سيما في مسرحية "الصفقة".
وكتاب مسرح الستينيات في مصر عبروا عن الشخصية المصرية من خلال تناول بعضهم للفلاح المصري الذي ينبض بداخله المصري القديم بكل صفاته، ونرى بعض مسرحيات سعد الدين وهبة تصور الفلاح المصري وهو يواجه قهر المستعمرين والظالمين بصبر وتلاحم مع إخوانه من الفلاحين وسخرية ممن ينال منه، ونرى هذا في مسرحية "المحروسة" ومسرحية "كوبري الناموس" ومسرحية "كفر البطيخ" ومسرحية "السبنسة".
ولكنني أظن أن سعد الدين وهبة لم يكن يهتم في هذه المسرحيات بعرض طبيعة المصري بقدر اهتمامه بتصوير بعض مظاهر الظلم التي تعرض لها المصري قبل ثورة يوليو، وهذا النطاق الضيق الذي حصر فيه سعد الدين وهبة مسرحه عن الفلاح المصري لم يمكنه من إظهار الشخصية المصرية بشكل واضح.
وأيضًا نرى في بعض مسرحيات محمود دياب تعبيرًا عن الريف المصري والفلاح المصري في احتفالاته بجني القطن على وجه الخصوص، مما يعد أحد مظاهر الفرجة لديه، وغير مستبعد أن يكون الفراعنة قد عرفوا شكلاً من المسرح منذ القدم شبيهًا بهذا السامر الذي نراه في احتفالاتهم التي كانوا يعقدونها في جني أهم محاصيلهم، ويؤكد هذا الاحتمال أن المسرح عند الإغريق نشأ من احتفالاتهم بأعياد الإله الوثني باخوس في موسم حصاد الكرم على وجه الخصوص.
وقد ذكر يوسف إدريس في مقالاته التي نشرها مع مسرحية "الفرافير" أن الفرفور هو شخص يمثل المصري في ميله للتهريج والسخرية؛ ولذا رأى أنه من خلاله يؤسس لمسرح مصري في شكله ومضمونه، ولا شك أن تجربة يوسف إدريس في مسرحية "الفرافير" تجربة تحسب له، وفيها محاولة للتجديد في شكل المسرح المصري، وإن كنا نرى تأثره في هذه المسرحية بالمسرح الملحمي وببعض تقنيات مسرح العبث، وقد قرأت بردية فيها صورة لما نراه في مسرحية "الفرافير" من الصراع بين الفرفور والسيد مما يؤكد الصِّلة بين هذه المسرحية وبطليها الفرفور والسيد بتراثنا الفرعوني.
وبعد فهذا مجرد مقال سريع عن ملامح الشخصية المصرية في المسرح المصري، وآمل أن أكتب دراسة مطولة في هذا الموضوع بإذن الله.