سعيد جدا بأن يخصص هذا العدد من مجلة (بصرياثا الأدبية) الغراء للاحتفاء بالمبدع السي حاميد اليوسفي.. وبمنجزه الإبداعي، والإشادة بسيرته الناصعة النقاء، وسعيد أيضا بأن أدبج هذه الشهادة المتواضعة في حقه بمناسبة هذا الاحتفاء البهيج.. لعدة اعتبارات.
الأول تولد عن قناعتي بسمو إنسانيته وطيبته الطافحة بالصدق والمحبة التي غمر بها كل معارفه ورفاقه الذين برهنوا على محبتهم واحترامهم له، وراهنوا على الحضور بكثافة حينما علموا بحفل تكريمه بحاضرة آيت أورير بين أحضان الأطلس الكبير، فحجوا من كل فج عميق.. خلان من الجيل الجميل أبوا الا ان بشاركوه فرحته، والقبض على الزمن الضائع.. وكنت أحد الشهود على روعة اللقاء، وحميمية اللحظة ودفئها.
فيما نبع الإحساس الثاني من عاطفة المودة التي غمرني بها برغم حداثة معرفتي به، والتي تعود افتراضيا إلى حوالي أربعة أعوام تقريبا، وهي فترة قصيرة نسبيا ولا تكاد تعطي انطباعا حقيقيا عن معدن الصداقة والصديق، لكن اكدتها اتصالاتنا الهاتفية المتوالية، وعمقتها اكثر مطالعاتي لكتاباته السردية الشائقة التي تستقي نسغها من معين الواقعية الاشتراكية.. لكونه تيارا أيديولوجيا لصيقا بقضايا البائسين وهمومهم ومشاغلهم ومكابداتهم، وتأخذ صلصالها من حياة وسير الناس الطيبين الذين عاشرهم او عرفهم أو شاهدهم، كائنات اجتماعية مغرقة في البؤس، والشقاء، والخصاصة، والبساطة، والعنف أيضا، وفضاءات الحواري المتربة، والحومات الضيقة المعتمة، والساحات المليئة بالفرجة والصخب، وشعرية الأمكنة التي جاس خلالها، أو عاش فيها، وعن العوائد والظواهر الاجتماعية والطقوس الروحانية، والتجارب الحياتية التي عركته، ودفعته الى استنهاض روح المبدع فيه، وبعث أطيافها من تحت رماد الذكريات، ورصد مشاهد قاتمة لحياة البائسين والمعذبين في الأرض.
يعترف السي حميد اليوسفي (أنا لا أكتب لقارئ محدد،.أكتب أححيانا للبسطاء مثلي، عن واقع قد يكونوا هم أنفسهم أبطاله. أكتب لبائع السجائر بالتمسٌط، والبائع المتجول، وعمال المقاهي، وللنساء
اللواتي رمتهن ظروف صعبة في جحيم الحياة، وكل المقهورين. لا أعرف إن كانت نصوصي ستصل إليهم أم لا. أكتب أٌيضا لأصدقائي. أكتب للمستقبل، ولإرضاء رغبة دفينة في النفس. أكتب كي لا أَنسى، أو أُنسى، بالفتحة والضمة.)*
شخوص السي حاميد اليوسفي.تتكون من (العديد من الاشباح القادمين من ازمنة مختلفة)**، تنتعش في معظمها من الهامش والأرباض القصية للمغرب العميق، وبما تجود به من فتات.. حرص على نقلها بأسلوبه الشائق، ولغته المتينة والانيقة.. وقدرته على صهر العلاقات بين اللفظ والمعنى في المتن السردي بكل مهارة ودربة وصدق لا تخطئه الذائقة الأدبية..
السي حاميد اليوسفي مسته لوثة الكتابة بعد تقاعده من الوظيفة والعمل النقابي، كي لا يشغله عشقها عن واجبه المهني، ومهامه النضالية، مشيا على سيرة الخالدين الذين اجترحوا فعل الكتابة بعد سن الأربعين والستين، (النابغة الجعدي، خورخي لويس بورخيس، هاروكي موراكامي، خوسيه سارماغو، ادموند عمران المليح ومحمد شكري)، ذلك أنه لا يشترط أن تكون شابا لتكتب، فالكتابة بعد هذه المراحل العمرية تفرز أنضج الإبداعات الأدبية والفكرية
لمن بعرف السي حاميد اليوسفي.. قبل أن يكون ساردا.. يحبه ويقدره لأصالة خلقه.. وعظمة سلوكه تجاه كل من يجالسه عن معرفة.. ومن قرأوا له من دون سابق معرفة، واختلسوا فقرات كاملات من سروده ونسبوها الى نفوسهم وتناقلوها في تدويناتهم، لإحساسهم العميق بأنها كتبت لهم وعنهم، لأنه في حقيقة الأمر الواقع أحب الناس البسطاء ومحضهم المحبة، وأسبغ عليهم حيوات إضافية في كتاباته، إنسان من معدن أصيل طيب المعشر، خفيض الصوت، تفيض نبرته حنانا وطيبة، دمث الأخلاق، جم التواضع، راجح العقل، هادئ الطباع من غير صخب، عاشق للحرف والكلمة ومحب للقراءة.. وللإنسان وللمبادئ النضالية التي نذر لها حياته، وتعكسها تلك الإلماعات التي تنبجس من كتاباته، ووجدانه، نفحات من تلك الطفولة البعيدة العابقة بسحر الماضي البسيط، والاخلاص للمبادئ النبيلة التي طبعت مسار حياته التلاميذية بمؤسسات المدينة الحمراء وبعدها في مدينة فاس بين عقدي السبعينات والثمانينات، ومحطات مهنية أخرى حين كان النضال من أجل غد أفضل للجامعة والمدرسة العمومية هو الهاجس المسيطر.. نضال خاضه الطلبة بإيمان مشحون بالصدق ضد الطغيان المخزني، ومحاولاته اليائسة لشق ذات البين بين عموم الطلبة وزرع الشقاق بينهم واستنباث فصائل وكائنات هجينة لضرب التنظيم العتيد لاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والتنظيمات النقابية المواطنة..
وسي حاميد على ما نستشف من سيرته علاوة عن كل هذا العنفوان والصفاء لم يكن من هواة الظهور والصخب والأضواء اللافتة للأنظار ، أحب الناس، وعشق كائناته القصصية، بالقدر الذي أدمن فيه القراءة، وآمن بفكرة الكتاب قبل الخبز...
هنيئا للمبدع الألمعي السي حاميد اليوسفي بهذا التشريف المستحق، والشكر الكثير لمجلة بصرياثا الأدبية الرائدة بادارة ربانها السي عبدالكريم العامري على حسن الالتفاتة والعناية
نقوس المهدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكأس المكسورة: مجموعة قصصية - تقديم - ص5
** وشوم في الذاكرة - تقديم
الأول تولد عن قناعتي بسمو إنسانيته وطيبته الطافحة بالصدق والمحبة التي غمر بها كل معارفه ورفاقه الذين برهنوا على محبتهم واحترامهم له، وراهنوا على الحضور بكثافة حينما علموا بحفل تكريمه بحاضرة آيت أورير بين أحضان الأطلس الكبير، فحجوا من كل فج عميق.. خلان من الجيل الجميل أبوا الا ان بشاركوه فرحته، والقبض على الزمن الضائع.. وكنت أحد الشهود على روعة اللقاء، وحميمية اللحظة ودفئها.
فيما نبع الإحساس الثاني من عاطفة المودة التي غمرني بها برغم حداثة معرفتي به، والتي تعود افتراضيا إلى حوالي أربعة أعوام تقريبا، وهي فترة قصيرة نسبيا ولا تكاد تعطي انطباعا حقيقيا عن معدن الصداقة والصديق، لكن اكدتها اتصالاتنا الهاتفية المتوالية، وعمقتها اكثر مطالعاتي لكتاباته السردية الشائقة التي تستقي نسغها من معين الواقعية الاشتراكية.. لكونه تيارا أيديولوجيا لصيقا بقضايا البائسين وهمومهم ومشاغلهم ومكابداتهم، وتأخذ صلصالها من حياة وسير الناس الطيبين الذين عاشرهم او عرفهم أو شاهدهم، كائنات اجتماعية مغرقة في البؤس، والشقاء، والخصاصة، والبساطة، والعنف أيضا، وفضاءات الحواري المتربة، والحومات الضيقة المعتمة، والساحات المليئة بالفرجة والصخب، وشعرية الأمكنة التي جاس خلالها، أو عاش فيها، وعن العوائد والظواهر الاجتماعية والطقوس الروحانية، والتجارب الحياتية التي عركته، ودفعته الى استنهاض روح المبدع فيه، وبعث أطيافها من تحت رماد الذكريات، ورصد مشاهد قاتمة لحياة البائسين والمعذبين في الأرض.
يعترف السي حميد اليوسفي (أنا لا أكتب لقارئ محدد،.أكتب أححيانا للبسطاء مثلي، عن واقع قد يكونوا هم أنفسهم أبطاله. أكتب لبائع السجائر بالتمسٌط، والبائع المتجول، وعمال المقاهي، وللنساء
اللواتي رمتهن ظروف صعبة في جحيم الحياة، وكل المقهورين. لا أعرف إن كانت نصوصي ستصل إليهم أم لا. أكتب أٌيضا لأصدقائي. أكتب للمستقبل، ولإرضاء رغبة دفينة في النفس. أكتب كي لا أَنسى، أو أُنسى، بالفتحة والضمة.)*
شخوص السي حاميد اليوسفي.تتكون من (العديد من الاشباح القادمين من ازمنة مختلفة)**، تنتعش في معظمها من الهامش والأرباض القصية للمغرب العميق، وبما تجود به من فتات.. حرص على نقلها بأسلوبه الشائق، ولغته المتينة والانيقة.. وقدرته على صهر العلاقات بين اللفظ والمعنى في المتن السردي بكل مهارة ودربة وصدق لا تخطئه الذائقة الأدبية..
السي حاميد اليوسفي مسته لوثة الكتابة بعد تقاعده من الوظيفة والعمل النقابي، كي لا يشغله عشقها عن واجبه المهني، ومهامه النضالية، مشيا على سيرة الخالدين الذين اجترحوا فعل الكتابة بعد سن الأربعين والستين، (النابغة الجعدي، خورخي لويس بورخيس، هاروكي موراكامي، خوسيه سارماغو، ادموند عمران المليح ومحمد شكري)، ذلك أنه لا يشترط أن تكون شابا لتكتب، فالكتابة بعد هذه المراحل العمرية تفرز أنضج الإبداعات الأدبية والفكرية
لمن بعرف السي حاميد اليوسفي.. قبل أن يكون ساردا.. يحبه ويقدره لأصالة خلقه.. وعظمة سلوكه تجاه كل من يجالسه عن معرفة.. ومن قرأوا له من دون سابق معرفة، واختلسوا فقرات كاملات من سروده ونسبوها الى نفوسهم وتناقلوها في تدويناتهم، لإحساسهم العميق بأنها كتبت لهم وعنهم، لأنه في حقيقة الأمر الواقع أحب الناس البسطاء ومحضهم المحبة، وأسبغ عليهم حيوات إضافية في كتاباته، إنسان من معدن أصيل طيب المعشر، خفيض الصوت، تفيض نبرته حنانا وطيبة، دمث الأخلاق، جم التواضع، راجح العقل، هادئ الطباع من غير صخب، عاشق للحرف والكلمة ومحب للقراءة.. وللإنسان وللمبادئ النضالية التي نذر لها حياته، وتعكسها تلك الإلماعات التي تنبجس من كتاباته، ووجدانه، نفحات من تلك الطفولة البعيدة العابقة بسحر الماضي البسيط، والاخلاص للمبادئ النبيلة التي طبعت مسار حياته التلاميذية بمؤسسات المدينة الحمراء وبعدها في مدينة فاس بين عقدي السبعينات والثمانينات، ومحطات مهنية أخرى حين كان النضال من أجل غد أفضل للجامعة والمدرسة العمومية هو الهاجس المسيطر.. نضال خاضه الطلبة بإيمان مشحون بالصدق ضد الطغيان المخزني، ومحاولاته اليائسة لشق ذات البين بين عموم الطلبة وزرع الشقاق بينهم واستنباث فصائل وكائنات هجينة لضرب التنظيم العتيد لاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والتنظيمات النقابية المواطنة..
وسي حاميد على ما نستشف من سيرته علاوة عن كل هذا العنفوان والصفاء لم يكن من هواة الظهور والصخب والأضواء اللافتة للأنظار ، أحب الناس، وعشق كائناته القصصية، بالقدر الذي أدمن فيه القراءة، وآمن بفكرة الكتاب قبل الخبز...
هنيئا للمبدع الألمعي السي حاميد اليوسفي بهذا التشريف المستحق، والشكر الكثير لمجلة بصرياثا الأدبية الرائدة بادارة ربانها السي عبدالكريم العامري على حسن الالتفاتة والعناية
نقوس المهدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الكأس المكسورة: مجموعة قصصية - تقديم - ص5
** وشوم في الذاكرة - تقديم
سي حاميد اليوسفي.. للحلم بقية! (ملف خاص)
الملف الخاص بالعدد 244 من مجلة بصرياثا الثقافية الأدبية شارك في الملف:الحسين الحيانمحمد ايت واكروشعبد المجيد ايت اباعمرنقوس المهديالطايع ميلودموسى مليحد. رضوان كعيةلمصدق مصطفىعبد العزيز لتشينيعبد ا…
basrayatha.com
سي حاميد اليوسفي.. للحلم بقية! (ملف خاص)
الملف الخاص بالعدد 244 من مجلة بصرياثا الثقافية الأدبية شارك في الملف:الحسين الحيانمحمد ايت واكروشعبد المجيد ايت اباعمرنقوس المهديالطايع ميلودموسى مليحد. رضوان كعيةلمصدق مصطفىعبد العزيز لتشينيعبد ا…
basrayatha.com