الشاي – الشاهي – التاي والأتاي - الچای...... أسماء متعددة بنكهة فارسية لمشروب شائع منتشر في الشرق العربي ، ذاعت شهرته وانتشرت كالنار في الهشيم منذ أكثر من نصف قرن من السنين !
يُشرب لوحده مغليَّـاً أو منقوعــاً ، أو مع أحد نكهات النباتات التالية :
القرفة – المريمية – الليمون – الزعفران – النعناع – الزنجبيل – برتقال البرغموث ( شاي ايرل جراي الإنجليزي المشهور )
وشاع الشاي بألوان متعددة :الأسود أو الأحمر ، والأخضــر والأصفر وأخيرا الشاي الأبيض .
والمشهور تاريخيّـاً أنَّ أول من زرع واستخدم الشاي هم الصينيون، وتذكر الروايات الصينية بأن الملك شينوق Shennonq كان مغرماً برعاية الأعشاب وجمعها والتداوي بها، وكان يحب شرب الماء الساخن بعد غليانه، وقد ترك بعض أوراق الشاي في الحديقة وبالمصادفة حملت الريح ورقة من الشاي الجاف إلى قدح الماء الساخن الذي اعتاد ان يحتسيه وهو جالس في الحديقة كنوع من أنواع العلاج بالماء فلاحظ الملك تغير لون الماء فتذوق طعم المنقوع واستساغ طعمه ودأب على تناوله هو ومن في معيته ما أشاع استخدامه في الصين وخارجها.
وبالطبع فإنَّ الشاي لم يُعرف عند العرب في عصر الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في العصر الأموي ولا العباسي، وربما جاء شربه بعد هذا التاريخ بوقتٍ غير معلوم بدقة ، حيث لا يوجد تاريخ محدد لدخول الشاي وشربه في المنطقة العربية ولا في العراق خصوصاً ( وهي أكثر البلدان العربية احتفاءً بالشاي ) ليكون من أشهر المشروبات وأكثرها شعبية.
ولم ينتشر ويصبح معروفاً في العالم إلا في القرن السابع عشر وما بعده، وقد كانت أول شحنة من الشاي قد وصلت أوروبا في عام 1610 وهو أول عهد الأوربيين بالشاي ، وأكثر شعوب أوروبة اهتماما بالشاي هم الانجليز كما لا يخفى ! وهم أصحاب شاي ( إيرل جراي ) المنسوب إليهم ، وهو نوع جديد من الشاي ( شاي أسود معطر ذو طعم فريد جداً ) يخلط بالبرتقال شجرة برجموت وهو ما يعطيه الرائحة والنكهة الطيبة المذاق.وأطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى رئيس الوزراء البريطانى في الفترة 1830- 1845 ، ويقول الباحثون أن عطر البرغموث والشاي في إنجلترا ، يضارع عطر المكرونايت والسجائر في أمريكا !
والشاي نبتة من الفصيلة الكاميلية المنسوبة إلى أزهار الكاميليا العطرية الجميلة جدا ،
ويُحكى عن فوائد للشاي كثيرة ، لكن الإكثار منه بالطبع غير نافع ، ولصنع الشاي طرائق متعددة تختلف حسب الأمزجة وطريق دخوله إلى المكان ، ويُقال أن أفضل الطرق لصناعته إنما هو النقع وليس الغلي ، وأول دخول الشاي إلى الشرق العربي دخل معه ( السماور ) وهو وعاء كبير للماء الساخن وله ( صنبور خاص صغير ) يوضع فوقه إبريق الشاي ، ليغلي بواسطة البخار ، ثم يسكب منه ويمدد بماء السماور حسب الرغبة ، وحكى لي الوالد رحمه الله أن أول من صنع الشاي في منطقة الجيدور ( من لواء حوران) إنما هو جدي وجده رحمهما الله تعالى :
الشيخ عبد الباقي يوسف الحريري ، نقيب الأشراف بمصر والشام ( ت قبل 1900م ) .
الشيخ فرحان حسن عبد الباقي الحريري( ت 1942/) رحمه الله .
الشاي التربوي :
هل سمع أحد من القرّاء الكرام بالشاي التربوي ؟؟؟ هأنذا أحدثكم بحكايته :
كان من أمر الشيخين العالمين الجليليْن عبد الباقي وفرحان ، أنَّهما استخدما الشاي لأغراض تربوية علمية ، فكما نعلم أنهما أول من شقَّ طريق التعليم المجاني في الكتاتيب في مناطق ( جباثا الخشب وجبا ورويحينة والحارّة ونَمَـر وجاسم وبسر الحريري وصيدا حوران ، والمليحة وغيرها ) ، وكان للناس مواقف سلبية من العلم والتعليم ، والآباء كانوا يشجعون أبناءهم على التملّص من الكتّـاب والفرار من العلم ، بحجة المساعدة في الفلاحة وأعمال الزراعة ، فلجـــأ الشيخان إلى أسلوب جميل في جذب الناس إلى الكتاتيب ، وهو الشاي .
لا أزال أحتفظ بسماور الشاي الذي كان يصنع فيه جدي رحمه الله الشاي ، ويقدّمــهُ للتلاميذ في أكواب خاصة ، أحتفظ منها بكوب ثقيل الوزن ، كل صباح عند وصول التلميذ إلى الكتّـاب يُقَـدَّم إليه كوب ساخن من الشاي ، يبعث في جسده الدفء والانتعاش ، ويبعثه للحديث عن هذا المشروب الجديد ، فيتسابق الولدان لطلب العلم وشرب الشاي معاً !!!
الشاي إذن حوَّل الكُتَّاب من بيئة طاردة الى بيئت جاذبة ، إضافةً إلى أنهما أول من سنَّ التعليم المجاني في الكتاتيب ، بدون أيّ مقابل !
وترافق ظهور الشاي مع فتاوى تحرِّم وأخرى تبيح ، ومع قرظ الشعر فيه وصفاته وآثاره .
وهو شأن كل جديد ، فكم شهدت ساحات الجمعية الغرّاء والأزهر الشريف وجامع الزيتونة والقرويين من جولات وصولات افتائية حول الدخان والبرنيطة والشاي والقهوة و....
وبلغ من الاهتمام بالشاي في شرقنا العربي أنهم تفننوا بصناعة الأباريق والكؤوس والصواني وسائر أدوات الشاي ، وكان عنوان إكرام الزائر ، فيستحيل أن يأتي زائر إلى بيت دون أن يحظى بكأسٍ من الشاي ، وتتراوح أكؤس الشاي بين الـ :
شاي الدودة ( أي بالحليب ) .يُضاف الحليب والسكر أو العسل( ولربما الدبس) حسب الطلب.
شاي الكرك هو نوع من الشاي أصله من الهند. وفي البلاد العربية، تشتهر به دول الخليج. ويسمى في المطبخ اليمني شاي عدني.
وشاي الكرك عبارة عن شاي يغلى مع السكر والزعفران أو الهيل على نار هادئة لفترة وجيزة إلى أن تتركز النكهة، ثم يضاف إليه الحليب، ويترك على نار هادئة لفترة أطول.
كما يضاف إليه أحيانا بعض النكهات الخاصة مثل القرفة أو الزنجبيل أو النعنع والزعفران .
والـ «كرك» كلمة أردوية تعني المضاعف أو الجامد .
الشاي الكشري : وهو شاي على الطريقة المصرية المعروفة .
الشاي السليماني : منسوب الى سليمان .
الشاي الشنقيطي ( الموريتاني ) المعروف باسم الأتــاي : الأتاي اليوم وأمس هو معلمة الكرم الأولى: فلا إكرام للضيف ولا إفطار ولا زفاف لعريس وعروس بدونه ولا سعادة بدون الأتاي.
لقد تحول إلى مشروب يُتداول في المكاتب والأسواق بكاساته الثلاث :البراد الأول والوسطاني والتالي. ،
فالأول فيه الشاي الأخضر مركزا، والوسطاني يكون أقل تركيزا، أما التالي وهو الأخير فالشاي فيه رقيق.غير مركّز .
وفي هذه الكاسات يمتزج النعناع بنكهته العجيبة مع الشاي فتعلو رغوة فيحسن المذاق ويصل المحتسي لذروة نشوته . وللأتاي طقوسه وأوقاته المخصوصة ولا يمكن أن يعقد مجلس أو ينتظم سمر دون أن تواكبه كاسات الشاي؛ فحول مائدة الأتاي تروى الأقاصيص والأخبار، وحولها تنشد الأشعار.
ومن أنواع الشاي الشعبي الخالد في جذور الذاكرة 00شاي انجينار/انغينار/ انقينار) وهو الشاي نفسه باختلاف المادة المحلية ، وهي هنا مادة( دبس العنب) ويُقَدَّم شتاء لبعث الدفء في أجسام محتسيه ، ويُقَدَّم في المناطق التي يكثر فيها دبس العنب !
ومن الأشعار التي قيلت في الشاي/ الشاهي ، ما قاله شاعر معاصر :
نصاب الشاي فنجانان لٰكن***مع الأحباب ليس له نصابُ
ويقصد بنصاب الشاي عدد ما يشربه المرء من أكواب الشاي بالجلسة الواحدة ؛ كون الشّاي ترياق الهموم وجلاء الأحزان ومفتاح الحديث وشجونـه .
وممّا راق لي في ذلك قول أحدهـم :
أزلْ بالشّاي همّا واكتئابًــــــــــــا *** فإن َّ الشَّــاي تريــاقُ الهمــــوم
ولا تقنعْ بخمسٍ أو بســــــــــــبعٍ*** من الكاسات في اليوم النّظيـــم
ومن جميل ماقيل فيه ، ما قال فيه الشاعر العراقــي أحمد الصافي النجفي :
لئن كان غيري بالمدامة مولعـــاً ***فقد ولعت نفسي بشـاي معـطـــــرٍ
إذا صب في كأس الزجاج حسبته ***مذابَ عقيقٍ صُبَّ في كأس جوهرِ
به أحتسي شهداً وراحاً وسكَّــــراً ***وأنشق منه عبق مسك وعنبـــــرِ
يغيب شعور المرء في أكؤس الطلا ***ويصحو بكأس الشاي عقل المفكر
يُجدُّ سرور المرء من دون نشوة ***فاحبب به من منعش غير مســـــكر
خلا من صداع أو نزيف كأنـــــــه ***سلافة أهل الخلد أو مـــــاء كوثـــر
فلله أرض الصين إذ أنبتت لنـــــا ***ألذ نبــات بالمســـــــــــرَّة مثمــــــر
لو أن ابن هاني فاز منه بجرعــة ***لراح بأقداح ابنـــة الكـــرم يزدري
ولو ذاقه الأعشى وحكّم في الطلا ***وفيه لقال : الفضل للمتأخــــــــــر
فللفم أحلى مشرب من مذاقـــــــه ***وللعين من مرآه أجمل منظــــــــر
إذا فــار ما بين الســـــماور ماؤه ***سمعت له أنغام نـــاي ومزهــــــر
فأشرب مرتاحاً على نغماتــــــــه ***كؤوســـــاً وما نغلي له غير ســكر
إذا ساق همّ الدهــر نحويَ جيشه ***ألاقيه من أقداح شــــــايٍ بعسكر
كأن به معنى الســــعــادة كامـــنٌ ***فلو يُشترى بالنفس ما ليمَ مشتري
لئن أنقص العمر الثمين اعتيــاده ***فأيّ حيــــــاة دونــه لمعـمّــــــــــر
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
يُشرب لوحده مغليَّـاً أو منقوعــاً ، أو مع أحد نكهات النباتات التالية :
القرفة – المريمية – الليمون – الزعفران – النعناع – الزنجبيل – برتقال البرغموث ( شاي ايرل جراي الإنجليزي المشهور )
وشاع الشاي بألوان متعددة :الأسود أو الأحمر ، والأخضــر والأصفر وأخيرا الشاي الأبيض .
والمشهور تاريخيّـاً أنَّ أول من زرع واستخدم الشاي هم الصينيون، وتذكر الروايات الصينية بأن الملك شينوق Shennonq كان مغرماً برعاية الأعشاب وجمعها والتداوي بها، وكان يحب شرب الماء الساخن بعد غليانه، وقد ترك بعض أوراق الشاي في الحديقة وبالمصادفة حملت الريح ورقة من الشاي الجاف إلى قدح الماء الساخن الذي اعتاد ان يحتسيه وهو جالس في الحديقة كنوع من أنواع العلاج بالماء فلاحظ الملك تغير لون الماء فتذوق طعم المنقوع واستساغ طعمه ودأب على تناوله هو ومن في معيته ما أشاع استخدامه في الصين وخارجها.
وبالطبع فإنَّ الشاي لم يُعرف عند العرب في عصر الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في العصر الأموي ولا العباسي، وربما جاء شربه بعد هذا التاريخ بوقتٍ غير معلوم بدقة ، حيث لا يوجد تاريخ محدد لدخول الشاي وشربه في المنطقة العربية ولا في العراق خصوصاً ( وهي أكثر البلدان العربية احتفاءً بالشاي ) ليكون من أشهر المشروبات وأكثرها شعبية.
ولم ينتشر ويصبح معروفاً في العالم إلا في القرن السابع عشر وما بعده، وقد كانت أول شحنة من الشاي قد وصلت أوروبا في عام 1610 وهو أول عهد الأوربيين بالشاي ، وأكثر شعوب أوروبة اهتماما بالشاي هم الانجليز كما لا يخفى ! وهم أصحاب شاي ( إيرل جراي ) المنسوب إليهم ، وهو نوع جديد من الشاي ( شاي أسود معطر ذو طعم فريد جداً ) يخلط بالبرتقال شجرة برجموت وهو ما يعطيه الرائحة والنكهة الطيبة المذاق.وأطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى رئيس الوزراء البريطانى في الفترة 1830- 1845 ، ويقول الباحثون أن عطر البرغموث والشاي في إنجلترا ، يضارع عطر المكرونايت والسجائر في أمريكا !
والشاي نبتة من الفصيلة الكاميلية المنسوبة إلى أزهار الكاميليا العطرية الجميلة جدا ،
ويُحكى عن فوائد للشاي كثيرة ، لكن الإكثار منه بالطبع غير نافع ، ولصنع الشاي طرائق متعددة تختلف حسب الأمزجة وطريق دخوله إلى المكان ، ويُقال أن أفضل الطرق لصناعته إنما هو النقع وليس الغلي ، وأول دخول الشاي إلى الشرق العربي دخل معه ( السماور ) وهو وعاء كبير للماء الساخن وله ( صنبور خاص صغير ) يوضع فوقه إبريق الشاي ، ليغلي بواسطة البخار ، ثم يسكب منه ويمدد بماء السماور حسب الرغبة ، وحكى لي الوالد رحمه الله أن أول من صنع الشاي في منطقة الجيدور ( من لواء حوران) إنما هو جدي وجده رحمهما الله تعالى :
الشيخ عبد الباقي يوسف الحريري ، نقيب الأشراف بمصر والشام ( ت قبل 1900م ) .
الشيخ فرحان حسن عبد الباقي الحريري( ت 1942/) رحمه الله .
الشاي التربوي :
هل سمع أحد من القرّاء الكرام بالشاي التربوي ؟؟؟ هأنذا أحدثكم بحكايته :
كان من أمر الشيخين العالمين الجليليْن عبد الباقي وفرحان ، أنَّهما استخدما الشاي لأغراض تربوية علمية ، فكما نعلم أنهما أول من شقَّ طريق التعليم المجاني في الكتاتيب في مناطق ( جباثا الخشب وجبا ورويحينة والحارّة ونَمَـر وجاسم وبسر الحريري وصيدا حوران ، والمليحة وغيرها ) ، وكان للناس مواقف سلبية من العلم والتعليم ، والآباء كانوا يشجعون أبناءهم على التملّص من الكتّـاب والفرار من العلم ، بحجة المساعدة في الفلاحة وأعمال الزراعة ، فلجـــأ الشيخان إلى أسلوب جميل في جذب الناس إلى الكتاتيب ، وهو الشاي .
لا أزال أحتفظ بسماور الشاي الذي كان يصنع فيه جدي رحمه الله الشاي ، ويقدّمــهُ للتلاميذ في أكواب خاصة ، أحتفظ منها بكوب ثقيل الوزن ، كل صباح عند وصول التلميذ إلى الكتّـاب يُقَـدَّم إليه كوب ساخن من الشاي ، يبعث في جسده الدفء والانتعاش ، ويبعثه للحديث عن هذا المشروب الجديد ، فيتسابق الولدان لطلب العلم وشرب الشاي معاً !!!
الشاي إذن حوَّل الكُتَّاب من بيئة طاردة الى بيئت جاذبة ، إضافةً إلى أنهما أول من سنَّ التعليم المجاني في الكتاتيب ، بدون أيّ مقابل !
وترافق ظهور الشاي مع فتاوى تحرِّم وأخرى تبيح ، ومع قرظ الشعر فيه وصفاته وآثاره .
وهو شأن كل جديد ، فكم شهدت ساحات الجمعية الغرّاء والأزهر الشريف وجامع الزيتونة والقرويين من جولات وصولات افتائية حول الدخان والبرنيطة والشاي والقهوة و....
وبلغ من الاهتمام بالشاي في شرقنا العربي أنهم تفننوا بصناعة الأباريق والكؤوس والصواني وسائر أدوات الشاي ، وكان عنوان إكرام الزائر ، فيستحيل أن يأتي زائر إلى بيت دون أن يحظى بكأسٍ من الشاي ، وتتراوح أكؤس الشاي بين الـ :
شاي الدودة ( أي بالحليب ) .يُضاف الحليب والسكر أو العسل( ولربما الدبس) حسب الطلب.
شاي الكرك هو نوع من الشاي أصله من الهند. وفي البلاد العربية، تشتهر به دول الخليج. ويسمى في المطبخ اليمني شاي عدني.
وشاي الكرك عبارة عن شاي يغلى مع السكر والزعفران أو الهيل على نار هادئة لفترة وجيزة إلى أن تتركز النكهة، ثم يضاف إليه الحليب، ويترك على نار هادئة لفترة أطول.
كما يضاف إليه أحيانا بعض النكهات الخاصة مثل القرفة أو الزنجبيل أو النعنع والزعفران .
والـ «كرك» كلمة أردوية تعني المضاعف أو الجامد .
الشاي الكشري : وهو شاي على الطريقة المصرية المعروفة .
الشاي السليماني : منسوب الى سليمان .
الشاي الشنقيطي ( الموريتاني ) المعروف باسم الأتــاي : الأتاي اليوم وأمس هو معلمة الكرم الأولى: فلا إكرام للضيف ولا إفطار ولا زفاف لعريس وعروس بدونه ولا سعادة بدون الأتاي.
لقد تحول إلى مشروب يُتداول في المكاتب والأسواق بكاساته الثلاث :البراد الأول والوسطاني والتالي. ،
فالأول فيه الشاي الأخضر مركزا، والوسطاني يكون أقل تركيزا، أما التالي وهو الأخير فالشاي فيه رقيق.غير مركّز .
وفي هذه الكاسات يمتزج النعناع بنكهته العجيبة مع الشاي فتعلو رغوة فيحسن المذاق ويصل المحتسي لذروة نشوته . وللأتاي طقوسه وأوقاته المخصوصة ولا يمكن أن يعقد مجلس أو ينتظم سمر دون أن تواكبه كاسات الشاي؛ فحول مائدة الأتاي تروى الأقاصيص والأخبار، وحولها تنشد الأشعار.
ومن أنواع الشاي الشعبي الخالد في جذور الذاكرة 00شاي انجينار/انغينار/ انقينار) وهو الشاي نفسه باختلاف المادة المحلية ، وهي هنا مادة( دبس العنب) ويُقَدَّم شتاء لبعث الدفء في أجسام محتسيه ، ويُقَدَّم في المناطق التي يكثر فيها دبس العنب !
ومن الأشعار التي قيلت في الشاي/ الشاهي ، ما قاله شاعر معاصر :
نصاب الشاي فنجانان لٰكن***مع الأحباب ليس له نصابُ
ويقصد بنصاب الشاي عدد ما يشربه المرء من أكواب الشاي بالجلسة الواحدة ؛ كون الشّاي ترياق الهموم وجلاء الأحزان ومفتاح الحديث وشجونـه .
وممّا راق لي في ذلك قول أحدهـم :
أزلْ بالشّاي همّا واكتئابًــــــــــــا *** فإن َّ الشَّــاي تريــاقُ الهمــــوم
ولا تقنعْ بخمسٍ أو بســــــــــــبعٍ*** من الكاسات في اليوم النّظيـــم
ومن جميل ماقيل فيه ، ما قال فيه الشاعر العراقــي أحمد الصافي النجفي :
لئن كان غيري بالمدامة مولعـــاً ***فقد ولعت نفسي بشـاي معـطـــــرٍ
إذا صب في كأس الزجاج حسبته ***مذابَ عقيقٍ صُبَّ في كأس جوهرِ
به أحتسي شهداً وراحاً وسكَّــــراً ***وأنشق منه عبق مسك وعنبـــــرِ
يغيب شعور المرء في أكؤس الطلا ***ويصحو بكأس الشاي عقل المفكر
يُجدُّ سرور المرء من دون نشوة ***فاحبب به من منعش غير مســـــكر
خلا من صداع أو نزيف كأنـــــــه ***سلافة أهل الخلد أو مـــــاء كوثـــر
فلله أرض الصين إذ أنبتت لنـــــا ***ألذ نبــات بالمســـــــــــرَّة مثمــــــر
لو أن ابن هاني فاز منه بجرعــة ***لراح بأقداح ابنـــة الكـــرم يزدري
ولو ذاقه الأعشى وحكّم في الطلا ***وفيه لقال : الفضل للمتأخــــــــــر
فللفم أحلى مشرب من مذاقـــــــه ***وللعين من مرآه أجمل منظــــــــر
إذا فــار ما بين الســـــماور ماؤه ***سمعت له أنغام نـــاي ومزهــــــر
فأشرب مرتاحاً على نغماتــــــــه ***كؤوســـــاً وما نغلي له غير ســكر
إذا ساق همّ الدهــر نحويَ جيشه ***ألاقيه من أقداح شــــــايٍ بعسكر
كأن به معنى الســــعــادة كامـــنٌ ***فلو يُشترى بالنفس ما ليمَ مشتري
لئن أنقص العمر الثمين اعتيــاده ***فأيّ حيــــــاة دونــه لمعـمّــــــــــر
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .