كاظم حسن سعيد - نهاية فاجعة لشاشة سينما \ محمود البريكان

مبكرا تعلق البريكان بالعروض السينمائية .. يذكر صديقه ايام الشباب رشيد ياسين : <ان البريكان كان يضغط على يدي لافتا ان ظهرت في الفلم لقطة جاذبة > ( 1).
تبدا القصيدة لوصف مكان ما \ مخزن الأمتعة
والأثاث القديم \مكان يتمكن منه السكون ..سكون عميق حتى انه يتنفس.. مكان يدعوك للتفكير بالمتغيرات ..بقبضة الزمن وتمكنه منا فهو \الزمن \يتساقط كغبار . سريعا يهمل الشاعر هذا المكان :قريبا سيعود اليه :ويضعك امام الشعاع الذي سينقلك الى عمق التاريخ..الى بلاد الكنوز ... المدن المهيبة ..المغامرات .... ورجال الفروسية الاولين ... وبعدما يرسم لوحات عما تبثه الشاشة من جمال وما تثيره من بهجة ودموع محركة فيك الخيال لاقصى مدى او داعية روحك للاحساس بالفاجعة يعود للمكان ثانية (السكون وحده يتنفس )... الاشياء اصيبت بعطب وتكسر واضمحلال والوان حائلة وتمكن الصدأ \ الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة \.. بعدها يعود بنا الى الشاشة (لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف(النهاية)...الشاعر يتقن منتجة الموضوع عبر التنقلات بين الشاشة ومخزن الامتعة .. متخليا عن بهرجة المفردات مؤكدا بان الشعر بامكانه ان يكون عميقا دون الاستعانة بقبضة البلاغة ..\ اذرع كراسي ناحلة... زهور صناعية ..مدن هائلة ... المغامرة الرائعة .. النساء الجميلات ....\تمكن الشاعر باستخدامة تفعيلة فاعلن مسنودة بقافية غير مطربة ان يضفي جوا من الحزن ويدفعك لتكون في قلب الفاجعة .. وهو يكمل تنقيبه في النهايات منذ نشره المبكر في مجلة الاديب البيروتية 1949..(( وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة )).
\\غياب شاشة \محمود البريكان \\
(مخزن الأمتعة
والأثاث القديم
يتنفس فيه السكون
يتساقط فيه الزمن
كغبار
هاهنا كانت الشاشة الساطعة
وسط هذا الجدار
وهنا كانت القاعة الواسعة
قاعة العرض مكتظة في الظلام
والشعاع الذي يتراقص بين الظلال
يموج عوالم للحب والسحر والخوف والانتصار
والمغامرة الرائعة
ورجال الفروسية الاولين
والنساء الجميلات، والسفن الخالدة
وبلاد الكنوز الخفية
والمدن الهائلة
والبيوت البسيطة رافلة في الدعة
والسعادة خالصة
والدموع
·
للمكان
روحه الصامتة
للهواء روائحه الباهتة
كرماد حريق قديم
السكون
وحده يتنفس.
الكائنات الخفية تكمن داخل أشيائها
المهود التي صدئت. الأسرة ذات النقوش
الكراسي بأذرعها الناحلة.
المناضد مكسورة بعض أطرافها.
الخزانات مغلقة.
الزهور الصناعية الشاحبة
الأواني. المعاطف. الأغطية
أطر الصور الفارغة
متعلقة بالجدار
·
لحظة تتصاعد وشوشة الناس في قاعة العرض
حين تشع حروف
(النهاية)
حين تضاء المصابيح ثانية…
من ترى يتذكر؟ أين الوجوه التي ائتلقت ؟
والعيون التي شاهدت كل شيء ؟
وهل غادر الناس أحلامهم وانتهوا؟
وانطوى مهرجان الحياة، كما تتلاشى الظلال
على شاشة خالية ) .

كاظم حسن سعيد \البصرة ..العراق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راجع كتاب <الثعلب الذي فقد ذيله > د .رشيد ياسين
كاظم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى