نبض قلبي يرافق لحظات الزمن لحظة بلحظة فتستمر دقاته حسب وتيرة الدقائق وديمومتها ، حتى إذا ما داهمه الاحساس غضبا كان أم تمردا أم محبة اهتز ليختل نبضه متجاوزا نظام الكون وصيرورته،وبمروقه عن وتيرة الزمن ودورة الليل والنهار ، عن كل ما يتطلبه جسمي من انسجام وهدوء ، تتملكه فجأة متعة التحليق بين الأرض والسماء، متجاوزا كل السنن دون علم ولا وعي ،حتى أصبح وقعه شبيها بركض الخيل وهي تطوي الأرض طيا لا تلوي على شيء ولا تروم شيئا سوى بلوغ أقصى ما يمكن إدراكه، فقلبي لا يخشى الموت بل يصر على ملاحقته ، أو ليست الحياة مغامرة ، أوليس أجمل ما فيها هي أسرارها ، فلم لا يسافر إلى أبعد مما هو ممكن ؟
فالنبض المختل متواصل والسقوط وارد بين الفينة والأخرى، جميع ما يحيط بي مؤهل للزوال بين الفينة والأخرى ، ومتعة التحليق لا تضاهيها متعة ، إنني خارج إطار كل زمن ، كل زمنية ، أحيا بكل جوارحي إلى حد الموت ، كلا ، ليس الحب هو الذي يبعث مثل هذا الشعور بعد أن اتسعت دلالته لتتجاوز اشتياق المحب لمحبوبه لأنه لا يدوم ، إنه يضم في اعتقادي كل معاني المحبة الأخرى التي ما انفكت تعبر عنها كل الكائنات الأخرى كي لا تكون حكرا على ما يكنه الرجل للمرأة أو المرأة للرجل من انجذاب وحاجة ، فللمحبة ألف وجه ألف صورة وتعبير ،منها ما هو ظاهر مثل محبة الأم لأبنائها ومنها ما هو خفي مثل نشأة الشجرة وهي تخترق الأرض لتكبر، ثم إن الخوف هو باعث على اختلال دقات القلب وارتفاع النبض وكذلك مشاعر أخرى مثل الغضب والفرح والقلق .
فما تشعره به تجاه العالم يحملك إلى زمن آخر ومكان آخر، يفتح لك أفق رؤية أخرى، فإذا بك تسافر بفضل تلك المشاعر بمفردك وأنت مدرك ما قد يعترضك من مصاعب في بحثك عما يجمعك بشخص ما أو ما شاهدته وأنت تعيش حدثا ما ، تخترق الحياة كالسهم المتجه نحو المرمى .
فكلما اشتد الإحساس وتعاظم ارتفع النبض حتى أنك ما عدت تدرك سوى توقيته المارق لكل المواقيت إنه احتلال خفي للعالم بأشكاله وألوانه ومشاهده بأن يجعله سجين تصور ما ، فإن كان الإحساس خوفا سيكون العالم مظلما منغلقا مليئا بالأسرار باعثا للخشية والتوجس ، وإن كان الإحساس غضبا سيتحول إلى أشياء تقتلعها عاصفة هوجاء في انهيار مستمر بفعل الظلم والقسوة واللامبالاة وإن كان الإحساس محبة، سيكون لك العالم بمثابة البيت الذي تسكنه منذ الولادة ،منه أتيت وإليه تعود وسيزول معه شعورك بالغربة ،لانفتاح كل الكائنات على بعضها البعض بفضل لغة تفوق الكلمات تقترب حروفها من الحروف الموسيقية هي حركة مستمرة خفية تجمع بين الأضداد ، وإذا كان الإحساس فرحا سيتحول إلى صبح أبدي يتغنى بجماله دون انقطاع تغيب عنه كل مظاهر الفناء وكل إيحاء بالعدمية والفقد والحزن .
كذلك يكتسح الإحساس العالم ليورطك في تلك العلاقة الحميمة بينك وبين كل ما يحيط بك من أشجار وأزهار وبحار يتغنى بها فؤادك لحظة بلحظة هياما تيها أو تحليقا ،وما عليك إلا أن تنسى جميع قيل لك وما تعلمت حول الخوف والمحبة والغضب والقلق ، عليك أن تستمع فقط لنبضك لانه حاضرك ، أن لا تتواصل إلا مع لحظة التحليق، أن تمنحها كل ما تملك من طاقة أن لا تكترث بما فات وولى بما قيل ويقال، أن لا تهرع من خفايا المجهول، أن ترحل بعيدا في أفق ما تحس وما تشعر دون انقطاع .
فما إن حللت بهذه الدنيا حتى منحوك الاسم واللقب وأخضعوك الى شروط الانتماء للعائلة للقبيلة للمدينة للدولة ثم قطعوا جميع الخيوط التي تربطك بلحظة مولدك بأمك بما يجمعك بها بالنواة الأولى التي شكلت إحساسك أي شعورك بذاتك وبالعالم .
هويتك هذه مركبة تركيبا سابقة لوجودك تحمل تاريخا ليس بتاريخك وتتحدث عن ذات ليس بذاتك، لكنك ستتقمصها وتمضي العمر بأسره للدفاع عنها وستحاول دون جدوى أن تلبسها ثم ستدرك أنها مجرد غطاء يحجب عنك حقيقتك مشاعرك ومن تكون .
سيرهقك انقطاعك عن نفسك وسيبعث فيك الرغبة في أن تكسر جميع الحواجز والحدود كي تكتشف من جديد الطريق المؤدية إليها ،إلى إحساسك الموغل في الأنثوية الذي يتجاوز أي تعريف، إلى ذلك الجنون الموقد للحياة وللبهجة بفعل قدرته على التقبل والانفتاح والتدفق المستمر، فلقلبك القدرة على متابعة حركة الكون ،أن يحلق خارجها هياما ، خشية ، ضياعا ، تمردا على كل السنن.
ولك الحق كل الحق في أن تضحك وتبكي وترتعش وجدا وتنتظر وتسهر وتغني وترقص وتهوى وتغضب وتهجر وتكره وتصفح ،أن تجتاحك جميع الأنوار بظلالها وظلماتها ،أن تكتشف جميع طبقات سماواتك الحسية .
فتخلص من قناعك الخشبي وعش ولا تخشى السقوط في هوة الجراح العميقة ، فأنت من حفرتها بيديك متوهما أن للغير عليك سلطة ، واعلم أنك إذا ما ارتضيت بالتحليق في فضاء المشاعر وأجوائها المتقلبة والتشبه بالطير المهاجر ،ستكون حرا طليقا لا سلطانا عليك سوى ما تبتغيه لنفسك ، ذلك هو السر العظيم الذي أخفوه عليك حتى تعيد ألف مرة سؤال هملت المعروف : أن أكون أو لا أكون تلك هي المعضلة ، ولتؤمن كذلك بعبثية الأديب والفيلسوف ألبار كامو الذي لم يرفع قيمة الحياة الى مرتبة سؤال معنى .
كاهنة عباس
فالنبض المختل متواصل والسقوط وارد بين الفينة والأخرى، جميع ما يحيط بي مؤهل للزوال بين الفينة والأخرى ، ومتعة التحليق لا تضاهيها متعة ، إنني خارج إطار كل زمن ، كل زمنية ، أحيا بكل جوارحي إلى حد الموت ، كلا ، ليس الحب هو الذي يبعث مثل هذا الشعور بعد أن اتسعت دلالته لتتجاوز اشتياق المحب لمحبوبه لأنه لا يدوم ، إنه يضم في اعتقادي كل معاني المحبة الأخرى التي ما انفكت تعبر عنها كل الكائنات الأخرى كي لا تكون حكرا على ما يكنه الرجل للمرأة أو المرأة للرجل من انجذاب وحاجة ، فللمحبة ألف وجه ألف صورة وتعبير ،منها ما هو ظاهر مثل محبة الأم لأبنائها ومنها ما هو خفي مثل نشأة الشجرة وهي تخترق الأرض لتكبر، ثم إن الخوف هو باعث على اختلال دقات القلب وارتفاع النبض وكذلك مشاعر أخرى مثل الغضب والفرح والقلق .
فما تشعره به تجاه العالم يحملك إلى زمن آخر ومكان آخر، يفتح لك أفق رؤية أخرى، فإذا بك تسافر بفضل تلك المشاعر بمفردك وأنت مدرك ما قد يعترضك من مصاعب في بحثك عما يجمعك بشخص ما أو ما شاهدته وأنت تعيش حدثا ما ، تخترق الحياة كالسهم المتجه نحو المرمى .
فكلما اشتد الإحساس وتعاظم ارتفع النبض حتى أنك ما عدت تدرك سوى توقيته المارق لكل المواقيت إنه احتلال خفي للعالم بأشكاله وألوانه ومشاهده بأن يجعله سجين تصور ما ، فإن كان الإحساس خوفا سيكون العالم مظلما منغلقا مليئا بالأسرار باعثا للخشية والتوجس ، وإن كان الإحساس غضبا سيتحول إلى أشياء تقتلعها عاصفة هوجاء في انهيار مستمر بفعل الظلم والقسوة واللامبالاة وإن كان الإحساس محبة، سيكون لك العالم بمثابة البيت الذي تسكنه منذ الولادة ،منه أتيت وإليه تعود وسيزول معه شعورك بالغربة ،لانفتاح كل الكائنات على بعضها البعض بفضل لغة تفوق الكلمات تقترب حروفها من الحروف الموسيقية هي حركة مستمرة خفية تجمع بين الأضداد ، وإذا كان الإحساس فرحا سيتحول إلى صبح أبدي يتغنى بجماله دون انقطاع تغيب عنه كل مظاهر الفناء وكل إيحاء بالعدمية والفقد والحزن .
كذلك يكتسح الإحساس العالم ليورطك في تلك العلاقة الحميمة بينك وبين كل ما يحيط بك من أشجار وأزهار وبحار يتغنى بها فؤادك لحظة بلحظة هياما تيها أو تحليقا ،وما عليك إلا أن تنسى جميع قيل لك وما تعلمت حول الخوف والمحبة والغضب والقلق ، عليك أن تستمع فقط لنبضك لانه حاضرك ، أن لا تتواصل إلا مع لحظة التحليق، أن تمنحها كل ما تملك من طاقة أن لا تكترث بما فات وولى بما قيل ويقال، أن لا تهرع من خفايا المجهول، أن ترحل بعيدا في أفق ما تحس وما تشعر دون انقطاع .
فما إن حللت بهذه الدنيا حتى منحوك الاسم واللقب وأخضعوك الى شروط الانتماء للعائلة للقبيلة للمدينة للدولة ثم قطعوا جميع الخيوط التي تربطك بلحظة مولدك بأمك بما يجمعك بها بالنواة الأولى التي شكلت إحساسك أي شعورك بذاتك وبالعالم .
هويتك هذه مركبة تركيبا سابقة لوجودك تحمل تاريخا ليس بتاريخك وتتحدث عن ذات ليس بذاتك، لكنك ستتقمصها وتمضي العمر بأسره للدفاع عنها وستحاول دون جدوى أن تلبسها ثم ستدرك أنها مجرد غطاء يحجب عنك حقيقتك مشاعرك ومن تكون .
سيرهقك انقطاعك عن نفسك وسيبعث فيك الرغبة في أن تكسر جميع الحواجز والحدود كي تكتشف من جديد الطريق المؤدية إليها ،إلى إحساسك الموغل في الأنثوية الذي يتجاوز أي تعريف، إلى ذلك الجنون الموقد للحياة وللبهجة بفعل قدرته على التقبل والانفتاح والتدفق المستمر، فلقلبك القدرة على متابعة حركة الكون ،أن يحلق خارجها هياما ، خشية ، ضياعا ، تمردا على كل السنن.
ولك الحق كل الحق في أن تضحك وتبكي وترتعش وجدا وتنتظر وتسهر وتغني وترقص وتهوى وتغضب وتهجر وتكره وتصفح ،أن تجتاحك جميع الأنوار بظلالها وظلماتها ،أن تكتشف جميع طبقات سماواتك الحسية .
فتخلص من قناعك الخشبي وعش ولا تخشى السقوط في هوة الجراح العميقة ، فأنت من حفرتها بيديك متوهما أن للغير عليك سلطة ، واعلم أنك إذا ما ارتضيت بالتحليق في فضاء المشاعر وأجوائها المتقلبة والتشبه بالطير المهاجر ،ستكون حرا طليقا لا سلطانا عليك سوى ما تبتغيه لنفسك ، ذلك هو السر العظيم الذي أخفوه عليك حتى تعيد ألف مرة سؤال هملت المعروف : أن أكون أو لا أكون تلك هي المعضلة ، ولتؤمن كذلك بعبثية الأديب والفيلسوف ألبار كامو الذي لم يرفع قيمة الحياة الى مرتبة سؤال معنى .
كاهنة عباس