تحدثت سابقا عن "الكانْزينا"..
سأتطرق اليوم للحديث عن "لا زايي" أو "لي زايي" التي يقابلها باللغة الفرنسية Les A.I وهي اختصارا ل"Les Affaires Indigènes"..
هي مصلحة كانت تابعة للإدارة المركزية ب150.. تهتم بشؤون الأهالي الذين يُقصد بهم العمال المغاربة، ويقابلها بالمفهوم الحديث إدارة الموارد البشرية..
كان لها مقران بكل من حاسي بلال وجرادة، ولا تزال بنايتاهما قائمتين إلى الآن..
في أحد جوانبها، كانت تتم عملية تسلم رواتب العمال نصف الشهرية(الكانْزينا)، كما كانت توزع على أبناء العمال الملابس والدفاتر خلال بعض المناسبات..
في هذا المكان، كان يتم إخبار العمال وأهليهم باقتراب وقت العمل بواسطة "الدبّو" (la (sirène الذي كان يطلق صفيرا حادا..
كنا، ونحن أطفال في الطريق إلى المدرسة ، ننتظر صوت هذا "الدبّو" كي نستمتع بأسراب الحمام، وهي تخرج بالعشرات من مخابئها من سقف "لازايي" المصنوع من الزنْك.. كانت تحلق فزعة في كل اتجاه.. حين يخرس هذا الصوت، تعود أدراجها محلقة بحذر فترسم لوحة جميلة في الفضاء...
كانت "لي زايي" أيضا تتكلف بتوزيع الماء يوميا بالتناوب على الأحياء(ساعة في الصباح وساعة بعد الزوال).. أما حصص الفحم والحطب فكانت تتم شهريا...
وكان من أبرز مهامها توزيع المساكن التابعة للشركة على العمال الراغبين في ذلك..
قبل الاستقلال، كانت تتم عملية إيواء العمال الوافدين حسب انتمائهم القبلي على أحياء بقرية حاسي بلال تحمل أسماء بعض المدن المغربية على غرار حي سواسة.. حي تازة.. حي مراكش.. حي دبدو وغيرها.. أما بجرادة المركز، فقد أنشأت الشركة حيا كان يعرف بالحي المغربي يقابله في الضفة الأخرى الحي الأوروبي وشتان بين الحيين..
أما الدواوير المحيطة بالمنجم، فكانت هي الأخرى تحمل أسماء القبائل المكونة للإقليم مثل دوار أولاد اعمر.. دوار أولاد سيدي علي.. دوار الزكارة.. دوار أولاد الحاج.. دوار بني يعلى.. دوار بني كيل...
وكان الهدف من هذا التقسيم، هو مراقبة العمال ونشاطاتهم السياسية والنقابية عن كثب خاصة مع بداية الأربعينات من القرن الماضي حين التحق المناضل النقابي الطيب بن بوعزة رحمه الله بالعمل بشركة الفحم وسارع إلى تنظيم صفوف العمال وتوعيتهم.. وكانت الشركة تُنصّب على كل حي أو دوّار عونا تابعا لها يسمى "مقدم" يساعدها على هذا الأمر..
المرفقات:
ـ صورة تظهر جانبا من "لا زايي" بجرادة
ـ صورة للحي المغربي
مع تحيات محمد الدويمي
سأتطرق اليوم للحديث عن "لا زايي" أو "لي زايي" التي يقابلها باللغة الفرنسية Les A.I وهي اختصارا ل"Les Affaires Indigènes"..
هي مصلحة كانت تابعة للإدارة المركزية ب150.. تهتم بشؤون الأهالي الذين يُقصد بهم العمال المغاربة، ويقابلها بالمفهوم الحديث إدارة الموارد البشرية..
كان لها مقران بكل من حاسي بلال وجرادة، ولا تزال بنايتاهما قائمتين إلى الآن..
في أحد جوانبها، كانت تتم عملية تسلم رواتب العمال نصف الشهرية(الكانْزينا)، كما كانت توزع على أبناء العمال الملابس والدفاتر خلال بعض المناسبات..
في هذا المكان، كان يتم إخبار العمال وأهليهم باقتراب وقت العمل بواسطة "الدبّو" (la (sirène الذي كان يطلق صفيرا حادا..
كنا، ونحن أطفال في الطريق إلى المدرسة ، ننتظر صوت هذا "الدبّو" كي نستمتع بأسراب الحمام، وهي تخرج بالعشرات من مخابئها من سقف "لازايي" المصنوع من الزنْك.. كانت تحلق فزعة في كل اتجاه.. حين يخرس هذا الصوت، تعود أدراجها محلقة بحذر فترسم لوحة جميلة في الفضاء...
كانت "لي زايي" أيضا تتكلف بتوزيع الماء يوميا بالتناوب على الأحياء(ساعة في الصباح وساعة بعد الزوال).. أما حصص الفحم والحطب فكانت تتم شهريا...
وكان من أبرز مهامها توزيع المساكن التابعة للشركة على العمال الراغبين في ذلك..
قبل الاستقلال، كانت تتم عملية إيواء العمال الوافدين حسب انتمائهم القبلي على أحياء بقرية حاسي بلال تحمل أسماء بعض المدن المغربية على غرار حي سواسة.. حي تازة.. حي مراكش.. حي دبدو وغيرها.. أما بجرادة المركز، فقد أنشأت الشركة حيا كان يعرف بالحي المغربي يقابله في الضفة الأخرى الحي الأوروبي وشتان بين الحيين..
أما الدواوير المحيطة بالمنجم، فكانت هي الأخرى تحمل أسماء القبائل المكونة للإقليم مثل دوار أولاد اعمر.. دوار أولاد سيدي علي.. دوار الزكارة.. دوار أولاد الحاج.. دوار بني يعلى.. دوار بني كيل...
وكان الهدف من هذا التقسيم، هو مراقبة العمال ونشاطاتهم السياسية والنقابية عن كثب خاصة مع بداية الأربعينات من القرن الماضي حين التحق المناضل النقابي الطيب بن بوعزة رحمه الله بالعمل بشركة الفحم وسارع إلى تنظيم صفوف العمال وتوعيتهم.. وكانت الشركة تُنصّب على كل حي أو دوّار عونا تابعا لها يسمى "مقدم" يساعدها على هذا الأمر..
المرفقات:
ـ صورة تظهر جانبا من "لا زايي" بجرادة
ـ صورة للحي المغربي
مع تحيات محمد الدويمي