أحمد دحبور - قراءة جديدة لنص قديم النص: (ليل الضفة الطويل) المؤلف: عادل الأسطة

ﺩ. ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻻﺳﻄﺔ ﻭﻧﺼﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ "ﻟﻴﻞ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳل"
ﺣﺴﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﺩ. ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻻﺳﻄﺔ ﺣﻴﻦ ﺍﺧﺮﺝ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ "ﻟﻴﻞ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ" ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ، ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﺍﻻﻛﺎﺩﻳﻤﻲ ﻟﻠﺠﻨﺲ ﺍﻻﺩﺑﻲ، ﻭﻛﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻗﺪ ﺍﺧﺮﺟﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﻧﺔ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ، ﻭﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺪﺩ ﺟﻨﺴــﻴﺘﻪ ﺍﻻﺩﺑﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻧﺺ ﻗﺼﺼﻲ. ﻭﻻ ﻳﺤﺴــﺒﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻣﻦ ﺍﺷــﺎﺭﺗﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻧﻨﻲ ﺍﺿﻦ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﻭﺍﻳﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﻣﺎ ﺍﺫﻫﺐ ﺍﻟﻴﻪ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻨﺺ، ﺍﺫ ﺍﻥ ﺍﻻﻣﺮ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺘﻮﺻﻴﻒ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻳﺪ، ﺍﻣﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻱ ﺣﺪ ﺣﻘﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻨﺎﻗﺪ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﻮﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺑﻨﺎﺀ ﻭﻣﺤﺘﻮﻯ. ﻭﻟﺪ ﺍﻻﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﺩ. ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻻﺳﻄﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﻴﻢ ﻋﺴﻜﺮ - ﻧﺎﺑﻠﺲ، ﻋﺎﻡ 4591، ﺗﻠﻘﻰ ﻋﻠﻮﻣﻪ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺭﺩﻥ ﻭﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﻧﺎﻝ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻻﺩﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻻﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﻣﺒﺮﻍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻧﻴﺎ، ﻭﻳﺰﺍﻭﻝ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺲ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺑﻨﺎﺑﻠﺲ.
ﻭﺩ. ﺍﻻﺳﻄﺔ ﻛﺎﺗﺐ ﻧﺸﻴﻂ ﻏﺰﻳﺮ ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ، ﺣﻴﺚ ﺍﺻﺪﺭ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺎﻡ 9791 ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ. ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻧﺬﻛﺮ ﻟﻪ "ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﻮﻥ" ﻭﻗﺒﻠﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻳﺪﻳﻨﺎ "ﻟﻴﻞ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ" ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﻧﻘﺮﺃ ﻟﻪ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ "ﺍﻟﻔﺎﺭﻋﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ" ﺑﺎﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻣﻊ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﺠﻤﻮﻋﺔ "ﻭﺭﺩﺓ ﻟﺮﻭﺯ، ﻭﺭﺩﺓ ﻟﻔﺎﺋﺰﺓ" ﻭﻗﺒﻠﻬﺎ "ﻓﺼﻮﻝ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ" ﺍﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻌﻤﻮﺩ ﺍﻟﻔﻘﺮﻱ ﻟﻌﻄﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻡ ﻓﺘﻘﺮﺃ ﻟﻪ "ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ" ﻭ"ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﻉ" ﻭ"ﻗﺮﺍﺀﺓ ﻧﻘﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺷﺮﻕ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ" ﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﺑﺤﺎﺙ "ﺗﺄﻣﻼﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ" ﻭ"ﻇﻮﺍﻫﺮ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺩﺭﻭﻳﺶ" ﻭ"ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﻠﺚ ﻭﺍﻟﺠﻠﻴﻞ" ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺎﺕ ﺍﻻﺩﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺄﺻﻴﻞ ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ "ﺍﺩﺏ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﻦ ﺗﻔﺎﺅﻝ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻰ ﺧﻴﺒﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺎﺕ". ﻭﺍﻭﺿﺢ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﻭﻳﻨﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ، ﺍﻧﻪ ﻧﺎﻗﺪ ﺫﻭ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺛﻘﺎﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻃﻤﻮﺡ، ﻳﺴﻌﻔﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺣﺲ ﻧﻘﺪﻱ ﻳﻘﻆ ﻭﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻣﺜﺎﺑﺮﺓ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻜﻠﻞ. ﺍﻣﺎ ﺍﻵﻥ، ﻓﻨﺤﻦ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﺩ. ﻋﺎﻝ ﺍﻻﺳﻄﺔ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ، ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻟﻴﻞ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ؟
ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ
ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻫﺎﺩﺋﺔ، ﺗﺴــﺘﺨﺪﻡ ﺿﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﻨﺺ ﻭﺷﺠﻮﻧﻪ، ﻳﺮﺍﻓﻘﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﻣﻦ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﺳﺘﻴﻘﺎﻅ ﺑﻄﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ، ﺣﺘﻰ ﺍﺧﺘﺘﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺰﻓﺮﺓ ﺍﺣﺘﺠﺎﺝ ﺗﻘﻮﻝ: ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻬﺰﻟﺔ، ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻈﻞ ﺟﺪﻳﺮﺍ ﺑﺎﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ، ﺣﻴﺚ ﻧﻨﺘﺒﻪ ﻣﻨــﺬ ﺍﻟﺴــﻄﺮ ﺍﻻﻭﻝ، ﺍﻟﻰ ﺍﺳــﺘﻐﺮﺍﻕ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ﻭﺭﺻﺪ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﻭﻛﺒﻴﺮﻫﺎ. ﻭﺑﺎﺧﺘﺼــﺎﺭ: ﻫﺬﺍ ﻧﺺ ﻋﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﺨﻴﺺ ﺍﻭ ﺍﻻﺧﺘﺰﺍﻝ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻭﺍﺿﺢ، ﻓﺎﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﻢ ﻳﺘﺒﻊ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺴــﺮﺩﻱ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻱ، ﻭﺍﺫﺍ ﻛﻨﺎ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻥ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺗﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻌﺮﺽ ﻓﺎﻟﻌﻘﺪﺓ ﻭﺻــﻮﻻ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻭ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، ﻓﺈﻥ ﻣﺴــﺮﺩ ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻻﺳــﻄﺔ ﻫﺬﺍ ﻳﻨــﺄﻯ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺭﺳــﻄﻲ، ﻭﻳﺘﺮﻙ ﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺍﺗﻪ ﻭﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﺷﺘﺒﺎﻛﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ، ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺍﻟﺴﺮﺩ ﺍﻭ ﺍﻻﻧﺨﺮﺍﻁ ﻓﻴﻪ، ﺍﻣﺎ ﺍﺫﺍ ﺧﻄﻂ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﺑﺎﻋﺘﻤﺎﺩ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﺳﻠﻮﺏ، ﻭﺍﻻﺳــﻠﻮﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴــﻴﻮﻥ، ﺍﺫ ﺍﻥ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻳﻤﺎﺷــﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﻴــﻂ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻤــﻊ ﺍﻭﺻﺎﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ ﻗﺼﺼﻴﺔ - ﺍﻭ ﺭﻭﺍﺋﻴﺔ - ﺳﻤﻬﺎ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ، ﻭﺳــﺘﻈﻔﺮ، ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺘﻬــﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻲ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻞ.. ﻭﻳﻠﻔــﺖ ﺍﻟﻨﻈــﺮ ﺍﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗــﺐ ﻳﺘﺒــﺮﻉ ﺑﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﺣﺪ ﺳــﻮﺍﻩ، ﻛﺄﻥ ﻳﺰﻋــﻢ ﺍﻥ ﺃﺑﺎ ﻋﻤﺎﺭ ﻗﺎﻝ ﺫﺍﺕ ﻳــﻮﻡ: ﺍﻥ ﺍﻣﺮﻳــﻜﺎ ﺑﻠﺪ ﻣﺤﺎﻳﺪ!! ﻭﻛﺄﻥ ﻳﺴــﺨﺮ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺍﻧﻬﺎ ﺗﺒﻴﻊ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﻔﺎﻭﺽ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﻊ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ.. ﺍﻥ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻱ ﺍﺣﺪ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺭﺃﻱ ﻓﻲ ﺍﻱ ﺷــﻲﺀ، ﺍﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻘﺎﻃــﻊ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻲ ﻓﻼ ﺍﺣﺴــﺒﻪ ﻳﺨﺪﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻭ ﻳﻨﻬﺾ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳــﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻴﻠﻬﺎ ﻟﻠﻘــﺮﺍﺀ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ. ﻭﻳﺒﺪﻭ ﺍﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ - ﻭﻫﺬﺍ ﺣﻘﻪ- ﻳﺄﺧﺬ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﺍﻟﺤﺎﻧﻖ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷــﻲﺀ، ﻓﺒﻌﺪ »ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻪ« ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺷــﺮﻧﺎ ﺍﻟﻴﻬﺎ، ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﻰ ﻧﻘﺪ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻴﻐﻴﻈﻪ ﺍﻥ ﺍﻟﻨﺴــﺎﺀ ﻳﻔﻀﻠــﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻣﺘﺮﻧﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻓﻼﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻠﻮﺱ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ، ﻭﺗﺒﻠﻎ ﺑــﻪ ﺍﻟﺴــﺨﺮﻳﺔ ﺩﺭﺟــﺔ ﺍﻟﻘــﺪﺡ ﻭﺍﻻﺳــﺘﻬﺰﺍﺀ ﻛﺄﻥ ﻳﻄﻠــﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺍﺳــﻢ ﺍﻟﺠﺒﻨﺔ ﺍﻟﺪﻧﻤﺎﺭﻛﻴﺔ ﻻ ﻟﺸﻲﺀ ﺍﻻ ﻟﺪﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﺴﺠﻊ ﻭﺍﻗﺘﺮﺍﻥ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺑﺎﻟﺠﺒﻨﺔ؟؟! ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻔﻈﻲ ﻃﺒﻌﺎ.. ﻭﺍﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻳﺤﺘﻔﻆ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﻳﻘﺮﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻱ ﺷــﺎﻫﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﻛﺎﻻﻋﺘــﺮﺍﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻃﻼﻕ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﺍﻟﻌﺸــﻮﺍﺋﻲ، ﺍﻭ - ﻋﻠﻰ ﻣﺴــﺘﻮﻯ ﺁﺧﺮ - ﺑﺮﻭﺯ ﺍﺣﺪ ﺍﻻﺩﻋﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﺤﺎﻝ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺸــﺎﻋﺮ، ﺍﻭ ﻛﺄﻥ ﻳﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﺩﺧﻴﻠﺔ ﻧﻔﺴــﻪ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﻴﻦ ﺭﺟﺎﻝ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﻭﺟﻨــﻮﺩ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ.. ﻭﻻ ﺧﻼﻑ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻳﺴــﺘﻬﺠﻦ ﺍﺳــﺘﺨﻔﺎﻑ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺑﻤﺎ ﻛﺘﺒﻪ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺩﺭﻭﻳﺶ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ، ﻓﺎﻋﺘﺒﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨــﺺ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣﺠﺮﺩ ﻭﺳــﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻤﻴﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺨﻼﺀ ﻭﺍﻟﻜﺮﻣﺎﺀ؟
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻨﺺ؟
ﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻔﻴﺪﺍ ﺍﻥ ﻧﺘﺬﻛﺮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻧﺺ ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻻﺳﻄﺔ، ﻓﻘﺪ ﺍﻧﺠﺰﻩ ﻋﺎﻡ 3991، ﺍﻱ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺍﺣﺪﺍﺙ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻟﻢ ﺗﺆﺭﺥ ﻓﻲ ﺣﻴﻨﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﺍﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﺬﺍﻛﺮﺗــﻪ ﺍﻥ ﺗﺠﻮﻝ ﻭﺗﺼــﻮﻝ، ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻥ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﺼﻴــﻞ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻨﻲ ﻗــﺪ ﺫﻫﺒﺖ ﺍﻟــﻰ ﺍﻟﻘﻨﺼﻠﻴﺔ ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﻗﺎﻣﺖ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺸﺘﻢ ﺍﺑﻲ ﻋﻤﺎﺭ ﻭﻧﺎﻳﻒ ﺣﻮﺍﺗﻤــﺔ ﻭﺟﻮﺭﺝ ﺣﺒﺶ؟؟ ﻭﻟــﻮ ﺍﻓﺘﺮﺿﻨﺎ ﺍﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ، ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺟﺪﻭﻯ ﺍﻳﺮﺍﺩﻫﺎ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻨﺘﻤــﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻐﻮ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻲ؟ ﻣﻊ ﺍﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﻭﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻓﺘﺮﺽ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ. ﻭﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻻﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﺋﻲ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻭﺍﻗﺘﻴﺎﺩﻩ ﻛﺸﺎﻫﺪ ﺍﺛﺒﺎﺕ، ﻳﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻓــﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﺣﺘﻰ ﻳــﻜﺎﺩ ﻻ ﻳﻤﻴﺰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ﻭﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻞ. ﺧﺬ ﻣﺜﻼ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺍﻭ ﺑﻄﻞ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ، ﺍﻟﻰ ﻛﺎﺩﺭ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻌــﺮﻭﻑ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، ﻭﺗﺄﻣــﻞ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﺪﻭﻧﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ: »ﺗﺘﺬﻛﺮ ﺻﻮﺭﺓ ﺳــﺎﻣﻲ ﺍﻟﻜﻴﻼﻧﻲ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﻓــﻲ ﻣﺪﺭﻳﺪ، ﻟﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﻟﻴﺘﺤــﺪﺙ ﻣﻊ ﻋﻀﻮ ﺍﻟﻮﻓﺪ ﺍﻻﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ﻓﺘﺠﺎﻫﻠﻪ.. ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻳﺤﺎﻭﺭ، ﻏﺮﻳﺐ ﺍﻣﺮﻩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ«.. ﻭﺍﻻﻛﻴﺪ ﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻟﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺪﻭﺭ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻭ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺒﻮﻟﻴﺴﻲ، ﻟﻠﺘﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺻﺤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ، ﻭﻟﻮ ﺍﻓﺘﺮﺿﻨﺎ ﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻐــﺰﻯ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﻧﺺ ﻗﺼﺼﻲ ﺍﻭ ﺭﻭﺍﺋﻲ ﺍﻭ ﺳــﻤﻪ ﻣﺎ ﺷــﺌﺖ؟ ﻭﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻣﻌﺪﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴﻠﻲ ﺍﻭ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ؟ ﻭﺍﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻧﺺ ﻭﺍﻗﻌﻲ ﺍﻻﺳﻠﻮﺏ ﻳﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺘﻮﺛﻴﻘﻲ، ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻳﺮﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ؟ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﺳﻴﺎﺳــﻴﺔ؟ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺟﺘﻤﺎﻉ ﻛﻮﺍﺩﺭ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎﺕ ﺻﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻛﻒ ﻋﻦ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺮﺍ ﻓﻲ ﺩﻫﺎﻟﻴــﺰ ﺍﻻﺳــﺮﺍﺭ، ﻭﻗﺪ ﻣﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺭﺋﻴﺴــﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ، ﻗﺎﺑــﻼ ﺭﻣﻮﺯﺍ ﺻﻬﻴﻮﻧﻴــﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻥ ﺍﻳﺮﺍﺩ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻻ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﻰ ﺧﺎﻧﺔ ﻓﻀﺢ ﺍﺳﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﺳﺮﺍﺭﺍ. ﻭﺑﻌﺪ ﺑﻀﻊ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ »ﻓﻀﺤﻬﺎ« ﺍﻟﻜﺎﺗــﺐ، ﻳﺠــﺮﻱ ﺣﻮﺍﺭﺍ ﻣﻊ ﻓﺘﺎﺓ ﺗﺨــﺎﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻧﺸــﺮ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﺢ ﻓﻴﺠﻴــﺐ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒــﺬﺥ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﻲ: »ﻟﻨﺤــﻚ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺘﻨــﺎ ﻭﻷﻛــﻦ ﺿﺤﻴــﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻻﻛﺸــﻒ ﺍﻥ ﻛﻨﺎ ﺣﻘﺎ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﻴﻦ ﺍﻡ ﻻ«، ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺧﻄﺎﺏ ﻣﺆﺳــﻒ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﻜﺴــﺎﺭ ﺧﻄﻪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﻲ، ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻠﻬﺠــﺔ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻤﺘﻐﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﺍﻟﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﻴﺐ ﺧﺎﻃــﺮ ﻛﺮﻣﻰ ﻟﻌﻴــﻮﻥ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ، ﺍﻟﻰ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﺸــﻒ ﻋﻤﺎ ﺍﺫﺍ ﻛﻨــﺎ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﻴﻦ ﺣﻘــﺎ.. ﻭﺑﻐــﺾ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻋــﻦ ﺍﻱ ﺟــﻮﺍﺏ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳــﺌﻠﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﻣﺮ ﻳﺒﺪﻭ ﻧﻘﺎﺷﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﻬﻰ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺣﺮﻛــﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺪﺭﺍﻣــﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠﺐ، ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﻞ، ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻭﻳﺨﺪﻡ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ، ﻭﻳﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺴــﺆﺍﻝ ﻻ ﺣﻮﻝ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻬﺎ، ﺑﻞ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨــﺺ ﺍﻟﻘﺼﺼﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳــﻲ، ﻭﻏﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺍﻥ ﺿﺤﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺱ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴــﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻟﻠﻨﺺ..
ﻗﻴﻢ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﺗﺘﺴﻊ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﻻ ﻳﺮﺿﻴﻚ ﺷــﻲﺀ ﻓﺈﻥ ﺍﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺼﻠﺢ ﻻﻥ ﻳﻜــﻮﻥ ﻣﻮﺿــﻮﻉ ﺍﺣﺘﺠﺎﺝ، ﻭﻻ ﻳﺸــﺬ ﻧﺺ ﺩ. ﻋﺎﺩﻝ ﺍﻻﺳﻄﺔ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻻﻟﺘﻘﻂ ﺍﻣﺜﻠﺔ ﻋﺸــﻮﺍﺋﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ، ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﻛﻴﻔﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﺜﻼ ﺗﻘﺮﺃ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ: »ﺍﻣﺲ ﻭﺯﻋﻮﺍ ﻣﻨﺸــﻮﺭﺍ ﻳﺤﺬﺭ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﻣﻦ ﻟﺒﺲ ﺑﻨﻄــﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﻳﺖ« ﻳﺎ ﺍﺧــﻲ ﻣﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻥ ﺗﺨﺮﺝ ﺍﻟﻔﺘﺎﺓ ﻋﺎﺭﻳﺔ ﺍﻭ ﺗﺨﺮﺝ ﻭﻫﻲ ﻻﺑﺴﺔ ﺑﻨﻄﺎﻝ ﺗﺎﻳﺖ؟ ﻭﺍﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺍﻋﺮﻑ ﺷﻜﻞ ﺍﻟﺒﻨﻄﺎﻝ ﺍﻟﺘﺎﻳﺖ ﻭﺍﻥ ﻛﻨﺖ ﺍﺗﺨﻴﻞ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ، ﺍﺗﺎﺑﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ »ﺍﻟﺘﺎﻳﺘﻲ« ﻓﺄﺟﺪ ﺍﺣﺪﺍ ﻳﻌﻠﻖ ﻣﻌﺘﺮﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ: ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻌﺪ ﻧﺠﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﻧﺤﻠﻠﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻥ ﻧﺤﺮﻡ ﻭﻧﺤﻠﻞ.. ﻭﻳﺴﺘﻄﺮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﺗﺠﺎﻩ، ﻭﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗــﺐ ﺍﻟﻤﺎﻛﺮ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻰ ﺍﻳﻦ ﻳﻘﻮﺩ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻓﻠﻴــﺲ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟــﻪ ﺭﺃﻱ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻨﻘــﺎﺵ ﺑﻘــﺪﺭ ﻣــﺎ ﻫﻮ ﺗﺼﻮﻳــﺮ ﻟﺮﺗﺎﺑــﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴــﺔ ﻓــﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ، ﺑﺤﻴــﺚ ﻳﺨﺘﻠﻖ ﺃﻱ ﺃﺣــﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﻟﻘﺘﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ. ﺩﻟﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﻄﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ، ﻫﻮ ﻣﺸــﻬﺪ ﻳﺼﻮﺭ ﺟﻮﺭ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺒﺐ ﺍﻻﺫﻯ ﺣﺘﻰ ﻟﻼﻃﻔﺎﻝ، ﻭﻻﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻳﺠﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ ﻓﺈﻥ ﻧﺸــﺮﺓ ﺍﻻﺧﺒــﺎﺭ ﺗﻨﻘﻞ ﺻــﻮﺭ ﺍﻟﺠﺮﺣــﻰ ﻭﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻣﺮﻓﻘﺔ ﺑﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺮﻛﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺸــﻬﺪ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺗﻜﺒﻪ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ. ﺍﻥ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﺗﺘﻘﺎﻓﺰ ﻭﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻭﺗﺘﺪﺍﻋﻰ، ﻭﻫﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻠﻤﻮﺳــﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺥ ﺧﺎﻧﻖ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺘﻨﻔﺴﺎ ﺍﻻ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺑﺤﺪ ﺫﺍﺗﻪ ﻳﺸﻴﺮ ﺍﻟﻰ ﻣﺮﺍﺟﻊ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻭﺳــﺎﻁ ﻣﺨﺘﻠﻔــﺔ ﺗﺼﺪﺭ ﻋﻤﺎ ﻳﺨﺘﻠــﺞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺸــﺎﻋﺮ ﻭﺗﺼﻮﺭﺍﺕ ﻭﻫﻤﻮﻡ: »ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻨﺎ ﻋﻠــﻰ ﻋﻬﺪﻫــﻢ ﻻ ﻳﺼﺪﻗــﻮﻥ ﺍﻥ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﺗﻤﺖ، ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻥ ﻳﻘﻨﻌﻮﺍ ﺍﻧﻔﺴــﻬﻢ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﺛﻤﺔ ﺍﻣﻼ ﺑﻨﺼﺮ ﻗﺎﺩﻡ« ﻭﻫــﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﻤﺜﺒﺖ ﺍﻋﻼﻩ، ﻻ ﻳﺤﺘــﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﻣﻌﻴــﻦ ﺍﺫ ﻫﻮ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ.. ﻭﺣﺴﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺣﻴﻦ ﺍﺻﻄﺎﺩ ﻟﺤﻈــﺔ ﺍﻟﻠﻐﻮ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮ ﺑﻴــﻦ ﺭﻛﺎﺏ ﺍﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﻟﻴﻘﺪﻣﻪ ﻛﺼﻮﺭﺓ ﻣﺠﺎﻧﻴــﺔ ﻋﻦ ﻫﻤﻮﻡ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﺍﺕ ﺗﺼــﺪﺭ ﻋﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﻫﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ. ﺍﻥ ﺍﻟﻘﻴــﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻛﺜﻴــﺮﺓ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺻﺪﺩ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﺍﻭ ﺗﻘﻮﻳﻤﻬﺎ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺑﺤﻴــﺎﺩ ﻣﺎﻛﺮ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺒﺎﺷــﺮﺓ. ﻭﻟﻌــﻞ ﻋﻨــﻮﺍﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ »ﻟﻴــﻞ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳــﻞ« ﻳﻨﺒــﺊ ﺑﺎﻻﺣﺘﺠــﺎﺝ ﺍﻟﺪﻓﻴــﻦ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻤﻮﺩ ﻭﺍﻟﺮﻗﺎﺑﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﺍﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﻤﺸﻲ ﻭﻧﺤﻦ ﻏﺎﻓﻠﻮﻥ، ﺍﺫ ﺍﻥ ﺛﻤﺔ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﺎ ﻣﺴــﻜﻮﺗﺎ ﻋﻨﻪ ﻟﻔﺪﺍﺣﺔ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ. ﻭﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ - ﺧﻼﻝ ﻓﺘﺮﺓ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﻨﺺ - ﻫﻮ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺠﺎﺛﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻭﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺍﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ ﻭﺗﻌﻄﻲ ﺍﺷــﺎﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﺍﻟﺠﺪﻝ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺯﺣﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﻐﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺮﻛﺎﺏ ﺍﻟﻤﺮﻫﻘﻴﻦ.
ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ
ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﺆﺍﻻ ﻭﺟﻮﺩﻳﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﻗﻄــﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺛﻠﺜﻴــﻪ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺗﻜﺘﺐ ﺍﻻ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﺳــﻮﺩ؟ ﻭﻻ ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻻ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﺳــﻮﺩ؟ ﻳﺴﺄﻟﻚ ﻇﻠﻚ ﻭﻳﻀﻴــﻒ: ﻟﻘــﺪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟــﻢ ﻧﻈﺮﺗــﻪ ﺍﻟﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ، ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﺪﺃﻭﺍ ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻴﻴﻦ«. ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻋﻤﻖ ﻣﻦ ﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺳﺆﺍﻝ، ﺍﺫ ﻫﻮ ﻣﺮﺍﺟﻌﺔ ﻟﻠﺬﺍﺕ ﻭﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻥ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﻔﺎﺋﺘــﺔ ﻟﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﻋﺒﺜﺎ، ﻭﻟﻜــﻦ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻥ ﻣﻴﺎﻫﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺮﺕ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺠﺴــﻮﺭ، ﻳﻈــﻞ ﺍﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻳﺎﻣﺎ ﻣﺮﺓ ﻣﻀﺮﺟﺔ ﺑﺎﻟﺸــﻬﺪﺍﺀ، ﻓﺤــﻖ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑــﺔ ﺍﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺳــﻮﺩﺍﺀ ﻋﺴــﻰ ﻳﻨﺒﺜﻖ ﺑﻘﺼﻴﺺ ﺍﻣﻞ ﻣﻦ ﺛﻨﺎﻳﺎﻫﺎ. ﻭﻟﻠﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸــﻴﺮ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﻭﻳﻮﺭﺩ ﺍﺳــﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺪﻫﺸﻨﻲ ﺑﺎﺭﺗﻜﺎﺏ ﺧﻄــﺄ ﻓﻲ ﺍﺳــﻢ ﺷــﻬﻴﺪ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻟﺸــﻬﺮﺓ، ﻫﻮ ﻛﻤﺎﻝ ﻋﺪﻭﺍﻥ، ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﺳﻤﻪ ﻳﻮﺳﻒ؟! ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺘﻬﻤﺔ ﺑﻬﺎ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻻ ﺗﺤﺠﺐ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﺮﺣﻪ ﺍﻟﺴﺎﺭﺩ ﻋﻠﻴﻨﺎ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﺨﺴﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎ؟ ﺭﺑﻤــﺎ ﻟﻮ ﻭﻗﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴــﺆﺍﻝ ﺍﻟﻤﺸــﺮﻭﻉ ﺍﻣﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻣــﻦ ﻣﺤﺘﺮﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺅﻝ ﺍﻟﺴــﺎﺫﺝ، ﻟــﺮﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻑ ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺨﺴﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎ، ﻭﻻﺧﺬ ﻳﺴﻮﻕ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺍﻧﺘﺼــﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻧﺠــﺎﺯﺍﺕ ﻣﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻭﻣــﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ، ﻭﻟﻜﻨــﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻈﻞ ﺳــﺆﺍﻻ ﻭﻃﻨﻴﺎ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻨﻴﺎ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺄﻝ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ، ﺑــﻞ ﻫﻮ ﺍﻻﺣﺘﺠــﺎﺝ ﺍﻻﻟﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﺣــﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻛﺒﺮ ﻣﻈﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺼﺮ، ﺣﺘﻰ ﻟﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﺯﻓﺮﺓ ﺍﻟﻢ ﺫﺍﺕ ﻣﻐــﺰﻯ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ: ﻟﻘﺪ ﺍﺻﺒﺤﻨﺎ ﻳﻬﻮﺩ ﺍﻟﻨﺎﺯﻳﻴﻦ ﺍﻟﺠــﺪﺩ. ﻭﺗﻔﺴــﻴﺮﻱ ﺍﻟﻮﺣﻴــﺪ ﻟﺘﻠــﻚ ﺍﻟﺼﺮﺧﺔ ﺍﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﻜﻠــﺖ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻨﺎﺯﻳﺔ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺍﺻﺒﺤﻮﺍ ﻫﻢ ﻧﺎﺯﻳــﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮﺍ ﻟﺬﻱ ﺍﺻﺒﺤﻨﺎ ﻳﻬﻮﺩﻩ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﻀﻄﻬﺪﻳﻦ ﻓﻴﻪ.. ﻭﺗﺤﺎﺭ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﺪﻭ ﻟﺴﺎﻥ ﺣﺎﻟﻪ ﻛﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﻭﻧﺤﻦ ﺻﻐﺎﺭ: ﺍﻧﺎ ﺍﻋﻤﻰ ﻣﺎ ﺑﺸﻮﻑ.. ﺍﻧﺎ ﺿﺮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﻮﻑ، ﻓﻬﻮ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺂﺧﺬ، ﻭﻗﺪ ﻳﻀﺨﻢ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ، ﻓﺈﺫﺍ ﺳﺄﻟﺘﻪ: ﺍﻧﺖ ﻣﻊ ﻣــﻦ؟ ﻭﺍﻟﻰ ﺍﻳﻦ ﺗﻤﻀﻲ ﺑﻬــﺬﻩ ﺍﻟﺠﺎﺋﺤﺔ ﺍﻟﻨﻘﺪﻳﺔ؟ ﺍﺟﺎﺑﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ 43: ﻳﺎ ﺍﺧﻲ ﺍﻧﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﺿﺪ ﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﻛﻠﻬﺎ ﺍﻳﻀﺎ.. ﺍﻧﺎ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻻﻳﺔ ﺟﻤﺎﻋــﺔ ﺍﻧﺎ ﻣﻌﻜــﻢ ﺍﻭ ﻣﻨﻜﻢ، ﺍﻧﺎ ﺍﺣــﺎﺩﺙ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻫــﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻨﻔﻮﻥ«، ﻭﻋﻠــﻰ ﺣﺪ ﻋﻠﻤﻲ - ﺍﻧﺎ ﺍﺣﻤــﺪ ﺩﺣﺒﻮﺭ - ﻓﺈﻥ ﺍﺣــﺪﺍ ﻟﻢ ﻳﺼﻨﻒ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ ﻫــﺬﻩ ﺍﻟﺨﺎﻧﺔ ﺍﻭ ﺗﻠﻚ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻧﻲ ﻟﺴــﺖ ﻣﻤﻦ ﻳﻀﻴﻘــﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ، ﻭﻟﻜــﻦ ﺍﻟﻨﻘﺪ ﻋﻨﺪﻣــﺎ ﻳﺘﺪﻓﻖ ﻋﺸــﻮﺍﺋﻴﺎ ﻛﺎﻟﻘﺎﻃﺮﺓ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻰ ﺍﻳﻦ ﻳﺼﻞ، ﻭﻻ ﻋﻠــﻰ ﺍﻱ ﻣﻘﻌﺪ ﺳﻴﺴــﺘﻘﺮ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻟﻦ ﺗﺪﻫﺸــﻨﻲ ﺍﻟﻨﻜﺘــﺔ ﺍﻟﺒﺬﻳﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﺭﺩﻫﺎ ﻋﻤﻦ ﺗﺰﻭﺝ ﻭﺍﻧﺠﺐ ﻓﺎﺩﻋﻰ ﻓﺼﻴﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ؟؟
ﻭﻟﻜﻦ ﺳــﻴﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻳﻘﻮﻝ ﻻ ﺑﺄﺱ. ﺍﻥ ﺍﻱ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻓــﻲ ﺍﻱ ﻗﻀﻴﺔ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻟــﻰ ﺍﻱ ﻧﺘﻴﺠﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﻋــﺰﺍﺀ ﺍﻟﺨﺎﺋﺒﻴﻦ ﺍﺫ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻻﺩﺍﺓ ﻭﻟﺘﻜﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺑﻴﻀﺎﺀ ﺍﻭ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺍﻭ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ.
ﺍﻳﻦ ﺍﻟﻀﻔﺔ؟
ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺰﻳﺪ ﺍﻥ ﻧﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﻓﻲ »ﻟﻴﻞ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ« ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻧﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺍﻣﺎﻡ ﺑﺤﺚ ﺟﻐﺮﺍﻓﻲ ﺍﻭ ﺍﻧﺜﺮﺑﻮﻟﻮﺟﻲ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺼﺼــﻲ ﺍﻟﻤــﺆﺭﺥ ﻣﻦ ﺷــﺄﻧﻪ ﺍﻥ ﻳﻀﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺸــﺎﺭﻑ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ، ﻣﻊ ﺍﻥ ﺍﻻﻧﺼﺎﻑ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﻳﺠﻴﺰ ﻟﻨــﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺰﻳﺪ، ﻓﺎﻟﻤﺠﺎﺯ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻲ ﻳﻌﺒﺮ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻻﻛﺒﺮ ﺍﻟﻤﺘﺼﻞ ﺑﻔﻠﺴﻄﻴﻦ ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻫﻢ ﻣﻔﺎﺻﻞ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮ. ﺍﻥ ﺍﻟﻠﻴــﻞ، ﻓــﻲ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﻫﻮ ﻟﻴﻞ ﺳﻴﺎﺳــﻲ ﺑﺎﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﻀﻔﺔ ﻫﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻦ ﻛﻠﻬﺎ ﺑﺸــﺮﺍ ﻭﺣﺠــﺮﺍ ﻭﻣﻌﺎﻧــﺎﺓ ﻭﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳــﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺨﺘﺺ ﺑﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻣﻊ ﺍﻥ ﺍﻻﺳﻰ ﻭﺍﻟﺸﺠﻦ ﻻ ﺟﻨﺲ ﻭﻻ ﺟﻨﺴﻴﺔ ﻟﻬﻤﺎ، ﺑــﻞ ﻫﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻦ ﺍﻟﻔﺎﺭﻗﺔ: »ﻳﺬﻫــﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟــﻰ ﺍﻭﺭﻭﺑﺎ ﻓﻴﺴــﺮﻭﻥ ﻭﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻲ ﻭﻳﻈﻞ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺍﻧﻪ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻨﻲ ﺍﻣﺎ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ.. ﺗﺼﻮﺭ ﻳﺎ ﺍﺧﻲ ﺍﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻻ ﻳﻤﻴﺰﻭﻥ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ«. ﻭﻟﻼﻣﺎﻧﺔ ﻧﻔﺘﺮﺽ ﺍﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻛﺬﻟﻚ، ﻟﻮﻻ ﺍﻥ ﺍﻟﻨﺪﺑﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻪ، ﻓﺎﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﻲ »ﺍﻧﻪ ﻳﻈﻞ ﻳﺘﺬﻛﺮ..« ﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺘﺸــﻨﺞ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ، ﻓﺎﻟﺘﻌﺼﺐ ﺍﻳﻀﺎ ﻻﺟﻨﺴﻴﺔ ﻟﻪ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻻﻧﻪ ﻣﻮﺳﻮﻡ ﺑﺎﻟﻨﻜﺒﺔ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻨﻜﺒﺔ ﺍﻣﺮ ﺍﺧﻄﺮ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﺻﺔ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ، ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴــﻄﻴﻨﻲ ﺍﻟﻤﻌﻴﺶ ﻭﺗﺒﻌﺎﺗﻪ ﺳــﺘﻈﻞ ﺗﻼﺣﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺏ ﺣﺘﻰ ﻟﻴﻐﺪﻭ ﺍﺳــﻤﻪ ﺍﻟﻌﻔﻮﻱ ﺍﻟﺼﺮﻳﺢ ﻫﻮ »ﺍﻟﻼﺟﺊ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ«. ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻼﺣﻘﻪ ﻓﻠﺴــﻄﻴﻨﻴﺘﻪ ﺍﻟــﻰ ﻓﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﺣﺘــﻰ ﻟﻮ ﺍﺧــﺬﻩ ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﺻﺪﻳﻘــﺔ ﻳﺎﺑﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎﺑﺮﺓ »ﺗﻌﻠﻤﻚ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻗﻠﻴﻼ ﻭﺗﺪﻋﻮﻙ ﻟﺰﻳﺎﺭﺗﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﺑﻴﺘﻬﺎ ﺗﺒﺼﺮ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻻﺳــﺮﺍﺋﻴﻠﻲ، ﻭﻳﺒﺪﺃ ﺧﻮﻓﻚ ﻳﻜﺒﺮ، ﻛﺄﻧﻚ ﻟﻢ ﺗﻐﺎﺩﺭ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﻞ..« ﻓﺎﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻼﻣﺔ ﻋﺮﻗﻴﺔ ﺑﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺟﻮﺍﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ »ﺗﻘﻮﺩﻙ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻰ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﺍﺧﺮﻯ ﺗﺮﺍﻫﺎ، ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ،
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻢ ﻓﻘﻂ« ﻭﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺨﺎﺹ - ﺣﺘﻰ ﻻ ﺍﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﺸــﺎﺫ ﺍﻭ ﺍﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ - ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺁﺑﺎﺋﻨﺎ: ﺍﻧﺎ ﻣﻨﻚ ﻫﺎﺭﺏ، ﻭﺍﻧﺖ ﻣﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺸﺎﺭﺏ. ﻣﻊ ﻓﺎﺭﻕ ﻣﻠﻤﻮﺱ ﻫــﻮ ﺍﻥ ﻫــﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻠﻖ ﻟﻴﺲ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﺑﺎﻟﺸــﺎﺭﺏ ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺒﺎﻍ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ﺣــﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻨﻜﺒﺔ، ﻣﺘﺠﻠﻴﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻻ ﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻣﺎﻡ ﻣﺜﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﺘﻌﻞ. ﻫﻮ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺷﺨﺼﻴﺎ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﺣﺘﻰ ﻣﻐﺎﺭﺏ ﺍﻻﺭﺽ ﻟﻠﺘﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﺑﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻳﻄﺎﺭﺩﻩ ﺑﺪﺀﺍ ﺑﻔﻨﺠﺎﻥ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﻣﺮﻭﺭﺍ ﺑﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻋﺮﻓﺎﺕ ﺍﻟــﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻣﻦ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺍﻧﻪ ﻳﻜﺎﺩ ﻳــﺮﻯ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﺍﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻴﻪ، ﻓﺄﺧﺮﺟﻪ ﻓﻴﻠﻴﺐ ﺣﺒﻴﺐ ﻣﻦ ﺑﻴﺮﻭﺕ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﺘﺔ ﺟﻨﻮﺩ ﻳﻐﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ!! ﻫﻜﺬﺍ ﺗﺨﺮﺝ ﺍﻟﺴــﻮﺭﻳﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﻮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺨﻄﻮﻁ ﻭﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﺼﺎﺩﻣﺔ، ﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻼﺟﺊ، ﻭﻛﺄﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ، ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺎﻟﻴﺔ، ﺑﺤﻴﺚ ﻣﺎ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺎﻥ ﺍﻻ ﻭﻧﺸــﺐ ﺣﻮﺍﺭ ﺻﻌﺐ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻮﻗﻊ ﺟﻠﻴﺴﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﻫﻤﺎ. ﻭﻳﺠﻲﺀ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﺍﻟﺴــﻬﻞ ﺍﻟﺠﺎﻫــﺰ: ﻭﺍﷲ ﻳﺎ ﺍﺧــﻲ ﺍﻥ ﺍﻻﺣﺘــﻼﻝ ﺫﻛﻲ، ﻟﻘﺪ ﺍﻋــﺎﺩ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﻣﺒﻌــﺪﺍ ﻧﺼﻒ ﺍﻣﻮﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﺴــﻢ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ«. ﻭﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﺘﺒﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﻻﻧﻪ ﺳــﻴﻈﻞ ﻗﺎﺋﻤﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺍﻭ ﺑﺂﺧﺮ ﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﺴــﺆﺍﻝ ﺍﻟﻮﻃﻨــﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻣﻌﻠﻘﺎ ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺴﺮﺍﺏ.. ﻭﺑﻌــﺪ.. ﻓﻬﺬﺍ ﻋﻤــﻞ ﻓﻨﻲ ﻋﻤﺮﻩ ﻋﺸــﺮﻭﻥ ﻋﺎﻣﺎ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻣﻨﺬ ﻋﺸــﺮﻳﻦ ﺳــﺎﻋﺔ، ﻻ ﻻﻥ ﺭﺅﻳﺎ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺒﻘﺖ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻭﺍﺳﺘﻄﻠﻌﺖ ﻣﺎ ﻧﻌﻴﺶ، ﺑــﻞ ﻻﻥ ﺍﻟﻤﺄﺳــﺎﺓ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ﻻ ﺗــﺰﺍﻝ ﺗﻌﻴﺪ ﺍﻧﺘﺎﺝ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺄﺷــﺨﺎﺹ ﻗﺪ ﻳﺘﻐﻴﺮﻭﻥ ﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻠﺘﻬﻢ ﻻ ﺗﺘﻐﻴــﺮ ﺍﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ، ﺍﻣﺎ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﺎﺓ ﻓﻘﺪ ﺍﺻﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺁﺑﺎﺅﻧﺎ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻨﻜﺒﺔ، ﻭﻟﺤﻘﺖ ﺑﻬﻢ ﻛﺎﺭﺛﺔ ﻓﺴﻤﻮﻫﺎ ﺍﻟﻨﻜﺴﺔ، ﻭﺗﺸﻌﺒﺖ ﺍﻟﻀﺮﺑﺎﺕ ﻭﺍﻻﻭﺟﺎﻉ ﻭﺍﻟﻬﺰﺍﺋﻢ، ﻓﺤﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺳــﻢ ﺍﻟﻨﻜﺘــﺔ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻻﻣﺮ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺍﻟﻴﺪ ﻗﺎﺑﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤــﺮ، ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺍﻣﻬﺎﺗﻨﺎ ﻳﻮﺍﺳــﻴﻨﻨﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺎ ﺿﺎﻉ ﺣــﻖ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻣﻄﺎﻟﺐ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﺗــﺪﺭﻭﻥ؟ ﺍﻧﻪ ﻣﺎ ﺿﺎﻉ ﺣﻖ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﻓﻌﻼ، ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺍﻧﻨﺎ ﻧﻨﺘﺞ ﻭﻧﻨﺠﺐ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ.

القارئ: أحمد دحبور
تاريخ القراءة: 25/9/2013
مكان النشر: جريدة الحياة الجديدة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى