قررت بعزيمة صادقة أن أذهب إلى القطب الجنوبى ، وذلك لكى أثبت شخصيتى . يقول الجميع أننى بدون شخصية ، ماما ومعلمى ، وحتى فوفا .الجو فى القطب الجنوبى شتاء دائم ، فليس هناك صيف مطلقاً ، فقط الشجعان من الناس هم الذي يذهبون إلى هناك ، هذا ما قاله والد فوفا . وقد ذهب والد فونا إلى هناك مرتين ، وتحدث من هناك إلى فوفا عبر الراديو فسألها عن الأشياء والناس فى البيت والمدرسة . سأتحدث أنا أيضاً عبر الراديو ، حتى لا تقلق أمى .
فى الصباح أفرغت حقيبتى المدرسية من كل الكتب وملأتها بالسندوتشات والليمون والمنبه وكأس وكرة ، كنت واثق بأننى سألتقى هناك بأسود البحر ، وهم يحبون أن يرفعوا الكرة فوق أنفوهم ، ما كان للكرة أن تدخل الحقيبة ، لذلك أفرغتها من الهواء وحشرتها داخل الحقيبة . سارت قطتنا موركا فوق المنضدة بجوارى فدفعتها إلى داخل الحقيبة كالعادة . إنها تموء الآن بشدة . وأخيراً وصلت إلى رصيف محطة القطار . كان القطار يصفر ، ياله من عدد كبير من المسافرين ! يمكن للإنسان أن يركب أى قطار، وبعد ذلك يمكنه دائماً أن يغير الإتجاه إذا احتاج إلى ذلك .
دخلت عربة القطار وجلست فى كبينة صغيرة مزدحمة ، وكانت هناك عجوز نائمة فى مواجهتى ، ثم دخل رجل عسكرى وجلس بجوارى .
قال :
- تحياتى إلى زملائى المسافرين .
استيقظت العجوز وتساءلت :
- هل وصلنا ؟
ثم عادت إلى النوم من جديد .
بدأ القطار فى السي ،اتجهت إلى النافذة ، هناك كانت المنازل وستائر نوافذها البيضاء ، وأيضا غسيلنا المنشور فى الفناء ، ولكن بمجرد اختفاء منظر منازلنا ، شعرت قليلاً بالرعب ،كان ذلك للحظة صغيرة . لكن عندما زاد القطار من سرعته ، شعرت حقيقة بالراحة . ألست مسافرا من أجل إثبات شخصيتى ؟ غير أنى سرعان ما تعبت من النظر عبر النافذة ، لذلك عدت إلى مقعدى مرة أخرى .
سألنى العسكرى :
- ما اسمك ؟
فقلت فى ثقة وهدوء :
- ساشا
- لماذا تنام الجدة ؟
- كيف لى أن أعرف ؟
- إلى أين ذاهب ؟
- طريق طويل
- هل لزيارة أحد ؟
- آه ....
- هل لوقت طويل ؟
كان العسكرى يتحدث إلى كما لو كان يتحدث إلى شخص ناضج ، فشعرت بالسعادة . أجبت فى هدوء :
- ليوم أو أسبوع ؟
فقال الرجل :
- حسناً ذلك لطيف . لطيف جداً
سألته :
- أذاهب أنت إلى القطب لبجنوبى ؟
- لا .هذا بعيداً جداً على ما أظن . هل تود أن تذهب إلى القطب الجنوبى ؟
- لماذا ؟ كيف خمنت ؟
- كل إنسان يريد أن يذهب إلى القطب الجنوبى .
- أنا أيضاً
- هذا يؤكد أننى كنت على حق .
- انظر ... استقر رأيى على أن أثب شخصيتى .
- نعم ... رياضات شتوية . تزحلق .
- لا ... ليس كذلك
- أوه . تريد أن تحصل على أعلى الدرجات فى كل ذلك .
قلت :
- لا . إنه القطب الجنوبى !
- القطب الجنوبى ؟ ماذا عنه ؟
فى تلك اللحظة ،نادى شخص على العسكرى لكى يذهب ويلعب الشطرنج ، فغادر إلى الكبينة الثانية .
استيقظت العجوز فجأة وقالت لى :
- كف عن تحريك ساقيك .
نهضت وخرجت لمشاهدة الرجال الذين يلعبون الشطرنج وفجأة و لدهشتى الكبرى ، رأيت موركا وكنت قد نسيتها تماماً . كيف استطاعت أن تخرج من الحقيبة ؟ جرت القطة ولاحقتها ، اختفت تحت مقعد أحد الركاب . فغضبت وصحت :
- موركا .. موركا .. تعالى هنا .
سأل حارس العربة :
- ما هذه الضجة هناك ؟ كيف جاءت هذه القطة إلى هنا ؟
- إنها قطتى !
- من الذى معك ؟
- أنا مع القطة ؟
- ما الذى تقصد ؟
أجاب العسكرى :
- هو مسافر مع جدته ! إنها فى الكبينة المجاورة .
أخذنى الحارس إلى الكبينة المجاورة ، وقال :
- هل هذا الصبى مسافر معك ؟
فقالت العجوز :
- لا إنه مع العسكرى .
فقال العسكرى :
- القطب الجنوبى ! كل شئ اتضح الآن . أنت . الموضوع كله أن هذا الصبى قرر أن يذهب إلى القطب الجنوبى . وقد أخذ هذه القطة معه . ماذا أخذت غير هذا ؟
قلت :
- ليمون وسندوتشات .
- وتريد أن تثبت شخصيتك
قال العجوز :
- ياله من صبى مزعج !
تدخل الحارس وقال :
- ياله من سلوك مخجل !
لكن عند ذلك بدأ كل من فى الكبينة يضحك لسبب ما . حتى العجوز ضحكت حتى نزلت الدموع فوق خديها .
لا أعتقد أنهم كانوا يضحكون منى ، فقدانخرطوا فى مرح عام .
وقال الحارس :
- خد قطتك . لقد وصلت . هنا القطب الجنوبى .
توقف القطار .
أيمكن أن يكون ذلك القطب الجنوبى حقاً ؟ فكرت ، أبهذه السرعة وصلنا ؟ غادرنا القطار، وسرنا عبر الرصيف ، ثم وضعونى فى قطار آخر يسير فى الإتجاه المعاكس ، إنه القطار الذى أخذنى إلى المنزل .
نبذة عن المؤلف : فيكتور جولافكين :
ولد سنة 1929 فى بخارى، كاتب روسى تخرج من مدرسة الفنون فى لينجراد . له العديد من المؤلفات، تتضمن مجموعات من القصص للأطفال ، مثل ( هيا ندعى أننا فى القطب الجنوبى ، ومن الذى يسأل عن ماذا ؟ وغيرها ... ) . والقصة منشورة فى مجلة الأدب السوفيتى ، العدد الخاص بالأطفال ، سبتمبر 1984 .
فى الصباح أفرغت حقيبتى المدرسية من كل الكتب وملأتها بالسندوتشات والليمون والمنبه وكأس وكرة ، كنت واثق بأننى سألتقى هناك بأسود البحر ، وهم يحبون أن يرفعوا الكرة فوق أنفوهم ، ما كان للكرة أن تدخل الحقيبة ، لذلك أفرغتها من الهواء وحشرتها داخل الحقيبة . سارت قطتنا موركا فوق المنضدة بجوارى فدفعتها إلى داخل الحقيبة كالعادة . إنها تموء الآن بشدة . وأخيراً وصلت إلى رصيف محطة القطار . كان القطار يصفر ، ياله من عدد كبير من المسافرين ! يمكن للإنسان أن يركب أى قطار، وبعد ذلك يمكنه دائماً أن يغير الإتجاه إذا احتاج إلى ذلك .
دخلت عربة القطار وجلست فى كبينة صغيرة مزدحمة ، وكانت هناك عجوز نائمة فى مواجهتى ، ثم دخل رجل عسكرى وجلس بجوارى .
قال :
- تحياتى إلى زملائى المسافرين .
استيقظت العجوز وتساءلت :
- هل وصلنا ؟
ثم عادت إلى النوم من جديد .
بدأ القطار فى السي ،اتجهت إلى النافذة ، هناك كانت المنازل وستائر نوافذها البيضاء ، وأيضا غسيلنا المنشور فى الفناء ، ولكن بمجرد اختفاء منظر منازلنا ، شعرت قليلاً بالرعب ،كان ذلك للحظة صغيرة . لكن عندما زاد القطار من سرعته ، شعرت حقيقة بالراحة . ألست مسافرا من أجل إثبات شخصيتى ؟ غير أنى سرعان ما تعبت من النظر عبر النافذة ، لذلك عدت إلى مقعدى مرة أخرى .
سألنى العسكرى :
- ما اسمك ؟
فقلت فى ثقة وهدوء :
- ساشا
- لماذا تنام الجدة ؟
- كيف لى أن أعرف ؟
- إلى أين ذاهب ؟
- طريق طويل
- هل لزيارة أحد ؟
- آه ....
- هل لوقت طويل ؟
كان العسكرى يتحدث إلى كما لو كان يتحدث إلى شخص ناضج ، فشعرت بالسعادة . أجبت فى هدوء :
- ليوم أو أسبوع ؟
فقال الرجل :
- حسناً ذلك لطيف . لطيف جداً
سألته :
- أذاهب أنت إلى القطب لبجنوبى ؟
- لا .هذا بعيداً جداً على ما أظن . هل تود أن تذهب إلى القطب الجنوبى ؟
- لماذا ؟ كيف خمنت ؟
- كل إنسان يريد أن يذهب إلى القطب الجنوبى .
- أنا أيضاً
- هذا يؤكد أننى كنت على حق .
- انظر ... استقر رأيى على أن أثب شخصيتى .
- نعم ... رياضات شتوية . تزحلق .
- لا ... ليس كذلك
- أوه . تريد أن تحصل على أعلى الدرجات فى كل ذلك .
قلت :
- لا . إنه القطب الجنوبى !
- القطب الجنوبى ؟ ماذا عنه ؟
فى تلك اللحظة ،نادى شخص على العسكرى لكى يذهب ويلعب الشطرنج ، فغادر إلى الكبينة الثانية .
استيقظت العجوز فجأة وقالت لى :
- كف عن تحريك ساقيك .
نهضت وخرجت لمشاهدة الرجال الذين يلعبون الشطرنج وفجأة و لدهشتى الكبرى ، رأيت موركا وكنت قد نسيتها تماماً . كيف استطاعت أن تخرج من الحقيبة ؟ جرت القطة ولاحقتها ، اختفت تحت مقعد أحد الركاب . فغضبت وصحت :
- موركا .. موركا .. تعالى هنا .
سأل حارس العربة :
- ما هذه الضجة هناك ؟ كيف جاءت هذه القطة إلى هنا ؟
- إنها قطتى !
- من الذى معك ؟
- أنا مع القطة ؟
- ما الذى تقصد ؟
أجاب العسكرى :
- هو مسافر مع جدته ! إنها فى الكبينة المجاورة .
أخذنى الحارس إلى الكبينة المجاورة ، وقال :
- هل هذا الصبى مسافر معك ؟
فقالت العجوز :
- لا إنه مع العسكرى .
فقال العسكرى :
- القطب الجنوبى ! كل شئ اتضح الآن . أنت . الموضوع كله أن هذا الصبى قرر أن يذهب إلى القطب الجنوبى . وقد أخذ هذه القطة معه . ماذا أخذت غير هذا ؟
قلت :
- ليمون وسندوتشات .
- وتريد أن تثبت شخصيتك
قال العجوز :
- ياله من صبى مزعج !
تدخل الحارس وقال :
- ياله من سلوك مخجل !
لكن عند ذلك بدأ كل من فى الكبينة يضحك لسبب ما . حتى العجوز ضحكت حتى نزلت الدموع فوق خديها .
لا أعتقد أنهم كانوا يضحكون منى ، فقدانخرطوا فى مرح عام .
وقال الحارس :
- خد قطتك . لقد وصلت . هنا القطب الجنوبى .
توقف القطار .
أيمكن أن يكون ذلك القطب الجنوبى حقاً ؟ فكرت ، أبهذه السرعة وصلنا ؟ غادرنا القطار، وسرنا عبر الرصيف ، ثم وضعونى فى قطار آخر يسير فى الإتجاه المعاكس ، إنه القطار الذى أخذنى إلى المنزل .
نبذة عن المؤلف : فيكتور جولافكين :
ولد سنة 1929 فى بخارى، كاتب روسى تخرج من مدرسة الفنون فى لينجراد . له العديد من المؤلفات، تتضمن مجموعات من القصص للأطفال ، مثل ( هيا ندعى أننا فى القطب الجنوبى ، ومن الذى يسأل عن ماذا ؟ وغيرها ... ) . والقصة منشورة فى مجلة الأدب السوفيتى ، العدد الخاص بالأطفال ، سبتمبر 1984 .