في مثل هذه الأيام من شهر فبراير من عام 1990 كتب أبطال وبطلات الجيش الشعبي لتحرير ارتريا تاريخ بلادهم بالأحمر القاني استشهادا وإضاءة لمستقبل واعد. خيوط المجد كما هي خيوط الفجر ترتسم عند ذكرى عملية فنقل أو "الاجتثاث"، التي حررت مصوع عروس البحر من قبضة جيش منغستو وقواته البحرية التي تناثرت شذرا مذرا، وهرب من بقى منها إلى البر اليمني. هذه العملية درس بالغ في الاستراتيجية العسكرية لأنها حررت المدينة، والتي هي مقر قيادة القوات البحرية الاثيوبية من محورين استراتيجيين الأول هو المحور البري والثاني هو المحور البحري عبر القوات البحرية الوليدة التابعة للجيش الشعبي.
استخدمت هذه القوات قوارب الفايبرجلاس، أو ما تعرف عن سكان السواحل الارترية واليمنية بالفيبرات وهي قوارب سريعة مزودة بمدافع ثقيلة استخدمت ضد القطع البحرية الاثيوبية واغرقت عدة قطع منها. هذه القطع والتي تسمي أيضا "فطان جالبا" كانت تضم من واحد إلى أربعة مقاتلين وقصتها هي قصة تعلم الدروس من التاريخ والتخطيط الاستراتيجي الحقيق بالتدريس في المدارس العسكرية.
في عام 1977، أي قبل أربعة عشر عاما وأثناء ما يعرف بالتحرير الأول للمدن والريف الارتري قرر الجيش الشعبي تحرير المدن الكبرى والريف سعيا لإعلان استقلال دولة ارتريا وخطط لتحرير مصوع عبر المحور البري الذي يدخل المدينة عبر امبيرمي وقحتيلاي اماتري وسالينا. وسالينا هو الاسم الإيطالي للملاحات "الاحواض التي يجفف فيها ماء البحر لانتاج الملح" وهي تحيط برئاسة القاعدة البحرية الاثيوبية جرار "بالجيم المصرية" ولهذا السبب عرفت هذه المعارك باسم معارك سالينا. وبما الأراضي المحيطة بمصوع هي أراضي سهلية واسعة ما عدا جبل قدم جنوب غربي المدينة، فإن تحرك القوات البرية والمدفعية الثقيلة أصبح تحت مرمي سلاح الطيران الاثيوبي وقواته المدفعية واستشهد في تلك المعارك الكثير من أبطال الجيش الشعبي ممن خلدتهم الذاكرة وتراجعت القوات عن فكرة اقتحام المدينة.
في التحرير الثاني للمدينة، علم المخططون الاستراتيجيون للجيش الشعبي بأن المدينة لا يمكن تحريرها عبر المحور البري فقط، ولذلك شرعوا في بناء القوات البحرية في السواحل الشمالية القصية والبعيدة عن دوريات القوات الاثيوبية واستعان الجيش في بناء هذه القوات على الخبرات التاريخية لسكان الساحل الغربي خاصة العفر. وفي الأسبوع الأول من فبراير ضربت القوات البرية من نفس المحور القديم وهاجمت القوارب السريعة القطع البحرية الاثيوبية وبدأت اطراف الكماشة في التلاقي مرة أخرى عند الملاحات وعندها شن الطيران الاثيوبي مكثفة ضد المدينة وقتل المئات من المدنيين في محاولة يائسة لاستعادة السيطرة ولكن الأوان فات بعد سقوط رئاسة البحرية والمدينة التي دارت عند مشارفها وعند طوالوت ومصنع الثلج وكنيسة مريام طوالوت معركة الدبابات الحاسمة والتي حسمت المعركة بتحرير مدينة مصوع الميناء الأول لارتريا. يعتبر تحرير مصوع علامة فارقة في النضال التحرري للشعب الارتري لأنه كسر الجيش الاثيوبي المتفوق وحطم معنويات الجنود وفتح الطريق امام تحرير عصب الميناء الثاني للبلاد وتحرير العاصمة في الرابع والعشرين من مايو من عام 1991
الهزائم المتعاقبة دفعت منغستو هيلي مريام "الديكتاتور الأحمر" إلى الهروب إلى زيمبابوي حيث يعيش منفيا حتى اليوم وحررت التراب الارتري بعد نضال مرير وشاق استمر ثلاثين عاما
عند مطلع تحرير فبراير تهب دوما رياح مآثر فنقل التي خلدها الشاعر الراحل عبد الحكيم محمود الشيخ، والذي رحل في نفس الأسبوع من فبراير بعد ثمان سنوات، في قصيدته التي مطلعها: يبدو عليك البحر في هذا الصباح، يبدو عليك الاجتياح.
المجد والخلود لشهداء ارتريا ماضيا وحاضرا ومستقبلا
الصورة: المقر الشتوي للامبراطور السابق هيلي سيلاسي في مصوع المعروف باسم "قبي".
استخدمت هذه القوات قوارب الفايبرجلاس، أو ما تعرف عن سكان السواحل الارترية واليمنية بالفيبرات وهي قوارب سريعة مزودة بمدافع ثقيلة استخدمت ضد القطع البحرية الاثيوبية واغرقت عدة قطع منها. هذه القطع والتي تسمي أيضا "فطان جالبا" كانت تضم من واحد إلى أربعة مقاتلين وقصتها هي قصة تعلم الدروس من التاريخ والتخطيط الاستراتيجي الحقيق بالتدريس في المدارس العسكرية.
في عام 1977، أي قبل أربعة عشر عاما وأثناء ما يعرف بالتحرير الأول للمدن والريف الارتري قرر الجيش الشعبي تحرير المدن الكبرى والريف سعيا لإعلان استقلال دولة ارتريا وخطط لتحرير مصوع عبر المحور البري الذي يدخل المدينة عبر امبيرمي وقحتيلاي اماتري وسالينا. وسالينا هو الاسم الإيطالي للملاحات "الاحواض التي يجفف فيها ماء البحر لانتاج الملح" وهي تحيط برئاسة القاعدة البحرية الاثيوبية جرار "بالجيم المصرية" ولهذا السبب عرفت هذه المعارك باسم معارك سالينا. وبما الأراضي المحيطة بمصوع هي أراضي سهلية واسعة ما عدا جبل قدم جنوب غربي المدينة، فإن تحرك القوات البرية والمدفعية الثقيلة أصبح تحت مرمي سلاح الطيران الاثيوبي وقواته المدفعية واستشهد في تلك المعارك الكثير من أبطال الجيش الشعبي ممن خلدتهم الذاكرة وتراجعت القوات عن فكرة اقتحام المدينة.
في التحرير الثاني للمدينة، علم المخططون الاستراتيجيون للجيش الشعبي بأن المدينة لا يمكن تحريرها عبر المحور البري فقط، ولذلك شرعوا في بناء القوات البحرية في السواحل الشمالية القصية والبعيدة عن دوريات القوات الاثيوبية واستعان الجيش في بناء هذه القوات على الخبرات التاريخية لسكان الساحل الغربي خاصة العفر. وفي الأسبوع الأول من فبراير ضربت القوات البرية من نفس المحور القديم وهاجمت القوارب السريعة القطع البحرية الاثيوبية وبدأت اطراف الكماشة في التلاقي مرة أخرى عند الملاحات وعندها شن الطيران الاثيوبي مكثفة ضد المدينة وقتل المئات من المدنيين في محاولة يائسة لاستعادة السيطرة ولكن الأوان فات بعد سقوط رئاسة البحرية والمدينة التي دارت عند مشارفها وعند طوالوت ومصنع الثلج وكنيسة مريام طوالوت معركة الدبابات الحاسمة والتي حسمت المعركة بتحرير مدينة مصوع الميناء الأول لارتريا. يعتبر تحرير مصوع علامة فارقة في النضال التحرري للشعب الارتري لأنه كسر الجيش الاثيوبي المتفوق وحطم معنويات الجنود وفتح الطريق امام تحرير عصب الميناء الثاني للبلاد وتحرير العاصمة في الرابع والعشرين من مايو من عام 1991
الهزائم المتعاقبة دفعت منغستو هيلي مريام "الديكتاتور الأحمر" إلى الهروب إلى زيمبابوي حيث يعيش منفيا حتى اليوم وحررت التراب الارتري بعد نضال مرير وشاق استمر ثلاثين عاما
عند مطلع تحرير فبراير تهب دوما رياح مآثر فنقل التي خلدها الشاعر الراحل عبد الحكيم محمود الشيخ، والذي رحل في نفس الأسبوع من فبراير بعد ثمان سنوات، في قصيدته التي مطلعها: يبدو عليك البحر في هذا الصباح، يبدو عليك الاجتياح.
المجد والخلود لشهداء ارتريا ماضيا وحاضرا ومستقبلا
الصورة: المقر الشتوي للامبراطور السابق هيلي سيلاسي في مصوع المعروف باسم "قبي".