سي حاميد اليوسفي كاتب مغربي من مواليد 1954 بقرية الزيتونة (جماعة رأس العين ـ إقليم اليوسفية). يقطن بمدينة مراكش.
والدي مولاي عمر اليوسفي فلاح هاجر إلى مدينة مراكش، رفقة إخوته وجدي (مولاي سعيد بن م عبد القادر اليوسفي) في بداية الأربعينات من القرن الماضي. وقد استقروا في البداية بدرب لالة عويش حومة ديور الصابون. تزامنت هذه الهجرة مع عام البون. وهو الوصف الذي أطلقه المغاربة مجازا على الفترة التي تمتد بين سنتي 1939 و1945. وهي فترة شهد خلالها المغرب أقسى المجاعات. ويُجمع المؤرخون على أن الاستعمار الفرنسي هو من تسبب في ذلك، بفعل نهبه لقوت المغاربة قصد دعم مجهوده العسكري خلال الحرب العالمية الثانية.
اشتغل والدي مع يهودي مغربي بسوق (القزادرية) علمه صناعة الفوانيس..
وبعد الاستقلال عاش ضحية لعدم الاستقرار بين المدينة والقرية والسجن بسبب النزاع حول ملكية الأرض التي تطوع للدفاع عنها والاعتناء بها، فأخذ منه ذلك الكثير من الوقت والجهد والمال..
أهم حدث وشم طفولتي بفقدان لا يُعوض. لم أتجاوز السنة السادسة حتى اختطف الموت أمي في ريعان شبابها، بسبب خطأ في الولادة على الطريقة التقليدية..
لا أتذكر ما هي الكذبة التي غلف بها الكبار غيابها عن البيت، لكنهم رموا في وجهي كلاما كبيرا: (عليك أن تصبح رجلا)؟! سأفهم فيما بعد بأن المقصود منه هو أن أعتمد على نفسي..
لم أعرف بأن لي أختا شقيقة، حتى تجاوزت الرابعة عشرة من عمري..
احتفظ لأمي حتى اليوم بصورة قديمة في الذاكرة، وغير واضحة مثل الحلم. الصورة الوحيدة التي جمعتنا معا، عندما اشترت لي لعبة من السوق، وكنت ألهو بها ساعة الغروب في شرفة الطابق الأول من البيت بمراكش، فسقطت من يدي إلى الأسفل عند الجيران. أطللت من فوق، لكن عتمة خفيفة، حجبت عني الرؤية، فبدا الأسفل مثل بئر عميقة بلا قرار. أغلب المنازل بالأحياء الشعبية في تلك الفترة كانت تُضاء بفتيل اللمبة والغاز. بعدها لا تظهر سوى صورة لمقبرة وضريح، ونساء في سن الشيخوخة ثم ظلام شديد يشبه شاشة سوداء.
ربما أصبحت تلك البئر هي مراكش. وربما حتى فعل الكتابة فيما بعد سيعتبره البعض من منظور علم النفس، مجرد محاولة بحث بطريقة أو بأخرى عن تلك اللعبة الضائعة.
انقطعت عن زيارة القرية ربما بسبب (طُرفة) اقتنع بها والدي، وظل يرددها على مسامعي في جلساته الخاصة، وأمام أفراد العائلة، حتى رسخت في وجداني. كان يسأل:
ـ إذا ماتت أمك فماذا يقرب لك خالك؟!
ثم يجيب:
ـ لا شيء؟!
ربما فعل ذلك انتقاما لما تعرض له من ابتزاز وكذب وخسارة في الشراكات التي أقامها مع أخوالي حول الزراعة وتربية الماشية. ولأنهم أيضا أبناء عمومته اضطر إلى عدم متابعتهم في المحاكم.
وربما كان يفعل ذلك لإبعادي عن مشاكل القرية والأرض حتى لا أكرر نفس الأخطاء التي ارتكبها.
ما تبقى من سيرتي في المرحلة الثانية من الطفولة، ثم فترة المراهقة والشباب، تحدثت عنه بتفصيل في كتاب "وشوم في الذاكرة".
تأزم وضع الأسرة اقتصاديا بداية من النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، بعد تراجع مدخول الصناعة التقليدية، وتوالي سنوات الجفاف على البلدة.
حصلت على شهادة الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة محمد بن عبد الله ظهر المهراز بفاس عام 1982. عملت في قطاع التربية والتكوين كمدرس لمادة اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي لثلاث وثلاثين سنة بأقاليم ورزازات والجديدة ومراكش.
تزوجت مثل خلق الله، وأنجبت ولدين، هما الآن في سن الشباب. البنت البكر درست علم الفلك، والابن درس علم الاقتصاد.
لم أتفرغ للكتابة إلا بعد أن تقاعدت من الوظيفة والنقابة.
نشرت بعض المقالات والقصص القصيرة في مواقع: الكتابة الثقافي/ انتلجنسيا/ أنطولوجيا السرد/ مكتبة أغردات العامة/ بصرياثا الأدبية/ صدى ذاكرة القصة المصرية وغيرها.. كما فضلت نشر أغلب أعمالي في صفحتي على (الفايس بوك)، إلا أنها تعرضت للاختراق، فاضطررت إلى فتح صفحة جديدة.
وفي الوقت الذي عقدت العزم على الاستجابة لرغبة العديد من أصدقائي، بجمع بعض قصصي القصيرة، ونشرها ضمن مجموعة، جاء وباء كورونا، وأوقف المشروع.
وبمساعدة الكاتب العراقي عبد الكريم العامري الذي تعرفت عليه رفقة الكاتب المغربي مهدي ناقوس في العالم الافتراضي، وبدعم الكثير من الأصدقاء والصديقات في عالم الواقع، تشاء الصدف أن أجمع في نهاية سنة 2022 وبداية 2023 أربعة كتب في ملفات إلكترونية:
ـ وشوم في الذاكرة (حفريات تشبه السيرة الذاتية)
ـ الكأس المكسورة (مجموعة قصصية)
ـ وجوه ( مجموعة قصصية)
ـ هزك الماء (مجموعة قصصية)
لكني فشلت في طبعها وتوزيعها ورقيا على حسابي الخاص، بسبب الكلفة المالية المرتفعة في غياب أي دعم من الجهات المختصة.
مراكش في 04 يونيو 2023
والدي مولاي عمر اليوسفي فلاح هاجر إلى مدينة مراكش، رفقة إخوته وجدي (مولاي سعيد بن م عبد القادر اليوسفي) في بداية الأربعينات من القرن الماضي. وقد استقروا في البداية بدرب لالة عويش حومة ديور الصابون. تزامنت هذه الهجرة مع عام البون. وهو الوصف الذي أطلقه المغاربة مجازا على الفترة التي تمتد بين سنتي 1939 و1945. وهي فترة شهد خلالها المغرب أقسى المجاعات. ويُجمع المؤرخون على أن الاستعمار الفرنسي هو من تسبب في ذلك، بفعل نهبه لقوت المغاربة قصد دعم مجهوده العسكري خلال الحرب العالمية الثانية.
اشتغل والدي مع يهودي مغربي بسوق (القزادرية) علمه صناعة الفوانيس..
وبعد الاستقلال عاش ضحية لعدم الاستقرار بين المدينة والقرية والسجن بسبب النزاع حول ملكية الأرض التي تطوع للدفاع عنها والاعتناء بها، فأخذ منه ذلك الكثير من الوقت والجهد والمال..
أهم حدث وشم طفولتي بفقدان لا يُعوض. لم أتجاوز السنة السادسة حتى اختطف الموت أمي في ريعان شبابها، بسبب خطأ في الولادة على الطريقة التقليدية..
لا أتذكر ما هي الكذبة التي غلف بها الكبار غيابها عن البيت، لكنهم رموا في وجهي كلاما كبيرا: (عليك أن تصبح رجلا)؟! سأفهم فيما بعد بأن المقصود منه هو أن أعتمد على نفسي..
لم أعرف بأن لي أختا شقيقة، حتى تجاوزت الرابعة عشرة من عمري..
احتفظ لأمي حتى اليوم بصورة قديمة في الذاكرة، وغير واضحة مثل الحلم. الصورة الوحيدة التي جمعتنا معا، عندما اشترت لي لعبة من السوق، وكنت ألهو بها ساعة الغروب في شرفة الطابق الأول من البيت بمراكش، فسقطت من يدي إلى الأسفل عند الجيران. أطللت من فوق، لكن عتمة خفيفة، حجبت عني الرؤية، فبدا الأسفل مثل بئر عميقة بلا قرار. أغلب المنازل بالأحياء الشعبية في تلك الفترة كانت تُضاء بفتيل اللمبة والغاز. بعدها لا تظهر سوى صورة لمقبرة وضريح، ونساء في سن الشيخوخة ثم ظلام شديد يشبه شاشة سوداء.
ربما أصبحت تلك البئر هي مراكش. وربما حتى فعل الكتابة فيما بعد سيعتبره البعض من منظور علم النفس، مجرد محاولة بحث بطريقة أو بأخرى عن تلك اللعبة الضائعة.
انقطعت عن زيارة القرية ربما بسبب (طُرفة) اقتنع بها والدي، وظل يرددها على مسامعي في جلساته الخاصة، وأمام أفراد العائلة، حتى رسخت في وجداني. كان يسأل:
ـ إذا ماتت أمك فماذا يقرب لك خالك؟!
ثم يجيب:
ـ لا شيء؟!
ربما فعل ذلك انتقاما لما تعرض له من ابتزاز وكذب وخسارة في الشراكات التي أقامها مع أخوالي حول الزراعة وتربية الماشية. ولأنهم أيضا أبناء عمومته اضطر إلى عدم متابعتهم في المحاكم.
وربما كان يفعل ذلك لإبعادي عن مشاكل القرية والأرض حتى لا أكرر نفس الأخطاء التي ارتكبها.
ما تبقى من سيرتي في المرحلة الثانية من الطفولة، ثم فترة المراهقة والشباب، تحدثت عنه بتفصيل في كتاب "وشوم في الذاكرة".
تأزم وضع الأسرة اقتصاديا بداية من النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، بعد تراجع مدخول الصناعة التقليدية، وتوالي سنوات الجفاف على البلدة.
حصلت على شهادة الإجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة محمد بن عبد الله ظهر المهراز بفاس عام 1982. عملت في قطاع التربية والتكوين كمدرس لمادة اللغة العربية بالتعليم الثانوي التأهيلي لثلاث وثلاثين سنة بأقاليم ورزازات والجديدة ومراكش.
تزوجت مثل خلق الله، وأنجبت ولدين، هما الآن في سن الشباب. البنت البكر درست علم الفلك، والابن درس علم الاقتصاد.
لم أتفرغ للكتابة إلا بعد أن تقاعدت من الوظيفة والنقابة.
نشرت بعض المقالات والقصص القصيرة في مواقع: الكتابة الثقافي/ انتلجنسيا/ أنطولوجيا السرد/ مكتبة أغردات العامة/ بصرياثا الأدبية/ صدى ذاكرة القصة المصرية وغيرها.. كما فضلت نشر أغلب أعمالي في صفحتي على (الفايس بوك)، إلا أنها تعرضت للاختراق، فاضطررت إلى فتح صفحة جديدة.
وفي الوقت الذي عقدت العزم على الاستجابة لرغبة العديد من أصدقائي، بجمع بعض قصصي القصيرة، ونشرها ضمن مجموعة، جاء وباء كورونا، وأوقف المشروع.
وبمساعدة الكاتب العراقي عبد الكريم العامري الذي تعرفت عليه رفقة الكاتب المغربي مهدي ناقوس في العالم الافتراضي، وبدعم الكثير من الأصدقاء والصديقات في عالم الواقع، تشاء الصدف أن أجمع في نهاية سنة 2022 وبداية 2023 أربعة كتب في ملفات إلكترونية:
ـ وشوم في الذاكرة (حفريات تشبه السيرة الذاتية)
ـ الكأس المكسورة (مجموعة قصصية)
ـ وجوه ( مجموعة قصصية)
ـ هزك الماء (مجموعة قصصية)
لكني فشلت في طبعها وتوزيعها ورقيا على حسابي الخاص، بسبب الكلفة المالية المرتفعة في غياب أي دعم من الجهات المختصة.
مراكش في 04 يونيو 2023
سي حاميد اليوسفي.. للحلم بقية! (ملف خاص)
الملف الخاص بالعدد 244 من مجلة بصرياثا الثقافية الأدبية شارك في الملف:الحسين الحيانمحمد ايت واكروشعبد المجيد ايت اباعمرنقوس المهديالطايع ميلودموسى مليحد. رضوان كعيةلمصدق مصطفىعبد العزيز لتشينيعبد ا…
basrayatha.com