عصري فياض - ماذا تريد " اسرائيل " من السودان؟؟

أسابيع على تسلم بنيامين نتنياهو رئاسة حكومته اليمينية المتطرفة الجديدة،ارسل وزير خارجيته "إيلي كوهن" على رأس وفد إلى العاصمة السودانية الخرطوم،وفي تاريخ يتطابق مع تاريخ لقاءه بالفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الحاكم في السودان في اوغندا قبل ثلاث سنوات،أرسله لبحث التاريخ الانسب لتوقيع إتفاقية ما يسمى بالسلام بين الجانبين كحلقة جديدة من حلقات اتفاقيات "ابراهام"،والتي سبق ووقعت بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب.
وقد اتفق الجانبان خلال الزيارة على التوقيع على الاتفاقية المرتقبة بعد تشكيل الحكومة المدنية بالسودان والتي قطع البرهان فيها شوطا كبيرا مع قوى الحرية والتغيير اللذين عبر قادة هذه القوى عن عدم رفضهم للتطبيع من حيث المبدأ،لكن السؤال الكبير ماذا تريد "إسرائيل " من السودان ؟؟ ففي اتفاقها مع البحرين والإمارات فائدة ألاستثمار الكبير و التبادل التجاري ،وإيجاد موطأ قدم قريب من عدوها اللدود إيران،الاتفاق مع المغرب فيه ايضا كسر للرفض العربي لهذا الكيان والاستفادة من التعاون العسكري مع المغرب،اضافة لتسهيل تنقل الجالية اليهودية المغربية الكبيرة بين "إسرائيل " والمغرب،وتأكيد التحالف مع المغرب في وجه الجزائر التي لا زالت تتمسك بعدائها لإسرائيل،لكن ما هي الفائدة المرجوة من العلاقة مع السودان ؟؟
الجواب هنا أمنيّ بالدرجة ألأولى فـإسرائيل " التي اقض مضجعها كثيرا تسريب السلاح الى قطاع غزة من ايران عبر الخليج الى بحر العرب ومن ثم لباب المندب والبحر الاحمر حتى شمال السودان ومن ثم ينقل بالشاحنات إلى سيناء سرا ثم يدخل الى غزة،وهذا ليس سرا تعرفة وتتابعه الاجهزة الامنية " الاسرائيلية " وأجهزة المخابرات الامريكية وكثير من الاجهزة الاخرى،وقد قامت اسرائيل في الاعوام 2009 و2011بثلاث غارات على تلك الشاحنات التي كانت تستعد لنقل هذه أسحله بعد تفريغها في شمال شرق السودان وأسفرت إحداها على ارتقاء نحو ثمانين سائقا سودانيا،من هنا تتطلع "إسرائيل " لإيجاد موطئ قدم متقدم على الساحل الشرقي للسودان من أجل مراقبة السفن الايرانية والسفن المعادية في محاولة احباط ذلك التهرب او ايقافه،بالإضافة للاقتراب أكثر من باب المندب واليمن الذي يسيطر على معظمها الحوثيين الذين يعتبرون أحد أركان المحور الاكثر عداء "لاسرائيل" وهو محور المقاومة.
الامر الاخر،السودان بالرغم من انها دولة تقع وسط شرق القارة الافريقية،إلا انها تعتبر ممتدة إلى وسطها،ولها جوار مع سبع دول من دول افريقيا وهي مصر وليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى وجنوب افريقيا واثيوبيا وارتيريا،وقريبة من تلك الدول التي تنتشر فيها الجالية اللبنانية التي تعمل في الكثير من الدول الافريقية،والتي يتعاطف أبناء تلك الجالية مع المقاومة اللبنانية،وحتى ان بعضهم كانوا اعضاء في تلك المقاومة،لذلك ستوفر السودان مكانا لتنقل أجهزة الموساد والاستخبارات " الاسرائيلية " لتتبع هذه الجالية،ومحاولة تجنيد أفراد منها لغاية الحصول على معلومات عن المقاومة اللبنانية،وهذا الامر كشفته الاشهر الماضية حينما القى فرع المعلومات في الامن اللبناني على أربع اشخاص على الاقل خلال عدة اشهرتم تجنيدهم في دول افريقية من قبل الموساد " الاسرائيلي".
بالإضافة إلى قرب السودان من الجزر اليمنية التي سيطرت عليها الامارات مثل جزيرة سوقطرة الاستراتيجية،والتي سيكون من السهل الوصل اليها من قبل الطرف "الاسرائيلي" وسيكون السودان المعبر السهل والطبيعي بعد توقيع الاتفاقية التطبيعية المرتبقة.
هذه الامور الامنية الابرز التي تتوخاها "اسرائيل" من التطبيع مع السودان،بالمقابل السودان الرسمي حصل على رفع اسمه امريكيا من قائمة "الارهاب" ابان حكم ترامب،ويسعى كما يبرر للحصول قبول دولي أوسع،ومساعدات مالية أكثر من الولايات المتحدة وحلفائها والحصول على الخبرة الزراعية واستصلاح الاراضي،وهذا لا يتاح له الا من خلال البوابة "الاسرائيلية".
خلاصة القول أن الغول " الاسرائيلي" سيجعل من السودان خط الدفاع الاول للأخطار القادمة من الجنوب،وسيجعلها على إتساعها مكانا للتحرك في كل الاتجاهات والغايات،وإستغلال ثرواتها العذراء،وإذا كان قد فشل في جعل مصر بوابته اتجاه افريقيا،فقد يحقق ذلك مع السودان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى