سعيد الشحات - ذات يوم.. 26 مارس 1939.. أحمد لطفى السيد يرفض استقالة طه حسين عميد كلية الآداب بسبب مظاهرات طلاب الإخوان ضده وهتافهم بسقوطه

1
رأى الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول أن الحكومة لم تحمِ كلية الآداب من اعتداءات المتظاهرين على عميدها وأساتذتها، فتقدم باستقالته إلى مدير الجامعة، أحمد لطفى السيد، يوم 21 مارس 1939، لكن مدير الجامعة رفضها يوم 26 مارس، مثل هذا اليوم، 1939.
2
كانت الاستقالة أحد فصول قصة مواجهة «العميد» ضد حلف يضم الحكومة وجماعة الإخوان والأزهر مع مهادنة من مدير الجامعة، وذلك بسبب قيام قسم اللغة الإنجليزية بقراءة كتابين للطلاب هما «جان دارك» تأليف «برنارد شو»، و«أحاديث خيالية» تأليف «لندر»، ما أحدث أزمة حيث اشتكى البعض من أن الكتابين يجرحان الشعور الدينى، حسبما يذكر طه حسين نفسه فى نص مذكرته المرفقة باستقالته، وتشمل تطورات الأزمة من بدايتها، وينشر نصها الكاتب الصحفى إبراهيم عبدالعزيز فى كتابه «رسائل طه حسين».
3
يقول طه حسين فى استقالته: «حضرة صاحب المعالى مدير الجامعة المصرية، أتشرف بأن أرفع إلى معاليكم ما يأتى: عندما تحدثتم إلىّ بشأن شكوى بعض الناس من قراءة كتابىّ جان دارك لبرنارد شو، وأحاديث خيالية، للندر، وعدت معاليكم بأننى سأنظر فى الأمر، وبأنى لن أتردد فى أن أطلب إلى مجلس الكلية منع قراءة هذين الكتابين إن كان فيهما شىء يجرح الشعور الدينى أو يهين الإسلام، ثم تحدث إلى معالى الوزير محمد حسين هيكل باشا، فحددت له هذا الوعد، ولم تنقض ساعات حتى علمت منكم، ثم من الصحف، أن جامعة الأزهر تدخلت فى الأمر، واحتجت عند حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس الوزراء محمد محمود باشا».
4
يضيف طه : «لما كان الغد عرضت الأمر على مجلس الكلية فسمع بيان الأستاذ المختص، ونظر بنفسه فى الكتابين، ورأى أنه ليس على الكلية بأس من قراءة قصة جان دارك، لأن كاتبها لم يرد إيذاء الإسلام، وإنما صور رأى أسقف متعصب جاهل من أساقفة القرون الوسطى، ثم رد عليه، ورأى المجلس كذلك أن الفصول التى تقرأ من كتاب «أحاديث خيالية» لا تمس الإسلام من قريب ولا من بعيد، واعتبر الأمر منتهيا، ورفعت إلى معاليكم تقرير المجلس، فوافقتم عليه كتابة وأرسلتموه مع موافقتكم إلى حضرة صاحب المعالى الوزير، وقد صرحتم لى ولغيرى من الزملاء بأنكم ترون رأى الكلية، وتتضامنون مع المجلس فيما تخذ من قرار ولا تسمحون بالتدخل فى الشؤون التعليمية للجامعة بحال من الأحوال، وقد صرح معالى الوزير لى ولغيرى من الزملاء بأنه لا يرى غبارا على تصرف الكلية».
5
يكشف طه حسين، أنه اعتقد أن الأمر انتهى، لكنه عرف أن رئيس الوزراء كتب إلى الأزهر ينبئه بأنه أمر بمنع قراءة الكتابين وبجمعهما من أيدى الطلاب، ثم قام طلاب من خارج كلية الآداب باقتحامها، وانتهاك حرمات الدروس، وإخراج الطلاب من دروسهم، والاعتداء على الطالبات بما يجب أن تعف عنه الألسنة النزيهة، وإهانة العميد والمناداة بسقوطه والهجوم على غرفته، يؤكد، أن المتظاهرين تفرقوا بعد ذلك دون أن تعنى الجامعة بحماية الكلية أو ردهم عنها، ويقول: «كنت أظن أن أول شىء كانت تجب العناية به هو حماية الكلية من العدوان، ومعاتبة المعتدين وتمكين الأساتذة والطلاب من أداء واجبهم العلمى، لهذا كله أرجو أن تتفضلوا فترفعوا إلى معالى الوزير استقالتى من منصب العميد، وأنا بالطبع مستعد لأداء واجبات الأستاذ كلها يوم يحمى الأساتذة والطلاب فى كلية الآداب من مثل العدوان الذى حصل اليوم».
6
يكشف محمد عبدالحميد أحمد، أحد القيادات التاريخية لجماعة الإخوان فى مذكراته «ذكرياتى» عن «دار البشير 1993»، أنه كان من طلاب الإخوان الذين حرضوا على هذه المظاهرات، ويصفها بالثورة، قائلا: «رأيت إزاء هذين الكتابين جان دارك وأحاديث خيالية، أن أتقدم باسم طلاب الإخوان وقسم اللغة الإنجليزية، ولم يكن معنا فى الواقع إلا شباب الإخوان فقط من جميع الأقسام، ولكننا تكلمنا باسمه كله لتعزيز طلبنا، فما كان من الأستاذ العميد طه حسين إلا أن تعجب من هذه الثورة التى لا محل لها، ونشرت الصحف المصرية وعلى رأسها صحيفة المصرى والأهرام أنباء هذه الثورة الجامعية، وسرت أنباء هذه الثورة فى المعاهد والجامعات، فقامت كلية أصول الدين بمظاهرة كبيرة، وبعض المدارس الثانوية ومن بينها المدرسة الفاروقية بالزقازيق وغيرها بمظاهرات تهتف بسقوط الاستعمار الفكرى.
7
بعد خمسة أيام وفى 26 مارس 1939 يرد أحمد لطفى السيد على هذه الاستقالة برفضها قائلا فى رسالته: «حضرة صاحب العزة الدكتور طه حسين بك، عميد كلية الآداب، تحية وسلام، اطلعت على استقالتكم التى حررتموها بتاريخ 21 مارس سنة 1939 وقد أسفت أشد الأسف للحوادث التى دعتكم إلى تقديمها، ويسرنى كل السرور أن أعيد إليكم هذه الاستقالة راجيا أن تعودوا إلى عملكم فى الكلية بما أعرفه لكم من كفاية وإخلاص».
..............................................
#ذات_يوم_سعيد_الشحات_اليوم_السابع

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى