هي واحدة من ابرز المتصوفات الزاهدات في تراثنا العربي القديم. لم تترك اثرًا مكتوبًا ولا بتاءً مشيدا يدل عليها، وكل ما وصل الينا عنها انما عرفناه عبر كتاب تلميذها المحب العارف الشيخ الاكبر محيي الدين ابن عربي في كتابه الخالد "الفتوحات المكية"، وقد شابهت بهذا الفيلسوف اليوناني العريق سقراط، فاذا كان افلاطون قد خلد معلمه هذا في جمهوريته الفاضلة، فقد خلد ابن عربي معلمته هذه في كتابه المذكر انفا. وقد اثرت هذه المرأة المُعلمة في تلميذها الشيخ الاكبر حتى قيل انه انما كان يعنيها عندما اطلق مقولته المعبّرة والمؤثرة وهي: " كل شيء لا يؤنث لا يعول عليه".
انها فاطمة بنت المثنى القرطبية الاندلسية، وقد عرفها العالم عبر تعريف تلميذها النجيب لها في كتابه الفريد، فوضعها في مكانتها اللائقة بها على اعتبار انها شخصية مؤثرة ومميزة، علما ان علاقة ابن عربي بها لم تتجاوز مدة السنتين في عمر الزمان، ومدى الدهر في عمر العرفان، وكانت عندما التقى بها تناهز الخامسة والتسعين من العمر وهو لما يزل في العشرين من عمره، يصفها تلميذها فيقول "… ولقد أرتني عجائب من ذلك فما زلت أخدمها بنفسي وبنيت لها بيتًا من قصب بيدي على قدر قامتها، فما زالت فيه حتى درجت وكانت تقول لي، أنا أمك الإلهية و"نور" أمك الترابية وإذا جاءت والدتي إلى زيارتها تقول لها يا "نور" هذا ولدي وهو أبوك فبريه ولا تعقيه".
فمن هي هذه المرأة العظيمة؟
انها فاطمة بنت المثنى القرطبية.. وقد عُرفت بالصلاح والزهد والعبادة والتقشف مذ كانت صبية فقيرة تكسب عيشها من العمل بالخياطة.. وقيل إنها تزوجت في صباها، وأن زوجها ابتلي بـ "الجذام" فخدمته صابرة محتسبة نحو عقدين ونصف العقد حتى توفاه الله.. ثم ابتليت بإصابة في يدها أعجزتها عن العمل و الكسب، ولم يكن لها من يَعولُها؛ فكانت تأكل مما يُلقى في الأبواب من بقايا الطعام لا تسأل الناس شيئًا، فلا حاجة لها في دنيا الناس وهي المتنعّمة بالقرب، الزاهلة عن الشواغل، المحترزة من الوقوع في التسبب؛ فهو عندها من صور الغفلة عن رب الأسباب.
يصفها تلميذُها النجيب فيقول انها "عذراء.. هيفاء.. تقيد النظر من العابدات السائحات الزاهدات.. إن أسهبت أتعبت وإن أوجزت أعجزت وإن أفصحت أوضحت.. شمس بين العلماء، بستان بين الأدباء.. علمها عملها. عليها مسحة ملَك وهمة ملِك".
كما ورد آنفا لم تترك لنا فاطمة بنت المثنى القرطبية أثرًا مكتوبًا، ولا شاهدًا ملموسًا يُنسب إليها وتُعرّف به، لكنها تركت لنا كتابها الحي المتدفق بالفتوحات، المحتشد بالتأملات، المليء بالأسرار والقابل لكل غامض وظاهر من التأويل الذي ما زال إلى يومنا هذا محل دراسة وعناية ومحاولات عديدة للفهم والاستنباط.. وما نقصده هنا بهذه الإشارة هو محي الدين بن عربي ذاته الذي استولد بالتجربة الروحية الكاملة منها، فحمل أنوارها الروحية إلى أبعد مكان وصل إليه - والكلام هنا للكاتب ماهر الشيال- ونظنه "قونيه" حتى يوم أن قضى وهو في دمشق عند سفح قاسيون شيخًا هرمًا في السادسة والسبعين، وما زالت فاتحة فاطمة الأثيرية تحوطه، وترد له شيئًا من عبقها النائم عند حدود قرطبة.
انها فاطمة بنت المثنى القرطبية الاندلسية، وقد عرفها العالم عبر تعريف تلميذها النجيب لها في كتابه الفريد، فوضعها في مكانتها اللائقة بها على اعتبار انها شخصية مؤثرة ومميزة، علما ان علاقة ابن عربي بها لم تتجاوز مدة السنتين في عمر الزمان، ومدى الدهر في عمر العرفان، وكانت عندما التقى بها تناهز الخامسة والتسعين من العمر وهو لما يزل في العشرين من عمره، يصفها تلميذها فيقول "… ولقد أرتني عجائب من ذلك فما زلت أخدمها بنفسي وبنيت لها بيتًا من قصب بيدي على قدر قامتها، فما زالت فيه حتى درجت وكانت تقول لي، أنا أمك الإلهية و"نور" أمك الترابية وإذا جاءت والدتي إلى زيارتها تقول لها يا "نور" هذا ولدي وهو أبوك فبريه ولا تعقيه".
فمن هي هذه المرأة العظيمة؟
انها فاطمة بنت المثنى القرطبية.. وقد عُرفت بالصلاح والزهد والعبادة والتقشف مذ كانت صبية فقيرة تكسب عيشها من العمل بالخياطة.. وقيل إنها تزوجت في صباها، وأن زوجها ابتلي بـ "الجذام" فخدمته صابرة محتسبة نحو عقدين ونصف العقد حتى توفاه الله.. ثم ابتليت بإصابة في يدها أعجزتها عن العمل و الكسب، ولم يكن لها من يَعولُها؛ فكانت تأكل مما يُلقى في الأبواب من بقايا الطعام لا تسأل الناس شيئًا، فلا حاجة لها في دنيا الناس وهي المتنعّمة بالقرب، الزاهلة عن الشواغل، المحترزة من الوقوع في التسبب؛ فهو عندها من صور الغفلة عن رب الأسباب.
يصفها تلميذُها النجيب فيقول انها "عذراء.. هيفاء.. تقيد النظر من العابدات السائحات الزاهدات.. إن أسهبت أتعبت وإن أوجزت أعجزت وإن أفصحت أوضحت.. شمس بين العلماء، بستان بين الأدباء.. علمها عملها. عليها مسحة ملَك وهمة ملِك".
كما ورد آنفا لم تترك لنا فاطمة بنت المثنى القرطبية أثرًا مكتوبًا، ولا شاهدًا ملموسًا يُنسب إليها وتُعرّف به، لكنها تركت لنا كتابها الحي المتدفق بالفتوحات، المحتشد بالتأملات، المليء بالأسرار والقابل لكل غامض وظاهر من التأويل الذي ما زال إلى يومنا هذا محل دراسة وعناية ومحاولات عديدة للفهم والاستنباط.. وما نقصده هنا بهذه الإشارة هو محي الدين بن عربي ذاته الذي استولد بالتجربة الروحية الكاملة منها، فحمل أنوارها الروحية إلى أبعد مكان وصل إليه - والكلام هنا للكاتب ماهر الشيال- ونظنه "قونيه" حتى يوم أن قضى وهو في دمشق عند سفح قاسيون شيخًا هرمًا في السادسة والسبعين، وما زالت فاتحة فاطمة الأثيرية تحوطه، وترد له شيئًا من عبقها النائم عند حدود قرطبة.