1-
الاستاذة الكاتبة والشاعرة اريج محمد احمد
تحيات ألطف من بأس الحديد
وأحن من هدير المدافع،
وأرق من طبع النسيم
والمناسبة عيد..
ولا اعرف كيف هي اجواء وحال العيد عندكم.. بل ولا كيف اهنئك في هذه الظرفية العصيبة والخطيرة التي يجتازها بلدكم.. وكافة الفسابكة من أصدقائي السودانيين يرددون مع المتنبي بيته الشهير [عيد باية حال عدت يا عيد].. وكأنه شعار المرحلة، مسترجعا مع نفسي قصيدة المعتمد بن عباد وقد ساءه العيد في أغمات.
لا ادري على وجه التدقيق ان مر بكم طيف العيد؟
وما إذا طرق هلاله أبواب سمائكم المشحونة بأدخنة القذائف، ورائحة البارود
أو تتذكرون شكله
أمر يدعو على الحيرة في غياب الماء والكهرباء، والامان، وشح المؤن والأغذية، وانعدام الخدمات الاجتماعية، وغياب صواني الحلويات، والمقبلات، والمشهيات، وتبادل (التذويقات) بين الجيران والاهل والاحباب، وفرح الصبية بالعيدية، وبملابسهم الجديدة.
بل كيف يمكن تصور الشوارع الفارغة تحت قصف المدافع، وهدير الدبابات، وازيز الطائرات، وصفير الاطلاقات، ودوي الإنفجارات فوق رؤوس المواطنين، وشواء الحرائق المنتشرة، وشبح الموت المهيمن على المدى، في نهارات وليالي الحرب الطويلة المملة المتعبة، المليئة بالخوف والتوجس والقلق. والضغط النفسي.
على العموم أستهجن أساليب التهاني التي يتبادلها الناس في المناسبات وغير المناسبات، ويتفننون في صياغتها وتنميقها بمزيد من الافتعال والتصنع والمكر أحيانا، خاصة تحت ظروف الحرب، فالحرب لبست بالشيء المفرح، ولا بالأمر الذي يدعو على التفاؤل والاطمئنان.. ثلاثة حروف تتوسطهم رهبة ورعب وريبة ورياء..
إنها الحرب [مشتقة المعنى من الحرب]،
صحيفة مشرعة على الفجيعة والفقدان، أحداث عدائية / عدوانية تستفيد منها اطراف موغلة في الشر والتقتيل والنفاق والكراهية، والجريمة والخداع.. تحرك خيوطها الدول المصنعة لتفريغ مخزوناتها من الأسلحة، الدول التي تتباكى على السودان، وتحرك ديبلوماسياتها لحماية مصالحها، الدول نفسها التي تفرض الحصار وتمنع الغذاء والدواء عن شعبه.
ذلك أنه "في الحرب يموت الطيبون وحدهم... أما الآخرون فيعودون ليقطفوا الثمار"، كما قال د. عبد السلام العجيلي
قرأت الكثير عن أدب الحرب، وشدتني رواية (كل شيء هادئ في الميدان الغربي) للروائي الألماني "إريك ماريا ريمارك"، بهول أحداثها التي تدور خلال الحرب العالمية الأولى، وحولت الى فيلم سينمائي، وترجمت الى كل اللغات، منها العربية عن دار الهلال بترجمة محمود قاسم.. و"رسائل ستالينغراد" الذي يشتمل على تسع وثلاثين رسالة من جنود خاضوا غمار الحرب الكونية الثانية الى ذويهم وحبيباتهم، وعشرات المقالات والحكايات واليوميات التي خلفت في خاطري انطباعات أليمة، وندوب عميقة من الشفقة.
شيء محير أن يدفع الشجع والجنون والتعطش الى السلطة بهؤلاء المجانين الى ارتكاب هذه الفظائع والجرائم بحق شعوبهم، بلا ذرة من الشفقة في القلب؟
وهل لديهم قلوب فعلا
حتى في الشهر المقدس لم يراعوا مشاعر المواطنين في هذا البلد المثخن بالجراح. المثقل بالديون، والمرهق بالآهات
نعرف بأن الإنسان الإفريقي برغم وداعته، وطيبة أخلاقه وليونة طبعه، وجنوحه للسلم، فإنه لا يزال يحمل في أعماقه بعضا من جينات التوحش وسلوك الغاب، بعض من كيمياء العنف والقتل البدائي من أجل السيطرة على الطبيعة.
وهم همج في الحرب وفي السلم
همجيون في جدهم وهزلهم،
والحرب لا أخلاق فيها ولا شفقة ورأفة..
وأشد بأسا ومضرة أن تحتم على الانسان قتل اخيه الإنسان بدم بارد، وبثبات وثقة تامة
في البداية كنا نعتقد بأن أخبار الوعيد والتهديد، مجرد فقاعات وكذبة بيضاء من سمكات أبريل، فانتشينا بلعبهم، واستملحناه، آخذين الأمور على محمل المزاح والتهكم والسخرية..
مماحكات فجة وضحك حامض من قبيل تلك الوشايات السمجة التي يطلقها أصدقاء السلاح ليبرهنوا للعالم عن جدينهم في تسيير البلد، والحفاظ على حياضه، وعلى وجودهم، وسطوتهم، ثم ينفردون ببعضهم، في الغرف الفخمة المكيفة، يعقدون الصلح، ويشربون نخب همجيتهم وغطرستهم
لا أعرف من قائل (إن الحرب التي لا تضمن السلم لأكثر من ثلاثين سنة لا لزوم لخوضها)،
لكن هذه الحرب القذرة تلوح بامد طويل
والحرب لا دين ولا ملة لها
وفي غياب عدو.. فالكل أعداء
ولا نعرف من يهاجم من
والضحايا البلاد والعباد
وهذه البلاد العربية لم تسلم أبدا من شر الفتن، وما مر عليها عام بدون حروب، حتى أن العرب لم يتفقوا أكثر مما اتفقوا على إثارة الحروب وهندستها، والتفكير في دسائسها واستراتيجياتها، يشعلون فتيلها و[يدقون بينهم عطر منشم] من دون مناسبة، منذ واقعة داحس والغبراء، مرورا بعاصفة الصحراء...
وتحولت الجيوش عن دورها الوطني للدفاع عن الشعب والحدود وضمان أمنه واستقراره الى اداة قمع وتنكيل لكل محاولات للمطالبة بالديمقراطية والحقوق والعدالة الاجتماعية.
تاريخ طويل عريض من الفجائع والاقتتال والفناء، والدمار والبطولات الوهمية، والتاريخ السيء الذكر المليء بالثقوب والثغرات، وتفقبر الاوطان، وتجوبع الشعوب، والانبطاح والعمالة والمؤامرات والخيانات، والتطبيع ...إلخ ...إلخ ...إلخ
إنها الحرب لها طبول، وساحات وغى، وقادة أوغاد
يدفع ثمنها الشعب
ويموت فيها الأبرياء وييتم الصبية، وترمل النسوة وتتشرد العوائل، وتقسم البلاد بين المجرمين والقتلة
و
[ستنتهي الحرب
ويتصافح القادة
وتبقى تلك العجوز، تنتظر ولدها الشهيد]
وبانتظار هدوء العاصفة، واستتباب الأمن في بلدكم العزيز، أتمنى لكم كل الخير والطمأنينة والسلامة، وللسودان الحر الأبي السلامة، ولشعبه العظيم الأمن والامان..
وعيدكم مبارك سعيد على أية حال
أخوك:
نقوس المهدي
22 - 04 - 2023
*****
2-
أستاذي الكبير الفاضل النبيل السي نقوس المهدي
أشكرك وأعرف إنك لا تحب كلمة شكراً وإن كنت دائماً الأحقك بها بعطائك وببذلك وحسن تعاملك وإنك تمشي بيننا دائماً نموذجاً أمثل للإنسان المتسم بكل سمات الإنسانية عالما مبدعا بفكرك بكلمتك وأسلوبك أديبا متميزاً في طرحك الإبداعي متواضعا متسامياً راقياً في تعاملك كريماً لا هم لك سوى إفادة الغير يدك ممدودة وأنت الرجل الموسوعة لخدمة كل من يرغب، عرفتك المعلم الإنسان، والإنسان المعلم، عرفك كل أهلي وكل منهم يتابعك ويشكرني لأني كنت سببا في مصادفتهم لك، يجلونك ويقدرونك ويعدونك واحدا منهم، وها أنت تبرهن أنك منهم فعلا، ولست مجرد إسم على قائمة الأصدقاء.
أستاذي أنا وإن كنت في قلب هذه الحرب الملعونة الا أنني الآن فقط شعرت بأن هناك عيد، فنحن نتعافى بالمحبة، بالتفاف الأصدقاء، وأنت الآن القريب رغم المسافة والعنف، لا عيد أكبر من أن تجد الصدق في إنسان هذا الزمان ولعمري إنه تمثل فيك
الشكر أخطه لكم من هنا من السودان، وبيد كل سوداني إلى المغرب، ليصافح يد كل مغربي وبكل محبة الدنيا كل عام وأنتم بخير
الاستاذة الكاتبة والشاعرة اريج محمد احمد
تحيات ألطف من بأس الحديد
وأحن من هدير المدافع،
وأرق من طبع النسيم
والمناسبة عيد..
ولا اعرف كيف هي اجواء وحال العيد عندكم.. بل ولا كيف اهنئك في هذه الظرفية العصيبة والخطيرة التي يجتازها بلدكم.. وكافة الفسابكة من أصدقائي السودانيين يرددون مع المتنبي بيته الشهير [عيد باية حال عدت يا عيد].. وكأنه شعار المرحلة، مسترجعا مع نفسي قصيدة المعتمد بن عباد وقد ساءه العيد في أغمات.
لا ادري على وجه التدقيق ان مر بكم طيف العيد؟
وما إذا طرق هلاله أبواب سمائكم المشحونة بأدخنة القذائف، ورائحة البارود
أو تتذكرون شكله
أمر يدعو على الحيرة في غياب الماء والكهرباء، والامان، وشح المؤن والأغذية، وانعدام الخدمات الاجتماعية، وغياب صواني الحلويات، والمقبلات، والمشهيات، وتبادل (التذويقات) بين الجيران والاهل والاحباب، وفرح الصبية بالعيدية، وبملابسهم الجديدة.
بل كيف يمكن تصور الشوارع الفارغة تحت قصف المدافع، وهدير الدبابات، وازيز الطائرات، وصفير الاطلاقات، ودوي الإنفجارات فوق رؤوس المواطنين، وشواء الحرائق المنتشرة، وشبح الموت المهيمن على المدى، في نهارات وليالي الحرب الطويلة المملة المتعبة، المليئة بالخوف والتوجس والقلق. والضغط النفسي.
على العموم أستهجن أساليب التهاني التي يتبادلها الناس في المناسبات وغير المناسبات، ويتفننون في صياغتها وتنميقها بمزيد من الافتعال والتصنع والمكر أحيانا، خاصة تحت ظروف الحرب، فالحرب لبست بالشيء المفرح، ولا بالأمر الذي يدعو على التفاؤل والاطمئنان.. ثلاثة حروف تتوسطهم رهبة ورعب وريبة ورياء..
إنها الحرب [مشتقة المعنى من الحرب]،
صحيفة مشرعة على الفجيعة والفقدان، أحداث عدائية / عدوانية تستفيد منها اطراف موغلة في الشر والتقتيل والنفاق والكراهية، والجريمة والخداع.. تحرك خيوطها الدول المصنعة لتفريغ مخزوناتها من الأسلحة، الدول التي تتباكى على السودان، وتحرك ديبلوماسياتها لحماية مصالحها، الدول نفسها التي تفرض الحصار وتمنع الغذاء والدواء عن شعبه.
ذلك أنه "في الحرب يموت الطيبون وحدهم... أما الآخرون فيعودون ليقطفوا الثمار"، كما قال د. عبد السلام العجيلي
قرأت الكثير عن أدب الحرب، وشدتني رواية (كل شيء هادئ في الميدان الغربي) للروائي الألماني "إريك ماريا ريمارك"، بهول أحداثها التي تدور خلال الحرب العالمية الأولى، وحولت الى فيلم سينمائي، وترجمت الى كل اللغات، منها العربية عن دار الهلال بترجمة محمود قاسم.. و"رسائل ستالينغراد" الذي يشتمل على تسع وثلاثين رسالة من جنود خاضوا غمار الحرب الكونية الثانية الى ذويهم وحبيباتهم، وعشرات المقالات والحكايات واليوميات التي خلفت في خاطري انطباعات أليمة، وندوب عميقة من الشفقة.
شيء محير أن يدفع الشجع والجنون والتعطش الى السلطة بهؤلاء المجانين الى ارتكاب هذه الفظائع والجرائم بحق شعوبهم، بلا ذرة من الشفقة في القلب؟
وهل لديهم قلوب فعلا
حتى في الشهر المقدس لم يراعوا مشاعر المواطنين في هذا البلد المثخن بالجراح. المثقل بالديون، والمرهق بالآهات
نعرف بأن الإنسان الإفريقي برغم وداعته، وطيبة أخلاقه وليونة طبعه، وجنوحه للسلم، فإنه لا يزال يحمل في أعماقه بعضا من جينات التوحش وسلوك الغاب، بعض من كيمياء العنف والقتل البدائي من أجل السيطرة على الطبيعة.
وهم همج في الحرب وفي السلم
همجيون في جدهم وهزلهم،
والحرب لا أخلاق فيها ولا شفقة ورأفة..
وأشد بأسا ومضرة أن تحتم على الانسان قتل اخيه الإنسان بدم بارد، وبثبات وثقة تامة
في البداية كنا نعتقد بأن أخبار الوعيد والتهديد، مجرد فقاعات وكذبة بيضاء من سمكات أبريل، فانتشينا بلعبهم، واستملحناه، آخذين الأمور على محمل المزاح والتهكم والسخرية..
مماحكات فجة وضحك حامض من قبيل تلك الوشايات السمجة التي يطلقها أصدقاء السلاح ليبرهنوا للعالم عن جدينهم في تسيير البلد، والحفاظ على حياضه، وعلى وجودهم، وسطوتهم، ثم ينفردون ببعضهم، في الغرف الفخمة المكيفة، يعقدون الصلح، ويشربون نخب همجيتهم وغطرستهم
لا أعرف من قائل (إن الحرب التي لا تضمن السلم لأكثر من ثلاثين سنة لا لزوم لخوضها)،
لكن هذه الحرب القذرة تلوح بامد طويل
والحرب لا دين ولا ملة لها
وفي غياب عدو.. فالكل أعداء
ولا نعرف من يهاجم من
والضحايا البلاد والعباد
وهذه البلاد العربية لم تسلم أبدا من شر الفتن، وما مر عليها عام بدون حروب، حتى أن العرب لم يتفقوا أكثر مما اتفقوا على إثارة الحروب وهندستها، والتفكير في دسائسها واستراتيجياتها، يشعلون فتيلها و[يدقون بينهم عطر منشم] من دون مناسبة، منذ واقعة داحس والغبراء، مرورا بعاصفة الصحراء...
وتحولت الجيوش عن دورها الوطني للدفاع عن الشعب والحدود وضمان أمنه واستقراره الى اداة قمع وتنكيل لكل محاولات للمطالبة بالديمقراطية والحقوق والعدالة الاجتماعية.
تاريخ طويل عريض من الفجائع والاقتتال والفناء، والدمار والبطولات الوهمية، والتاريخ السيء الذكر المليء بالثقوب والثغرات، وتفقبر الاوطان، وتجوبع الشعوب، والانبطاح والعمالة والمؤامرات والخيانات، والتطبيع ...إلخ ...إلخ ...إلخ
إنها الحرب لها طبول، وساحات وغى، وقادة أوغاد
يدفع ثمنها الشعب
ويموت فيها الأبرياء وييتم الصبية، وترمل النسوة وتتشرد العوائل، وتقسم البلاد بين المجرمين والقتلة
و
[ستنتهي الحرب
ويتصافح القادة
وتبقى تلك العجوز، تنتظر ولدها الشهيد]
وبانتظار هدوء العاصفة، واستتباب الأمن في بلدكم العزيز، أتمنى لكم كل الخير والطمأنينة والسلامة، وللسودان الحر الأبي السلامة، ولشعبه العظيم الأمن والامان..
وعيدكم مبارك سعيد على أية حال
أخوك:
نقوس المهدي
22 - 04 - 2023
*****
2-
أستاذي الكبير الفاضل النبيل السي نقوس المهدي
أشكرك وأعرف إنك لا تحب كلمة شكراً وإن كنت دائماً الأحقك بها بعطائك وببذلك وحسن تعاملك وإنك تمشي بيننا دائماً نموذجاً أمثل للإنسان المتسم بكل سمات الإنسانية عالما مبدعا بفكرك بكلمتك وأسلوبك أديبا متميزاً في طرحك الإبداعي متواضعا متسامياً راقياً في تعاملك كريماً لا هم لك سوى إفادة الغير يدك ممدودة وأنت الرجل الموسوعة لخدمة كل من يرغب، عرفتك المعلم الإنسان، والإنسان المعلم، عرفك كل أهلي وكل منهم يتابعك ويشكرني لأني كنت سببا في مصادفتهم لك، يجلونك ويقدرونك ويعدونك واحدا منهم، وها أنت تبرهن أنك منهم فعلا، ولست مجرد إسم على قائمة الأصدقاء.
أستاذي أنا وإن كنت في قلب هذه الحرب الملعونة الا أنني الآن فقط شعرت بأن هناك عيد، فنحن نتعافى بالمحبة، بالتفاف الأصدقاء، وأنت الآن القريب رغم المسافة والعنف، لا عيد أكبر من أن تجد الصدق في إنسان هذا الزمان ولعمري إنه تمثل فيك
الشكر أخطه لكم من هنا من السودان، وبيد كل سوداني إلى المغرب، ليصافح يد كل مغربي وبكل محبة الدنيا كل عام وأنتم بخير