د. محمد عباس محمد عرابي - المنية في شعر عنترة بن شداد

تحدث عنترة بن شداد في شعره عن المنية، حيث يرى أن المنية منهل يجب الشرب منه، وبين أن المنية تسابق السيف الأسمر وقت الرحى، وتحدث عن قرب المنية، كما دعا لعدم الخوف من المنية، وفيما يلي ما قاله في ذلك:
المنية منهل يجب الشرب منه:
يرى عنترة بن شداد (من الكامل) أن المنية منهل يجب الشرب منه حيث يقول:
بَكَرَتْ تُخَوِّفُني الحُتوفَ كَأَنَّني
أَصْبَحتُ عَنْ غَرَضِ الحُتوفِ بِمَعْزِلِ
فَأَجَبتُها إِنَّ المَنِيَّةَ مَنهَلٌ
لا بُدَّ أَن أُسقى بِكَأسِ المَنهَلِ
فَاِقِني حَياءَكِ لا أَبا لَكِ وَاِعلَمي
أَنّي اِمرُؤٌ سَأَموتُ إِن لَم أُقتَلِ
إِنَّ المَنِيَّةَ لَو تُمَثَّلُ مُثِّلَت
مِثلي إِذا نَزَلوا بِضَنكِ المَنزِلِ
إِنّي اِمرُؤٌ مِن خَيرِ عَبسٍ مَنصِباً
شَطرِي وَأَحمي سائِري بِالمُنصُلِ
وَإِذا الكَتيبَةُ أَحجَمَت وَتَلاحَظَت
أُلفيتُ خَيراً مِن مُعَمٍّ مُخوَلِ
المنية تسابق السيف الأسمر وقت الرحى:
يبين عنترة (من الوافر) أن المنية تسابق السيف الأسمر وقت الرحى حيث يقول:
وَأَسمَرَ كُلَّما رَفَعَتهُ كَفّي
يَلوحُ سِنانُهُ مِثلَ الهِلالِ
تَراهُ إِذا تَلَوّى في يَميني
تُسابِقُهُ المَنِيَّةُ في شِمالي
ضَمِنتُ لَكَ الضَمانَ ضَمانَ صِدقٍ
وَأَتبَعتُ المَقالَةَ بِالفِعالِ
وَفَرَّقتُ الكَتائِبَ عِندَ ضَربٍ
يَخِرُّ لَهُ صَناديدُ الرِجالِ
وَما وَلّى شُجاعُ الحَربِ إلاّ
وَبَينَ يَدَيهِ شَخصٌ مِن مِثالي
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفاً مِن حُسامي
فَباتَ الناسُ في قيلٍ وَقالِ
قرب المنية:
تحدث عنترة بن شداد (من الكامل) عن قرب المنية حيث يقول:
فَخرُ الرِّجالِ سَلاسِلٌ وَقُيودُ
وَكَذا النِّساءُ بَخانِقٌ وَعُقودُ
وَإِذا غُبارُ الخَيلِ مَدَّ رُواقَهُ
سُكري بِهِ لا ما جَنى العُنقودُ
يا دَهرُ لا تُبقِ عَلَيَّ فَقَد دَنا
ما كُنتُ أَطلُبُ قَبلَ ذا وَأُريدُ
فَالقَتلُ لي مِن بَعدِ عَبلَةَ راحَةٌ
وَالعَيشُ بَعدَ فِراقِها مَنكودُ
يا عَبلَ قَد دَنَتِ المَنِيَّةُ فَاِندُبي
إِن كانَ جَفنُكِ بِالدُموعِ يَجودُ
دعوة لعدم الخوف من المنية:
ودعا عنترة لعدم الخوف من المنية حيث يقول:
إِذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا
وَمَدَّ إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَلا تَخشَ المَنيَّةَ وَاِلقَيَنها
وَدافِع ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا تَختَر فِراشاً مِن حَريرٍ
وَلا تَبكِ المَنازِلَ وَالبِقاعا
وَحَولَكَ نِسوَةٌ يَندُبنَ حُزناً
وَيَهتِكنَ البَراقِعَ وَاللِفاعا
يَقولُ لَكَ الطَبيبُ دَواكَ عِندي
إِذا ما جَسَّ كَفَّكَ وَالذِراعا
وَلَو عَرَفَ الطَبيبُ دَواءَ داءٍ
يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا
وَفي يَومِ المَصانِعِ قَد تَرَكنا
لَنا بِفِعالِنا خَبَراً مُشاعا
أَقَمنا بِالذَوابِلِ سوقَ حَربٍ
وَصَيَّرنا النُفوسَ لَهَ مَتاعا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى