منظمة التحرير الفلسطينية وما تبقى فيها من أنفاس،وابنتها السلطة الفلسطينية،والقيادة الفلسطينية التي تتربع على كلتا "الهرمين"،تقود منذ أن جنحت القيادة الفلسطينية السابقة للتسويات بعد مؤتمر مدريد الذي تلى حرب الخليج الثانية في العام 1991 و نهايات الانتفاضة الاولى،تقود هذه القيادة سياسة أخف ما يمكن وصفها أو نعتها بالعرجاء،والسبب الرئيس في اعوجاجها هو التنكر للمباديْ الاساسية لمفهوم الحركة الثورية التي تمثل العمود الفقري للمنظمة والسلطة وهي حركة "فتـــح"،والذي يأتي بمفهوم التفاعل مع المتغيرات مع الابقاء على المحتوى والجوهر،اقصد هنا تغيرات المحيط الحاضن،سواء كان ذلك على المستوى الشعبي الفلسطيني أو في الدائرة الثانية له وهو المحيط العربي والإسلامي، والمحيط الثالث الاوسع وهو المحيط الدولي والعالمي،حيث ان هذه الدوائر الثالث بقيت وما زالت متحركة بفعل الوضع الطبيعي لحركة الشعوب والسياسات وتغير المناخات السياسية والتحالفات والأيدلوجيات والمفاهيم،في حين تجمد التفاعل الفلسطيني مع هذه التغيرات،وبقيت سياسة م ت ف والسلطة الوطنية دون اجتهاد أو قياس،فما زالت المنظمة والسلطة تتعامل بعقلية ما قبل ثلاثة عقود مع كل ما يحيط بها،بل القت بنفسها،اقصد في مربع الدول ذات الفضاء الغربي الامريكي،حتى كادت ان تكون حليف معها،مؤمنة بان التعاون السياسي معها ومن خلالها سيؤدي حتما لنيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال المراهنة على انجاح الضغوط من خلال هذه الدول التابعة للمنظومة الغربية في احياء كومة القرارات الدولية الصادرة بحق الشعب العربي الفلسطيني وبعث الروح فيها،واجبار اسرائيل التي تقترب يوما بعد يوم من العواصم العربية سواء التي اصبحت شريكة للسلام معها أو شريكة للتطبيع أو هي على وشك التطبيع.إجبارها على تنفيذ بعض هذه القرارات لصالح الشعب الفلسطيني.
وتتمثل سياسة المنظمة والسلطة العرجاء في أكثر من وجه يمكن اختصارها بثلاثة أوجه على النحو التالي:-
• الوضع الداخلي :- كانت وما زالت القيادة الفلسطينية ترفع شعار أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني،تكرره صباح مساء،بالرغم من التحولات التي جرت على الساحة الفلسطينية الداخلية،وقد يكون هذا الشعار صالحا لمرحلة الثورة ما قبل وأثناء حصار بيروت وما بعدها بقليل،فقد كانت فتح هو التنظيم الاكبر والأوسع،تليه الجبهة الشعبية ومن ثم الديمقراطية وباقي الفصائل،مع عدم وجود تيار اسلامي الا تيار دعوي على الاغلب،لكن بعد الانتفاضة الاولى وما بينهما ومن ثم انتفاضة الاقصى وما تلاها من انتخابات في العام 2006،ظهر وزن التيار الاسلامي المقاوم سواء المتمثل بحماس التي فازت بأكثرية مقاعد انتخابات المجلس التشريعي أوبالجهاد التي لم تشارك في الانتخابات،اضافة لتنظيمات اسلامية اخرى لها حضور ووجود في الساحة الفلسطينية مثل حركة المجاهدين ولجان المقاومة الشعبية وألوية الناصر صلاح الدين وغيرها.
ومع هذا التحول،لم تغير القيادة الفلسطينية تعاملها مع ما افرزه الواقع من حقائق على الارض،وأصرت على الابقاء على سياسة ما قبل بيروت،الامر الذي ادى الى او كان أحد اسباب الانقسام البغيض،وقسم الشعب والوطن إلى حكومتين أو إمارتين أو دولتين إن جاز التعبير.كل ذلك سببه هو عدم قيام هذه القيادة باحتواء هذا التحول الجديد بما يناسب ويتناغم من المبدأ الحركي القائم على استيعاب المتغيرات الفكرية الجديدة،فكما استوعبت قيادات م ت ف القيادات والكوادر الفتحاوية في الستينيات والسبعينيات والثمانينات التي كانت تتبنى الفكر الماركسي وهضمت طاقاتهم في بوتقتها،وكذلك ما فعله خليل الوزير ابو جهاد في استيعاب التيار الاسلامي المجاهد في فتح في الثمانينات،وكوَّن لهم في منظمته كتيبة "الجرمق"أو اطلق عليهم سرايا الجهاد،فكان حريّ بقيادة م ت ف والسلطة من خلفها استيعاب هذا التحول كواقع تطور بشكل طبيعي،كما انه يمكن أن يشكل ضغط على "اسرائيل" والغرب معا كبديل يدفع الغرب وإسرائيل لقبول م ت ف وطلباتها،لان البديل سيكون أسوء عليهم،لكن القيادة الفلسطينية انتهجت سياسة الندية والصدام مع هذه التغيرات تارة،وتارة أخرى حاولت سحبها لمربعها والقبول الكامل بسياستها التي يعتبر الاعتراف بإسرائيل وانتهاج المقاومة الشعبية السلمية والسلاح بيد السلطة فقط جوهره وروحه،وهذان المتناقضان لا يلتقيان ابدا،خاصة مع ما تمارسة اسرائيل على الارض.
• الوضع الاقليمي والعربي :- بعد حرب الخليج الثانية،وما سميَّ الربيع العربي،وموجة التطبيع العربي الاسرائيلي خلال العقود الثلاث،ثمة تغيرات كبيرة في المنطقة العربية والإسلامية والإقليمية،تخللها عقد اتفاقيات بين اسرائيل وبعض الدول العربية فمن اوسلو ووادي عربة واتفاقيات ابراهام واتفاقيات التطبيع من جانب،وتكون محور المقاومة في المقابل،واستطاعت هذا المحور للتصدي وبنجاح للمخططات الامريكية في المنظفة وإفشالها بدأ من تحرير جنوب لبنان وحرب لبنان الثانية في العام 2006،وهزيمة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان،وفشل الحرب على اليمن وهزيمة العدوان والإرهاب على سوريا،وانسحاب اسرائيل من غزة،وتنامي قوى المقاومة في لبنان والعراق واليمن وسوريا ومن خلفهما تعاظم قدرات ايران،والتحول التركي الذي جاء بحكم قريب من الاخوان المسلمين بعد عقود من حكم العسكر والاستبداد،كل هذا والكثير ايضا كان وجه التغير في الدول العربية والإقليم،امام هذه التحولات الكبيرة بقيت سياسة م ت ف جامدة تجاه هذه التغيرات،وأصرت على الابقاء على تنسيق مواقفها مع كل من مصر والأردن ودول الخليج،ولم تقم بإحداث أي توازن مطلوب في مواقفها بين الدول ذات المدار الغربي الامريكي ودول وقوى المحور خاصة ايران وسوريا واليمن،حتى في حال الاختلافات بين القوى والاحزاب اللبنانية على سبيل المثال تساوي بين المقاومة هناك " حزب الله" والقوات اللبنانية أو حزب الكتائب،بالرغم من البون الشاسع في موقف تلك الاحزاب بشأن القضية الفلسطينية،وهي تعتمد قاعدة بهذا الشأن قائمة على الابقاء على علاقات متساوية ومسافات واحدة بين الجميع،وبهذه السياسة لم تجني القيادة الفلسطينية أي نتيجة مرجوة،بل كانت وما زالت تؤثر رضا مصر والأردن والسعودية والمغرب على حساب ايران واليمن وسوريا ولبنان المقاوم والقوى الثورية في العالم العربي مثل الحوثيين والحشد الشعبي وحزب الله،بل تقف في وجه كل من يتواصل مع دول المحور،وتصف المحور بصاحب اجندات ايرانية وليس محور ممانع للمشاريع الامريكية والإسرائيلية،وهذه السياسة عرجاء ايضا إن لم نقل سياسة كساح.
• الوضع الدولي :- لعل تطور الصين العظيم وحرب روسيا واوكرانيا كانتا ابرز ملامح التطور الدولي الكبير بالإضافة لنشوء منظومات وتكتلات عالمية اقتصادية وسياسية مثل دول" شنغهاي" و"البركس" ومنظمة تعاون روسيا وافريقا وغيرها،كل هذه التغيرات هدفها هو التخلص من القطبية الواحدة التي تتمسك فيها امريكا والغرب لإحكام سيطرتهم الامبريالية على العالم،وقد بدأت هذه التغيرات تؤتي ثمارها في لحظات تراجع الظل الأمريكي وهذا التغير الكبير والمتسارع اصبح يقود لعالم متعدد الاقطاب،قطعا سيكون لصالح القضية الفلسطينية،لان الولايات المتحدة الامريكية هي الراعي والحليف والداعم لإسرائيل عدوة الشعب الفلسطيني والعربي الأول، والانحياز الى الاقطاب الجديدة والتحالف معها ضروري لشعب فلسطين ومطلوب ومُلِحْ للشعب الفلسطيني وقيادته،فقد آن الآوان أن نرحل من وهم المراهنة على امريكا والغرب،وان نتحرر من القبضة والسطوة الامريكية ونكون اقرب للصين وروسيا وايران وكل من تكاتف معهم،لكن للأسف لا نرى في الساسة الفلسطينية أي تحول بهذا المجال إلا بقدر زحف السلاحف.
الخلاصة بالنظر لما تقدم،فإن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي هي نفسها قيادة السلطة لا زالت تتعاطى مع كل التغيرات في الداخل والخارج وعلى مستوى العالم بالعملة العتيقة والأوهام البالية،ولا زالت تسكن حفرة الرهان على سياسات لم تعد تناسب الواقع،وعليها إذا ارادت أن تبقى ممثلا حقيقيا للشعب الفلسطيني أن تواكب هذه التغيرات بما يتناغم مع كونها حركة ثورية دينمو حركتها وبقائها هو هضم التغيرات والتطلع لخلاص شعبها من الاحتلال الاطول والاقسى في التاريخ الحديث.
وتتمثل سياسة المنظمة والسلطة العرجاء في أكثر من وجه يمكن اختصارها بثلاثة أوجه على النحو التالي:-
• الوضع الداخلي :- كانت وما زالت القيادة الفلسطينية ترفع شعار أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني،تكرره صباح مساء،بالرغم من التحولات التي جرت على الساحة الفلسطينية الداخلية،وقد يكون هذا الشعار صالحا لمرحلة الثورة ما قبل وأثناء حصار بيروت وما بعدها بقليل،فقد كانت فتح هو التنظيم الاكبر والأوسع،تليه الجبهة الشعبية ومن ثم الديمقراطية وباقي الفصائل،مع عدم وجود تيار اسلامي الا تيار دعوي على الاغلب،لكن بعد الانتفاضة الاولى وما بينهما ومن ثم انتفاضة الاقصى وما تلاها من انتخابات في العام 2006،ظهر وزن التيار الاسلامي المقاوم سواء المتمثل بحماس التي فازت بأكثرية مقاعد انتخابات المجلس التشريعي أوبالجهاد التي لم تشارك في الانتخابات،اضافة لتنظيمات اسلامية اخرى لها حضور ووجود في الساحة الفلسطينية مثل حركة المجاهدين ولجان المقاومة الشعبية وألوية الناصر صلاح الدين وغيرها.
ومع هذا التحول،لم تغير القيادة الفلسطينية تعاملها مع ما افرزه الواقع من حقائق على الارض،وأصرت على الابقاء على سياسة ما قبل بيروت،الامر الذي ادى الى او كان أحد اسباب الانقسام البغيض،وقسم الشعب والوطن إلى حكومتين أو إمارتين أو دولتين إن جاز التعبير.كل ذلك سببه هو عدم قيام هذه القيادة باحتواء هذا التحول الجديد بما يناسب ويتناغم من المبدأ الحركي القائم على استيعاب المتغيرات الفكرية الجديدة،فكما استوعبت قيادات م ت ف القيادات والكوادر الفتحاوية في الستينيات والسبعينيات والثمانينات التي كانت تتبنى الفكر الماركسي وهضمت طاقاتهم في بوتقتها،وكذلك ما فعله خليل الوزير ابو جهاد في استيعاب التيار الاسلامي المجاهد في فتح في الثمانينات،وكوَّن لهم في منظمته كتيبة "الجرمق"أو اطلق عليهم سرايا الجهاد،فكان حريّ بقيادة م ت ف والسلطة من خلفها استيعاب هذا التحول كواقع تطور بشكل طبيعي،كما انه يمكن أن يشكل ضغط على "اسرائيل" والغرب معا كبديل يدفع الغرب وإسرائيل لقبول م ت ف وطلباتها،لان البديل سيكون أسوء عليهم،لكن القيادة الفلسطينية انتهجت سياسة الندية والصدام مع هذه التغيرات تارة،وتارة أخرى حاولت سحبها لمربعها والقبول الكامل بسياستها التي يعتبر الاعتراف بإسرائيل وانتهاج المقاومة الشعبية السلمية والسلاح بيد السلطة فقط جوهره وروحه،وهذان المتناقضان لا يلتقيان ابدا،خاصة مع ما تمارسة اسرائيل على الارض.
• الوضع الاقليمي والعربي :- بعد حرب الخليج الثانية،وما سميَّ الربيع العربي،وموجة التطبيع العربي الاسرائيلي خلال العقود الثلاث،ثمة تغيرات كبيرة في المنطقة العربية والإسلامية والإقليمية،تخللها عقد اتفاقيات بين اسرائيل وبعض الدول العربية فمن اوسلو ووادي عربة واتفاقيات ابراهام واتفاقيات التطبيع من جانب،وتكون محور المقاومة في المقابل،واستطاعت هذا المحور للتصدي وبنجاح للمخططات الامريكية في المنظفة وإفشالها بدأ من تحرير جنوب لبنان وحرب لبنان الثانية في العام 2006،وهزيمة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان،وفشل الحرب على اليمن وهزيمة العدوان والإرهاب على سوريا،وانسحاب اسرائيل من غزة،وتنامي قوى المقاومة في لبنان والعراق واليمن وسوريا ومن خلفهما تعاظم قدرات ايران،والتحول التركي الذي جاء بحكم قريب من الاخوان المسلمين بعد عقود من حكم العسكر والاستبداد،كل هذا والكثير ايضا كان وجه التغير في الدول العربية والإقليم،امام هذه التحولات الكبيرة بقيت سياسة م ت ف جامدة تجاه هذه التغيرات،وأصرت على الابقاء على تنسيق مواقفها مع كل من مصر والأردن ودول الخليج،ولم تقم بإحداث أي توازن مطلوب في مواقفها بين الدول ذات المدار الغربي الامريكي ودول وقوى المحور خاصة ايران وسوريا واليمن،حتى في حال الاختلافات بين القوى والاحزاب اللبنانية على سبيل المثال تساوي بين المقاومة هناك " حزب الله" والقوات اللبنانية أو حزب الكتائب،بالرغم من البون الشاسع في موقف تلك الاحزاب بشأن القضية الفلسطينية،وهي تعتمد قاعدة بهذا الشأن قائمة على الابقاء على علاقات متساوية ومسافات واحدة بين الجميع،وبهذه السياسة لم تجني القيادة الفلسطينية أي نتيجة مرجوة،بل كانت وما زالت تؤثر رضا مصر والأردن والسعودية والمغرب على حساب ايران واليمن وسوريا ولبنان المقاوم والقوى الثورية في العالم العربي مثل الحوثيين والحشد الشعبي وحزب الله،بل تقف في وجه كل من يتواصل مع دول المحور،وتصف المحور بصاحب اجندات ايرانية وليس محور ممانع للمشاريع الامريكية والإسرائيلية،وهذه السياسة عرجاء ايضا إن لم نقل سياسة كساح.
• الوضع الدولي :- لعل تطور الصين العظيم وحرب روسيا واوكرانيا كانتا ابرز ملامح التطور الدولي الكبير بالإضافة لنشوء منظومات وتكتلات عالمية اقتصادية وسياسية مثل دول" شنغهاي" و"البركس" ومنظمة تعاون روسيا وافريقا وغيرها،كل هذه التغيرات هدفها هو التخلص من القطبية الواحدة التي تتمسك فيها امريكا والغرب لإحكام سيطرتهم الامبريالية على العالم،وقد بدأت هذه التغيرات تؤتي ثمارها في لحظات تراجع الظل الأمريكي وهذا التغير الكبير والمتسارع اصبح يقود لعالم متعدد الاقطاب،قطعا سيكون لصالح القضية الفلسطينية،لان الولايات المتحدة الامريكية هي الراعي والحليف والداعم لإسرائيل عدوة الشعب الفلسطيني والعربي الأول، والانحياز الى الاقطاب الجديدة والتحالف معها ضروري لشعب فلسطين ومطلوب ومُلِحْ للشعب الفلسطيني وقيادته،فقد آن الآوان أن نرحل من وهم المراهنة على امريكا والغرب،وان نتحرر من القبضة والسطوة الامريكية ونكون اقرب للصين وروسيا وايران وكل من تكاتف معهم،لكن للأسف لا نرى في الساسة الفلسطينية أي تحول بهذا المجال إلا بقدر زحف السلاحف.
الخلاصة بالنظر لما تقدم،فإن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي هي نفسها قيادة السلطة لا زالت تتعاطى مع كل التغيرات في الداخل والخارج وعلى مستوى العالم بالعملة العتيقة والأوهام البالية،ولا زالت تسكن حفرة الرهان على سياسات لم تعد تناسب الواقع،وعليها إذا ارادت أن تبقى ممثلا حقيقيا للشعب الفلسطيني أن تواكب هذه التغيرات بما يتناغم مع كونها حركة ثورية دينمو حركتها وبقائها هو هضم التغيرات والتطلع لخلاص شعبها من الاحتلال الاطول والاقسى في التاريخ الحديث.