علجية عيش - حديث الجمعة.. امبراطورية لا تعترف بالعرقية و لكن؟

بمقدور الإنسان الذي يفتقد العائلة و يجد نفسه مجبرا على أن ينخرط في الجماعة ، أو يتخذ صديقا من نوعه، أي يشبهه في طريقة التفكير و في نمط العيش، حيث يكون الفكر قاسم مشترك بينهما مهما اختلفت ديانتهما و لغتهما أو جنسيتهما ، يشاركه الخلفية من أجل أن يشعر بدفء القرابة، فكل واحد يعتمد على الآخر ، كلما اقتضت الضرورة و الحاجة، لقد جمعت مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك مثلا) البشر و جعلتهم أمة واحدة و عالما واحدا يواجهون مشكلات سياسية أمنية اجتماعية و اقتصادية، يتقاسمون الأفراح و الأحزان و يتبادلون تهاني العيد ويتشاركون في الاحتفالات الرسمية، أصبح كل شيئ متوفر في عالم الإلكترونيات يكفي ان تضغط على الزر تجد نفسك في مختلف المواقع، و اصبح الفضاء الأزرق وسيلة عبور لاكتشاف العالم، و من خلاله تعبر الى الضفة الأخرى، وقد لعبت "الترجمة" دورا في ربط جسور التواصل بين الشعوب ، بحيث سهلت عملية التواصل و الحوار باللغة التي يفهمها الطرفان.
كل شيئ تبحث عنه تجده في هذا الفضاء ،التبادلات و المعاملات التجارية، التعليم و التثقيف و كل ما هو ضروري في هذه الحياة، ربط العلاقات و الصداقة حتى الزواج ، و يمكن القول أن هناك تعايش بين الأفراد حتى لو كانوا مجهولي الهوية، لقد وسّعت امبراطورية مارك المجالات، و أقبل عليها الجميع بمختلف جنسياتهم و لغاتهم و مستويات فكرهم، فلا تفرق بين أحد منهم، حيث لا يفرض عليك أن تتكلم بلغة واحدة،، لأن هناك تعايش لغات، و إن كان مبتكره يضع بعض القيود أو القواعد إن صح القول ، و هو أن لا ينشر سكان هذا الفضاء ما يخالف المعايير التي وضعها المبتكر، الجانب الإيجابي في مواقع التواصل الاجتماعي هو أنها قضت على "العرقية" أو الهوية القبلية ، فقد جمعت الأمم في أمة واحدة، فقد بسط صاحب هذه الإمبراطورية نفوذه مما جعلها تتحول الى امبراطورية، إلا أن الجانب السلبي في هذا الفضاء هو أن الإنسان تعرض للمسخ ، لأنه تنازل عن هويته و تنازل عن جنسيته و أصبح إنسان افتراضي، أضحى بلا هوية و بلا وجه، هو اليوم يعيش في تناقضات مع نفسه، لأنه وجب عليه أن يعمل في حدود لا ينبغي تجاوزها و ليس من حقه أن يقفز على المعايير، فهذه الإمبراطورية لها قوانينها، و من قبِلَ الانخراط فيها و العيش تحت سقفها فهو ملزم باحترام تلك المعايير و إلا فإنه سيتعرض لعقوبات.
علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى