غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (5)

إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْسَّاعَةِ ٱلْهَرْجَ.
قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟
قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
ٱلْرَّسُولُ مُحَمَّدٌ

(5)

كَمَا قِيلَ آنفًا في مَتْنِ القسمِ الرابعِ من هٰذا المقالِ (المُطَوَّلِ)، إنَّ المَرَامَ السياسيَّ الأوَّلَ والأخيرَ من مجرَّدِ التفكيرِ في ذلك التأسيسِ الاِفتراضِيِّ – أو هٰكذا تَبَدَّى، لِمَا كانَ يُدْعى دُعَاءً تلفيقيًّا إبَّانَئِذٍ بـ«التحالف الإستيراتيجي الشرق-أوسطي» Middle East Strategic Alliance، أو حتى بحِلْفِ الـ«ميسا» MESA، بالاِختصَارِ المُنَقْحَرِ (والتشبُّهِ المُؤَاتِي، بطبيعةِ الحَالِ، بِنَقْحَرَةِ اختصَارِ حِلْفِ الـ«ناتو» NATO الشهيرِ)، إنَّ المَرَامَ السياسيَّ هٰذا لا يكمُنُ بتًّا في ذَرِيعةِ ذاك «الإجراءِ الدفاعيِّ الوقائيِّ الذي ليسَ لَهُ إلاَّ أن يحميَ أبناءَ (لَا بَنَاتِ) السُّنَّةِ حَصْرًا من ازديادِ المَدِّ الشِّيعيِّ الفارسيِّ» في الحَيِّزِ الجغرافيِّ الأَهَمِّ من منطقةِ الشرقِ الأوسطِ بالذاتِ، بلْ يكمُنُ أيَّمَا كُمُونٍ، والمَآلُ هُنَا، في خَدِيعةِ ذلك الإجراءِ الهجوميِّ العدوانيِّ الذي رِيمَ لَهُ بالعُنُوِّ أنْ يزعزعَ هٰؤلاءِ الأبناءَ طُرًّا بازديادِ المَدِّ العسكريِّ الأمريكيِّ (ومن ورائِهِ كذاكَ المَدُّ العسكريُّ البريطانيُّ وَ/أوِ الفرنسيُّ، وهلمَّ جرًّا) في عَيْنِ منطقةِ الشرقِ الأوسطِ هٰذِهِ، دونَ سِوَاهَا من مناطقِ هٰذا الشرقِ الغرائبيِّ الفسيحِ منظورًا إليهِ، والحَالُ الدَّخُولُ هٰتِيكَ، بمنظارِ مَا يُسَمَّى بـ«الهَيْمَنَةِ الاستشراقيَّةِ» Orientalist Hegemony، حسبمَا يعنيهِ المفهُومُ السَّعيديُّ على وجهِ التحديدِ – منظورًا إليهِ من لَدُنْ عَيْنِ ذلك الغربِ المُدَجَّجِ كُلاًّ بأشكالِ السِّلاحِ الحديثِ (ومَا بعدَ الحديثِ) تَوْصِيَةً بالقوَّةِ المَادِّيَّةِ، من جَانِبٍ أوَّلَ، وكذاكَ المُحَصَّنِ جُلاًّ بأثقالِ العِلْمِ النظريِّ والعمليِّ (ومَا يترتَّبُ عليهَا) تَزْكِيَةً بالقوَّةِ المَعْنَوِيَّةِ، من جَانِبٍ آخَرَ، سَوَاءً بسَوَاءٍ. وقد أثبتَ هٰذا المَرَامَ السياسيَّ الأوَّلَ والأخيرَ كَمٌّ جِدُّ لَافتٍ مِمَّا جَاءَ في بياناتٍ صَرِيحَةٍ، أو حتى في نظائٍرَ ضِمنيَّةٍ، فيمَا سُمِّيَ بـ«مؤتمرِ السلامِ والأمنِ في الشرقِ الأوسطِ» الذي جَرَى عَقْدُهُ إذَّاكَ في مدينةِ وارسو في اليومِ الخامسَ عشرَ من شهرِ شباطَ من العامِ «مَا قبلَ الكورونيِّ»، عامِ 2019 ذاتًا – بوصفِهِ بالبَدَاهَةِ «منعطفًا تاريخيًّا» في حُسْبَانِ عِصَابَةِ آلِ الصَّهَايِينِ وأعْوَانِهِمْ بِالمَعِيِّ المَاثِلِ من العُرْبَانِ والعَرَبِ (السُّنَّةِ الأرثوذكس)، من طَرَفٍ أوَّلَ، وبوصفهِ بالمَتَاهَةِ «سِيرْكًا تهريجيًّا» في حُسْبَانِ عِصَابَةِ آلِ الخَمَائِينِ، أو آلِ الرَّوَاحِينِ، وأعْوَانِهِمْ بِالمَعِيِّ المُمَاثِلِ من العُرْبَانِ والعَرَبِ (الشِّيعةِ اللاأرثوذكس)، من طَرَفٍ آخَرَ، سَوَاءً بسَوَاءٍ بذاتِ الغِرَارِ. حتى أنَّ ثَمَّةَ بضعةً من التقاريرِ الأمنيَّةِ «السِّرِّيَّةِ جِدًّا» و«السِّرِّيَّةِ للغَايَةِ» التي تمَّ تسريبُهَا نَكَالاً، في الآونةِ الأخيرةِ بالرَّغْمِ من «سِرِّيَّتِهَا» هٰذِهِ، والتي تشيرُ، مِنْ جملةِ مَا تشيرُ، إلى أنَّ لكلٍّ من عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ «مِخْلَبًا عسكريًّا» مُسْتَتِبًّا في الجانبِ الشرقيِّ الشماليِّ من منطقةِ الفراتِ (في سوريا)، ومزوَّدًا حتى بأجناسٍ شتَّى من مقاتلينَ أجانبَ مأجورينَ «جِدِّ أوفياءَ» تأتيهِمْ متوالياتُ الأوامِرِ والنواهِي العسكريَّةِ وحتى اللاعسكريَّةِ كافَّةً، بينَ الحينِ والحينِ الآخَرِ، إتْيَانًا مباشرًا بالإجمَاعِ أو حتى بالإفرَادِ من «وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية)» CIA: ومن ورائِها كذلك تقبعُ «هيئةُ الاستخباراتِ العسكريةِ (البريطانية)» MI6، مِنْ جَانِبِهَا، وَ/أوِ «الإدارةُ العامةُ للأمنِ الخارجيِّ (الفرنسية)» DGSE، مِنْ طَرَفِهَا كذلك. فلا غَرْوَ، مرةً أخرى، أن تكونَ الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ هي ذاتُهَا، منذُ البدايةِ: «التَّعَاضُدُ الأمْنِيُّ مِنْ أجْلِ مُحَارَبَةِ الإرْهَابِ المُتَمَثِّلِ في تنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ»، أو «داعش» ISIS اختصَارًا، ومَا شَابَهَ»، تلك الأحْبُولةُ الوَضِيعَةُ التي لَمْ يتوقَّفْ أَيٌّ من فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ، سَوَاءً في «الجمهورياتِ» أو في «الاشتراكيَّاتِ»، عن التذرُّعِ بِهَا بغيةَ الاسْتِوَاءِ الأبديِّ المُفَاءِ على عُروشِ الحُكْمِ من أمثالِ بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي وخليفة بلقاسم حفتر، وغيرِهِمْ. ففي حينِ أنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ العتيَّ المُصْطَنَعَ الأوَّلَ (رأْسَ عِصَابَةِ آلِ الأسَادِينِ) يظهرُ مُنْهَمِكًا كلَّ الانهمَاكِ في تحطيمِ الأرقامِ القياسيَّةِ كُلاًّ في ارتكابِ شتَّى أنواعِ الجَرائِمِ النكراءِ ضدَّ الإنسانيَّةِ، وقَدْ قتلَتْ وشرَّدَتْ عِصَابتُهُ «الأسَادِينِيَّةُ» هٰذِهِ من الشَّعبِ السُّوريِّ اليتيمِ في غُضُونِ أقلَّ مِنْ سبع من السَّنواتِ العِجَافِ أضعافًا مضاعفةً مِمَّا قدْ قتلتْهُ وشرَّدَتْهُ عِصَابَةُ آلِ الصّهَايِينِ ذَوَاتِهِمْ من الشَّعبِ الفلسطينيِّ اللَّطِيمِ على مَدى أكثرَ مِنْ سبعينَ سَنَةً أشدَّ عُجُوفًا حتَّى، فإنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ العتيَّ المُصْطَنَعَ الثانِي (رأْسَ عصابةِ آلِ السَّيَاسِيسِ) يبدُو مُسْتَغْرِقًا أيَّمَا استغراقٍ، بدورِهِ هو الآخَرُ، في ارْتِسَامِ تلك الذكرياتِ القَمِينَةِ والشَّجِينَةِ جُلاًّ إبَّانَ لقائِهِ الحَمِيمِ على هامشِ الانعقادِ «العتيدِ» لمَا يُسمَّى بـ«مؤتمر ميونيخ للأمن» MSC، في اليومِ السَّادِسَ عشرَ من شهرِ شباطَ من ذاتِ العامِ «مَا قبلَ الكورونيِّ»، عامِ 2019 ذاتًا كذلك – وذلك إبَّانَ لقائِهِ بزميلِهِ «الحَمِيمِ» عاموس يَدْلين، الرئيسِ الرَّسْمِيِّ السَّابِقِ لـ«إدارةِ الاستخباراتِ العسكريةِ الإسرائيلية» אמ"ן (2006-2010)، وإبَّانَ كونِهِ (كونِ رأْسِ عِصَابَةِ آلِ السَّيَاسِيسِ ذاتِهِ) رئيسًا رَسْمِيًّا سَابقًا أيضًا لـ«إدارةِ المخابراتِ الحربيةِ المصريةِ» (2010-2012)، أي قَبْلَ القِيَامِ بِحَوْلٍ بانقلابِهِ العسكريِّ المَحْمُومِ والمَدْعُومِ أَيَّمَا دَعْمٍ من لَدُنْ أزلامِ عِصَابَتَيْ آلِ السَّعَادِينِ وآلِ النَّهَايِينِ الإجراميَّتَيْنِ بالذاتِ، وبإيعازٍ أمريكيِّ وَ/أوْ بريطانيٍّ خفيٍّ أو حتى شبهِ «جَليٍّ»، على الرئيسِ المصريِّ المحُبوسِ أيَّامَئِذٍ حتى إشعارٍ آخَرَ، محمد مرسي (قبلَ رحيلِهِ عنْ هٰذِهِ الدنيَا): وقدْ كَانَ أَوَّلَ رئيسٍ عربيٍّ مصريٍّ مُنْتَخَبٍ، بالرَّغْمِ من «إِخْوَانِيَّتِهِ»، انتخابًا ديمقراطيًّا حقيقًا أو شِبْهَ ديمقراطيٍّ على الأقلِّ، في تاريخِ مصرَ السياسيِّ الحديثِ والقديمِ كلِّهِ – نَاهِيكُمَا عن ذلكَ الاعتقالِ التَّعَسُّفِيِّ الهَمَجِيِّ لِزَعِيمِ حَرَكَةِ «النهضةِ» التونسيِّ، راشد الغنوشي، بِتُهْمَةِ «تمجيدِ الإرهَابِ» وتوصيفِ رجَالِ الأمنِ بـ«الطواغيتِ»، مِمَّا حَدَا بالعديدِ من المفكِّرينَ في العَالَمِ، من بينِهِمْ نعوم تشومسكي وفرانسيس فوكوياما وبرهان غليون، إلى المُطَالبةِ المِلْحَاحِ بالإفراجِ عنهُ شخصيًّا، وبالأخَصِّ بوَصْفِهِ مُنْتَخَبًا كذاكَ انتخَابًا ديمقراطيًّا كرئيسٍ حَرِيٍّ لذاتِ البرلمانِ الذي قَدْ حَلَّهُ رئيسُ «الجمهوريَّةِ» التونسيُّ، قيس سعيِّد بالذاتِ، وهو الشَّارِعُ الآنَ، لا ريبَ، في مَسَارِ تلك العِصَابَاتِ من فَلِّ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ بالذوَاتِ – ونَاهِيكُمَا عن هٰذا الانتشالِ التَّأَسُّفِيِّ الهَرَجِيِّ لِلطَّاغِيَةِ الإجْرَامِيِّ، بشار الأسد (مَغْمُورًا بِحُضُورِ الدُّمْيَةِ الأوكرانيِّ، ڤولوديمير زيلينسكي) في زَرِيبَةِ الجامعةِ العربيَّةِ إِبَّانَ اجتمَاعِ قِمَّتِهَا في مدينةِ جَدَّةَ (يَوْمَ التاسِعَ عَشَرَ من شهرِ أيَّارَ هٰذا)، وبِالخِلَافِ والبِغَاتِ الصَّاعِقَيْنِ من كلِّ تَقْلِيدٍ مُنْطَوِيًا انطوَاءً «آخَرِيًّا» على التَّمْوِيلِ المُوَصَّى أمريكيَّا بـ«إحْيَاءِ» بَلَدَيْنِ مُدَمَّرَيْنِ ثَمَنًا لِأَيِّمَا تَدَخُّلٍ عَسْكَرِيٍّ أو لاعَسْكَرِيٍّ، ومُنْطَوِيًا انطوَاءً «ذاتِيًّا» على التَّحْوِيلِ المُسَوَّى سُعُودِيًّا بـ«إرْضَاءِ» الغربِ سَعْيًا سَارِبًا وَرَاءَ تَغَاضِيهِ عن اجْتِرَامِ جَرِيمَةِ اغْتِيَالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي بالذاتِ.

ولِكُلٍّ من الأَهَمِّيَّةِ والخُطُورَةِ اللتَيْنِ تَسْتَلْزِمَانِ بإلْحَاحٍ إِعَادَةَ العَرْضِ، لٰكِنْ بتعبِيرٍ مُغَايِرٍ هُنَا في ضَوءِ مَا اسْتَجَدَّ من مُجْرًى أو من مُجَرَيَاتٍ مَرَّةً أُخْرَى، وقَدْ كانتْ لِعِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ مَآرِبُهَا اللاأخلاقيةُ واللاإنسانيةُ التي تَأْرُبُ إلَيْهَا كذاكَ، بِدَوْرِهَا هي الأخرى – وذاك ابْتِنَاءً حَاسِمًا على سَابِقِ الاعتبَارِ المَحَلِّيِّ بأنَّ القُنْصُلِيَّةَ السُّعُودِيَّةَ في مدينتِهِمْ إسطنبولَ ذاتِهَا إنَّمَا هي مَسْرَحُ ارتكابِ جَرِيمَةِ اغْتِيَالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي ذاتِهِ، على يُدِيِّ أَخَسِّ فريقٍ مخابراتيٍّ إجراميٍّ مؤلَّفٍ من خَمْسَةَ عَشَرَ كائنًا لاآدَمِيًّا، لا بَلْ كائنًا مَا دُونَ-حَيَوَانِيًّا، يَحْمِلُ بينَ طَيَّاتِهِ قاتِلاً فاعلاً سُعُودِيًّا بلحمِهِ وشحمِهِ، من جهةٍ أولى؛ وذلك اسْتِنَادًا حَازِمًا إلى لاحِقِ الاعتبارِ الإقليميِّ، أو حتى نَظِيرِهِ الدُّوَلِيِّ أيضًا، بأنَّ أيًّا من نشاطاتِ، أو من تحرُّكاتِ، ذينك «المِخْلَبَيْنِ العسكريَّيْنِ» المُسْتَتِبَّيْنِ اسْتِتْبَابًا يُقلِقُ البَالاتِ والأَلْبَابَ كُلَّهَا في الجَانِبِ الشرقيِّ الشماليِّ من منطقةِ الفراتِ (في سوريا، على وَجْهِ التَّحْدِيدِ) إنَّمَا يُمَثِّلُ تدخُّلاً طَافِرًا وسَافِرًا في السِّيَادةِ والأمْنِ القوميَّيْنِ التركيَّيْنِ، من جهةٍ أُخرى. ولإنْعَاشِ الذاكرَةِ هٰهُنَا بعضَ الشيءِ كذلك، فإنَّ في الوُسْعِ الآلَمِ الآنَ عَيْنَ التَّبَيُّنِ من حَشْدِ هٰذِهِ المَآرِبِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ بالمَآلِ على مستويَيْنِ «براغماتيَّيْنِ» (أو، بالحَرِيِّ، ذَرَائِعِيَّيْنِ نَفْعِيَّيْنِ) مُكَمِّلَيْنِ لبعضِهِمَا البعضِ، أحَدُهُمَا اقتصَادِيٌّ-مَالِيٌّ وآخَرُهُمَا سيَاسِيٌّ-دينِيٌّ، كَمَا تَمَّ ذِكْرُهُ قَبْلاً: فأمَّا المستوى «البراغماتيُّ» الاقتصَادِيُّ-المَالِيُّ، قبلَ كُلِّ شَيْءٍ، فيتجلَّى تجلِّيًا في سَيَلانِ اللُّعَابِ المَاثِلِ مِنَ «أَحْبَابِ» عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ )هٰؤلاءِ «العثمانيِّينَ» Ottomans) أنفسِهِمْ قُدَّامَ تيكَ الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ «النَّدِيَّةِ» و«الجَدِيَّةِ»، بالرَّغْمِ من ذلك كلِّهِ، وذاك تيمُّنًا سَارِيًا سَرَّا بسَيَلانِ اللُّعَابِ المُمَاثِلِ مِنَ «أَرْبَابِ» عِصَابَةِ آلِ الطرابينِ (أولٰئك «اليانكيِّينَ» Yankees) ذواتِهِمْ من أمَامِ هٰذِهِ الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ ذاتِهَا. وفي غَلْوَاءِ كَافَّةِ هٰذِهِ المَآرِبِ اللاأخلاقيةِ واللاإنسانيةِ التي تَأْرُبُ إليهَا «أَحْبَابُ» عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ وحدَهَا أَيَّمَا أَرَبٍ، على هٰذا المستوى «البراغماتيِّ» الاقتصَادِيِّ-المَالِيِّ تَحْدِيدًا، مَا يُفَسِّرُ الآنَ بِجَلاءٍ كيفَ أنَّ رأسَ هٰذِهِ العِصَابَةِ الإجراميَّةِ (اللاأبديَّةِ)، رجب طيب أردوغان عَيْنَهُ، يتكشَّفُ للعِيَانِ (وللآذَانِ) بصفتِهِ فردًا دبلوماسيًّا يحترفُ الابتزازَ والنفاقَ احترافًا، وقدْ بَلَغَا مُنْتَهَاهُمَا في شَخْصِهِ «الرَّزِينِ» أَوِ «الرَّصِينِ» هٰذا، أَوْ هٰكذا بَادِيًا: أردوغانُ هٰذا الدبلوماسيُّ يحترفُ الابتزازَ، من طَرَفٍ تَسَوُّفِيٍّ، من جَرَّاءِ اتِّبَاعِهِ ذلك الأُسْلُوبَ التَّدَرُّجِيَّ الرُّوَيْديَّ-الرُّوَيْديَّ، أو مَا يُسَمَّى في الحديثِ السِّيَاسِيِّ دَارِجًا بـ«سِيَاسَةِ القطرةِ-قطرةٍ»، في تَسْرِيبِ كلٍّ من تلك المعلومَاتِ الصَّوْتِيَّةِ والمَرْئِيَّةِ المُرَوِّعَةِ والمُرِيعَةِ التي تتعلَّقُ «رَسْميًّا» أو حتى «لارَسْمِيًّا» بِجَرِيمَةِ اغْتِيَالِ الكَاتِبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ، جمال خاشقجي ذاتِهِ، وفي إطلاعِ كلٍّ من تيك الدولِ الغربيةِ والشرقيةِ «الديمقراطيةِ» و«اللاأوتوقراطيةِ» التي يُحَالِفُهَا من دَاخِلِ وخارِجِ «حِلْفِ شِمَالِ الأطلسيِّ» NATO الآنفِ الذِّكْرِ، ومن ثمَّ في الوَعْدِ «المبدئيِّ» المُسْتَمِرِّ لهَا (لكلٍّ من تيك الدولِ الغربيةِ والشرقيةِ) بِبَذْلِ مَا في المَقْدُورِ من جُهُودٍ جَهيدةٍ في تَسْرِيبِ المزيدِ من تلك المعلومَاتِ الصَّوْتِيَّةِ والمَرْئِيَّةِ بالذوَاتِ – وذاك، على فكرةٍ، مَحْضُ تَسْرِيبٍ بِإِنْفَاذٍ دَنِيٍّ يتولاَّهُ عناصِرُ «أتْقِيَاءُ» معيَّنُونَ من «جهازِ الاستخباراتِ الوطنيةِ (التركيِّ)» MİT، من وَرَاءِ الكواليسِ؛ وذاك، على فكرةٍ كذاك، مَحْضُ تسريبٍ بإشرافٍ قَصِيٍّ أو حتى لاقَصِيٍّ يُؤَدِّيهِ عناصِرُ «أوْقِيَاءُ» محدَّدُونَ آخَرُونَ من «وكالةِ الاستخباراتِ المركزيةِ (الأمريكية)» CIA، من وَرَاءِ وَرَاءِ هٰذِهِ الكواليسِ هٰذِهِ المَرَّةَ. حتى أنَّ أزلامَ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ أنفسَهُمْ كانوا يَسْعَوْنَ إبَّانَئِذٍ سَعْيًا حثيثًا وَرَاءَ تدويلِ مِلَفِّ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ هٰذِهِ أبعدَ فأبعدَ، فكانوا يَسْعَوْنَ ذاتَ السَّعْيِ إذَّاكَ وَرَاءَ تحويلِهِ إلى مِلَفِّ قضيَّةٍ قضائيَّةِ دُوَلِيَّةٍ ينبغي على هيئةٍ أُمميَّةٍ، من مثلِ هيئةِ «الأممِ المتَّحدة» UN، أنْ تتعهَّدَ بالشُّرُوعِ في إعادةِ التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ في تفاصيلِهَا حتى قبلَ مجاميلِهَا، في هٰذِهِ المَرْحَلَةِ العَصِيبَةِ من مَرَاحِلِ التَّوَتُّرِ الدُّوَلِيِّ بالذاتِ. وبالتالي، فِيمَا يَتَبَدَّى، كانَ أزلامُ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ هٰؤلاءِ يَرُومُونَ تجديدَ كَرَّةِ سَعْيِهِمِ الحثيثِ ذاك بدعوةٍ جِدِّ جَدِّيَّةٍ إلى تشكيلِ لجنةٍ أو لِجانٍ أمميةٍ تتولّى مَهَامَّ هٰذا التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ كُلاًّ من أجلِ ذاكَ الكشفِ الوَفِيقِ عن ملابساتِ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ هٰتِيكَ على كُلٍّ من الملأِ الأدنى والملأِ الأعلى كذلك: وعَيْنُ أردوغانَ الدبلوماسيِّ (ذاكَ الاِبْتِزَازِيِّ) لمْ يبرَحْ يجاهرُ ويشاهرُ حتى أوَانٍ حديثٍ نسبيًّا (وسَابِقٍ لهٰذا الزَّمَانِ الاِنْتِخَابِيِّ بالذاتِ) بأنَّ أزلامَ عِصَابَتِهِ أولٰئكَ «لمْ يكشفوا بعدُ عنْ كافَّةِ العَنَاصِرِ التي بحَوْزتِهِمْ فيمَا لهُ مِسَاسٌ بعَيْنِ التحقيقِ الرَّسْميِّ الدقيقِ في قضيةِ هٰذِهِ الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ عَيْنِهَا في مدينةِ إسطنبولَ»، وأنَّهُمْ بذاك «سيُرسِلُونَ وثائقَ سِرِّيَّةً ومعلوماتٍ حَرِيَّةً تِبَاعًا بِشأْنِ هٰذِهِ القضيةِ إلى مَعْنيِّ السُّلُطاتِ التي سوفَ تقومُ بالمُحَاكَمَةِ الفعليَّةِ عندَئِذٍ» – كُلُّ ذلك السَّعْيِ الحثيثِ والتَّحْدِيثِ المُحْدَثِ إِحْدَاثًا من لَدُنْ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ أولٰئكَ إنَّمَا مُبْتَغَاهُ الأَوَّلُ والأَخِيرُ مُوَاصَلَةُ إثقالِهِمْ كَوَاهِلَ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ السَّعَادِينِ الإجْرَاميِّينَ ذواتِهِمْ، من جَانِبٍ أوَّلَ، ومُضَاعَفَةُ أردوغانَ الدبلوماسيِّ (الاِبْتِزَازِيِّ) هَمًّا لِجَعَمِهِ وتَجَعُّمِهِ في تلك الملياراتِ السُّعُودِيَّةِ «النَّدِيَّةِ» و«الجَدِيَّةِ» ذاتِهَا، من جانبٍ آخَرَ. وأردوغانُ هٰذا الدبلوماسيُّ يحترفُ النفاقَ أيضًا، من طَرَفٍ تَشَوُّفِيٍّ (فَضْلاً عَنِ احترافِهِ الابتزازَ، من ذاكَ الطَّرَفِ التَّسَوُّفِيِّ)، من جَرَّاءِ تَوْقِهِ وشَوْقِهِ الاِفْتِعَالِيَّيْنِ والاِفْتِرَائِيَّيْنِ الجَمُوحَيْنِ إلى الظُّهُورِ قُدَّامَ العَالَمِ المَغْبُونِ وغيرِ المَغْبُونِ قاطِبَةً بمظهرِ ذلك السياسيِّ «النظيفِ» و«النَّزِيهِ» و«المُشْبَعِ إشْبَاعًا بمَكَارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ»، في غَمْرَةِ انْشِغَالِهِ العُصَابِيِّ أو حتَّى الذُّهَانِيِّ بِذَيْنِك التحرِّي والتقصِّي «الإنْسَانِيَّيْنِ» و«الإنْسَانَوِيَّيْنِ» عَنِ الآمِرِ الفعليِّ بتنفيذِ تلك الجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ الشَّنْعَاءِ، جَرِيمَةِ اغتيالِ الكاتبِ الصِّحَافِيِّ السُّعُودِيِّ جمال خاشقجي ذاتِهِ – وَهْوَ، مِمَّا هُوَ حَرِيٌّ بالذِّكْرِ، ٱلْصَّدِيقُ الحَمِيمُ لأردوغانَ الدبلوماسيِّ (هٰذا النِّفَاقِيِّ) بالعَيْنِ، بينمَا كَانَ عَيْنُ هٰذا السياسيِّ «النظيفِ» و«النَّزِيهِ» و«المُشْبَعِ إشْبَاعًا بمَكَارِمِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ» عينِهَا، ولمَّا يَزَلْ، قَدْ قَامَ بِرُمِّ مُقْتَضَى مشيئتِهِ العقليَّةِ والنفسيَّةِ بالحَظْرِ العَسْفيِّ والتعسُّفيِّ والاعتسَافيِّ على شتَّى حُرِّيَّاتِ التعبيرِ وأشْتَاتِ حُرِّيَّاتِ الاِرْتِئَاءِ، من سَبِيلِ اتِّخَاذِ أَحْكَامٍ وإجْرَاءَاتٍ قَمْعِيَّةٍ وقَسْرِيَّةٍ وقَهْرِيَّةٍ أدَّتْ إلى اكتظاظِ سُجُونِهِ، سُجُونِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ ذَوَاتِهِمْ، بالعديدِ من الصِّحَافيَّاتِ والصِّحَافيِّينَ، وبالعديدِ من النَّاشِطَاتِ والنَّاشِطِينَ الآخَرِينَ، منذ أنْ تسلَّمَ هٰكذا الـ«أردوغانُ» الدبلوماسيُّ الاِبْتِزَازِيُّ النِّفَاقِيُّ مقاليدَ الحُكْمِ في دولةِ تركيا في اليومِ الثامنِ والعشرينَ من شهرِ آبَ عامَ 2014، بوَصْفِهِ ذاكَ المُمَثِّلَ السياسيَّ «النظيفَ» و«النَّزِيهَ» و«المُشْبَعَ إشْبَاعًا»، إلى آخرِهِ، للرئيسِ الثانِي عَشَرَ للبلادِ مُنْتَخَبًا مُؤَخَّرًا مِنْ جَدِيدٍ لِدَوْرَةِ حُكْمٍ أُخْرَى.

وأمَّا المستوى «البراغماتيُّ» السياسيُّ-الدينيُّ الأَشَدُّ خُطُورَةً من نَظِيرِهِ الاقتصَادِيِّ-المَالِيِّ الآنِفِ الذِّكْرِ، بعدَ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَتَبَدَّى تَبَدِّيًا في لُهَاثِ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ أَنْفُسِهِمْ وَرَاءَ احتكاريَّةِ عَيْنِ التمثيلِ «المَافْيَوِيِّ» للمذهبِ السُّنيِّ (الأرثوذكسي) في فَسِيحِ هٰذا العَالَمِ العربيِّ والإسلاميِّ بِرُمَّتِهِ، وذاكَ بِمُقْتَضَى مَا يُضْمِرُونَهُ إضْمَارًا تمويهيًّا وتسفيهيًّا من تطلُّعَاتٍ هَيْمَنِيَّةٍ «استشراقيَّةٍ»، أو حتى هَيْمَنِيَّةٍ «استغرابيَّةٍ»، إلى بَعْثٍ وإحْيَاءٍ جِدِّ عُجْبِيَّيْنِ، لا بَلْ جِدِّ عُنْجُهِيَّيْنِ، لِبُنْيَانِ جُزْءٍ أو حتى الكُلِّ من «خلافةٍ عثمانيةٍ جَدِيدَةٍ» في مَطَالِعِ هٰذا القَرْنِ الحَادِي والعِشْرِينَ الجَدِيدِ ذاتًا، خلافةٍ بهٰكذا تَوْصِيفٍ مُجَدِّدٍ تُحَاوِلُ أنْ تستعيدَ تاريخَهَا الاستعمَارِيَّ والتوسُّعِيَّ «التَّليدَ» بأَيَّتِمَا أُحْبُولَةٍ سِيَاسِيَّةٍ وَ/أَوْ دينيَّةٍ وَضِيعَةٍ بَخِيسَةٍ كانتْ، على حِسَابِ مَا يَعْتَرِي أغلبيَّةَ الشُّعُوبِ اللَّهِيفَةِ من أحزانٍ وآلامٍ في بلادِ الشامِ وفي بلادِ العراقِ خَاصَّةً، وكذاك على حِسَابِ مَا يَعْتَوِرُ هٰذِهِ الشُّعُوبَ اللَّهِيفَةَ في آخِرِ المَطَافِ اللَّهِيفِ من قتلٍ بَهِيمِيٍّ ومن دَمَارٍ جَحِيمِيٍّ مُحِيقٍ بِهِ من كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ. ولا يختلفُ التذرُّعُ السَّمِيُّ، في حقيقةِ الأمرِ، بتلك الأُحْبُولَةِ الوَضِيعَةِ البَخِيسَةِ في فَحْوى «التَّعَاضُدِ الأَمْنِيِّ مِنْ أَجْلِ مُحَارَبَةِ الإِرْهَابِ تِيكَ»، والحَالُ هٰذِهِ، سِوَى في المُرَادِفِ الاِسْمِيِّ الإِرْهَابيِّ لتنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ» ISIS وأمثالِهِ، ألا وهو: «حزبُ العمَّالِ الكردستانيِّ» PKK وأمثالِهِ كذلك، وعلى الأخصِّ في هٰكذا قرينةٍ مُثْلَى كمثلِ فرعِهِ ذاكَ المَحْسُوبِ سُورِيًّا والمُسَمَّى بـ«حزبِ الاتحَادِ الديمقراطيِّ» PYD – ذٰلك الفرعِ الذي غَلَّ إِذَّاك «مُعَارضًا» و«مُمَانِعًا» و«صَامِدًا» و«مُتَصَدِّيًا» مَعَ ذٰلك، والذي استغلَّتْ وَحَدَاتِهِ المقاتلةَ ومَا إليهَا سَائِرًا قُطْعَانُ عِصَابَةِ آلِ الأسَادِينِ الإجرَامِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ أَيَّمَا استغلالٍ، واسْتَغْبَتْهَا كذاكَ أَيَّمَا اسْتِغْبَاءٍ، في أثناءِ سَنَوَاتِ مَا سَمَّاهُ الكاتبُ الإعلاميُّ (الحُقُوقِيُّ) السُّورِيُّ، حسين جلبي، حَقِيقًا بـ«التِّيهِ الكُرْدِيِّ» في مَتْنِ كتابِهِ الأخيرِ إبَّانَئِذٍ، «روجآفا: خديعة الأسد الكبرى» (إسطنبول: دار ميسلون، 2018). والأَنْكَى من ذٰلك كُلِّهِ، فيمَا يَخُصُّ هٰكذا حِزْبًا مَحْسُوبًا سُورِيًّا بالذاتِ، فإنَّ عِصَابَاتِ طبقاتِ الحُكْمِ الفاشيَّةَ (لَا بَلِ الشُّوفينيَّةَ) المَحْسُوبَةَ تركيًّا بِدَوْرِهَا، وقَدْ أَدْرَكَتْ إذَّاكَ ترتيبَهَا الثانِي عَشَرَ في عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ ذَوَاتِهِمْ، لَمْ تَفْتَأْ تَتَوَعَّدُ لَيْلَ نَهَارٍ بإبَادَتِهِ وبمَحْقِ جُذورِهِ، بعدَ إبَاِدةِ الحزبِ الذي خَلَّفَهُ وبعدَ مَحْقِ جُذورِهِ، بدَوْرِهِ هو الآخَرُ، من على وَجْهِ الأرضِ – إِذِ اسْتَمَرَّ هٰذا التَّوَعُّدُ رَامِئًا حتى بعدَ فَوْزِ ذاك الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ مُؤَخَّرًا في خِضَمِّ انْتِخَابَاتٍ رِئَاسِيَّةٍ قَدْ بَلَغَتْ من الإِشَاكَةِ والشَّرَاسَةِ مَبْلَغًا، وفي خِضَمِّ تَكَالُبَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ قَدْ وَلَغَتْ كذاكَ من عَيْنِ الاتِّزَانِ الخَارِجِيِّ العَسِيرِ مَوْلِغًا بينَ «جَائِحٍ» بوتينِيٍّ باشتدَادِ الحَرْبِ الرُّوسِيَّةِ الأوكرَانِيَّةِ، في كِفَّةٍ قَابِلٍ، وبينَ «حَائِجٍ» بَايْدِنِيٍّ بارْتِدَادِ الأَرَبِ الأطلسِيِّ الأورُوبيِّ (حولَ اقتناءِ السِّلاحِ الأمريكيِّ F16 واقتضَاءِ اللُّجُوءِ السُّورِيِّ)، في كِفَّةٍ مُقَابِلٍ. ومَا على ذاك الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ، في كُلٍّ من هٰتَيْنِ الكِفَّتَيْنِ عندَئِذٍ، إِلاَّ الاِتِّجَارُ الاِنتهَازيُّ بأَمْدَاءِ «التقارُبِ» مَعَ قُطْعَانِ عِصَابَةِ آلِ الأسَادِينِ الإجرَامِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ، وإِلاَّ إِشْرَاطُ هٰكذا «تقارُبٍ» مِنْ ثَمَّ بمِيدَاءِ الهُجُومِ المَأْجُومِ على كُلٍّ من الحزبَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ، الأَصْلِ «حزبِ العمالِ الكردستانيِّ» PKK، والفَرْعِ «حزبِ الاتحادِ الديمقراطيِّ» PYD. وحُجَّةُ هٰذا الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ في هٰذا كُلِّهِ هي أَنَّ هٰذينِ الحزبَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ إنَّمَا يَطْمَحَانِ في أحلامِهِمَا طُمُوحًا رُومَانْسِيًّا و«ثوريًّا» إلى تهدِيدِ أَمْنِ البُقْعَةِ «السِّلْمِيَّةِ» هٰذِهِ بأسْرِهَا وإلى تقسيمِ أَرْضِهَا على المَدَى البعيدِ جِدًّا في القَحْطِ والجَفَافِ، وأَنَّ هٰذينِ التهديدَ الأَمْنِيَّ والتقسيمَ الأَرْضِيَّ (سَوَاءً كَانَا مُنْفَرِدَيْنِ أو مُجْتَمِعَيْنِ) لا يَخْدُمَانِ حقيقةً إلاَّ في مَصْلَحَةِ الكِيَانِ الصُّهْيُونِيِّ، رَبيبِ ذاك الغربِ الاستعمَاريِّ والإمبريَاليِّ، في نِهَايَةِ المَطَافِ. وهٰكذا، وفي هٰكذا تَوَعُّدٍ ليليٍّ وَ/أَوْ نَهَاريٍّ ليسَ لَهُ إلاَّ أن يكونَ دليلاً حِجَاجِيًّا مَلْمُوسًا، أو بأَدْنَاهُ هٰهُنَا إِرْهَاصًا رَهِيفًا لدليلٍ حِجَاجِيٍّ مَلْمُوسٍ، على ذٰلك التَّعَاوُنِ الخَفِيِّ، لا بَلْ على ذٰلك التَّوَاطُؤِ الدَّنِيِّ، بينَ عِصَابَتَيْ آلِ الأَرَادِيغِ وآلِ الأَسَادِينِ الفاشيَّتَيْنِ، بَادِئَ ذِي بَدْءٍ، على حَرْفِ تلكَ الثورةِ الشَّعبيةِ السُّوريةِ عن مَسَارِهَا النضَاليِّ الطبيعيِّ وعلى القضَاءِ عليهَا قضَاءً تامًّا من أُصُولِهَا ومن فُرُوعِهَا، من طَرَفِهَا هي الأُخرى، فإنَّ مَا يَجْرِي الحديثُ عَنْهُ الآنَ مُسْتَبيئًا صَدَارةَ الحديثِ، في غُضُونِ أيَّامِ تيكَ المؤتمرَاتِ الدُّوَلِيَّةِ وفي أعقابِهَا كذٰلك حتى هٰذِهِ الانتخَابَاتِ المَحَلِّيَّةِ عَيْنِهَا، إِنَّمَا هو جَارٍ جَرْيًا عَمَّا اصْطَلَحَتْ عليهِ أَلْسُنُ العِصَابَةِ الأولى باصْطِلَاحِ «المنطقةِ الآمنةِ أو الأمنيَّةِ» هٰذي الكائنِ في أجزاءٍ من ذلك الشَّريط الشمَاليِّ السُّوريِّ (على حدودِ تركيا تحدِيدًا)، حيثُ أَنَّ ثَمَّ بارِقَةً من الأمَلِ الديمقراطيِّ قَدْ تَبَدَّتْ فِعْلاً وحيثُ أَنَّ ثَمَّةَ بريقًا من التعايشِ السِّلْمِيِّ والوُدِّيِّ قَدْ تَبَدَّى بالفعْلِ إِذَّاكَ مَا بينَ الأكرَادِ والعَرَبِ السُّوريِّينَ والسُّوريَّاتِ رَغْمًا عن أُنُوفِ أزلامِ كُلٍّ من العِصَابَتَيْنِ الفاشِيَّتَيْنِ المَعْنِيَّتَيْنِ، في واقعِ الأمرِ – ولٰكِنَّ، لٰكِنَّ في أَنْفُسِ أزلامِ عِصَابَةِ آلِ الأَرَادِيغِ الفاشيِّينَ الإجرَامِيِّينَ أَنْفُسِهِمْ، في المقابلِ النقيضِ لهٰذا الوَاقِعِ الرَّاقِعِ المَهِيضِ، مَآرِبَ لاأخلاقيةً ومَرَامَاتٍ لاإنسانيةً أُخْرَى.

مَرَّةً أُخْرَى، صَحِيحٌ أَنَّ البَادِيَ للأنظارِ من فَوْزِ هٰذا الـ«أردوغانِ» الدبلوماسيِّ الاِبْتِزَازِيِّ النِّفَاقِيِّ في الاِنْتِخَابَاتِ الرِّئَاسِيَّةِ الأَخيرةِ في تركيا لهٰذا العَامِ إِنَّمَا يعكسُ الآنَ صُورَةً جِدَّ إيجَابِيَّةٍ بالقُرْبَانِ وجِدَّ إيحَائِيَّةٍ بالحُسْبَانِ عن سُلُوكِيَّةِ هٰكذا الـ«أردوغانِ» بوَصْفِهِ مُمَثِّلاً سياسيًّا «نظيفًا» و«نزيهًا» و«مُشْبَعًا إشباعًا بمَكَارِمِ أخلاقٍ إسلاميةٍ نَقِيَّةٍ»، إلى آخِرِهِ إلى آخِرِهِ، وصَحِيحٌ كذاك أَنَّ تَوْجِيهَ الاِنْتِقَادِ بِبَالِغِ الأَشُدِّ إلى المَعْنِيِّ من وسَائِلِ الإعلامِ الغربيِّ فِيمَا لَهُ مِسَاسٌ بأَيِّ مَوْقِفٍ تَخَرُّصِيٍّ مَهِينٍ أو حتى عُنْصُرِيٍّ مَقِيتٍ أو حتى اِسْتِشْرَاقِيٍّ بَغِيضٍ (مِنْ لَدُنْ أَبِي الاِسْتِشْرَاقِ، برنارد لويس عَيْنِهِ) بِإِزَاءِ أَيِّمَا دولةٍ إسلاميَّةٍ كمثلِ تركيا هٰكذا الـ«أردوغانِ» بالعَيْنِ – صَحِيحٌ كُلَّ الصَّحَاحِ أَنَّ تَوْجِيهَ الاِنْتِقَادِ بهٰكذا أَشُدٍّ إِنَّمَا هو وَاجِبٌ إنسَانيٌّ مِلْحَاحٌ، قبلَ أَنْ يكونَ وَاجِبًا أَخلاقيًّا كذاكَ حتى، على كُلِّ مُثَقَّفَةٍ نَظِيفَةٍ نَزِيهَةٍ أو كُلِّ مُثَقَّفٍ نَظِيفٍ نَزِيهٍ كَمَا يُحَاوِلُ الكَاتِبُ الصِّحَافِيُّ المُخَضْرَمُ، صبحي حديدي، أَنْ يفعلَ جَاهِدًا في تقريرِهِ الحَدِيثِ العَهْدِ، مَثَلاً لَا حَصْرًا، «انتخاباتُ تركيا: مَنْ يتذكَّرُ برنارد لويس؟» (القدس العربي، 13 أيار 2023)، إِلاَّ أَنَّ هٰذِهِ «النَّظَافَةَ» وهٰذِهِ «النَّزَاهَةَ» لَنْ تَتَجَلِّيَا مُكْتَمِلَتَيْنِ شَكْلاً وَ/أَوْ فَحْوًى على الإطلاقِ مَا لَمْ يلتزمْ هٰذا الكَاتِبُ الصِّحَافِيُّ العربيُّ المَعْنِيُّ، في هٰذِهِ القرينَةِ الجَمُوحِ إحْسَاسًا وحَسَاسِيَةً بالنِّسْبَةِ للمَعْنِيَّاتِ من العَرَبِيَّاتِ والمَعْنِيِّينَ من العَرَبِ تَحْدِيدًا، مَا لَمْ يلتزمْ كُلَّ الاِلْتِزَامِ هٰهُنَا بِتِبْيَانِ شَيْءٍ ولَوْ بِحَدٍّ نِسْبِيٍّ، على أَقَلِّ تَقْدِيرٍ، من ذٰلكَ «الوَجْهِ الزَّرِيِّ» (أو Seamy Side، كَمَا يَنْطِقُ اللِّسَانُ الحَالُ حَالاًّ للتَّحْلِيلِ النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ الناطقُ باللغةِ الإنكليزيَّةِ) من شَخْصِيَّةِ هٰكذا الـ«أردوغانِ» بالذاتِ، وعلى الأَخَصِّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بذاتِ الكَمِّ الهَائِلِ من تيكَ الجَرَائِمِ الحُوشِيَّةِ والوَحْشِيَّةِ التي كَانَتْ قُوَّاتُهُ الخَاصَّةُ، وَلَمَّا تَزَلْ، تَرْتَكِبُهَا ارْتِكَابًا هَمَجِيًّا في كُلٍّ من شِمَالِ سوريا وشِمَالِ العراقِ دَعْمًا وتَدْعِيمًا لرَصِيدِهِ الاِنْتِخَابِيِّ الحَالِيِّ (وقَدْ فَازَ بِهِ فَوْزًا لَمْ يَكُنْ بَتَّةً هَيِّنًا) قُدَّامَ بَنَاتِ وأَبْنَاءِ ذاكَ الشَّعْبِ التركيِّ وحَسْبُ، ولٰكِنْ على حِسَابِ الدِّمَاءِ، سَفْكِ الدِّمَاءِ، مِنْ بَنَاتِ وأَبْنَاءِ هٰذِهِ الشُّعُوبِ العربيَّةِ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!

[انتهى القسم الخامس من هذا المقال ويليه القسم السادس]

*** *** ***

دبلن (إيرلندا)،
29 أيار 2023

/ تحديثا عن الحوار المتمدن
غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (5) (ahewar.org)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى