د. زياد العوف - ملامح الهوية اللغوية في رواية "ذاكرة الجسد" للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي

منذ بداياتها الإعلامية والشعرية الواعِدة في مطلع السبعينيّات من القرن المنصرم من خلال البرنامج الإذاعي الناجح ( هَمَسات ) على أثير الإذاعة الجزائرية، أخذتْ الشاعرة والكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي (١٩٥٣م) تتلمّس الخطوط العريضة لملامح الرسالة اللغوية والثقافية والاجتماعية التي وجدتْ نفسَها على موعد معها.
لقد أدركتْ في وقت مبكّر أنّ استقلال الجزائر الذي تحقّق عام ( ١٩٦٢م ) بفضل النضال البطوليّ الدؤوب والتضحيات الكبرى لأبناء الشعب الجزائري الباسل،
لن يكون كاملاً إلّا إذا شَمِلَ كلّ الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية للدولة الجزائرية الوليدة.
وكان لنشأتها في بيتِ مناضلٍ وطنيّ أسهم بشكل مباشر وفعّال في فصول الثورة الجزائرية، أكبرُ الأثر في وعيها الوطني المبكّر . أمّا موهبتها الشعرية والأدبية المرهَفة فقد أيقظت فيها مشاعر ونوازع الانتماء للغة والثقافة العربية ؛ فغدت المسألةُ اللغوية ،ببعدِها الوجودي هذا، بمثابة المحدِّد الجوهريّ للهوية الوطنية.
كانت أحلام مستغانمي من الجيل الأوّل الذي تلقّى تعليمه باللغة العربية في الجزائر المستقلّة، وكانت من أوائل الكتّاب والشعراء الذين اعتمدوا العربية في إبداعهم الأدبي.
بدأ ذلك مع إصدارها الشعريّ الأوّل
( على مرفأ الأيام ، ١٩٧٣م )
وتوالى مع مجموعاتها الشعرية اللاحقة، ثُمَّ ما لبثَ أنْ ترسّخ وعياً لغوياً وفنّياً مع صدور روايتها الأولى ( ذاكرة الجسد - ١٩٩٣م )* حيث نضجتْ الكاتبة سنّاً وعِلماً وخبرة ووعياً وفنّاً أدبياً لفتَ إليها أنظار النقّاد والقرّاء في كافة أرجاء العالم العربيّ.
- المسألة اللغوية:
لا يتأخر النصّ الروائيّ في الإعلان عن نفسه بوصفه فِعلاً لغوياً إبداعياً بامتياز، وذلك منذ عنوانه اللافت " ذاكرة الجسد " ؛ حيث تهتمّ الكاتبة، قبل البدء بالسرد الروائي، بالتوجّه إلى القارئ؛ إذ إن عنوان الكتاب المُثْبَت على صفحة الغلاف والمجاور لاسم الكاتبة يمثّلُ علاقة خارجة عن النصّ وسابقة له، تجمع بين شخصين حقيقيين، هما المؤلف والقارئ، وذلك قبل بدء عملية السرد الفنيّ التي يقوم بها الراوي أو الرواة، وهم شخوص روائية من ورق، داخل النصّ الروائي.
إنّ هذا العنوان الموحي ببعده " التداوليّ " (١) الذي ينطوي على " فعل القول " بصيغته الأدبية المجازية الواضحة، و " فعل الخطاب " أو الإنجاز، الذي يَعِدُ القارئ بنصّ روائي غنيّ وصادق يُميط اللثام عن ذاكرة جسد بطل الرواية، ثمَّ " فعل التأثير بالقول " المتمثّل في التفاعل الإيجابيّ مع النصّ وتقبُّلِ عناصره بتشوّق وشغف، نقول إنّ هذا العنوان،بالمفهوم التداوليّ- المعنيّ بتتبّع العلاقة القائمة بين اللغة ومتداوليها- الذي بيّناه في الأفعال اللغويةالثلاثة المشار إليها،
يشرّع الباب أمام المتلقّي للدخول في متعة القراءة لاستكشاف ذاكرة الجسد.
كما أنّ "الجسد" بالمفهوم السيميائي يمثِّلُ " بؤرة معيارية " (٢) تتركّز فيها عناصر لغوية ونفسية وحركية وجمالية وأخلاقية، وغيرها، تُفسِح المجال أمام أحكام قيمية تتعلّق بصدق الشخصية وكفاءتها في بعض أو كلّ المجالات السابقة..
من هنا فإنّ المتلقّي سيتابع مستمتعاً ومدقّقاً ومستكشفاً خبايا وخفايا ذاكرة الجسد.
على أنّ الإهداء الذي خصّت به الكاتبة كلّاً من، الكاتب الجزائري الكبير مالك حدّاد وأبيها، يعلن دون مواربة عن الحضور الوجودي للّغة العربية في السطور البليغة والأنيقة لهذا النصّ الروائيّ الإبداعيّ.
جاء في الإهداء:
" إلى مالك حدّاد..
ابن قسنطينة الذي أقسم بعد استقلال الجزائر ألّا يكتب بلغة ليست لغتَه..فاغتالته الصفحة البيضاء..ومات متأثّراً بسلطان صمته ليصبح شهيد اللغة العربية.....
وإلى أبي..
عساه يجد " هناك " مَن يتقن العربية، فيقرأ له أخيراً هذا الكتاب..كتابه. "
لعلّي لا أبالغ عندما أقول إنّ أحلام مستغانمي قد قرّرتْ في " ذاكرة الجسد " أن تخوض شخصياً وإبداعياً هذا التّحدّي اللغويّ لإثبات هويّتها الحضارية، من جهة، وجدارتها الإبداعية في كلّ العناصر المكوّنة لهذه الرواية، من جهة أخرى.
يتجلّى ذلك في طَزاجة اللغة وأناقتها، وحيوية الأسلوب وبلاغته، بل.. وفي مضمون العمل الذي يشكّل الأدب والفنّ فيه حاملاً أساسياً لمعانيه وأفكاره.
- الرواية في سطور:
ينقسم النصّ الروائي إلى ستة فصول متفاوتة الطول تتناول من خلال الآليات والخصائص الفنية للرواية علاقة الشخصية المحورية الرسّام والمجاهد الجزائري السابق ( خالد ) بالكاتبة الشابة ( حياة ) ابنة الشهيد ( سي طاهر ) وما تستدعيه هذه العلاقة من أحداث وأشخاص وذكريات تتقاطع وقائعها
في مدينة ( قسنطينة ) التي تمثّل الجزائر وتشكّل بؤرة الأحداث والأفكار، وكذلك مدينة ( باريس ) الفرنسية التي تمثّل فرنسا، بوصفها النقيض الجغرافي والحضاري لقسنطينة.
ويمثّل الحضور القويّ للثائر والشاعر الفلسطيني ( زياد ) في حياة خالد وحياة إطلالة ذات دلالة على الثورة الفلسطينية وتآخيها مع الثورة الجزائرية الظافرة.
على أنّ الرواية لا تكفّ في كل فصولها عن كشفِ وإدانة مظاهر الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي التي هيمنتْ على العلاقات ومؤسسات ومنظومة الحكم في الجزائر المستقلّة، مع كلّ الآثار السلبية المترتبة عليها في المجتمع الجزائري. ما شكلّ خيبة أمل كبيرة للشعب الجزائري الذي قدّم أعظم التضحيات للظفر بالحرية والاستقلال.
نَعَم...لا تقدّم " ذاكرة الجسد " نفسها بوصفها رواية حافلة بالأحداث ؛ فهي ليست غنيّةً في هذا الجانب، لكنها أقربُ إلى أن تكونَ لوحةً سردية إبداعية تتّكئ على مجموعة من الحوارات الداخلية والخارجية المطوّلة والعميقة التي تدور بين الشخصيات وفي دخائل النفوس، يتخللها مشاهد وصفية جميلة ودالّة تؤكّد المعاني الكلية للرواية.
- التعدّدية اللغوية وخطاب الشخصيات:
إنّ السِّمة العامة التي تميّز النصّ الروائي إنّما هي التعدّدية اللغوية التي تجدُ معادلها الفنيّ الروائيّ في " البوليفونية " أي تعدّد الأصوات الروائية.
من الناحية الفنية ، يرتبط مفهوم الشخصية الروائية بمسألتين اثنتين،
الأولى: تتصل بالخطاب أو " الصوت"
الروائي، أي بتحديد الراوي: مَن المتكلّم/ الراوي؟
الثانية: بؤرة السرد، أو وجهة النظر، إذ يتعلّق الأمر بتحديد الشخصية الروائية التي توجّه المنظور السردي للنصّ الروائي . (٣)
تسعى هذه الدراسة إلى الوقوف على المردود الدلاليّ والفنيّ لهذه الأساليب، من جهة، وتمييز الجهد الإبداعي للكاتبة في تصدّيها للتحدّي اللغوي المزدوج الذي كنّا قد أشرنا إليه، من جهة ثانية.
يبدأ الفصل الأول من الرواية بعد انتهاء أحداثها، حيث استقرّ ( خالد ) بطل الرواية في مدينته الأمّ ( قسنطينة ) إثرَ عودتهِ النهائية إليها لتلقّي العزاء في أخيه ( حسان ) الذي قَتَلَتْهُ رصاصاتٌ طائشة في شهر اكتوبر (١٩٨٨م ) في غمرة ما أصبح يُعرَفُ في الجزائر بالعشرية السوداء، وذلك بعد غربة اختيارية طويلة أمضاها في باريس.
حيث يقوم "الراوي العليم" خالد باستذكار وعرض وتحليل فصول وأحداث وشخصيات وحوارات الرواية كما نطالعها في صفحات هذا الكتاب/ الرواية. إذ يضع الراوي هدفاً محدّداً نُصبَ عينيه، ألا وهو الاقتصاص الأدبيّ الرمزيّ من ( حياة ) بطلة قصة حبه الفاشلة.
جاء في الرواية:
" دعيني أعترف لكِ أنّني في هذه اللحظة أكرهكِ، وأنّه كان لا بُدَّ أنْ أكتبَ هذا الكتاب لأقتلكِ به أيضاً. دعيني أجرّب أسلحتكِ..............
ولكنّني لن أستعمل معكِ مسدّساً بكاتم صوت على طريقتكِ..........
أريد لموتكِ وقعاً مدوّياً قدر الإمكان..
فأنا أقتل معكِ أكثر من شخص، كان لا بدَّ أن يجرؤَ أحدٌ على إطلاق النار عليهم يوماً.
فاقرئي هذا الكتاب حتى النهاية، وبعدها تكفّين عن كتابة الروايات الوهمية. " ( الرواية، ص ٤٨-٤٩)
ثمَّ يعود الراوي في الصّفَحات الأخيرة من الرواية لاستذكار وقائع تلقّيه خبر موت أخيه الصاعق المفاجئ مرّةّ أخرى، لنكون أمام نصّ روائي مغلَق من الناحية الفنّيّة التنظيمية؛ إذ إنّه يبدأ من نهاية الأحداث ليعود إليها في الصفحات الأخيرة من النصّ
نقرأ في الرواية:
" ذات يوم من اكتوبر ٨ ٨ ، جاء خبر موته هكذا صاعقة يحملها خطٌّ هاتفيّ مشوّش، وصوت عتيقة الذي تخنقه الدموع. " (الرواية، ص ٣٨٨)
وما بين البداية والنهاية يخيّمُ ظلُّ جسد ( خالد ) المشوَّه، المبتور الذراع، بوطأته النفسيّة والعملية الدائمة، بوصفه ذاكرة حيّة تستدعي المشاعر والمواقف والأحداث على اختلافها وتناقضها.
جاء في الرواية:
" وها أنتَ ذا، تلهثُ خلفها لتلحقَ بماضٍ لم تغادرْهُ في الواقع، وبذاكرة تسكنها لأنّها جسدُكَ.
جسدُكَ المشوّه لاغير.
...........................................
صامتاً يأتي ( سي طاهر ) الليلة
صامتاً كما يأتي الشهداء.
صامتاً..كعادته.
وها أنتَ ذا مرتبك أمامه كعادتك."
في هذا " الحوار الداخليّ " البليغ يستبطن خالد علاقته المعقّدة مع ( حياة ) ابنةِ الشهيد ( سي الطاهر ) قائدهِ العسكري ومثَلِه الأعلى، فيستشعرُ مهابة الموقف؛ إذ كيف له أن يخون الأمانة التي عهِدَ إليه بها عندما كلّفه بتسجيل المولود الجديد( حياة ) في السجلّات الرسمية في (تونس ) حيث كانت تقيم العائلة، لغيابه الاضطراريّ في ساحات معارك التحرير؟ بينما قدِم هو لمعالجة إصابته البليغة في إحدى المعارك ، فكان أنْ بُترتْ ذراعه تجنّباً لما هو أسوأ.
إنّها خيانة مزدوجة يشترك فيها كلّ من ذراعه المبتورة، وفارق السنّ الكبير بينهما..إنّها بمثابة ابنتهِ صلةً وعمراً !
وعندما يستذكرُ (خالد) مناسبة لقائه الأول مع (حياة) رِفقةَ ابنة عمّها في المعرض الفنيّ الذي أقامه في باريس لعرض لوحاته، نقرأ هذا الحوار المفعم بالمشاعر والدلالات:
" - الفنُّ هو كلّ ما يهزّنا..وليس بالضرورة كلَّ ما نفهمه!
نظرتما إليّ معاً بشيء من الدهشة، وقبل أنْ تقولي شيئاً، كانت عيناكِ تكتشفان ،في نظرة خاطفة، ذراع جاكيتي الفارغة والمختبئ كمُّهُ بحياء في جيب سترتي.
كانت تلك بطاقة تعريفي وأوراقي الثبوتية................................
رفعتُ عيني نحوكِ لأول مرّة.
تقاطعتْ نظَراتنا في نصف نظرة.
كنتِ تتأملين ذراعيَ الناقصة، وأتأمّل
سِواراً بيدك.
كان كلانا يحمل ذاكرته فوقه.."
( الرواية، ص ٥٢-٥٣ )
وفي بؤرة إبداعية غنية تتماهى فيها المرأة ( حياة ) والوطن ( الجزائر ) وتلتقي الكتابة بالرسم، وتختلط فيها المشاعر الذاتية المتأججة بالأحاسيس الوطنية المفعمة بالخيبة، نطالع هذا البوح المترَع بالأسى ، هذا الحوار الداخلي الهامس الصاخب الغاضب في آنٍ واحد، حيث تنثال اللغةُ شعراً وفكراً وموقفاً رافضاً لما آلتْ إليه الأمور :
" كنتُ أدري جدلية الرسم والكتابةكما أردتِها أنتِ.
كنتِ تفرَغين من الأشياء كلّما كتبتِ عنها.....وكنتُ كلّما رسمتُ امتلأتُ بها أكثر، وكأنني أبعث الحياة في تفاصيلها المنسيّة. وإذا بي أزداد تعلّقاً بها، وأنا أعلّقها من جديد على جدران الذاكرة............................
بيد واحدة كنتُ أحتضنكِ........وأعرّيكِ وألبسكِ وأغيّر تضاريس جسدكِ لتصبح على مقاييسي.
يا امرأة على شاكلة وطن.................
أحبّكِ السرّاق والقراصنة....ولم تُقطَع أيديهم. ووحدهم الذين أحبّوكِ دون مقابل، أصبحوا ذوي عاهات.
لهم كلّ شيء ، ولا شيء غيركِ لي.
.....................................
كيف حدثَ هذا..وما الذي أوصلني إلى هذا الجنون ؟ "
( الرواية، ص ١٨٣-١٨٤ )
على أنّ علاقة خالد غير المتكافئة مع حياة ما تلبث أن تُبتر كما بُتِرتْ يده عندما قرّر عمّها ( سي الشريف ) تزويجها من أحد وجهاء الجزائر المستقلّة، من الفاسدين الكبار،
في صفقة لا أخلاقية، كما يراها خالد. ويدعوه عمّها بحرارة ومودّة بالغة للسفر إلى ( قسنطينة ) لحضور
حفل الزفاف..
جاء في الرواية:
" - أتدري لماذا طلبتكَ الليلة؟ إنّني قرّرتُ أن أصحبكَ معي إلى قسنطينة....
صحْتُ متعجّباً:
- قسنطينة..لماذا قسنطينة ؟
قال وكأنّه يزفّ لي بشرى:
لحضور عرس ابنة أخي الطاهر.......
ربّما تذكرها. لقد حضرت افتتاح معرضك منذ شهور مع ابنتي ناديا."
( الرواية، ٢٦٨ )
ويمثّل حفل عرس ( حياة ) في قسنطينة مناسبة غنية تتكثّف فيها كلّ المشاعر والانفعالات الشخصية والاجتماعية والوطنية لتنصهر في بوتقة الخطاب الروائي الذاتي والحواري، المباشر وغير المباشر، الهامس والصاخب، المعلَن والخفيّ، حيث تتألق اللغةُ- بطلة الرواية الكبرى-
نقرأ في الرواية:
" لعرسكِ لبستُ بدلتي السوداء.
مدهشٌ هذا اللون. يمكن أن يُلبس للأفراح..وللمآتم !.................
لبستُ طقمي الأسود، لأواجه بصمت ثوبكِ الأبيض، المرشوش باللآلئ والزهور، والذي يقال إنّه أُعدّ لكِ خصّيصاً في دار أزياء فرنسية..
.....................................
تدخلين في موكب نسائي يحترف البهجة والفرح، كما أحترف أنا الرسم والحزن.
...........................................
تعلو الزغاريد..وتتساقط الأوراق النقديّة.
ما أقوى الحناجر المشتراة. وما أكرم الأيدي التي تدفع كما تقبض على عجل !..........
كانوا هنا جميعهم..كالعادة.
أصحاب البطون المنتفخة..والسجائر الكوبيّة.. والبدلات التي تُلبَس على أكثر من وجه.
أصحاب كلّ عهد وكلّ زمن..أصحاب الحقائب الديبلوماسية، أصحاب المهمّات المشبوهة، أصحاب السعادة وأصحاب التعاسة، وأصحاب الماضي المجهول.
ها هم هنا..
وزراء سابقون..ومشاريع وزراء......مديرون وصوليون....وعسكر متنكّرون في ثياب وزارية.
ها هم هنا.
أصحاب النظريات الثورية، والكسب السريع. أصحاب العقول الفارغة، والفيلات الشاهقة، والمجالس التي يتحدّث فيها الفرد بصيغة الجمع...."
( الرواية، ص ص ٣٥١- ٣٥٥ )
أخيراً..يبدو جليّاً أنّ الكاتبة أحلام مستغانمي قد كسبتْ الرهان وانتصرت في تحدّيها اللغوي والفنيّ المزدوج؛ إذ قدّمت للقارئ العربيّ عملاً روائياً مبهِراً انتصرتْ فيه، على السواء، لكلّ من العربية الحيّة والأنيقة والبليغة والعميقة، وللكاتبة المبدِعة المتمكّنة من لغتها وأدواتها التعبيرية.
وهكذا.. بدَتْ " ذاكرة الجسد " بمثابة وثيقة إبداعية للانتصار اللغويّ والثقافيّ للجزائر المستقلّة، بعد أكثر من مئة وثلاثين عاماً أمضتها في المنفى الفرنسيّ القسريّ.


*- أحلام مستغانمي، ذاكرة الجسد، دار الآداب، بيروت، ط.٢٣ ،٢٠٠٨م.

١- للتوسّع في " التداوليّة " يُنظَر:
" التداولية " فرناند هالين، ترجمة د.زياد العوف، مجلّة الآداب العالمية،
العدد (١٢٥)، ٢٠٠٦م، ص.ص ٧٤-٨٢
٢- يُنظَر: د.زياد العوف، الأثر الأيديولوجي في النص الروائي، مؤسسة النوري، دمشق، ١٩٩٣م، ص.ص ١٢٩- ١٤١.
٣- م ن، ص.ص ١٨٢- ١٩٠

دكتور زياد العوف





217445010_962783084507509_3776684169166796766_n.jpg

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى