د. محمد عباس محمد عرابي - حكم شعرية في ديوان أخاديد السراب للشاعر إبراهيم عمر صعابي

إنَّ من الشِّعرِ حكمةً وإنَّ من البيانِ لسحرًا وإنَّ من القولِ عيالًا، والحكمة لا يكاد شاعر لا ينطق بها ،ومنهم الشاعر القدير ، وها نحن في هذا المقال نعرض لنماذج لها مما ورد في ديوان أخاديد السراب للشاعر إبراهيم عمر صعابي منها :الصراحة مرة ،للصبر حدود، النذل من كل الجهالة أجهل، النَّصْرُ يزهو بالصمود ويرتوي ، الموت – على قارعة الحلم – رجاء، النثر يشيخ – إذا حضر الشعر – وأن من يلبس الأحلام بؤسًا وشقوةً يحاصر مدى الأيام بالقاتل الخفي،الطبيب يذيب الداء مشرطه، لكل حب ملء الجوانح يسري، من صب ماء الغدر في كأس إلفه تجرعه دهرا بأيدي التعسف
وفيما يلي بيان ما قاله في ذلك:
الصراحة مرة:
يقول الشاعر إبراهيم عمر صعابي في قصيدة انكسار على بوابة الجرح حكمة يشعر بآثارها الجميع " الصراحة مرة" حيث يقول:
إما الحياة بعزة لا تنتهي **أو موت حر في الثواب يؤمل
لا تعجبوا إن الصراحة مرة ** لكنها حين التكشف تذهل (1)
للصبر حدود :
تحدث الشاعر إبراهيم عمر صعابي عن باب معين الصابرين فيقول في قصيدة (خرير الصابرين ):
صبرنا وللصبر – قالوا – حدود ** غرسنا من الصبر فينا لواء
فإن تك للصبر معينا ** فنحن ببابك ذنبا رجاء
و يا سيد الماء عذرا جميلا**فأنت على الجرح تغدو الدواء
إذا صح ودك نمنا هنيئا **نلوك الأماني ونرجو الوفاء (2)
النذل من كل الجهالة أجهل :
يقول الشاعر إبراهيم عمر صعابي في قصيدة انكسار على بوابة الجرح حكمة يشعر بآثارها الجميع " الصراحة مرة" حيث يقول:
وامش الهوينا فوق جبهة دارنا **أنى وطئت جماجم تتوسل
نذل تجسده المفاسد سيدا **والنذل من كل الجهالة أجهل
لا تعجبوا إن الصراحة مرة ** لكنها حين التكشف تذهل (3)
النَّصْرُ يزهو بالصمود ويرتوي
يبين الشاعر إبراهيم عمر صعابي في قصيدة انكسار على بوابة الجرح أن النَّصْرُ يزهو بالصمود ويرتوي
حيث يقول:
النَّصْرُ يزهو بالصمود ويرتوي ** ودم البراءة بالتوحد يُغسل
كل الحروف تفر من كلماتنا **وعلى الموائد لا يطيب المأكل
رباه ليس لنا نصيرٌ صادق **إلا أنت الناصر المتفضل (4)
يصدق الحق حين يعلو جهارا :
يبين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أن الحياة طموح حيث يقول في قصيدة (ورقة ثانية في أحزان الجنوبي ):
لم يروا في الحياة إلا طموح **يتسامى بلحظة مغبونة
والتراب الضئيل يغدو صروحا ** في ثوان لأنفس مفتونة
يصدق الحق حين يعلو جهارا :
يبين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أنه يصدق الحق حين يعلو جهارا ،وأن كل نفس – بما تنال رهينة حيث يقول في قصيدة (ورقة ثانية في أحزان الجنوبي ):
لم يروا في الحياة إلا طموح **يتسامى بلحظة مغبونة
والتراب الضئيل يغدو صروحا ** في ثوان لأنفس مفتونة
يصدق الحق حين يعلو جهارا ** كل نفس – بما تنال رهينة (5)
الموت – على قارعة الحلم – رجاء
بين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أن الموت – على قارعة الحلم – رجاء ؛ حيث يقول في قصيدة " جمرة الحلم " :
أنَّا نرحل والساعة واقفة
نبحث عن قاتلنا
نحلم أن الشمس لنا
والموت – على قارعة الحلم – رجاء.(6)
النثر يشيخ – إذا حضر الشعر – :
بين الشاعر أن النثر يشيخ – إذا حضر الشعر – فيقول في قصيدة " محاولة ":
قد ينسى الشاعر طعم طفولته
والطفل يحن لـ (حارته) في زهو وإباء
معذرة سيدتي
إن أغرقت لساني في بحر أسود يغتال الأضواء
فحروفي قادمة من جدثي
تبحث في الدنيا عن درب الأحياء
معذرة معذرة
فالنثر يشيخ – إذا حضر الشعر –
وينسى الأشياء (7)
كل ماء ليس ينساب من القلب يموت :
بين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أن كل ماء ليس ينساب من القلب يموت :حيث يقول في قصيدة (أخاديد السراب ):
من سراب كل ماء
كل ماء ليس ينساب من القلب يموت
يشرق الراوي على الباب المسجى
ملء جنبيه بياض واكتئاب
يتجلى كصباح غاضب
(يحسبه الظمآن ماء )
ظل يلهو في الحنايا
وسؤال قائم النبرة :
(غيض الماء )
أم باغتنا ماء المنايا ؟؟ (8)
من يلبس الأحلام بؤسًا وشقوةً**يحاصر مدى الأيام بالقاتل الخفي :
بين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أن من يلبس الأحلام بؤسًا وشقوةً يحاصر مدى الأيام بالقاتل الخفي حيث يقول في قصيدة (تناقضات امرأة ثلجية ):
تُغيب ضوء الشمس عن طرقاتها ** لتشرع باب الليل للمتلطف
تقيم لها في قمة الروح موطنا ** فتسقط في قاع الرماد المزيف .
فرأت بعينيها ملامح صبوة ** تسافر عبر النار دون توقف
تخبي سيف الغدر في غمد كفها **وتظهر في الأخرى فنون التصوف
لقهوتها ..عفوا نسيت ..لأنها **تعف يديها عن (جبان) و(مشهف )
مساءاتها شوقٌ لأول فاتح ** للعاشق المليون نهر تلطفِ
إذا جعل المرء المهانة عشقه **تخيلها عزّا بثوب تقشف
ومن ظن أن الناس ملك يمينه **تعبَّده ذئب حقير بمعطف
ومن يلبس الأحلام بؤسًا وشقوةً**يحاصر مدى الأيام بالقاتل الخفي (9)
الطبيب يذيب الداء مشرطه :
بين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أن الطبيب يذيب الداء مشرطه حيث يقول في قصيدة (الحوات ):
مجدافه أمل في الله يحمله **نحو الشواطئ من بوابة السحب
هو الطبيب يذيب الداء مشرطه **وهو الحكيم بديع الشعر والخطب
للصبر في نفسه مأوى يلوذ به **يسمو بزورقه عن مرفأ الصخب
حكاية الفجر في أعطاف مئزره **تداعب الشمس في إشعاعها الذهبي
وتاجه رشح يلهو بجبهته **ولا يفاخر في الأمجاد بالحسب (10)

لكل حب ملء الجوانح يسري:
بين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أن لكل حب ملء الجوانح يسري حيث يقول في قصيدة (خرير الصابرين ):

ظمئنا ظمئنا وأي ارتواء ** بغير نمير يتيه صفاء ؟
أتبسمت الأرض وهي موات ** ويحي الجفاف قلوبا ظماء؟
لكل حب ملء الجوانح يسري ** وينتشر في الخافقين الضياء
فإن يرضيك فينا رحيل ** رضينا به وأقمنا العزاء (11)
*لاشمعة تنير الحياة وتقضي الظلام:
يبين الشاعر أنه لاشمعة تنير الحياة وتقضي الظلام حيث يقول في استهلال الديوان
لتلك الرمال التي لا تنام
لوجه الجنوب لعين الشآم
لشرق تجسد في الصافنات
وغرب تقاصر عنه الكلام
لعاشقة في الزمان القديم
لوعد توشح شال الغمام
أبوح أبوح وهل شمعة
تنير الحياة وتقضي الظلام؟ (12)
فمن صب ماء الغدر في كأس إلفه تجرعه دهرا بأيدي التعسف:
يبين الشاعر إبراهيم عمر صعابي أنه من صب ماء الغدر في كأس إلفه تجرعه دهرا بأيدي التعسف حيث يقول في قصيدة (تناقضات امرأة ثلجية ):
لخائنة الإحساس أرسل أحرفي **جنازة قلب صادق النبض مُرهف
على الماء يمشي تحت فيء غمامة ** تُضلل خطا للطريق فيحتفي
توهم أن الحب ينساب سلسلا **لمن يعبر الدنيا بخطو مشرف
وفي الروح ما يوحي بكل دسيسة **لها بين جنبيها لعاشقها الوفي
فمن صب ماء الغدر في كأس إلفه ***تجرعه دهرا بأيدي التعسف(13)



(1)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة " انكسار على بوابة الجرح "، ،ص34-35
(2)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة (خرير الصابرين ) ،ص109
(3)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة " انكسار على بوابة الجرح "، ،ص34-35
(4)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة " انكسار على بوابة الجرح "، ،ص38
(5)إبراهيم عمر صعابي: ديوان أخاديد السراب، ورقة ثانية في أحزان الجنوبي )،ص44
(6)إبراهيم عمر صعابي: ديوان أخاديد السراب، جمرة الحلم " ،ص88
(7) قصيدة " محاولة "، ص 84
(8)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة " أخاديد السراب "، ،ص99
(9)إبراهيم عمر صعابي: ديوان أخاديد السراب، قصيدة (تناقضات امرأة ثلجية ) ،ص145- 146
(10)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة (الحوات ):،ط1 ، جازان ،نادي جازان الأدبي ،1430هـ/2009م،ص57
(11)إبراهيم عمر صعابي ، ديوان " أخاديد السراب "، قصيدة " خرير الصابرين "، ،ص128
(12)إبراهيم عمر صعابي: ديوان أخاديد السراب، استهلال ،ص9
(13)إبراهيم عمر صعابي: ديوان أخاديد السراب، قصيدة (تناقضات امرأة ثلجية ) ،ص143

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى