إنّ الآداب الفارسية التقليدية والحداثوية تحتوي الكثير مما يجدر الإطلاع عليه بلا شك بالنسبة لقارئ العربية، وهي أهمية تتعدّى الجمالية والاستحقاق الأدبي، لتكون متقاطعة في مستويات عدّة مع ذائقة العربية، فيمكن الحديث عن مستوى المواضيع التي تتقاطع معها وعلى مستوى الكثير من الاستعارات والمجازات وكذلك اقتباس القصص القرآني كقصة يوسف النبي وغيرها.
ثمة الكثير من التقاطعات التي تقود إلى الاهتمام بهذه الآداب، لكن مع وجود الكثير من العوائق أيضا، يلخّصها الدكتور بسام ربابعة بقوله (إنّ حركة الترجمة بين العربية والفارسية التي بدأها عبد الله بن المقفّع بترجمته “كليلة ودمنة” أثمرت ترجمة كتب كثيرة منذ ذلك الزمن.. فالأدب الفارسي هو الأقرب إلينا تاريخيا وثقافيا وجغرافيا) وبينما يتحدّث عن هذه الأهمية، يعزي ضعف حركة النقل والترجمة في العصر الحديث إلى جملة أسباب أبرزها (القطيعة السياسيّة)، وجاء هذا الحديث في معرض مقدّمته للكتاب المهمّ للدكتور محمد رضا شفيعي كدكني (الأدب الفارسي منذ عصر الجامي وحتى يومنا هذا) والموجّه للقرّاء غير المطلعين على الآداب الفارسية.
ظلال السياسة
إنّ المتابع للغة الفارسية الحديثة سيجد الكثير من المؤثرات اللغوية العربية على هذه اللغة، ليس من حيث استخدام المفردات والمرادفات اللغوية فقط، بل على مستوى التراكيب، وحتى الأسلوبية وبخاصة في الآداب الفارسية الكلاسيكية، وبالمقابل قامت اللغة العربية في العصور الإسلامية المختلفة باقتباس الكثير من المفردات الفارسية. إلا أنّ ستارة سميكة تمنع التلاقح الثقافي المنشود، وهذه الستارة يمكن عزوها بأبرز سبب وهو الواقع السياسيّ، الذي يتمثّل برؤية إيران من زاوية المنافس السياسي لقيادة الشرق الأوسط، وتؤثر الملفات الإيرانية المتعلّقة كالملفّ النووي والترسانة العسكرية على التعامل الغربي وبخاصة الولايات المتحدة معها، وعبرها تؤثر على تعامل الدول العربية معها.
في المقابل، يوجد سبب أخر يكاد يكون جوهريا أكثر وهو ضعف حركة الترجمة والتوجّه للآداب المشرقية بنحو عام من قبل المؤسسات العربية سواء المؤسسات الحكومية أو المؤسسات الخاصة، فعدى عن كون حركة الترجمة والاهتمام هي ضعيفة في الأساس فإنّ الاهتمام بهذه الآداب المشرقية وأبرزها آداب الجوار الجغرافي والسياسي كإيران والثقافة الفارسية هو أقلّ بدرجات.
نوافذ مُشرعة
على الرغم من النظرة السوداوية التي أعاقت الاتصال المنشود بين الآداب الفارسية والعربية، فإنّ عديد مبادرات كانت تمشي في الاتجاه الآخر، ولعلّ أبرزها هو افتتاح أقسام اللغات الفارسية وآدابها في عواصم عربية عدة يتخرّج منها العشرات سنويّا، وهم مخوّلون لرفد حركة الترجمة بالآداب الفارسية.
كما أنّ المراكز الثقافية الفارسية تقوم بدور كبير في التعريف باللغة والآداب الفارسية، وتبرز كذلك مبادرات المترجمين الخاصة بترجمة نتاجات أدبية مهمة من الفارسية، وكذلك بعض المشاريع الحكومية كالمشاريع القومية للترجمة وصار قرّاء العربية يعرفون أسماء لامعة في هذه الآداب، كشاهنامه الفردوسي وديوان حافظ وسعدي والخيّام في الآداب الكلاسيكية، ونتاجات صادق هدايت وصمد بهرنجي وجلال آل أحمد في السرد، ونيما يوشيج وشاملو وسبهري وفروخزاد وأخوان ثالث في الشعر، وروائيين وروائيات كمحمود دولت آبادي وإسماعيل فصيح وبزرك علوي وزويا بيرزاد.
تجربة “شيراز”
يمكن الحديث هنا عن أحد التجارب الإيرانية اللافتة للنظر، وهي مجلة “شيراز” والتي تحمل شعارا هو “نافذة على الأدب الإيراني”، حيث تحمل على عاتقها التعريف بالأدب الفارسي سواء الكلاسيكي أو الحديث.
في أعوام 2008 وحين كنتُ أدرس اللغة الفارسية وأهتم بالآداب الفارسية بشكل خاص ما تم ترجمته، حصلت على مجموعة أعداد من مجلة شيراز، كانت بالفعل نافذة ملهمة للإطلاع على أشياء خافية في الثقافة الفارسية، وتصدر المجلة عن مركز الفكر والفن الإسلامي، وقد صدر عنها إلى الآن واحد وعشرون عددا، برئاسة تحرير المترجم والشاعر موسى بيدج الذي لعب دورا مهما كفاعل ثقافي أيضا بعيدا عن شيراز أيضا في الترجمة والنقل بين الفارسية والعربية.
وتضمّ المجلة التي تصدر بشكل فصلي مجموعة أبواب مهمّة فهي تضم دراسات معرّبة عن الآداب الفارسية تتيح بها للقارئ الإطلاع على زوايا نقدية مهمّة، كما تضمّ في كلّ عدد مجموعة قصص قصيرة مترجمة وكذلك مجموعة قصائد مترجمة، ويتم فيها تعريف قارئ العربية على أسماء لامعة ومن أجيال مختلفة وتُساهم في إبراز أسماء لا يعرفها هذا القارئ، كما تضمّ الأعداد التي تكون على نحو عام حوالي مائة وعشرين صفحة بابا للإصدارات الحديثة العربية المعنية بالآداب الفارسية.
ثمة الكثير من التقاطعات التي تقود إلى الاهتمام بهذه الآداب، لكن مع وجود الكثير من العوائق أيضا، يلخّصها الدكتور بسام ربابعة بقوله (إنّ حركة الترجمة بين العربية والفارسية التي بدأها عبد الله بن المقفّع بترجمته “كليلة ودمنة” أثمرت ترجمة كتب كثيرة منذ ذلك الزمن.. فالأدب الفارسي هو الأقرب إلينا تاريخيا وثقافيا وجغرافيا) وبينما يتحدّث عن هذه الأهمية، يعزي ضعف حركة النقل والترجمة في العصر الحديث إلى جملة أسباب أبرزها (القطيعة السياسيّة)، وجاء هذا الحديث في معرض مقدّمته للكتاب المهمّ للدكتور محمد رضا شفيعي كدكني (الأدب الفارسي منذ عصر الجامي وحتى يومنا هذا) والموجّه للقرّاء غير المطلعين على الآداب الفارسية.
ظلال السياسة
إنّ المتابع للغة الفارسية الحديثة سيجد الكثير من المؤثرات اللغوية العربية على هذه اللغة، ليس من حيث استخدام المفردات والمرادفات اللغوية فقط، بل على مستوى التراكيب، وحتى الأسلوبية وبخاصة في الآداب الفارسية الكلاسيكية، وبالمقابل قامت اللغة العربية في العصور الإسلامية المختلفة باقتباس الكثير من المفردات الفارسية. إلا أنّ ستارة سميكة تمنع التلاقح الثقافي المنشود، وهذه الستارة يمكن عزوها بأبرز سبب وهو الواقع السياسيّ، الذي يتمثّل برؤية إيران من زاوية المنافس السياسي لقيادة الشرق الأوسط، وتؤثر الملفات الإيرانية المتعلّقة كالملفّ النووي والترسانة العسكرية على التعامل الغربي وبخاصة الولايات المتحدة معها، وعبرها تؤثر على تعامل الدول العربية معها.
في المقابل، يوجد سبب أخر يكاد يكون جوهريا أكثر وهو ضعف حركة الترجمة والتوجّه للآداب المشرقية بنحو عام من قبل المؤسسات العربية سواء المؤسسات الحكومية أو المؤسسات الخاصة، فعدى عن كون حركة الترجمة والاهتمام هي ضعيفة في الأساس فإنّ الاهتمام بهذه الآداب المشرقية وأبرزها آداب الجوار الجغرافي والسياسي كإيران والثقافة الفارسية هو أقلّ بدرجات.
نوافذ مُشرعة
على الرغم من النظرة السوداوية التي أعاقت الاتصال المنشود بين الآداب الفارسية والعربية، فإنّ عديد مبادرات كانت تمشي في الاتجاه الآخر، ولعلّ أبرزها هو افتتاح أقسام اللغات الفارسية وآدابها في عواصم عربية عدة يتخرّج منها العشرات سنويّا، وهم مخوّلون لرفد حركة الترجمة بالآداب الفارسية.
كما أنّ المراكز الثقافية الفارسية تقوم بدور كبير في التعريف باللغة والآداب الفارسية، وتبرز كذلك مبادرات المترجمين الخاصة بترجمة نتاجات أدبية مهمة من الفارسية، وكذلك بعض المشاريع الحكومية كالمشاريع القومية للترجمة وصار قرّاء العربية يعرفون أسماء لامعة في هذه الآداب، كشاهنامه الفردوسي وديوان حافظ وسعدي والخيّام في الآداب الكلاسيكية، ونتاجات صادق هدايت وصمد بهرنجي وجلال آل أحمد في السرد، ونيما يوشيج وشاملو وسبهري وفروخزاد وأخوان ثالث في الشعر، وروائيين وروائيات كمحمود دولت آبادي وإسماعيل فصيح وبزرك علوي وزويا بيرزاد.
تجربة “شيراز”
يمكن الحديث هنا عن أحد التجارب الإيرانية اللافتة للنظر، وهي مجلة “شيراز” والتي تحمل شعارا هو “نافذة على الأدب الإيراني”، حيث تحمل على عاتقها التعريف بالأدب الفارسي سواء الكلاسيكي أو الحديث.
في أعوام 2008 وحين كنتُ أدرس اللغة الفارسية وأهتم بالآداب الفارسية بشكل خاص ما تم ترجمته، حصلت على مجموعة أعداد من مجلة شيراز، كانت بالفعل نافذة ملهمة للإطلاع على أشياء خافية في الثقافة الفارسية، وتصدر المجلة عن مركز الفكر والفن الإسلامي، وقد صدر عنها إلى الآن واحد وعشرون عددا، برئاسة تحرير المترجم والشاعر موسى بيدج الذي لعب دورا مهما كفاعل ثقافي أيضا بعيدا عن شيراز أيضا في الترجمة والنقل بين الفارسية والعربية.
وتضمّ المجلة التي تصدر بشكل فصلي مجموعة أبواب مهمّة فهي تضم دراسات معرّبة عن الآداب الفارسية تتيح بها للقارئ الإطلاع على زوايا نقدية مهمّة، كما تضمّ في كلّ عدد مجموعة قصص قصيرة مترجمة وكذلك مجموعة قصائد مترجمة، ويتم فيها تعريف قارئ العربية على أسماء لامعة ومن أجيال مختلفة وتُساهم في إبراز أسماء لا يعرفها هذا القارئ، كما تضمّ الأعداد التي تكون على نحو عام حوالي مائة وعشرين صفحة بابا للإصدارات الحديثة العربية المعنية بالآداب الفارسية.
من يُشرع النوافذ على الأدب الفارسي | جاده ايران
إنّ الآداب الفارسية التقليدية والحداثوية تحتوي الكثير مما يجدر الإطلاع عليه بلا شك بالنسبة لقارئ العربية، وهي أهمية تتعدّى الجمالية والاستحقاق الأدبي، لتكون متقاطعة في مستويات عدّة مع ذائقة العربية، فيمكن الحديث عن مستوى المواضيع التي تتقاطع معها وعلى مستوى الكثير من الاستعارات والمجازات وكذلك...
jadehiran.com