(الحلقة الأولى)
حيال "الواقعة التاريخيّة"، غالبا ما ينتهج "الكاتب" غير الـمؤرّخ، طريقين: إمّا أن يلتزم بعناصر و ملابسات "الواقعة" محاولا منحها "وجودا إبداعيّا" و هو، في محصّلة ذلك، يمنحها "روحا جديدة" لـمقاومة "فعل التاريخ" (كالنسيان و المحو و التزييف و الموت)، و يغلب على هذا العمل الأدبي طابع "التضمين" و "التمجيد" و "الاحتفاء" و "الانخراط" في "الرّواية الرسمية و الشّائعة" للتاريخ (و يمكن العثور على هذا النّوع من الكتّاب في ما يسمّى: كتاب السلطة و المناسبات و "انتهازيّو" الذاكرة الشعبيّة و الرّسميّة) الذين لا يمثل "الأثر التاريخيّ" بالنسبة إليهم أكثر من "وليمة الملك".
و إمّا أن يتدخّل، متسلّحا "بالشكّ المعرفيّ و الإبداعيّ"، للتشويش على عناصر الرّواية تمهيدا لخلق "مساحة إبداعيّة" كافية "للعبث" بمحتوى العناصر المكوّنة للأثر( لغرض قد يكون، و قد لا يكون بالضرورة، "إبداعيّا"). و هذا ما حدث مع جورجي زيدان، مثلا) و يمكن العثور على هذا النوع من الكتُّاب في بيادق "صراع المراكز" على "الرواية التاريخيّة و "المنخرطين" في "مسارات إيديولوجية" و التّابعين "لمراكز هيمنة ثقافية" أو "المتودّدين إليها"، في بحثهم المحموم عن "سقف أبويّ" يحتمون به و يَقيـهم "حرّ النّقد" و "برد الازدراء".
بين هذين الطريقين، يرتسم "للكاتب المبدع"، طريق آخر، نادر سلوكه، صعب و موحش و تحفّه المخاطر، لأنّه طريق يغامر بالقيمة و المعنى إلى أقصى ما يتيحه "الخيال"، لا لكون ذلك "يؤثث" بيت التاريخ"، بل لكونه "يؤسس له" بفعل "الهدم الواعي" الذي يحدثه فيه، بروح عالية، برؤية عميقة و بجمال بالغ (و هذا لا يتأتّى إلا لذوي الرؤى العميقة و البصيرة النافذة و الإحساس المتقدّم بمالات الأمور ، و هي روح تعادل "الغريزة في "علم الأحياء).
لقد مورس، على هذا الشّعب و على ذاكرته و مرجعياته، من "العنف الرمزي و المادّي" ما لا يمكن وصفه، و لقد كان ذلك أشدّ و أعنف أثناء حقبة "الاحتلال الفرنسي" و ما تلاه و ترتّب عنه.
و "حيزية"، النصّ و ملابساته، جزء من هذا العنف المتصاعد، في غياب "منظومة قراءة" منفتحة تتكفّل بهذه "الذاكرة الشعبية" بأدوات علميّة "صحيحة" و متبصّرة يحميها من "نزوات المغامرين" و "المراهنين" على "أمنيزيا الشّعوب" ( بفعل الافتقاد "لوسائل القوة")، بغرض التكسّب و المتاجرة.
و لقد حدث هذا مع "ذاكرة الأمير عبد القادر" و "لالة فاطمة نسومر" و "مقاومة التوارق"
يمكن "تقسيم التساؤلات" إلى قسمين بارزين: قسم يتعلّق "بالنصّ الشِّعري"، كأثر، و قسم يتعلّق "بالملابسات التاريخية" له، كمبررات و مفاتيح لفهم "حيثيات" النصّ و ما قد يتجاوز النصّ ذاته.
النصّ، كاثر أدبيّ، لا جدال في كونه صادرا عن "خبرة شعرية" و "صنعة"، و متقن شكلا و مضمونا (رباعي) و ربما هذا ما حفظ له قيمته "الأدبية" و "سهّل حفظه" و تداوله.
لكنّه ينطوي على الكثير من "التناقضات" و بشكل يفتح للقارئ "بوابة التساؤلات"، على مصراعيها، بخصوص بعض "الإشارات" المريبة و المتناقضة:
التساؤل الأول متعلّق بتأريخيّة النصّ/ الوثيقة: فالمسافة الزّمنية بين "كتابته" و "ظهوره العلنيّ" و "إشاعته"، طويلة نسبيّا، و هناك "ما يقال" بخصوص "نشره" و "جهة النشر" و "قناة النشر" (الغناء).
التساؤل الثاني: و يخصّ "متن" النصّ، إذ تعرض للكثير من "التغييرات" لبعض ملفوظاته (و ذلك لكون النصّ الأصلي مكتوب بلهجة محليّة مستمدة من "بيئة ثقافية صحراوية" و بعض عباراته لم يعد متداولا، إضافة إلى "جهل" بعض من تداولوه "بمعانيه" أو لرغبة منهم في تعويض "قاموسه" بعبارات "متداولة" فتدخلوا بطريقتهم حفاظا على "مركزية لسانيّة مهيمنة").
و لربما يكون لتحوّل النصّ من "الوثيقة الورقيّة" إلى "الأغنية" أثر حاسم في إشاعته، خصوصا و أن الأغنية على مقام "البياتي" (فالذائقة الموسيقية لأهل الجنوب الصّحراوي تغلب عليها طبوع موسيقية مستمدّة من مقامات الصّبا و الراست و بعض السّيكا و البياتي (موسيقى أغنية حيزية)، بينما تهيمن على الذائقة و الذاكرة الموسيقية للشمال طبوع مستمدة من مقامات السّيكا و العجم و النهاوند) و قد يكون هذا الاختلاف من أسباب شيوع النصّ، الأغنية (بمنظور "المركزية الثقافية" و تعاطيها مع هذه الأغنية" كأثر غرائبي": إكزوتيك).
النص مقسّم إلى أربعة أجزاء شبه منفصلة: الاستهلال، الوصف، الرّثاء. التأريخ.
الاستهلال، يتضمن إشارات غير اعتيادية: إلحاق نسب الموصوفة إلى أبيها (و فيه إشارة واضحة إلى أهميّة المنسوب إليه على المنسوبة ذاتها (بنت احمد بن الباي)، و هو إشارة بيانية واضحة إلى كونه "هو" المعنيّ الأول بالنصّ/ الرسالة و لا أحد سواه (الذرائعية). و يدعم هذه القراءة ما ورد في ذكر "المكانة السياسية و الاجتماعيّة" للمعني بهذه "الرسالة": "جاب العسكر معاه و القومان وراه".
... يتبع.
م. خيزار
حيال "الواقعة التاريخيّة"، غالبا ما ينتهج "الكاتب" غير الـمؤرّخ، طريقين: إمّا أن يلتزم بعناصر و ملابسات "الواقعة" محاولا منحها "وجودا إبداعيّا" و هو، في محصّلة ذلك، يمنحها "روحا جديدة" لـمقاومة "فعل التاريخ" (كالنسيان و المحو و التزييف و الموت)، و يغلب على هذا العمل الأدبي طابع "التضمين" و "التمجيد" و "الاحتفاء" و "الانخراط" في "الرّواية الرسمية و الشّائعة" للتاريخ (و يمكن العثور على هذا النّوع من الكتّاب في ما يسمّى: كتاب السلطة و المناسبات و "انتهازيّو" الذاكرة الشعبيّة و الرّسميّة) الذين لا يمثل "الأثر التاريخيّ" بالنسبة إليهم أكثر من "وليمة الملك".
و إمّا أن يتدخّل، متسلّحا "بالشكّ المعرفيّ و الإبداعيّ"، للتشويش على عناصر الرّواية تمهيدا لخلق "مساحة إبداعيّة" كافية "للعبث" بمحتوى العناصر المكوّنة للأثر( لغرض قد يكون، و قد لا يكون بالضرورة، "إبداعيّا"). و هذا ما حدث مع جورجي زيدان، مثلا) و يمكن العثور على هذا النوع من الكتُّاب في بيادق "صراع المراكز" على "الرواية التاريخيّة و "المنخرطين" في "مسارات إيديولوجية" و التّابعين "لمراكز هيمنة ثقافية" أو "المتودّدين إليها"، في بحثهم المحموم عن "سقف أبويّ" يحتمون به و يَقيـهم "حرّ النّقد" و "برد الازدراء".
بين هذين الطريقين، يرتسم "للكاتب المبدع"، طريق آخر، نادر سلوكه، صعب و موحش و تحفّه المخاطر، لأنّه طريق يغامر بالقيمة و المعنى إلى أقصى ما يتيحه "الخيال"، لا لكون ذلك "يؤثث" بيت التاريخ"، بل لكونه "يؤسس له" بفعل "الهدم الواعي" الذي يحدثه فيه، بروح عالية، برؤية عميقة و بجمال بالغ (و هذا لا يتأتّى إلا لذوي الرؤى العميقة و البصيرة النافذة و الإحساس المتقدّم بمالات الأمور ، و هي روح تعادل "الغريزة في "علم الأحياء).
لقد مورس، على هذا الشّعب و على ذاكرته و مرجعياته، من "العنف الرمزي و المادّي" ما لا يمكن وصفه، و لقد كان ذلك أشدّ و أعنف أثناء حقبة "الاحتلال الفرنسي" و ما تلاه و ترتّب عنه.
و "حيزية"، النصّ و ملابساته، جزء من هذا العنف المتصاعد، في غياب "منظومة قراءة" منفتحة تتكفّل بهذه "الذاكرة الشعبية" بأدوات علميّة "صحيحة" و متبصّرة يحميها من "نزوات المغامرين" و "المراهنين" على "أمنيزيا الشّعوب" ( بفعل الافتقاد "لوسائل القوة")، بغرض التكسّب و المتاجرة.
و لقد حدث هذا مع "ذاكرة الأمير عبد القادر" و "لالة فاطمة نسومر" و "مقاومة التوارق"
يمكن "تقسيم التساؤلات" إلى قسمين بارزين: قسم يتعلّق "بالنصّ الشِّعري"، كأثر، و قسم يتعلّق "بالملابسات التاريخية" له، كمبررات و مفاتيح لفهم "حيثيات" النصّ و ما قد يتجاوز النصّ ذاته.
النصّ، كاثر أدبيّ، لا جدال في كونه صادرا عن "خبرة شعرية" و "صنعة"، و متقن شكلا و مضمونا (رباعي) و ربما هذا ما حفظ له قيمته "الأدبية" و "سهّل حفظه" و تداوله.
لكنّه ينطوي على الكثير من "التناقضات" و بشكل يفتح للقارئ "بوابة التساؤلات"، على مصراعيها، بخصوص بعض "الإشارات" المريبة و المتناقضة:
التساؤل الأول متعلّق بتأريخيّة النصّ/ الوثيقة: فالمسافة الزّمنية بين "كتابته" و "ظهوره العلنيّ" و "إشاعته"، طويلة نسبيّا، و هناك "ما يقال" بخصوص "نشره" و "جهة النشر" و "قناة النشر" (الغناء).
التساؤل الثاني: و يخصّ "متن" النصّ، إذ تعرض للكثير من "التغييرات" لبعض ملفوظاته (و ذلك لكون النصّ الأصلي مكتوب بلهجة محليّة مستمدة من "بيئة ثقافية صحراوية" و بعض عباراته لم يعد متداولا، إضافة إلى "جهل" بعض من تداولوه "بمعانيه" أو لرغبة منهم في تعويض "قاموسه" بعبارات "متداولة" فتدخلوا بطريقتهم حفاظا على "مركزية لسانيّة مهيمنة").
و لربما يكون لتحوّل النصّ من "الوثيقة الورقيّة" إلى "الأغنية" أثر حاسم في إشاعته، خصوصا و أن الأغنية على مقام "البياتي" (فالذائقة الموسيقية لأهل الجنوب الصّحراوي تغلب عليها طبوع موسيقية مستمدّة من مقامات الصّبا و الراست و بعض السّيكا و البياتي (موسيقى أغنية حيزية)، بينما تهيمن على الذائقة و الذاكرة الموسيقية للشمال طبوع مستمدة من مقامات السّيكا و العجم و النهاوند) و قد يكون هذا الاختلاف من أسباب شيوع النصّ، الأغنية (بمنظور "المركزية الثقافية" و تعاطيها مع هذه الأغنية" كأثر غرائبي": إكزوتيك).
النص مقسّم إلى أربعة أجزاء شبه منفصلة: الاستهلال، الوصف، الرّثاء. التأريخ.
الاستهلال، يتضمن إشارات غير اعتيادية: إلحاق نسب الموصوفة إلى أبيها (و فيه إشارة واضحة إلى أهميّة المنسوب إليه على المنسوبة ذاتها (بنت احمد بن الباي)، و هو إشارة بيانية واضحة إلى كونه "هو" المعنيّ الأول بالنصّ/ الرسالة و لا أحد سواه (الذرائعية). و يدعم هذه القراءة ما ورد في ذكر "المكانة السياسية و الاجتماعيّة" للمعني بهذه "الرسالة": "جاب العسكر معاه و القومان وراه".
... يتبع.
م. خيزار