د. محمد عباس محمد عرابي - اكسب أسرنك ولو خسرت الموقف (سبل تغلب الزوجين على المشكلات والخلافات الأسرية)

الزواج رباط مقدس، إلا أن المشكلات والخلافات الأسرية تكدره فيقع الطلاق الذي انتشر بكثرة في الآونة الأخيرة، وحماية للأسرة ووقايتها من الانهيار يحرص العلماء على بيان سر نجاح الأسرة، وسبل تغلبها على المشكلات، وهو ما سوف نتعرف عليه هنا .

اكسب أسرنك ولو خسرت الموقف (سبل تغلب الزوجين على المشكلات والخلافات الأسرية) هذا هو موضوع الخطبة القيمة التي استمعنا إليها من فضيلة معالي الأستاذ الدكتور /صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي في خطبة الجمعة بالحرم المكي يوم 6- 11- 1444هـ، وتعد هذه الخطبة ميثاق عمل يجب تطبيقه لتحقيق استقرار الأسر وتحقيق سعادتها ،وحل مشكلاتها وخلافاتها بالطرق السليمة .

وهذا المقال يدور حول هذا الشعار الذي يجب أن يردده كل زوج وزوج" سأكسب أسرتي ،ولو خسرت الموقف "،كما يستعرض المقال سبل تغلب الزوجين على المشكلات والخلافات الأسرية كما جاءت في هذه الخطبة المباركة :

وفيما يلي أبرز محاور الخطبة :

*مفهوم الزواج :

عرف معالي الشيخ صالح بن حميد مفهوم الزواج بقوله :

فالزواج علاقة شرعية إنسانية راقية ، تحفظ الحقوق ، وتنشر السكن ، وتجلب السعادة ، وتحقق الطمأنينة ، ولا بديل لها سوى السقوط في أوحال الشهوات الهابطة ، والخروج عن الفطرة المستقيمة ، والتمرد على قيم المجتمع الرشيد .

*طبيعة العلاقة بين الزوجين:

حيث بين معالي الشيخ صالح بن حميد أن : العلاقة بين الزوجين لا تحكمها القوانين الصارمة والأنظمةُ الجامدة، إنها علاقة مودة وعيش كريم ومسؤولياتٌ مشتركة.. إنها العشرة بالمعروف:

أسس نجاح الأسرة (حسن العشرة بين الزوجين) وتغلبها على المشكلات والخلافات الأسرية:

*إدارة شؤون الاسرة بيسر وسهولة:

يقول معالي الشيخ:""اجتهدوا في إدارة شؤون الاسرة بيسر وسهولة، وعفوية، بعيدا عن التصنع والتشنج، والادعاء، والاستعلاء، اجتهدوا في الصدق، والنصح والإخلاص ، والبساطة والتواضع ، والكرم ، والبذل"

إدارة المشكلات الزوجية بعقل:

بين معالي الشيخ:" أن دفن الأسرار أدب من الأدب الراقي، والغضب ريح عاتية، تطفئ نور العقل، ولذةُ الانتقام لحظة، أما لذةُ الرضا فهي على الدوام ، والمرء هو الذي يصنع قَدْر بنفسه . (اكسب أهلك ولو خسرت الموقف) ، مبيناً أنه ليست المشكلة ألا يقع الخلاف فهو لابد واقع ، لكن المهم هو العقل والحصافة ، كيف يعالج الخلاف إذا وقع ؟ نعم يعالج الخلاف بالصبر ، والأناة ، والتنازل ، والتسامح ، والتغافل ".

*المعاشرة بالمعروف :

يقول معالي الشيخ :""أن الله جمع أمر الأسرة واجتماعَها وراحَتها وسكنَها في قوله عز شأنه : “فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”، مفيداً أن المعاشرة بالمعروف كلمة ، جامعة ، حكيمة ، محكمة تدل على ما ينبغي أن يتمتع به الزوجان من حسن الخلق ، والبعد عن المحاسبة ، والتدقيق في المتابعة ".

*التحلي بمكارم الأخلاق:

يقول معالي الشيخ:""الصدق يوجب الثقة ، والكذب يورث التهمة ، والأمانة توجب الطمأنينة ، والعدل يورث اجتماع القلوب ، وحسن الخلق يوجب المروءة ، وسوء الخلق يورث المباعدة ، والانبساط يولد المؤانسة ، والانقباض يجلب الوحشة ، والمخادعة توجب الندامة ، فاكسب أهلك ولو خسرت الموقف "

*صدق المشاعر بين الزوجين :

يقول معالي الشيخ:""كم هو جميل وعظيم أن يتبادل الزوجان صدق المشاعر ، مشاعرُ يدركان معها أن لكل واحد منهما مكانةً في قلب صاحبه ، مشاعرُ صادقة تنبع من قلبٍ لا يتصنعها ، ونفسٍ تتلذذ بإبدائها والاعتزازِ بها من غير أن تتكلفها فالمشاعر الصادقة هي متعة الحياة ، تُستَقبل بالغبطة والارتياح ".

"تحلي الزوجين بالرفق والتسامح والتغافل والتواضع "

يقول معالي الشيخ :"ومن حسن العشرة الرفق في التعامل ، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه ، بالرفق ينزل الله البركة ، والسكون ، والطمأنينة، كذلك التسامح ، وهو أعلى مراتب القوة ، والانتقام من أكبر مظاهر الضعف ، التسامح ليس ضعفا ، ونقاء القلب ليس عيبا ، والتغافل ليس غباءاً ، بل ذلك كله تربية ، وعقل ، وقوة ، وهو مع حسن النية عبادة ، ودين، أيضاً التواضع ، فالمجد في التواضع ، واكثر البقاع ماء ما كان منها أكثرَ انخفاضا ، والتواضع يهزم الغرور ، ولا يتواضع إلا من كان واثقا بنفسه ، ولا يتكبر إلا من كان عالما بنقصه ".

*توطينُ النفس على قبول بعض المنغصات ، والمضايقات"

يقول معالي الشيخ :"نشدان الكمال في الشأن الأسري متعذر ، والتطلع إلى استكمال الصفات شيء ليس في متناول البشر ، ومن رجاحةِ العقل ، وسلامةِ التفكير ، وحسنِ التدين ، وحسنِ التبعل ، توطينُ النفس على قبول بعض المنغصات ، والمضايقات ، ومن حاسب على كل شيء خسر كل شيء ، فاستوصوا بأهلكم خيرا."

*الابتسامة والاحترام المتبادل بين الزوجين :

وفي هذا يقول معالي الشيخ " أسلوبك هو ميزانك ، وهو مكانتك ، وهو فن تعاملك ، فكلما ارتقى الأسلوب ، ارتفعت المكانة، الجميع يحب الثناء فلا تبخل به ، واحذر من النفاق ، لا تنتظر السعادة حتى تبتسم ، ولكن ابتسم حتى تجلب السعادة، والاحترام المتبادل هو الذي يوجد أجواء الألفة ، والاحترام ، والتقدير من أهم ركائز استقرار البيوت ، الاحترام يدل على حسن التربية ، وصدق التدين ، احترم ولو لم تحب."

*تذكر جوانب الخير والإيجابيات

وفي هذا يقول معالي الشيخ "من رجاحة العقل، وسلامة التفكير، وصحة الديانة، أن يتذكر الزوجان ولا يتنكرا لجوانب الخير والإيجابيات، وإنهما سوف يجدان من ذلك شيئا كثير، من الجميل في العشرة: أن يكون الاختلافُ بذوق ، والاعتذارُ بتواضع ، والعتابُ برفق ، والاجتماعُ بحب ، والافتراقُ بإحسان"

تناسي الإساءة:

وفي هذا يقول معالي الشيخ: "هنيئاً لمن يتناسون الإساءة، ولا يحملون في قلوبهم قسوة، ولا يعرفون للكره طريقاً، هنيئاً لمن كان في لقائهم سرور وفرح، وفي حديثهم سعادة ومرح، واعلموا أن أولَ من يعتذر هو الأشجع، وأولَ من يسامح هو الأقوى، وأول من ينسى هو الأسعد، والاعتراف بالخطأ، وقبولُ الحق، والتنازلُ عن حظوظ النفس، والحرصُ على جمع الكلمة، وكسبُ القلوب هو الجامع للأسرة، الحافظ للبيت، المحقق لحسن العشرة، بل هو والسر في حل جميع المشكلات، وهو السر في حلولِ السعادة، وتنزلِ السكينة. (اكسب أهلك ولو خسرت الموقف) ".

* جمع الكلمة ، وكسبُ القلوب:

وفي هذا يقول معالي الشيخ:"الاعتراف بالخطأ ، وقبولُ الحق ، والتنازلُ عن حظوظ النفس ، والحرصُ على جمع الكلمة ، وكسبُ القلوب هو الجامع للأسرة ، الحافظ للبيت ، المحقق لحسن العشرة ، بل هو السر في حل جميع المشكلات ، وهو السر في حلولِ السعادة ، وتنزلِ السكينة، الصدق يوجب الثقة والكذب يورث التهمة ، والأمانة توجب الطمأنينة ، والعدل يورث اجتماع القلوب ، وحسن الخلق يوجب المروءة ، وسوء الخلق يورث المباعدة ، والانبساط يولد المؤانسة ، والانقباض يجلب الوحشة ، والمخادعة توجب الندامة"

*كتمانُ السر ، وسترُ العيوب

وفي هذا يقول معالي الشيخ "من حسن العشرة كتمانُ السر ، وسترُ العيوب ، ونشرُ ما يسر من ثناء ، وحسنُ الإصغاء ، والدعوةُ بأحب الأسماء ، والشكرُ على الإنجاز وحسنِ الصنيع ، والسكوتُ عما يسوء ، وتركُ المراء ، والذَّبُّ في الغَيْبهّ ، والنصحُ بلطف ، وسلولكُ مسلك التعريض ولبس التصريح ، والدعاءُ في ظهر الغيب ، وإظهارُ الفرح بما يسر ، والحزنُ بما يضر ، والجامعُ لذلك كلِّه – حفظكم الله - أن يُعامِلَ كلُّ فرد من أفراد الأسرة بما يحب أن يُعاَملَ به."

البعد عن الصفات غير المقبولة :

وفي هذا يقول معالي الشيخ "أين الراحة وأين السكن ، وأين الاستقرار ، إذا كان رب البيت ثقيل الطبع ، ضيق الأفق ، سيء العشرة ، يغلبه حمق ، ويعميه تعجل ، بطيء الرضا ، سريع الغضب ، كثير المن ، سيء الظن ، ومن ساءت أخلاقه سهل فراقه ، ومن حسنت خصاله طاب وصاله ، المعاند متكبر متجبر ، لا يحسن معالجة الأمور ، ولا يحسن النظر في المشكلات ، لا يعترف بالخطأ ، ويرى الرجوع إلى الحق ضعفاً .

وبين معالي الشيخ :"أنه من الحكمة أن تتجاهل كل ما يمكن أن يكدر عليك عيشك ، ومالا ترغب أن يحدث لك فلا تؤذ به غيرك ، من عجائب البشر انهم يستثقلون سماع النصيحة ، ويسرون لسماع الفضيحة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، مبيناً أن لا شيء ينفذ إلى القلوب كلطف العبارة ، وبذل الابتسامة ، ولين الكلام ، وسلامة القصد ، ونقاء القلب ، وغض الطرف عن الزلات ، وسيد المروءات التغافل ."

وختامًا: يجب علينا السعي بجد لتحقيق السعادة الأسرية ،وحل خلافات ومشكلات الأسرة بطرق سليمة لأن الخلافات شبح يهدد الحياة الزوجية ،ورسم خريطة الأسرة بطرق سليمة .





المراجع :




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى