ألف ليلة و ليلة أحمد خلف - ليـالي شهــرزاد ـ الــدرس الاول

-1-2

في منتصف العقد الستيني من القرن العشرين أعارني احد معارفي اربعة مجلدات ذات ورق اصفر، وقال لي بنبرة واضحة وصريحة: ـ إذا اردت ان تصبح مؤلف قصص وروايات فلا مفر من قراءة هذه المجلدات كلها... وحين قلبت الكتب الاربعة في البيت، تبين لي انها حكايات الف ليلة وليلة، لم اكن اعلم ان لهذا السفر الخالد، ستكون له هيمنة خاصة على روحي وعقلي وسافوز بمعرفة اسراره، معرفة ستنمو وتصبح نهجاً حتى في الساعات التي تكون الليالي فيها بعيدة عني، حيث كل حركة في واقع الحياة اليومية ترتد تلقائيا إلى عالم شهرزاد، الموحي بالمزيد من العلامات والاشارات الدالة على شيء خفي أو مستور...
كنت قبل هذا التاريخ قد قرأت المزيد من قصص وروايات ذات اسلوب ورؤيا واقعية، مكسيم غوركي وتولستوي وبلزاك ونجيب محفوظ وحنا مينا وذنون ايوب وحكايات جعفر الخليلي، وقد خيل إليّ في حينه ان الامر لا يتعدى في جوهره ذلك الاطار، أي ان الكتابة القصصية والروائية لا تتجاوز حدود الواقع العيني الملموس. ان امكانية التصور ارتبطت في حينه بواقع الحياة اليومية بوشائج عدة، لعل ابرزها قسوة وصلابة الواقع الذي كنت اعيشه ومن ثم القصص والروايات التي حصلت عليها بالمصادفة أو بالاهتمام المقصود، روايات تفضلت دار الهلال بترجمتها وتقديمها إلى القارئ العربي انذاك، وحتى فترة متأخرة من مرحلة الستينيات لم يخطر في بالي ، ان التاريخ يمكن عدّه مصدراً للافادة الفنية والابداعية من خلال اعتماد احداث وحكايات تخص التاريخ العام عبر الحقب والعصور، لان التاريخ العربي والاسلامي بما يحتويه من اعتراف صريح باهمية الدين وتعاليمه، يعد عنصراً مقدسا ينبغي عدم المساس بصفحاته المغرقة في الهيبة والاعتبار، وما خطر في ذهني ان التاريخ انما يكتبه المؤرخون على حد تعبير سبينوزا . كانت تلك الهيبة تضع امامي حاجزاً زجاجياً شديد التعتيم، يحجب عني رؤية المجاورة الصريحة بين المقدس والمدنس في صفحة واحدة، كان ذلك هو العالم الذي يحول بيني وبين الدخول، على صفحات يمكن لروائي يتطلع إلى كتابة نص حديث يتسم بالتجديد والحداثة، التي لا يكف الاخرون عن تذكرينا بها كل حين وان يخترق تلك الصفحات. إلى ان حلت لحظة الاكتشاف والدهشة المتمثلة بقراءة الليالي العربية، هذه القراءة التي فتحت العين واسعة على مسألة في منتهى الرهافة والحساسية، اعني امكانية استغلال مساحات متباينة من الخيال القصصي الخلاق، الذي يعيد إلى النص قيمته واعتباره، والان، لا بد لنا من تمثيل المشهد باسره، اذ كيف يواجه فتى في العشرين من عمره هذا العالم الزاخر بعشرات الصور الغريبة والحكايات المتداخلة، والتي ستقود من يمتاز بالفطنة والرغبة في التعلم والمعرفة إلى شواطيء الامان؟ ولعل اولى اكتشافاته لما عرف ان الحكايات رويت على لسان اميرة ارادت للامير ان يكف عن عملية القتل اليومي، وقد جعلت من السرد تعويضا عن الموت أو القتل وانه لامر يبعث على الرضا، ان تكون الطبيعة قد وهبت الساردة كل خصال الراوي العليم الذي يعرف ماذا يريد من سرده الحكايات تلك. لقد اكتشف الفتى ضالته المثلى عن جدارة في الخيال الذي تزخر به حكايات شهرزاد، وقد زوده هذا الخيال بشحنة اقتحام اسوار التاريخ واماطة اللثام عن بعض جوانبه الخفية، أو التي اصبح من الضروري فضحها وعرضها على القارئ، لقد انعتق من اسار الواقع المادي الضيق نحو مملكة المخيلة الرحبة، وبدأ يؤسس له عالما خاصا تكون للخيال فيه حظوة ومنزلة ، تعويضا عن فقر الواقع وضيق افقه ، وبلغ من اهتمامه وولعه، بقراءة الليالي، ان استبدل المواقع مع ابطال الحكايات كثيرا، وازاحهم ليقوم بالدور العصيب في انقاذ الحبيبة الضائعة بين الفيافي والغابات أو وسط البحار، وقد اشترك مع السندباد البحري بعدد لا يحصى من المغامرات وركوب البحر لاجتياز المحن والعقبات الكبار، لكنه عبر هذا، لم يشأ ان يطرح على نفسه المزيد من الاسئلة التي شغلت الدارسين والنقاد والباحثين بشأن حقيقة الكتاب ومن هو المؤلف أو المؤلفون ولم يأخذه السؤال عن موطن الحكايات ، انما كان جوهرها علامة فارقة في الذهن بشأن القص الحديث وامكانية الافادة القصوى منها وان كان الحصول على كتاب الدكتورة سهير القلماوي باعثا على فك الكثير من الغاز الليالي العربية ومعرفة الاضافة والحذف أو الاصل والتقليد وكيف اضطرت شهرزاد إلى اشغال شهريار بالقص وحده. تلك الاشارات الذكية واخرى غيرها قد اعانته وسهلت لديه طريق الوصول إلى كنه الاسرار وحقيقة الافكار والحكايات الممتعة التي ظلت محط دهشته وعجبه بما انطوت عليه من تجاوز الممكن واختراق حجب المستحيل والتحليق فوق البحار أو لقاء الخليفة هارون الرشيد في قصر البنات الثلاث مع وزيره جعفر البرمكي وما انطوى عليه حمال بغداد من دهاء وما اضطره إلى استخدام الحيلة والمكر جعل البنات يوافقن على بقائه معهن تلك الليلة المشهودة. كل هذا كان دافعا للتفكير باستثمار الخيال إلى اقصاه والذي هو نقيض الواقع وقد يقف بالضد منه، وان هذا الواقع سيكون في يوم لاحق تاريخا يدرسه الطلبة والتلاميذ في مدارسهم... في تلك الأيام كانت المدينة التاريخية بغداد.. كعهدها العباسي، أو كما يراها المؤلف ويتخيلها ويرسمها في رأسه باستمرار، مدينة تعرف بمباهجها، وفتنتها محوطة بالبساتين ومزارع البرتقال والكروم، وان الاذى أو القتل اليومي ابعد ما يكون عن عالمها الذي يفيض نعمة وسحراً.
كان عليه ان ينتظر تقادم الزمن ليدرك حدود افادته من هذا السفر الذي شكل في المخيلة الدهشة الاولى والدرس الاول في الدخول على بنية النص الحديث ومعالجته بطرائق مختلفة وغير متوقعة وقد تمثل لديه اساس الدرس هذا، بعلامتين فارقتين في سرد الحكايات في الليالي العربية، لعل اوضحها مسألة الموت المجاني الذي جعل منه شهريار نهجاً يسلكه في نهاية كل ليلة انتقاماً من واقع فاسد أو خيانة مجهضة، وثانيهما: ما انطوت عليه الليالي من تفريق صريح بين الحاكم والمحكوم وتسلط طغمة ظالمة على فئة مظلومة وقد توحي العلامتان بانهما تصبان في اتجاه متجانس بين الظلم والقتل المجاني، لكنه بالتأكيد اتجاه يكشف عن حقيقة ما يجري في هذه الحكايات وما يسود من صراع أو مبارزة أو اندحار وانتصار، قد يفرض علينا اتخاذ موقف أو قرار من مسألة العدالة بصورة عامة ومع من ينبغي الوقوف؟ لقد كان الواقع ذاك، سخيا بتلقين الدرس في هذا المجال، مع ان للقراءة والاطلاع أيضاً، خلاصتيهما وحقيهما في الاعتراف بالاثر الصريح في مجريات التفكير والرؤيا. لقد شكلت هذه المعضلة عبر تاريخ الانسانية العريض احدى المشكلات التي لم يكف الدارسون والمبدعون عن التعرض لها وتناولها في نصوصهم، اعني طغيان سلطة الحاكم والحيف الذي يقع على المحكوم وسنرى في نهاية المطاف ان الاغنياء يزدادون ثراء. بينما الفقراء يغطسون في جحيم تعاستهم (اليومية) وسنعلم ان اشارة واحدة من الخليفة هارون الرشيد وكلمة هامسة من جعفر البرمكي يمكن ان تودي بحياة الضيوف الاغراب في حكاية الحمال والبنات الثلاث، تلك هي لعبة السلطة وجبروتها في تغيير مجرى الحكايات.



===========


- 2-2

لقد كان البدء باستثمار درس شهرزاد بتأليف عدد من النصوص الابداعية الحديثة، وقد استغلت هذه النصوص طريقة سرد الحكايات، أي تداخل السرد واشتباكه في اعلى ذروة يمنحها النص الحكائي، ثم القطع والمونتاج تخلصاً من الطريقة التراتبية الشائعة في القص العربي حيث تنمو فقرات الرواية بصورة خيطية كانت متبعة في العقدين الرابع والخامس من القرن العشرين في كتابة القصة القصيرة والرواية، الا ان موجات الحداثة والدعوات الى التخلص من سذاجة النص القصصي والروائي، حتمت تداخلاً وتركيباً واضافات معرفية وفنية غير متوقعة، وفضلا عن اعتماد طريقة الليالي بتوليد الحكايات، الا اننا استثمرنا هذا التوليد عبر استخدام القناع والرمز والحكاية الشعبية، وقد ظهر هذا في العديد من النصوص التي كتبتها وتحديداً، كتابي (تيمور الحزين) الصادر في بغداد وبعض من قصص (في ظلال المشكينو) الصادر في عمان وكتاب (مطر في آخر الليل) الصادر في دمشق، والكتب الثلاثة تراوح زمن ظهورها بين عامي 1995 و 2000 وقد سارت عملية تطوير النص الذي يستند الى مرجعية تاريخية او حكائية قديمة بصورة حيثية وعدت قصتا (تيمور الحزين و كيد النساء في دفع البلاء) قمة الاستفادة من التاريخ العربي ومن حكايات الليالي، ومن الصعب هنا، اصدار احكام قيمة بشأن النصوص التي تناولنا فيها الاسانيد والمرجعيات الثقافية، الا انني أود ان اقدم ثلاثة عروض مختصرة للقصتين السابقتين وسيكون المختصر الثالث لروايتي المتأخرة (موت الاب) ففي الوقت الذي يكشف فيه عنوان ( تيمور الحزين) عن ماهية النص، أي ان تيمور الحزين هو تيمورلنك القائد التتري الشهير، سنجد ان الاطلاع الكافي على حياة الاقوام التترية التي قامت بغزو آسيا وروسيا وبلاد الاناضول فضلا عن بلدان عربية اشهرها سوريا والعراق، ان هذا الاطلاع يحتم علينا الاهتمام الخاص بحياة ابرز قائد تتري احتل بغداد وغزاها ثلاث مرات لتخضع الى حكم في منتهى الجبروت والقسوة، ونعني به تيمورلنك المهووس بالحروب واحتلال المدن والبلدان، وهو الذي لم يخسر معركة واحدة في حياته، ولم يثر انتباهي من ذلك الكم الكبير من الصفحات التي اطلعت عليها، سوى حادثة مثيرة وردت بصورة عابرة عن حياة الرجل الذي حاصر مدينة تبريز وضرب حولها طوقاً محكماً من جنده، تتلخص الحادثة في ان احد صعاليك تبريز ارسل رسالة الى تيمورلنك يدعوه فيها الى المبارزة والاكتفاء بنتائجها بدل محاصرته المدينة او دخولها واحتلالها بالقوة والعنف، هذا التحدي الصادر من احد صعاليك المدينة المحاصرة الى احد طغاة التاريخ دفعني الى بناء نص يستثمر هذه الحادثة اعتماداً على مقدرة الخيال في التأليف والوصول الى غايات ونتائج غير متوقعة او محسوبة، وقد خالف النص متن الحكاية، اي انه اخذ الجانب المغاير فقد جعلنا من الصعلوك منتصراً في نهاية الجولة، في الوقت الذي تحدثنا فيه كتب التاريخ ان الصعلوك حسين الصوفي حين شاهد (تيمور) ممتطياً حصانه ولى هارباً، وفي الوقت الذي وردت فيه الحادثة بعشرة اسطر في كتاب (عن حياة تيمورلنك) جاءت في النص الذي كتبناه روايةً قصيرة، وقد رويت على اساس مخطوطة عثر عليها في صرة قماش يحصل عليها الراوي من مدخرات والده الذي كان جندياً في الجيش العثماني حيث عثر على هذه المخطوطة في مدينة ماردين التركية، هناك خط سردي يتماشى مع نمو الحدث التاريخي وعرضه في الرواية، وهو خط الراوي المعاصر وصديقه الشاعر حيث يلتقيان في حانة (الغزال الشارد)، ويتحدثان ويقرآن في مخطوطة شبه تالفة تتبين فيها الخروم والفراغات والعبارات المتأكلة في حافات الاوراق كما توجد هوامش تساعد على تفكيك الحادثة التاريخية وتدفع بها نحو الحاضر كما لو ان كل شيء يجري الان وليس في الزمن الماضي، لذا، حين نبدأ الرواية بفعل مضارع فأننا نحدد الزمن، أي نغدو في مواجهة مع الرقيب الذي يقرأ من بعدنا كل ما نكتبه وربما مالانكتبه، لذا سنكون مضطرين الى استعمال فعل الماضي وعلى طريقة مفتتح الليالي: (كان ياما كان في سالف العصر والاوان) وبهذا اصبحنا في منأى عن سطو الرقيب، الذي بدأ يتلمس ميلنا نحو الترميز واستخدام القناع والحكاية او الاسطورة وتراتيل المعابد، لقد انتجت الخبرة التي عمرها اكثر من خمسة وثلاثين عاماً، اكثر من خمسة عشر كتاباً بين رواية ومجموعة قصص ومقالات عديدة، ولعل نص ( كيد النساء في دفع البلاء) اعتمد استفادة مباشرة من الليالي العربية، مع ان العنوان يوحي بالمزيد من التقارب في سياقات الحكاية ومناخها، فان النص اخذ العديد من سياقاته من خلال المغايرة في الاتجاه لتأكيد النتائج التي لم تعتمدها حكاية الملك والحكيم يونان، وقد جعلنا للحكيم جارية فاتنة هي نقطة الصراع بين المعرفة والسلطة، وقد ارتكز النص على الحيلة والمكر الذي قد يوحي به العنوان، لكن النص من اولى مهماته نفى هذا المكر وذلك الكيد عن المرأة بل جعل منها عنصر التضحية بحياتها من اجل الحكيم وقد وافقت الملك في الزواج منه او معاشرته بعد ان فرض عليها ذلك بالقوة والتخلي عن صلتها بالحكيم وهي الجارية المخلصة لمولاها الحكيم يونان، وتكشف النهاية عن موت الاثنين، الملك والجارية، التي ضحت بنفسها من اجل الحكيم ومن اجل نفسها وكرامتها ايضاً، انتقاماً من جور الملك وغدره بها وبالحكيم، لقد توافق الجمال متمثلاً بالجارية مع المعرفة متمثلة بالحكيم ضد السلطة التي مثلها –من دون شك- الملك بكل مايمتلكه من سطوة وعنت، وبالطبع، ليس هذا التمثل واضحاً بصورة مباشرة في نص: كيد النساء في دفع البلاء، انما يستشفه القارئ من خلال العلامات التي تركها وتطرق اليها السارد لكي يقود المتلقي الى المزيد منها بوصفها نوعاً من جمالية تخدم النص، ومثل هذا حصل مع روايتي المتأخرة، اعني ( موت الاب) الصادرة في بغداد عام 2002، اذ يستطيع القارئ المتابع تأشير استفادتنا من بنية الحكاية الشعبية وبعض الثيمات التاريخية والاسطورية البارزة، مستفيدين الى اقصى حدود الاستفادة من طريقة التوليد والتكوين الحكائي المستنبط من المرجع المعرفي ومن الخيال، وهي طريقة تأكد لنا صحة اعتمادها، ذلك لانها توفر عنصري الذات والموضوع بمجاورة اريحية رحبة، اي الانتقال الميسور من التجربة الشخصية الى تجارب اخرى تتسم بالموضوعية او الكلية تخص الناس الاخرين وكأن، موت الاب، تعلن عن موت كل الطغاة او الاعلان عن نهاية السلطة الشمولية والايديولوجيا الاصولية الثابتة على الرغم من تطور العصر، وعلى مستوى التوليد والتكوين فالامر يحدث في موت الاب كما هو الشأن في الليالي، حيث لا تنتهي الحكاية الواحدة حتى تنبثق حكاية جديدة من داخلها وربما حكايتان في آن معاً. انه نهج اتبعته شهرزاد من قبل، فهي حين تحدثنا عن غرق سفينة السندباد في عرض البحر، تذكرنا بظهور المارد بجانب الشجرة لتعود فتؤكد لنا كيفية تخلص السندباد من الغرق حيث قطع البحر معتمداً على لوح عثر عليه مصادفة. ان هذا النهج قد يكون شائعاً او معروفاً، الا انه ينطوي على صعوبة في عملية توليد الحكايات التي تضمنتها رواية موت الاب، والتي بدأت العمل فيها عام 1995 وانتهيت منها عام 2000 غير ان الاشارة الممكن توضيحها هنا، هي اشراك المتلقي في عملية كتابة النص، اي التداخل الشفاف بين سرد الراوي العليم وبين سرد المؤلف من دون اغفال وعي القارئ بما يجري في تركيبة موت الاب، وذلك من خلال التأويل الذي يقوم به المتلقي لاعطاء النص ابعاده الدلالية، وهنا ينبغي ان نذكر ان الرواية تتألف من ثلاثة كتب، تحتوي على ثلاث بؤر اساسية، أبرزها ثيمة البحث عن الغائب والثانية هي مسألة الكنز المفقود، اما الثالثة فهي الابوة المطلقة او سلطة الاب كلي الهيمنة على الموجودات من حوله، واذا كان لابد من وجود بؤرة مركزية يدور حولها عدد من البؤر التابعة لها فان الثيمة الثالثة هي الدافع لتفجير هذه البؤر وبروزها بصورة واضحة في بنية السرد الذي يعي السارد من خلاله اين ستمضي العملية الروائية او الحكائية في نهاية المطاف، ان هذه الاشارات المشار اليها سابقاً، هي محاولة جادة في استخدام التاريخ العربي والاسلامي واساطير بلاد الرافدين، لتأسيس صوت عربي في السرد الحديث بعيداً عن التأثيرات المباشرة لفوضى الاساليب ولتاكيد ماهية السرد الروائي المرتكز على دعامات تاريخية وانجازات المبدعين العرب الكبار من دون اهمالها او الاستعلاء عليها. وهي في جوهرها محاولة ضد تهميش المثقفين والمبدعين الذين يتعرضون لهذا التهميش في مجتمعهم مظهراً من مظاهر نفي الثقافة، التي هي تعويض عن حلم مفقود في ارض الواقع.




1-نص المحاضرة التي ألقيت في ملتقى القاهرة للابداع العربي الثالث، تحت شعار الرواية والتاريخ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى