محمد زكريّا حيدر - قراءة في قصيدة (وقالت خطاي) للشاعر السوري مصطفى الحاج حسين

في المسافة التي تفصل بين موت البلاد ، وحضور القصيدة .. يقف الشاعر
( مصطفى الحاج حسين ) ، ليرفع ماتبقّى
من صراخٍ ، في حنجرةٍ تعبت من اللهاثِ
خلفَ بلاد تنأى .
يطارد البلاد بالقصائد ، ولكنَّ الكلمات
التي صارت حطباًلم تعد توقد في القصيدة
مايغري البلاد بالتّوقف عن الانهيار مايغري
القلب بالنكوص عن التشظّي .
حتى الغربة صارت تُهمة وتحتاج أن
تختفي في نفقٍ يبحثُ عن الأسماءِ التي
أضحت سرّية .
وعلى حدودِ الخرائط التي شرذمت
الوطن ، فصار لعبة الأمم ، بتنا لا نحارب إلّا
بخيباتنا .. فهل تقودنا الخيانات إلى سياج
الندى ؟!.
ويبقى الشاعر يلهث بلهفتهِ العارمة ،
طالباً إلى المدى أن يُفسح طريقاً لغُصّتهِ
وقامة جرحه وهزائمه .. واحتضاره .
وحتى لا يبقى النداء فردياً تجد الشاعر
يربط جرحه بجرحٍ جماعي ، فهو سينادي
على( جثثٍ تشبهه ) ، ليواجه معها قهقهات
ذابحيه وقاتلي وطنه .
إنّه يقف بشموخِ ألمهِ يريد أن يحاصر
الكراهية ، التي تضغط على أنفاس البلاد ...
ويعجب للعالم ( المتحضّر ) الذي أصبح
يقتات على استغاثات الضّعفاء .
صرخة الشّاعر شديدة الإيحاء .. تمرّ على
الرّوح مرتدية أبهى الصّور وأكثرها عنفاً
وجموحاً في تراكم صوري يؤدي إلى تشكيل
لوحة ماتعة من الحضور التخييلي ، الذي
يتفاعل في وحدة القصيدة ، ووحدة الألم
ليعلن حضوره الأخّاذ .
محمد زكريا حيدر
سوري .. مقيم في الإمارات
* ( وقالت خطايَ ) ..*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
وقالت لي خطايَ توقّف
عنِ المجيءِ
فما عادَ للأرضِ دروبٍ
المسافاتُ تقوّضت في صدركَ
الكلامُ صارَ حطباً
تتدفأ عليه القصيدة
ويطلُّ من لهفتكَ
سحابٌ أسودٌ جائعٌ
يبتلعُ المدى ويطاردُ رؤاكَ
فيا أيّها المشظّى اتّئد
تجمّع في صحارى الدّمع
سنحفرُ لغربتنا نفقاً
يُودِي لاسمائنا
ونكتبُ على عثراتِ دمنا
أهازيجَ السّراب
ونرتّلُ على الجّماجمِ
خرائط البلاد المشرذمة
فيا أيّها الصّبح
تمسّك بأصابعِ خيبتي
لتقودكَ نحوَ سياج النّدى
قد تبصر حناياكَ
أخاديدَ لهفتنا النّادبة
وَسِّع أيّها المدى لغصّتي
ستعبر من هنا قامة جرحي
وتمرّ هزائمي كلّها
عبرَ هذا الرّكام
وينادي احتضاري في كلّ البلاد
على جثثٍ تشبهني
لنرسمَ على أبوابِ صرختنا
شكلَ الضّحكة التي ذبحتنا
وكانت تتقلّد سواد الضّغينة
بلدي تتقاذفها الكراهيّة
والعالم المتحضّر
يقتاتُ على استغاثاتنا
الطّازجة *.

مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى