عصري فياض - الرواية الفلسطينية وحدها لا تكفي

لفتني في خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن الاخير امام المجلس الثوري لحركة فتح تركيزه على ذكر الرواية الفلسطينية،وحقيقة ما جرى في تاريخ القضية الفلسطينية من قبل النكبة وما بعدها من خداع وكذب وافتراءات وتدليس في الرواية الصهيونية التي لازالت مستمرة خداعا وكذبا وتهويدا حتى الساعة،حتى وصلت اوجها في التسارع الذي تنفذه اكثر الحكومات تطرفا في تاريخ الكيان،فقد سرد حقيقة اليهود الاشكناز منذ تكوينهم في مملكة الخزر كونهم ليسو ساميين ،حتى توصيات وثيقة كلمبل بنرمان وزير خارجية بريطانية في العام 1907،التي دعت لإقامة إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم،ويربطهما معاً بالبحر الأبيض المتوسط،بحيث يشكل - في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس- قوة عدوة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية ومصالحها؛هو التنفيذ العملي العاجل للوسائل والسبل المقترحة".وطن لليهود وما تلاها ونتج عنها من وعد بلفور البريطاني الامريكي.كما تعرض الرئيس عباس لوعد وزير خارجية " اسرائيل" في العام 1949 موشي شاريت الذي وقع على وثيقه قدمها للأمم المتحدة ابدى فيها الاستعداد للاستجابة لشرطها بالاعتراف بقررايّ الامم المتحدة (181) و(194) مقابل الاعتراف بعضوية "اسرائيل" في تلك المنظمة الدولية. وقال انه سيطلب من الامم المتحدة في خطابة القادم امام الهيئة العامة للامم المتحدة منتصف هذا الشهر تفعيل ذلك الشرط،أو طرد "اسرائيل " من المنظمة الدولية لعدم التزامها بما وقعت عليه وأبدت استعدادها للالتزام به.
طبعا الرئيس عباس الذي كان يخاطب المجلس الثوري لحركة فتح،تلك الهيئة التي تعتبر قبل الهيئة الاعلى في اكبر تنظيم فلسطيني وهي اللجنة المركزية صانعة السياسة النضالية في العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطيني،يعي أن هذا الخطاب أو هذه الكلمة تأتي في ظل تصاعد الاحداث في الضفة الفلسطينية من اعمال مقاومة وممارسات حكومة وجيش ومستوطني الدولة المحتلة على الارض الفلسطينية وما عليها من بشر وحجر وشجر،بمعنى أن حث اعضاء الثوري وتوعيتهم في الرواية الفلسطينية قصده هو مخاطبة العالم وشعوبه وحكوماته في صدقية الرواية الفلسطينية ودحض الرواية الصهيونية،بتفسير آخر فتح زمن جديد في محاولة اظهار مظلوميتنا كفلسطينيين التي تجاوزتاها المعطيات النضالية،وطول تاريخ النضال،فكل من يتنكر للحق الفلسطيني عالميا أو أغلبهم يدرك صدق روايتنا،ويعرف زيف الرواية الصهوينية، لكن ما يجعلهم متشبثين بالدفاع عن " اسرائيل" هو النفس الاستعماري ا ألاستكباري والمصالح الامبريالية مع ديمومة وعلو شان "اسرائيل" في المنطقة الامر الذي اشار اليه الرئيس عباس في خطابة عندما قال أن الولايات المتحدة هي ايضا من ضغطت على بريطانيا لإصدار وعد بلفور،عندما لمَّح إلى ان هيئة الامم المتحدة لم تلزم اسرائيل بتطبيق مضمون القراران (181،194) رغم ان نفس المنظمة الدولية هي التي طلبت،وان هذين القرارين تضاف الى عشرات بل مئات القرارات الصادرة عن مجلس الامن والهيئة العامة للام المتحدة لصالح القضية الفلسطينية دون أن ينفذ قرار واحد منها على امتداد اكثر من خمسة وسبعين عاما،رغم كل ما بذلة الفلسطينيين من نضال سياسي وكفاحي للحصول على حقوقهم المشروعة،إزاء ذلك هل نحن بحاجة فعلا لفتح زمن جديد ومديد في اعادة محاولات اقناع العالم بعدالة قضيتنا ؟؟ ذلك العالم الذي تغيَّر ويتغيّر كل يوم،ويؤذن بإعادة رسم خارطة العالم من جديد،تستغله "اسرائيل" في تسارع خطواتها على الارض لتخرج بواقع تريده هي ليسلم لها العالم لاحقا بحقيقة سيطرتها على فلسطين كل فلسطين.
إن الرواية الفلسطينية واعادة نبشها من جديد واهدار كل الجهد الفلسطيني الدبلوماسي لها ولحدها لا تكفي،فلا بد من وجود ردة فعل طبيعية واسعة وكبيرة على الارض الفلسطينية تقابل التوغل والتصارع في ممارسات الاحتلال التهويدية الاقتلاعية التصفوية الشرسة التي تمارس كل دقيقة وكل ثانية ضد ما هو فلسطيني على ما تبقى من الـ22% من ارض فلسطين التاريخية التي اقرت اتفاقية اوسلو التي هندسها الرئيس عباس في العام 1993بأنها الحلم الوحيد الاوحد،والطريق لإقامة دولة فلسطينية على تلك النسبة بعد الاعتراف بباقي النسبة كحق لاسرائيل،وفشلت في تحقيق أي حق من حقوق شعبنا رغم الوعدات الخادعة من العالم وخاصة دول الاستكبار العالمي المتمثلة بالولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية ؟
وإذا ما قال السيد الرئيس أن المقاومة الشعبية السلمية هي قرينة التحرك السياسي الدبلوماسي،فهل من الممكن أن تكون المقاومة السلمية الشعبية علاجا لهذه الممارسات التهويدية والتغوُّل في الدم الفلسطيني،واستباحت المقدسات والأرض والبشر والحجر والشجر؟؟
وهل من الممكن أن تكون المقاومة الشعبية السلمية اداة ضغط على الحكومات العربية التي طبعت والتي تنوي التطبيع لتحسب حساب الحقوق الفلسطينية وهي تدحرج حبات سبحتها امام الاقدام الاسرائيلية ؟؟
إن العالم المتغير حولنا يحتم علينا أن نكون اقوياء على الارض،وأن يصل صوت مياديننا قبل أن تصل أصوات دبلوماسينا حتى يلتفت لنا العالم،وإذا كانت المصلحة الاستعمارية هي التي تبقي موقف تلك الدول مع دولة الاحتلال،فإنه حتما سيعيد حساباته عندما تكون مصالحه تحت الخطر،فسياسات هذه الدول لا تقوم ولن تقوم على القيم والأخلاق،بل ترتدع بالقوة وتعيد حساباتها عندما يقف امامها الند القوي،لا المستجدي الضعيف.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى