انه ليس كسائر الاطفال فقد فض غشاء البراءة وتجاوز عتبة الطفولة مبكرًا, انه طفل إ ستثنائى كبُر على سنه فحازى بمنكبيه أكتاف الرجال وأستطال بحسه المرهف وذكاءه المتقد حدو الشمس فأرخى أذنيه المثقلتين بالانتماء حتي العظم الى الارض والوطن فتناهت الى سمعه حشودا من الكلمات التى تستفز نخوة الرجل……الوطن، الارض، المال، العرض، الـ……..
ولكن “حامد” لا يفهم الامور كما يجب فهو لم يتجاوز الخامسة عشرة بعد فكيف يقوى على تحمل المشاق التى تنتظره هناك؟ هكذا تحدث نافع مع الشيخ على ثم أردف: إنكم بتصرفاتكم الهوجاء وثرثرتكم عن الثورة أمام الاطفال ستفسدوا علينا الامر وتعرضونهم للهلاك و ..
بهدوءه المتزن رد الشيخ على قائلا: الآن وقد وقع الفأس على الرأس، لن يفيد الكلام فقط يجب أن نسرع بارسال مندوبنا الى”الاولاد” فى بركه لإ قناعهم بعدم قبول حامد ورده إلينا، ثم واصل مسهبا فى الحديث كعادته:
فى الحقيقة اننا فى”أروته” نحتاج كثيرا الى حامد وأمثاله فهو من أنجب أبناء القرية وأبرهم وهو يمتاز بذكاء وألمعيه لا يتوفران حتى فى الكبار, انه خسارة,, خسارة فعلا لأروته وأهلها و…
يجب أن تسمى الاشياء بأسمائها فليست أروته الا جزءا من هذا الوطن المغتصب, أما التحاق حامد بالثورة فهو بلا شك تشريفًا ومكسبًا لنا وليس خسارة كما تعتقد!!
صُعِق الرجلان عندما سمعا ذلك النداء الوطنى وقد بصقت حروفه امرأة كانت بداخل الخيمة…
هُس,, قال الشيخ على زاجرا زوجته… إ ننا لا نأمن هذه الرياح التى تعوى كالذئاب الجائعه من أن تنقل أحاديثنا الى “الطير” فيكون مصيرنا كعد ابراهيم وعونا…
ها أنتذا قلتها فهل عد ابراهيم وعونا الا أهلنا ؟ وهل نسيت عافه ود محموداى الذى أحرقوه حيا؟ وهل ….ثم دخلت فى نوبة هستيريه من البكاء والنحيب فبدأ زوجها مطرقا ينظر الى الارض وكأنه يبحث عن عافه بين أكوام الرماد والحصى التى أمامه ثم همهم بطلاسم من الكلمات المبهمة فهم نافع مغزاها فاثارت فى نفسه كوامن الشجن والذكريات الغابرة..
كان عافه شعلة متقدة أنارت شعاب أروته وروابيها الجميلة, وكان الى جانب الشهامة والمروءة اللتان جُبِل عليهما كلفا بالمغامرات الصبيانيه واللهو البريىء, مترعا بالمرح والاريحيه فأضاف الى سحر أروته وروعتها حيوية وسكب فى بيادرها زيت البقاء وا كسير الحياة..
استغفر الله, لقد نكأ تى جراحنا أيتها المرأة, قال نافع وهو يقاوم دمعة ترقرقت في عينيه ولعله كان يقول فى نفسه : لو لا العيب لسمحت لهذه الدمعه أن تسقط فما قيمة الحياة بعد عافه…..
أضاف نافع: تبا للمرأة التى خطفت عافه ورحلت به الى أرض الشؤم, ألم يجد فى أروته كلها من تتزوجه؟
استغفر ربك يا نافع ولا تسب الميت فقد أُحرِقت زوجته أيضا قال الشيخ على ثم أضاف: كل بنات القريه كن طوع بنانه لو أراد ذلك ولكن الله هو الذى يختار وليس البشر, أليس كذلك؟
بلى, قال نافع وبدأ كأنه قد نسى الامر الذى جاء لاجله نافخا شدقيه احتجاجا على هروب حامد والتحاقه بالثورة: ألم تلاحظ تشابه بين عافه وحامد,, تشابها فى كل شىء, ألم تلاحظ ذلك يا شيخ على؟
لقد سبقتنى فى هذا يا نافع , إنهما حقا يبدوان كالتوأم فى حركاتهما وفى سكناتهما و…………ولكن أين هما الآن فقد افتقدناهما حقا, يا لتعاستنا يحرق عافه حيا ويرحل عنا حامد فى جنح الظلام………
لكننى متفائل .. قاطعه نافع ,, اننى متفائل.. أن حامد سيرفع رأسنا عاليا و سينتقم لنا وسيكون له شأن فى هذه الثورة المنتصرة باذن الله……..
هس, لماذا ترفع صوتك هكذا؟ هل نسيت أن للطير أذنا صاغية وعيونا تجوس بين الخيام وفى الازقة والشوارع؟
حقا قال نافع ثم إنصرف وقد هدأت براكين الغضب التى فجرها فى نفسه اختفاء ابن عمه عن القرية والتحاقه بالثورة وهكذا أُهمِلَ دور المندوب الذى كان يجب أن يلحق به ليعيده الى أمه التى لم يهدأ لها بال منذ ان غاب عنها ابنها الوحيد…..
وفى الطريق الى منزله كان نافع يبتسم تارة وأخرى يتجهم ويسخر من نفسه ومن الشيخ على فيحدث نفسه قائلا: لقد أوكل الينا أهل أروته أمرهم فبتنا نديره بعواطفنا وأهواءنا وبدأ يتساءل: هب أن زوجة عمى سألتنى عن ابنها الذى وعدتها ببحث أمره مع الشيخ على, ماذا سأقول لها ؟ لن ترحمنى تلك المرأة, بل ستحط من شأنى أمام الناس وستجعل من سيرتى مسخا مشوها تلوكه ألسنة البشر ,,اننى أعرفها جيدا, انها امرأة توازى الرجال فى عنفوانها وبأسها وهى منذ أن مات زوجها كأنها تحاول أن تجلس على مقعده لتتحكم فى رقاب الناس و تدير شئون القرية بمزاجها الحاد وقسماتها الصارمة,,, أف منها و……………..حدق بناظريه فى الافق البعيد يستجلى أشباحا تراءت له كحبات خرزفى غرارة بئر سحيقة ثم توقف فجأة ليسترق السمع فاذا بعويل يشق عنان السماء ويدق بكرة أذنيه فجعل يغز السير مستحثا قدماه اللتان خانهما الجلد فلم تقويان على المسير لكنه تجاسر فخطى بضع خطوات صوب اتجاه الصوت ليدرك أن الكارثة قد وقعت………….
اذا فقد استشهد حامد وسأموت أنا هما وغما من لسعات أمه الجارحه التى ستعيرنى بالجبن والتخاذل لعدم أداء الواجب تجاه ابن عمى ………..
يا الله , ماذا أفعل ؟ أخ منك ياحامد …أخ منك أيها الشقى فمتى التحقت بالثورة ومتى تثنى لك أن تلحق بركب الشهداء ؟
غاص نافع فى بحر التساؤلات المحرقة وجعل يندب حظه العاثر ويضرب كفا بكف وقد اكتحلت عيناه بالاسى لا حزنا على استشهاد حامد بل خوفا من العار الذى سيلحق به …..
وعندما شق الجموع التى احتشدت حول الجثمان المسجى على الارض لم يجد بين النائحات أم حامد فعلم أنها هى التى ماتت وليس ابنها , فتنفس الصعداء لكنه ظل حتى خريف العمر يعض بنان الندم ويستهجن مواقفه المخزية أو هكذا كان يعتقد فيقول فى نفسه: ماتت أم حامد حسرة على ابنها وقد كان بامكانى أن أقوم بدرء الكارثة قبل أن تقع فأرسل المندوب ليأتى به مصفدا بالحديد أو ممسكا به من أذنيه الكبيرتين..
ولكن “حامد” لا يفهم الامور كما يجب فهو لم يتجاوز الخامسة عشرة بعد فكيف يقوى على تحمل المشاق التى تنتظره هناك؟ هكذا تحدث نافع مع الشيخ على ثم أردف: إنكم بتصرفاتكم الهوجاء وثرثرتكم عن الثورة أمام الاطفال ستفسدوا علينا الامر وتعرضونهم للهلاك و ..
بهدوءه المتزن رد الشيخ على قائلا: الآن وقد وقع الفأس على الرأس، لن يفيد الكلام فقط يجب أن نسرع بارسال مندوبنا الى”الاولاد” فى بركه لإ قناعهم بعدم قبول حامد ورده إلينا، ثم واصل مسهبا فى الحديث كعادته:
فى الحقيقة اننا فى”أروته” نحتاج كثيرا الى حامد وأمثاله فهو من أنجب أبناء القرية وأبرهم وهو يمتاز بذكاء وألمعيه لا يتوفران حتى فى الكبار, انه خسارة,, خسارة فعلا لأروته وأهلها و…
يجب أن تسمى الاشياء بأسمائها فليست أروته الا جزءا من هذا الوطن المغتصب, أما التحاق حامد بالثورة فهو بلا شك تشريفًا ومكسبًا لنا وليس خسارة كما تعتقد!!
صُعِق الرجلان عندما سمعا ذلك النداء الوطنى وقد بصقت حروفه امرأة كانت بداخل الخيمة…
هُس,, قال الشيخ على زاجرا زوجته… إ ننا لا نأمن هذه الرياح التى تعوى كالذئاب الجائعه من أن تنقل أحاديثنا الى “الطير” فيكون مصيرنا كعد ابراهيم وعونا…
ها أنتذا قلتها فهل عد ابراهيم وعونا الا أهلنا ؟ وهل نسيت عافه ود محموداى الذى أحرقوه حيا؟ وهل ….ثم دخلت فى نوبة هستيريه من البكاء والنحيب فبدأ زوجها مطرقا ينظر الى الارض وكأنه يبحث عن عافه بين أكوام الرماد والحصى التى أمامه ثم همهم بطلاسم من الكلمات المبهمة فهم نافع مغزاها فاثارت فى نفسه كوامن الشجن والذكريات الغابرة..
كان عافه شعلة متقدة أنارت شعاب أروته وروابيها الجميلة, وكان الى جانب الشهامة والمروءة اللتان جُبِل عليهما كلفا بالمغامرات الصبيانيه واللهو البريىء, مترعا بالمرح والاريحيه فأضاف الى سحر أروته وروعتها حيوية وسكب فى بيادرها زيت البقاء وا كسير الحياة..
استغفر الله, لقد نكأ تى جراحنا أيتها المرأة, قال نافع وهو يقاوم دمعة ترقرقت في عينيه ولعله كان يقول فى نفسه : لو لا العيب لسمحت لهذه الدمعه أن تسقط فما قيمة الحياة بعد عافه…..
أضاف نافع: تبا للمرأة التى خطفت عافه ورحلت به الى أرض الشؤم, ألم يجد فى أروته كلها من تتزوجه؟
استغفر ربك يا نافع ولا تسب الميت فقد أُحرِقت زوجته أيضا قال الشيخ على ثم أضاف: كل بنات القريه كن طوع بنانه لو أراد ذلك ولكن الله هو الذى يختار وليس البشر, أليس كذلك؟
بلى, قال نافع وبدأ كأنه قد نسى الامر الذى جاء لاجله نافخا شدقيه احتجاجا على هروب حامد والتحاقه بالثورة: ألم تلاحظ تشابه بين عافه وحامد,, تشابها فى كل شىء, ألم تلاحظ ذلك يا شيخ على؟
لقد سبقتنى فى هذا يا نافع , إنهما حقا يبدوان كالتوأم فى حركاتهما وفى سكناتهما و…………ولكن أين هما الآن فقد افتقدناهما حقا, يا لتعاستنا يحرق عافه حيا ويرحل عنا حامد فى جنح الظلام………
لكننى متفائل .. قاطعه نافع ,, اننى متفائل.. أن حامد سيرفع رأسنا عاليا و سينتقم لنا وسيكون له شأن فى هذه الثورة المنتصرة باذن الله……..
هس, لماذا ترفع صوتك هكذا؟ هل نسيت أن للطير أذنا صاغية وعيونا تجوس بين الخيام وفى الازقة والشوارع؟
حقا قال نافع ثم إنصرف وقد هدأت براكين الغضب التى فجرها فى نفسه اختفاء ابن عمه عن القرية والتحاقه بالثورة وهكذا أُهمِلَ دور المندوب الذى كان يجب أن يلحق به ليعيده الى أمه التى لم يهدأ لها بال منذ ان غاب عنها ابنها الوحيد…..
وفى الطريق الى منزله كان نافع يبتسم تارة وأخرى يتجهم ويسخر من نفسه ومن الشيخ على فيحدث نفسه قائلا: لقد أوكل الينا أهل أروته أمرهم فبتنا نديره بعواطفنا وأهواءنا وبدأ يتساءل: هب أن زوجة عمى سألتنى عن ابنها الذى وعدتها ببحث أمره مع الشيخ على, ماذا سأقول لها ؟ لن ترحمنى تلك المرأة, بل ستحط من شأنى أمام الناس وستجعل من سيرتى مسخا مشوها تلوكه ألسنة البشر ,,اننى أعرفها جيدا, انها امرأة توازى الرجال فى عنفوانها وبأسها وهى منذ أن مات زوجها كأنها تحاول أن تجلس على مقعده لتتحكم فى رقاب الناس و تدير شئون القرية بمزاجها الحاد وقسماتها الصارمة,,, أف منها و……………..حدق بناظريه فى الافق البعيد يستجلى أشباحا تراءت له كحبات خرزفى غرارة بئر سحيقة ثم توقف فجأة ليسترق السمع فاذا بعويل يشق عنان السماء ويدق بكرة أذنيه فجعل يغز السير مستحثا قدماه اللتان خانهما الجلد فلم تقويان على المسير لكنه تجاسر فخطى بضع خطوات صوب اتجاه الصوت ليدرك أن الكارثة قد وقعت………….
اذا فقد استشهد حامد وسأموت أنا هما وغما من لسعات أمه الجارحه التى ستعيرنى بالجبن والتخاذل لعدم أداء الواجب تجاه ابن عمى ………..
يا الله , ماذا أفعل ؟ أخ منك ياحامد …أخ منك أيها الشقى فمتى التحقت بالثورة ومتى تثنى لك أن تلحق بركب الشهداء ؟
غاص نافع فى بحر التساؤلات المحرقة وجعل يندب حظه العاثر ويضرب كفا بكف وقد اكتحلت عيناه بالاسى لا حزنا على استشهاد حامد بل خوفا من العار الذى سيلحق به …..
وعندما شق الجموع التى احتشدت حول الجثمان المسجى على الارض لم يجد بين النائحات أم حامد فعلم أنها هى التى ماتت وليس ابنها , فتنفس الصعداء لكنه ظل حتى خريف العمر يعض بنان الندم ويستهجن مواقفه المخزية أو هكذا كان يعتقد فيقول فى نفسه: ماتت أم حامد حسرة على ابنها وقد كان بامكانى أن أقوم بدرء الكارثة قبل أن تقع فأرسل المندوب ليأتى به مصفدا بالحديد أو ممسكا به من أذنيه الكبيرتين..