المحامي علي ابوحبله - مطلوب تحديد موقف من التهدئة ومفهومها ؟؟؟ " التهدئة مقابل تحسين الوضع الاقتصادي "

يعود تاريخ مفهوم السلام الاقتصادي إلى شمعون بيرس الذي استهوته فكرة السيطرة على الشرق الأوسط ومقدراته من خلال اعتقاده أن إسرائيل تمتلك من الإمكانات ما قد يؤهلها للعب هذا الدور المركزي, لكنه حاول أن يوازي بين الوصول إلى اتفاقات سياسية واقتصادية بشكل مقبول إلى حد ما. لكنه وحزبه لم يكونا جاهزين إلى دفع الاستحقاق السياسي المطلوب عربيا وفلسطينيا في تلك ألحقبه .

أما نتنياهو الذي يرفض بشكل مبدئي فكرة حصول الفلسطينيين على أي من أشكال الدولة السيادية ولو في حدها الأدنى , وقد سبق له وأن هاجم التفاهمات غير المكتوية ما بين – اولمرت – ابومازن, وليفني – أبو علاء عامي 2008 و 2009, على الرغم من أنها كانت فقط في حدود النقاشات ولم تكن تلبي الحد الأدنى فلسطينيا, إلا أن نتنياهو وجد فيها إضرارا بالمصلحة الإسرائيلية. وأما خطابه في جامعة بار ايلان حزيران 2009, فلا يمكن أخذه إلا في أطار العلاقات العامة والاستخدامات السياسية في حينه, حيث يكفي العودة إلى كتابة مكان تحت الشمس لندرك وبكل بساطة انه يرفض التخلي عن أي جزء مما يسميه يهودا والسامرة.

أما الحقيقة فهي أن نتنياهو يدرك حاجة إسرائيل لحالة مستقرة نسبيا, وهو يحاول تجنب الدخول في مواجهة مفتوحة مع جزء كبير من دول العالم ومؤسساته, وحتى لا يبدو عبثيا ومتطرفا يطرح مفهوم السلام الاقتصادي, ومنذ اللحظة الأولى التي تدحرج فيها مفهوم أو شعار السلام الاقتصادي رفضه الفلسطينيون رسميا, عبر سيولا متكررة من التصريحات, وفي بعض الأحيان رافضين المشاركة في مؤتمرات دولية ، احتضنت فكرة التعاون الاقتصادي في ظل غياب الحل السياسي.

خلال ثلاثون عاما عاما من عمر اتفاق أوسلو , وحتى في ظل عدم تبلور أو طرح السلام الاقتصادي على طريقة نتنياهو والذي يعتقد بأنه سيكون سببا للهدوء الأمني والسياسي, لم تخرج السياسية الإسرائيلية عن مفهوم حسن النوايا والتي هي بجوهرها اقتصادية, بدءا من التوقف عن دفع ضريبة المقاصة ???? وإعادة دفع مستحقات الضرائب الفلسطينية, وصولا إلى إعطاء أعداد اكبر من تصاريح العمال ورجال الأعمال,التلاعب بعملية السيطرة على المعابر وزيادة وإنقاص عدد ساعات عملها. وبالمقابل تجاهل المتطلبات الاقتصادية الحقيقية مثل البناء والاستثمار في المناطق المسماة سي, والتي من شانها أن تخلق استدامة اقتصادية حقيقية. وبالتالي استطاعت إسرائيل أن تستخدم العامل الاقتصادي كجزرة لمحاولة وأد المقاومة الفلسطينية, وأداة فعالة لإدارة الصراع السياسي, وإبقائه لكن دون إحداث أضرار نوعية لإسرائيل ضمن مفهوم إدارة الصراع وترسيخ الانقسام الفلسطيني وتجسيد فصل غزه عن الضفة الغربية حيث تسعى حكومة نتنياهو لضم أجزاء شاسعة من الضفة الغربية وتحويل ما تبقى من الضفة الغربية لكنتونات تحكمها العشائر من خلال اللامركزية

إن زيارة محمد اشتبه ووزراء من حكومته إلى مصر لم تحقق النتائج المطلوبة لتحريك المسار السياسي وجل ما حققته الزيارة التوصل لاتفاقات اقتصاديه محدودة ، بالتوازي تبعتها زيارة كلا من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخاله وفسرت بحسب وسائل إعلاميه أن الفصائل الفلسطينية تستعد لتنفيذ التفاهمات التي جرى التوافق عليها خلال المشاورات التي جرت في القاهرة الأسبوع الماضي مع المسئولين الأمنيين المصريين، وتابعت ما دار خلال لقاءات قادة حركتي «حماس» و«الجهاد» مع المسئولين المصريين، إن " المشاورات تطرقت إلى بحث إقرار (تهدئة طويلة المدى)، وبعض المناقشات دارت حول استمرار التهدئة لمدة تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات، إلا أن غياب الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حال دون التوصل إلى اتفاق محدد في هذه المسألة، لافتة إلى أن ذلك ما دعا الوسيط المصري إلى تأكيد أهمية " بناء الثقة عبر إجراءات محددة خلال الفترة المقبلة قبل إعلان التفاهمات في هذا الصدد بشكل محدد " وأن «المشاورات تطرقت للكثير من القضايا ذات البعد الاقتصادي في قطاع غزة، خصوصاً ما يتعلق بإعادة تشغيل الميناء والمطار، لتسهيل حركة البضائع والأفراد من وإلى القطاع». وأشارت المصادر إلى أن الجانب المصري «أبلغ قادة الفصائل دعم القاهرة لأي جهود من شأنها تحسين الوضع الإنساني بالقطاع»، لكنه «رفض في الوقت نفسه التدخل في بعض التفاصيل التي تتعلق بالعلاقة بين الفصائل والسلطة الفلسطينية».

وهذا يضعنا أمام تساؤلات عدم تدخل القاهرة بين الفصائل الفلسطينيه والسلطة الفلسطينيه وهي التي رعت جولات الحوار بين الفصائل الفلسطينية وتم تصدير بيانات عن نتائج تلك الحوارات التي كان من المفترض تطبيقها لتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام وصولا لتحقيق الوحدة الجغرافية والوحده السياسيه من خلال برنامج سياسي تم التوافق عليه

لكن ما حصل في القاهرة بين كلا من رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتيه وبالتوازي مع رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنيه وامين عام حركة الجهاد زياد نخاله يضعنا أمام تساؤلات ؟؟؟ تتطلب من قيادة منظمة التحرير والفصائل المنضوية تحت إطارها ومن اللجنة المركزية لحركة فتح تحديد موقف من مجمل التطورات المتلاحقة ومن الاتفاقات ذات البعد الاقتصادي التي عقدت من حكومة اشتيه وتلك التي تم التوصل إليها مع غزه بحكم الانقسام وجميعها تندرج ضمن مفهوم التهدئة مقابل السلام الاقتصادي وهو مرفوض فلسطينيا

إن أي حديث عن تهدئة هو مجرد عبث ومضيعه للوقت لان الايدلوجيه الصهيونية مفهومها. أنهم لن يتوقفوا عن أعمال القتل والتدمير ولم يلتزموا بمواثيق وعهود طالما كانت تتعارض مع مشروعهم الصهيوني التوسعي وهم ينكون علينا الندية في أي اتفاق

وعليه لن نستطيع مقارعة الكيان الإسرائيلي بمصطلحات التهدئة المطاطية, ولا مخرج لنا إلا وحدة الخندق السياسي ووحدة خندق المقاومة المشروعة وفق ما شرعتها القوانين والمواثيق الدولية, وأي طمس لإحدى الخندقين يعني جعل الميدان وفي عمقنا, أرضية خصبة للعبث الدموي للاحتلال, الذي قد يظهر عدائه اليوم لمسمى وطني منا دون آخر,

فينقلب غدا ليظهر العداء للآخر ويدعي بموادعة عدو الأمس, وفي حقيقة الأمر كلنا إرهابيون في نظر ذلك الكيان الغاصب للأرض والمتنكر لحقوقنا الوطنية , ومن الجريمة أن نسوق له أيدلوجيته الانتقائية بمصطلحات مطاطية, وربما نؤمن فقط في حال التوافق بين خطي المقاومة والسياسة, أن يتم الاتفاق على تخفيض وتيرة المقاومة لصالح خط السياسة لاختبار ما هو جديد بادعاء العدو, أو العكس في حال الانتكاسات المستمرة في العملية السياسية حيث المماطلة الصهيونية والتهرب من أي استحقاقات سياسية, يمكن أن تزيد وتيرة المقاومة كسلوك طبيعي, ولا نؤمن بأيدلوجية الرد المؤقت, بل المقاومة والمفاوضات هما شرع وطني سياسي ولا يمكن الفصل بينهما من اجل إنهاء الاحتلال,

الأخطر فيما نواجهه هو في خصامنا وصراع بعضنا بعضا وهذه قد تكون علامة فارقه في مخاطر ما تواجهه القضية الفلسطينية صراع الاخوه تحت عناوين ومسميات جميعها تبعدنا عن نقطه التحول لكيفية بناء استراتجيه وطنيه تقود للتحرير والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي ، وهنا تكمن ماساتنا في صراعنا على مكاسب ومغانم وهميه كوننا ما زلنا نعيش جميعا تحت الاحتلال الإسرائيلي سواء في غزه أو الضفة الغربيه

فهل يعقل أن نبتعد عن هدفنا وتصبح أولى أولوياتنا محاصصه وظيفية واقتسام مصالح ومناصب ورتب ورواتب تحت حراب الاحتلال ،لا نستثني احد فالجميع يسعى للمحاصصه الوظيفية ضمن مسعى تقسيم المغانم والمكاسب في ظل الاحتلال وأصبحنا ابعد ما نكون عن رؤيتنا للتحرير والتحرر من الاحتلال

هل وصلت فتح وحماس إلى قناعه أن حماية المشروع الوطني هو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية على الفئوية والمحاصة الوظيفية

لا يعقل ان يتلاعب الاحتلال بمصيرنا من خلال اللعب على حبل الخلافات الفلسطينية ولا أن نسعى لتحقيق تهدئه مقابل مطالب هي في الأصل مشمولة باتفاقات سابقه ، لو كانت هناك رؤيا واستراتجيه ومرجعيه لأدركنا أن الاحتلال لا يلتزم بعهود ومواثيق واتفاقات .

وبمراجعه نص اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية 2005 نجد أن المطالب التي تطالب بها حركة حماس مشمولة بنص اتفاقية المعابر التي وقعت في الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2005 التي وقعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل اتفاقا عرف باسم اتفاق المعابر تم من خلاله وضع الشروط والضوابط والمعايير التي تنظم حركة المرور من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال هذه المعابر وتشمل المطار والميناء ومعبر رفح والممر الآمن بين غزه والضفة الغربية . وان إسرائيل تسعى من اتفاق التهدئة أن تتحلل من التزاماتها لهذه الاتفاقات لتجسد على ارض الواقع فصل غزه عن الضفة الغربية وتسعى لتدمير رؤيا الدولتين

ومن الجريمة أن نترك لهذا الاحتلال المتربص بالكل الوطني الفلسطيني, أن يتراقص على شتاتنا ليلعب بمكر على وقع تعدد رؤوس ادعاء الشرعية , فشرعيتنا واحدة رغم المأساة القاتلة التي نعيشها, والذي يعتقد البعض الواهم أن الوضع الطارئ سوف يتم تكريسه إلى مالا نهاية.

و من منطلق وطني شامل أن هذا الاحتلال لا يؤتمن على أي اتفاقات , والأجدى والأفضل الخروج من مأزق الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني ،ولنكن جميعا بصوت واحد وعلى قلب رجل واحد , خلف برنامج وطني محكومه باستراتجيه جامعه تحت قيادة فلسطينية واحدة تجمع الجميع الفلسطيني ففي ذلك وحده الخلاص والانجاز وهذا يتطلب رفض أي اتفاقات أو أي مسميات تندرج ضمن مفهوم التهدئة مقابل السلام الاقتصادي والمفترض بكافة القوى الفلسطينية تحديد موقفها ورؤيتها وحتى لا نقع في فخ المخطط الإسرائيلي للتجزئة وتجسيد وترسيخ للانقسام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى