3
البحث المتمم لثلاثـــــة في حديثنـــــا عن الشاي ، وهو المشروب المتوحد المتفرّد على موائد العرب ، وهو شعار المطبخ العربي ..
ويُقال : قد عرفه العرب منذ القرن التاسع ( الميلادي ) ، وحمل أخباره إلى أوربا تاجر عربي، و"أحب العرب هذا المشروب ، ووجدوا أنه يطفئ عطش الصحراء وأدخلوه في تقاليد الضيافة عندهم" .
وحين وصل العرب في غزوهم إلى بلاد الفرس تعرفوا على "السماور" الذي كان وصل الفرس عن طريق روسيا ، وهو أداة طبخ الشاي كما أسلفنا في البحث الأول عنه .
ومن خلال اتصال البشر بعضهم ببعض عن طريق الرحلات والسفارات ، انتشر استعمال الشاي في جميع أنحاء العالم ، وأخذت بلدان عديدة تزرعه مثل إيران والهند والسيلان ، بل وزرت والدتي حفظها الله في سورية فوجدتها قد زرعت الشاي في قطعة أرض صغيرة بجوار البيت وقد احتفظت بأوراق الشاي لتتحفني بها ، وفعلا ضيَّفتني من منقوع تلك الأوراق شاياً طيبا ذا لون بهي وجميل حقا !!!
وهذا يدلّ أن نبات الشاي قابل للزراعة في بلاد الشام عمومــاً .
وتعددت أنواع الشاي وأدواته ، وظلت الصين البلد المنتج الأساسي له في العالم تليها سيلان ، وشهرة الشاي السيلاني أعرق وأوسع انتشارا ً .
وقد مهر الناس في تحضير الشاي ، وتباينت من قطر إلى قطر وسائل هذا التحضير .
و الأدباء المغاربة كما لا يخفى يعنون بنظم الأراجيز ( المتون ) في مختلف العلوم والفنون تسهيلا على الطلبة والدارسين باستظهارها ، والتمكن من قواعدها ، ومن هنا كان للشاي نصيب فيما جادت به قريحة أديب فاس الشاعر عبد السلام الأزموري – وهو من الأدباء المغاربة المغمورين – بأرجوزة مفيدة عن الشاي المغربي، وطرق تهييئه وأوانيه ومجالسه، وقد قام بشرح هذه الأرجوزة "الرائقة، العذبة المستملحة الفائقة" شيخ جماعة الرباط العلامة سيدي المكي البطاوري الرباطي رحمه الله، تحت عنوان:"شرح الأرجوزة الفائقة المستعذبة الرائقة فيما يحتاج الأتاي إليه، ويتوقف شربه وإقامته عليه"،، وهي لا تخلو من نوادر طريفة، وأخبار أدبية، وفوائد تاريخية، واستطرادات قيمة، وفوائد مفيدة ومستملحات رقيقة، لها مكانتها في الأدب المغربي .
أرجوزة عبد السلام الأزموري في الأتاي المغربي ، والأتاي كما أسلفنا هو الشاي ، وكأنَّ إخواننا المغاربة نحتوا للشاي اسما ً يدور بين الفارسية والعربية الدارجة وبين اللغــة الإنجليزيّـة ( شاي + تي Tea والمحصلة أتاي ) وشرح الأرجوزة الشافي لشيخ الجماعة المكي البطاوري .
قال الراجز في مطلعها :
الحمد لله الذي أطعمنا = من كل مطعوم به أكرمنا
وبعد أن حمد الله مرة ثانية على نعمة الماء الصافي "كالغمام الصيب" استطرد قائلا :
مثل الأتـاي "اللنـدريزي" الجيد = صفرته مثل مذاب العسجد
إشارة إلى مصدره : وهي العاصمة البريطانية : "لندريز" (لندرة) كما كان المغاربة يسمونها.
ثم تعرض لذكر منافع الشاي عند شربه كتطاير الهم عن النفس، وانشراح الصدر، وجلب الفرح والسرور.
إن صب في كاساته مذهبة على صفا صينية ملتهبة
تطاير الهم لديها وانشرح صدر الذي يشربه من الفرح
وقد قدم الشاعر سليمان الحوات الشفشاوني في بضع أبيات شعرية نصيحة الإدمان على الشاي لما فيه من المنافع الصحية لكل سقم من الأسقام منها :
وكونوا عليه مدمنين لأنه *** شفاء النفوس إن عراها سقام
إلى أن يقول :
ويكسو الوجوه حمرة في نعومة *** كأن بها وردا سقاه غمام
ويبطء للإنزال في الوطء باعثا *** على لذة هي المنى والمرام
وأشار الناظم إلى جواز إضافة العنبر – دون غيره – إلى الأتاي لأن العنبر تكسبه طيبة ولذة وحسنا ( لاحظ الروعة الأدبية في استخدام مفردات المذهب والجواز وما إليه ، فكأننا أمام طقوس لحكم شرعي أو ممارسة طقس تعبدي !!! ) :
وإن يكن معنبرا فذاك في *** مذهبنا المختار خير ما اصطفى
وعلى هذا المذهب ذهب شاعر آخــر :
ومذهبنا ألا يضاف لغيره *** سوى العنبر الشحري فهو تمام
تحدث الناظم عن عدد الأحبة الذين يستحسن في مجلس شراب الأتاي ، وذكر أن المطلوب في مجلس شراب الأتاي ، وذكر أن المطلوب هو :"التقليل"، وما زاد عنه فهو غير نافع :
وذا إلــى ثلاثــة أو أربــع *** من الأحبة وما زاد ادفع
لأن الكثرة تذهب رونق الجلسة، وتعكر صفوها .
وأختم حلقات بحثي عن الشاي بهذه الطرفة وأحسبها ماتعــة إنْ شاء الله تعالى :
يُقال :( في لندن ) في الصباح .. شاي انجليزي
وفي المساء عصير برتقال ،
(( في اليابان )) :الصباح حليب ساخن ، والمساء شاي اخضر صحي .
(( في كوريا )) : الصباح حليب ساخن ، المساء عصير جوافـة .
(( في العالم العربي)) : الفجر شاي ، والصبح شاي والضحى شاي والظهر شاي والعصر
شاي والمغرب شاي ،والشاي في الليل وآخره ، وفي السفر والحضر شاي ، وفي الطريق
والسيارة والحفلات والأعراس ومجالس العزاء شاي وعند زيارة المريض وجميع المناسبات
شاي !! وإذا ما أراد العربي أن يستأذن جلّـاسـه قال :
عن إذنكم لازم اروح اشرب الشاي ! وأنا أذنوا لي الآن باغلاق هذا الملف لأشرب الشاي
بمعيتكم ومعية الأستاذ محمد كريزم وجميع الأحبَّـــــــة .
الدكتور محمد فتحي راشد الحريري - الإمارات العربية المتحدة- خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
البحث المتمم لثلاثـــــة في حديثنـــــا عن الشاي ، وهو المشروب المتوحد المتفرّد على موائد العرب ، وهو شعار المطبخ العربي ..
ويُقال : قد عرفه العرب منذ القرن التاسع ( الميلادي ) ، وحمل أخباره إلى أوربا تاجر عربي، و"أحب العرب هذا المشروب ، ووجدوا أنه يطفئ عطش الصحراء وأدخلوه في تقاليد الضيافة عندهم" .
وحين وصل العرب في غزوهم إلى بلاد الفرس تعرفوا على "السماور" الذي كان وصل الفرس عن طريق روسيا ، وهو أداة طبخ الشاي كما أسلفنا في البحث الأول عنه .
ومن خلال اتصال البشر بعضهم ببعض عن طريق الرحلات والسفارات ، انتشر استعمال الشاي في جميع أنحاء العالم ، وأخذت بلدان عديدة تزرعه مثل إيران والهند والسيلان ، بل وزرت والدتي حفظها الله في سورية فوجدتها قد زرعت الشاي في قطعة أرض صغيرة بجوار البيت وقد احتفظت بأوراق الشاي لتتحفني بها ، وفعلا ضيَّفتني من منقوع تلك الأوراق شاياً طيبا ذا لون بهي وجميل حقا !!!
وهذا يدلّ أن نبات الشاي قابل للزراعة في بلاد الشام عمومــاً .
وتعددت أنواع الشاي وأدواته ، وظلت الصين البلد المنتج الأساسي له في العالم تليها سيلان ، وشهرة الشاي السيلاني أعرق وأوسع انتشارا ً .
وقد مهر الناس في تحضير الشاي ، وتباينت من قطر إلى قطر وسائل هذا التحضير .
و الأدباء المغاربة كما لا يخفى يعنون بنظم الأراجيز ( المتون ) في مختلف العلوم والفنون تسهيلا على الطلبة والدارسين باستظهارها ، والتمكن من قواعدها ، ومن هنا كان للشاي نصيب فيما جادت به قريحة أديب فاس الشاعر عبد السلام الأزموري – وهو من الأدباء المغاربة المغمورين – بأرجوزة مفيدة عن الشاي المغربي، وطرق تهييئه وأوانيه ومجالسه، وقد قام بشرح هذه الأرجوزة "الرائقة، العذبة المستملحة الفائقة" شيخ جماعة الرباط العلامة سيدي المكي البطاوري الرباطي رحمه الله، تحت عنوان:"شرح الأرجوزة الفائقة المستعذبة الرائقة فيما يحتاج الأتاي إليه، ويتوقف شربه وإقامته عليه"،، وهي لا تخلو من نوادر طريفة، وأخبار أدبية، وفوائد تاريخية، واستطرادات قيمة، وفوائد مفيدة ومستملحات رقيقة، لها مكانتها في الأدب المغربي .
أرجوزة عبد السلام الأزموري في الأتاي المغربي ، والأتاي كما أسلفنا هو الشاي ، وكأنَّ إخواننا المغاربة نحتوا للشاي اسما ً يدور بين الفارسية والعربية الدارجة وبين اللغــة الإنجليزيّـة ( شاي + تي Tea والمحصلة أتاي ) وشرح الأرجوزة الشافي لشيخ الجماعة المكي البطاوري .
قال الراجز في مطلعها :
الحمد لله الذي أطعمنا = من كل مطعوم به أكرمنا
وبعد أن حمد الله مرة ثانية على نعمة الماء الصافي "كالغمام الصيب" استطرد قائلا :
مثل الأتـاي "اللنـدريزي" الجيد = صفرته مثل مذاب العسجد
إشارة إلى مصدره : وهي العاصمة البريطانية : "لندريز" (لندرة) كما كان المغاربة يسمونها.
ثم تعرض لذكر منافع الشاي عند شربه كتطاير الهم عن النفس، وانشراح الصدر، وجلب الفرح والسرور.
إن صب في كاساته مذهبة على صفا صينية ملتهبة
تطاير الهم لديها وانشرح صدر الذي يشربه من الفرح
وقد قدم الشاعر سليمان الحوات الشفشاوني في بضع أبيات شعرية نصيحة الإدمان على الشاي لما فيه من المنافع الصحية لكل سقم من الأسقام منها :
وكونوا عليه مدمنين لأنه *** شفاء النفوس إن عراها سقام
إلى أن يقول :
ويكسو الوجوه حمرة في نعومة *** كأن بها وردا سقاه غمام
ويبطء للإنزال في الوطء باعثا *** على لذة هي المنى والمرام
وأشار الناظم إلى جواز إضافة العنبر – دون غيره – إلى الأتاي لأن العنبر تكسبه طيبة ولذة وحسنا ( لاحظ الروعة الأدبية في استخدام مفردات المذهب والجواز وما إليه ، فكأننا أمام طقوس لحكم شرعي أو ممارسة طقس تعبدي !!! ) :
وإن يكن معنبرا فذاك في *** مذهبنا المختار خير ما اصطفى
وعلى هذا المذهب ذهب شاعر آخــر :
ومذهبنا ألا يضاف لغيره *** سوى العنبر الشحري فهو تمام
تحدث الناظم عن عدد الأحبة الذين يستحسن في مجلس شراب الأتاي ، وذكر أن المطلوب في مجلس شراب الأتاي ، وذكر أن المطلوب هو :"التقليل"، وما زاد عنه فهو غير نافع :
وذا إلــى ثلاثــة أو أربــع *** من الأحبة وما زاد ادفع
لأن الكثرة تذهب رونق الجلسة، وتعكر صفوها .
وأختم حلقات بحثي عن الشاي بهذه الطرفة وأحسبها ماتعــة إنْ شاء الله تعالى :
يُقال :( في لندن ) في الصباح .. شاي انجليزي
وفي المساء عصير برتقال ،
(( في اليابان )) :الصباح حليب ساخن ، والمساء شاي اخضر صحي .
(( في كوريا )) : الصباح حليب ساخن ، المساء عصير جوافـة .
(( في العالم العربي)) : الفجر شاي ، والصبح شاي والضحى شاي والظهر شاي والعصر
شاي والمغرب شاي ،والشاي في الليل وآخره ، وفي السفر والحضر شاي ، وفي الطريق
والسيارة والحفلات والأعراس ومجالس العزاء شاي وعند زيارة المريض وجميع المناسبات
شاي !! وإذا ما أراد العربي أن يستأذن جلّـاسـه قال :
عن إذنكم لازم اروح اشرب الشاي ! وأنا أذنوا لي الآن باغلاق هذا الملف لأشرب الشاي
بمعيتكم ومعية الأستاذ محمد كريزم وجميع الأحبَّـــــــة .
الدكتور محمد فتحي راشد الحريري - الإمارات العربية المتحدة- خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "