محمد العرجوني - كيف التعامل في الترجمة مع المصطلحات الأجنبية

دائما في إطار التفاعل مع الأخ Said Hadef أقدم هنا تدوينة والتي كانت أصلا عبارة عن تعليق على ما طرحه الأخ سعيد للنقاش حول مصطلحي : Gouvernance /governance
حينما ننطلق من مصطلح Gouvernance بالفرنسية، فإن المعجم يحيلنا على الإنجليزية governance، وتعني المهارة في الإدارة المستقلة عن سلطة الدولة حيث تكون الدولة في هذه الحالة واعية بضرورة المرونة وبتدخل كل التخصصات واحترام الرهانات البيئية، وتعتمد على مشاركة مختلف الفاعلين من المجمتع المدني.
من هنا وجب الانطلاق لترجمة هذا المصطلح إلى اللغة العربية
والتركيز على ما يحمله هذا المصطلح من شحنة تنتصر لدور المشاركة الفعالة من قبل كل أطياف المجتمع. فهي وليدة مجتمع انطلق من : دور المجمتع المدني في عملية التدبير في استقلال عن سلطة الدولة التي بدورها تعترف بضرورة مرونتها مع جميع المتدخلين. ثم وجبت الإشارة إلى أن هذا المفهوم مرتبط أيضا بالوعي الذي يحث على الأخذ بعين الاعتبار عامل البيئة في كل عملية. هكذا وجب أن تكون الترجمة. ما يدفعنا للتساؤل:
هل الكلمات العربية متوفرة على شحنة الديمقراطية التي تبدو واضحة للعيان في ضرورة أن يلعب المجتمع المدني دوره، بكل تخصصاته...؟ وهل الكلمة العربية تتوفر على شحنة الوعي بالبيئة الخ... إذا كانت كلمة "حكم"، والتي نحتت منها عدة مصطلحات لترجمة المصطلح الأجنبي، تحمل هذا الوعي بضرورة تدخل المجتمع المدني وضرورة الوعي بالأخذ بعين الاعتبار العامل البيئي فمعناه أننا ننعم بدول ديمقراطية من المحيط إلى الخليج... وإذا لم يكن الأمر كذلك، وهو الحقيقة مع الأسف، فهل يمكننا شحن كلمة عربية قديمة بمدلول جديد ام علينا إيجاد كلمة أخرى ننحتها على المصطلح القديم كما هو الشأن بالنسبة للمصطلح الفرنسي والإنجليزي...؟
إذا اعتمدنا مصطلح "حكَم" والذي، حسب المعجم تتأرجح مفاهيمه بين "شرّع" و "أصدر حكما" و فكرة "المنع" إلى "تسيير شؤون البلاد" الخ... فنجد أن هناك دائما دلالة التحكم ولا نجد دلالة التدبير الديمقراطي، فما بالك بإدماج المحيط البيئي كما هو في Governance...؟ واعتقد أن "إلصاق تسيير شؤون البلاد" بهذا المصطلح، أي "حكم البلاد"، إلصاق فيه شيئا من التعسف. لهذا في نظري للحفاظ على نفحة الديمقراطية أجد مصطلح "دبر" و "التدبير" هما الأقرب لفكرة gouverner و governance أو Gouvernance..
ثم مسألة الديمقراطية هي الأساس في Gouvernance.. لأنها توجه يؤكد على التشارك في التدبير مادام المجتمع المدني هو أساس العملية مع مرونة الدولة أي السلطة.. وأخيرا حينما نتحدث عن القدرة والكفاءة اللازمين لإنجاح التدبير، فنحن هنا في صميم الديمقراطية لأنه من المستحيل الحديث عن ذلك في إطار نظام غير ديمقراطي.. فهناك لا يمكن بتاتا الحديث عن التدبير أو governance بل نتحدث فقط عن السلطة والحكم والتحكم في كل شيء، وهذا طبعا يكون عند كل مستبد و ديكتاتوري لا يؤمن بالديمقراطية ولا وجود عنده لمفهوم governance، فيضيع المجتمع في مسؤولين توصلهم كفاءاتهم وقدراتهم لتحمل المسؤولية وانجاح عملية التدبير.

محمد العرجوني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى