رايفين فرجاني - القاهرة - مدينة

أكثر ما يسحر في القاهرة هو جمالها الحاضر,وربما حداثتها المنفصلة -بدون إنقطاع- المتصلة بتراثها القديم الذي خلف تنوعا في معالمها الجغرافية تنعزل تماما عن أخبار تاريخ غابر نلقي إليه بنظرة متحفية / بزارية لا غير (وربما هذا هو سبب بعض نفور عندي من المتاحف والأهرامات الفرعونية). بينما مثلا في الصعيد (وأنا أعشق ريف الصعيد المصري حين يكون مسالما) فهناك إتصال دائم بين التراث والحداث (التي آمل ألا تقضي عليه معاول الحداثة). هذا السحر يتجلى أكثر في القاهرة لأنها هادئة ومسالمة في أغلب الأوقات بسبب رقي المعيشة وقوة القبضة الأمنية. عدا بالطبع بعض الإنقطاعات الزمنية المؤقتة لأحداث عنف وقتل ربما ينجح النظام بالقضاء عليها تماما. وبعض الإنقطاعات الجغرافية الدائمة والمتمركزة على حواف القاهرة في شمالها (وعلى رأسها منشأة ناصر) وجنوبها (وعلى رأسها حي المرج).

مدينة القاهرة دائما حية,ينطبق عليها الوصف بأنها (المدينة التي لا تنام),وينطبق على أحياؤها الإصطلاح بأن الحي هو تجمع سكني شاغر بالسكان وأقرب إلى مدينة صغيرة. أي أن الحي حي بالأحياء القاطنين فيه.

وأجمل ما فيها هو اختلاط ميادينها بشوارعها بأحيائها,فقد يتشكل حي كامل من شارع واحد وتفريعاته,أو من ميدان واحد وما أحاط به من شوارع أو مناطق سكنية.

الشارع هو طريق عام يربط بين المواقع المختلفة في البيئة العمرانية.

والحارة هي أصغر وحدة معمارية إدارية من نوعية الممر (بأنواعه المختلفة؛حارة,زقاق, زنقة). وعادة قد لا يتصف بالعمومية كما في الشارع. بل يكون خاصا وحكرا على مجموعة من البيوت.

الميدان هو ساحة واسعة ومفتوحة داخل المنطقة المعمارية,وعادة تكون نقطة إلتقاء تجتمع عندها الطرق والشوارع.

وقبل أن نستأنف حديثنا عن القاهرة,وجب التوضيح بأن إقليم القاهرة الكبرى,هو إقليم كبير مشتمل على سبعة قطاعات تشكل كل مقاطعة نحو محافظة وحدها. وهي

1-القاهرة

2-القليوبية

3-الجيزة

4-حلوان

5-أكتوبر

6-الشيخ زايد

7-القاهرة الجديدة

إلا أننا سنحاول التركيز فقط على القاهرة نفسها بحدودها المعروفة لنا. كما أننا معنيين في مقالات لاحقة ببعض المناحي الثقافية المنتخبة مع إغفال نواحي أخرى. أما هنا فنحن نركز أكثر على الفروق الطبقية بين كل حي وآخر.

أحياء القاهرة تنقسم إلى أربعة أنواع رئيسية

1-الأحياء الشعبية

2-الأحياء العشوائية

3-الأحياء الراقية

4-الأحياء المغلقة

[1] الأحياء الشعبية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو القاهرة الفاطمية,الواقعة حاليا في منتصف القاهرة القديمة (وسط البلد),مع إمتدادها الغير محصور إلى أجزاء من جنوب القاهرة حيث تنتهي قبيل حلوان الواقعة في أقصى الجنوب لصيقة حي المعادي. يمكننا أن نعاين طرفيها بحي مصر القديمة في الجنوب,وحي مصر الجديدة في الشمال.

الأحياء الشعبية هي الأحياء التي يسكنها عامة الشعب.

وهم يشكلون أغلب عموم الشعب,ولذلك سميت تلك المناطق بالأحياء الشعبية نسبة إليهم .. إلى الشعب.

ولأن العلاقة بين السكان والمساكن علاقة حيوية بين متغير وثابت (الإنسان والمكان) تتشكل المساكن بتنوع وتغير الأحوال الإجتماعية لسكانها. ذلك يشمل بالطبع,وفي المقام الأول الحال الإقتصادي الذي سمح لسكان تلك المناطق الشعبية (الواقعة الآن في نفس الصف من القيمة المالية مع المناطق الراقية) بأن يسكنوها. وهم لا يملكون غيرها. مما أدى إلى إنتشار العشوائيات على أطرافها. فقد ملك المتأخرين من أصحاب هذه البيوت مساكنهم (ربما إرثا عن آبائهم أو يسر في عيشتهم) في الربع الثاني من القرن العشرين,وهي فترة ازدهرت فيها الأفكار الشيوعية في مصر بعد خمسين عاما من وفاة مؤسسها كارل ماركس,وبعد عقد كامل من تأسيس الحزب الشيوعي المصري. وبالتالي ظلوا هم مالكيها,إلى جوار تنامي مشاريعهم السكنية والعمالية بالجوار حيث ضواحي فقيرة مثل منشأة ناصر والدويقة. بالتوازي مع إرتفاع القيمة المالية للمساكن الأصلية,القديمة,بل والأثرية,وتضخم أسعارها على نحو مذهل. ملاك هذه البيوت هم بقايا الطبقة الوسطى التي ازدهرت مع إنتشار الأفكار الشيوعية في مصر,وفي ظل هذا الإزدهار تنامت الكثير من المشاريع الإقتصادية خاصة مع الإصلاحات الناصرية التي نظمت الحقوق المالية للعاملين أثناء وبعد قضاء خدمتهم. ثم اندثرت تلك الطبقة ولم يتبقى أي بقايا عدا الكبار المستفيدين من نظام المعاشات والتأمينات. وسحق الجيل الحالي تماما في ظل غياب أي نظم إقتصادية بديلة تنظم لهم أحوالهم وحيواتهم. وأغلب الظن أن الحال ذاهب بهم إلى داهية / كارثة معيشية سوف ينحدر بهم الوضع حتما إلى الدرجات السفلية حيث الأحياء العشوائية. خاصة مع عمليات التوسع السكان والهجرة إلى المناطق الصحراوية لإعمارها,أو مزاحمة المناطق العشوائية بالمزيد من البيوت تبنى فوق أي مساحات فارغة.

جدير بالذكر أن هناك نوع من الأحياء الجديدة يمكن تسميته بـ الأحياء الهادئة,,هي أحياء شعبية,ليست تراثية,ولا هي عشوائية. وعادة ما تكون هادئة,لا سوقية,ولا هي حلقة من الجريمة. ربما مثل العمرانية,وألف مسكن,وعين شمس,وحلوان (تميل حلوان أن تكون حيا راقيا). وتلك الأحياء تذكرنا أيضا بنوع لم نذكره,وهو المناطق والأحياء الريفية.

من أشهر الأحياء الشعبية

-الحسين

-الخرنفش

-الأزبكية

-العباسية

-الخليفة

-القلعة

-الجمالية

-الحوامدية

-العتبة

-رمسيس

-غمرة

-خان الخليلي

-مصر القديمة

-الحلمية,أو الحلمية الجديدة

-شارع المعز

[2] الأحياء العشوائية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولهذا,وفي ظل التضخم السكاني المتناسب طرديا مع الركود الإقتصادي,تحولت الأحياء الجديدة للقاهرة إلى أوكار ضخمة / عملاقة / كبيرة للعصابات. وصيغ التضخيم هذه ليست إلا مبالغة تهدف إلى بلوغ القصد من بيت القصيد.

الأحياء العشوائية هي أحياء يسكنها الناس كيفما أتفق.

وبهذا التعريف الموجز,أعتقد وآمل أنني أوجزت فأنجزت في التعبير عن مدى / مقدار الفوضى والعشوائية في تلك الأحياء التي تسمت أحياءا عشوائية.

هذا ينعكس على جميع الأحوال الإجتماعية لسكان الأحياء العشوائية,حيث يتخلل الفساد إلى كافة التوجهات المالية والأخلاقية. يتحول الحي العشوائي إلى ما يسميه علماء الإقتصاد مصيدة الفقر Poverty Traps (البونليو Banlieues) أي دوائر مغلقة من الفقر والعنف تقريبا لا يمكن الخروج منها.

ومع ذلك,وبحكم بعض الإرتباطات بالأصول الجميلة للشخصية المصرية (المصراوية / القهراوية,أو البحراوية,أو الصعيدية أو الريفية أو العرباوية) يكون هناك تمسك بالمبادئ المتشخصة في نموذج (شخص ابن البلد الجدع).

ولكن يظل الخلط قائما بين الأحياء الشعبية التراثية / الكلاسيكية,حيث القاهرة الفاطمية,وبين أي أحياء جديدة (الصحراوية والزراعية سابقا) ثم لم تعد جديدة,بل وتلوثت المناطق المجاورة بها فتخلفت عن ترقي الأحياء الشعبية الأصلية الواقعة في وسط البلد. لذا يكون التعميم عادة بأن أي (حي شعبي) هو مشتمل على أحياء مثل المرج والمطرية إلى جوار أحياء مثل القلعة والسيدة.

وتعد (العشوائيات) أماكن خطيرة جدا,نؤيد وبشدة برنامج الحكومة لإبادتها.

من أشهر الأحياء العشوائية

-منشأة ناصر

-الدويقة

-المرج

-المطرية

-ميت عقبة

[3] الأحياء الراقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحياء الراقية هي أحياء يسكنها أناس لديهم القدرة المالية على شراء مساكنها.

رغم أن هذا التعريف قد يوسع التصنيف إلى أقصى حدوده ليشمل سكان الطبقة الرأسمالية وطبقة الأعيان,مع طبقة العوام من الأحياء الشعبية (المقتدرين على شراء بيوتهم,وهم الطبقة الوسطى المنقرضة) مع الطبقة الرعوية من الفلاحين أصحاب الأراضي وملاك بيوتهم.

والحق,أن هذا ما يجب أن يكون عليه الحال,فالبيت يعد أصل مالي مهم ثابت وراسخ ويؤمن لصاحبه معيشة مستقرة وكريمة. ويأتي تأكيدا على هذا أن الهوة إتسعت بين الطبقة العليا والدنيا حتى أنهارت الطبقة الوسطى تماما. فصار كل من لديه القدرة على شراء بيت مالكا ينتمي بشكل أو بآخر إلى طبقة الملاك الذين يملكون رؤوس الأموال المحركة للصناعة والتجارة.

-الزمالك

-المهندسين

-المعادي

-الدقي

-حدائق القبة

-مصر الجديدة

-حلمية الزيتون

-الزيتون

-حلوان

-الشواربي

-المقطم

[4] الأحياء المغلقة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحياء المغلقة هي مناطق سكنية مغلقة تعزل من داخلها عن خارجها.

وسيلة العزل الأساسية تجسدت في هيئة أسوار عالية تحدد الحدود الفارقة بين الداخل والخارج,وعلى أبوابها حرس ونظام أمني يحيط بالمدينة المغلقة,وهذه هي الوسيلة الثانية الداعمة للأسوار المحيطة بالتجمع السكني.

ويبدوا أن هذه المنظومة,تعمل بكفاءة عالية منذ فجر التاريخ,لولا أنه حدثت نقلة نوعية في الظروف المحيطة بهذه الأسوار,نتيجة لتغير في الأسباب وراء بنائها. في الزمن الغابر,كانت تبنى الأسوار حول البلاد من أجل حمايتها من الأغراب,هذا هو السبب الذي من أجله بني سور الصين العظيم,سور طروادة,وسور قلعة صلاح الدين وأسوار القلاع عموما.

نذكر منها

-جمعية عرابي

-مدينتي

-الشروق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى