عثمان تلاف - تعب كلها الحياة

ننظر إلى شطر هذا البيت بعين المرتاب، نحاول أن نعيش واقعاً صنعناه في مخيالنا ، عالم وردي جميل، نحب الحياة بكل ما أوتينا من قوة الحب ، نحب أمهاتنا ورأفتهن ودعواتهن، نحب ٱباءنا والأبوة التي تفيض من أعينهم، نحب الأصدقاء وضحكهم، نحب الحدائق والأنهار وطلوع الشمس ومغيبها، والليل وسكونه، واقماره وأنجمه ، نحب الشعر والأدب والروايات، هناك الكثير من الحب والحياة يجب أن نعيشه...
بيد أن الحياة لا تسير كما نريد، ولا ينضج المرء حتى يدرك أن الحياة لا تسير كما يريد، وأنه ليس محور الكون، ولا كعبة الحسن، بل هو فرد عابر في دنيا الآلام.
بعد أن نفيق من ترهات المراهقه وأحلام اليقظة وسكرة الاستحقاق الموهوم نكتشف أننا لا نمثل أي شيء سوى أفراد في مجتمع على بقعة صغير من عالم كبير لا يأبه بأحد. إنها حقيقة مؤلمة أن تكتشف أنك لست بطل العالم ولا قبلة العالم ، ولكنك ذرة في فضاء الكون!
ثم تكتشف بعدها أن كل من يحبونك وتحبهم وأسرتك الموقرة كل له عالمه الخاص بعيداً عنك، بعيداً عن نرجسيتك. إنه ثمن باهظ لتدرك حقيقتك وحقيقة الأشياء!
هذه الحقائق تجعلنا في مهب الرياح العاتية، تنقلنا مباشرةً من دفء العائلة إلى برودة الكون، من الطمأنينة إلى قلق دائم، من الأمن والسلام إلى خوف مستمر من مجهول لا ندري ما هو.
ثم نبدأ نبحث عن المعنى والحب والخبز ، ليتضح لنا كم كافحت الأسرة في تحقيق معنانا واعطتنا الحب وأطعمتنا الخبز.
ولكنا نجد عزاءنا في مولانا سبحانه وتعالى، نلجأ إليه ونحبه ، نقبل على كلامه لنجد معنى العبودية يعطينا دافعاً للعيش بكثافة، ثم نكتشف أخيرا أننا لولا الله لكنا خواء يؤذينا وجودنا.
" اللهم كن انت الصاحب في سفر الحياة"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى