شهران بالتمام والكمال على الخارطة التي رسمها الابطال في بأس " ذات القناطر" جنين ...شهرين على سفر الاقمار عليّ وأحمد ومجدي ومسجد الانصار،ستون يوما على سموْ سميح وحسام وأوس والشامي ومرشود وأبو ذيبة وجواد والقاسم وخمايسة...ستون يوما من لعق الجراح،وصعود الجباه الى السماء،يعود المحتل ليكمل حسابه مع هذا المخيَّم العنيــــــد...
كانت الليلة الماضية كسابقاتها،شيء من الراحة المترقبة،لقد تعود "صناع الحمى" هنا على السهر الطويل،تلك الحالة التي غالبا ما تنتهي بقسط عميق من النوم لكثير من الفرسان "اصدقاء القمر"، والنوم لهذه الفئات الفتيّة يحتاج لساعات طويلة نسبيا حتى ترتوي اجسادهم استعدادا لانتظار جديد...
جاء صباح الاثنين الموافق الرابع من ايلول من العام 2023،العمال والموظفون وأصحاب المهن والمحال قصدوا ارزاقهم،طلاب وطالبات المدارس ورياض اطفال ايضا تبعوهم او ساروا معهم قاصدين مقاعدهم،بقيت البيوت مع من تبقى من ساكنيها من أمهات صابرات منتظرات محتسبات،أو كبار السن او اطفال رضع،أو مقاتل خلد وبندقيته للنوم قبل قليل...
هذه الحالة يدرسها المحتل جيدا،ويختار بمكره وخبثه استغلالها لتنفيذ عدوانه،يساعده في تحديد الهدف الزنانات التي تسبح في السماء،وجهاز الخلوي الذي به يسهل تحديد مكان الشخص المستهدف...
الساعة تقترب من العاشرة والنصف صباحا،وحدات خاصة هذه المرة من فرقة "جولاني" محشوة في سيارتين مدنيتين تندفع من الشارع الاقصى العلوي الجنوبي من المخيَّم،وتندفع الى بيت حضر اليه ثلاثة من المقاومين ذوي "العصبات الخضراء" لزيارة والدة وأسرة مرتقي سابق منهم،دقائق كانوا جميعهم في مرمى القوة المقتحمة التي نثرت القناصة في اكثر من منزل وتحصنت به...سرى الخبر كالنار في الهشيم في المخيَّم،ولعلعت صفارات الانذارالتي تشي بإقتحام احتلالي لمكان ما في المخيَّم،رافقه تدفق حوالي خمسين جيب وناقلة جند وجرافة الى المكان،وأماكن اخرى من المخيَّم والمدينة،وبدأ الرصاص يشق الهواء من والي المكان المستهدف...
كان لابد له أن يترك فراشه الذي لا زال ساكنا فيه،ويغسل وجهه بسرعة ويخرج...فعل ذلك على وقع تطاير الرصاص من كل ناحية وصوب،سار شرقا حيث صعوبة كشفه من جهة التوغل،ثم انعطف شمالا في طريق ضيق تمركز في نهايته ثلاثة مقاتلين ملثيمن،بادرة اولهم وهو يمسك بشدة سلاحه الرشاش بالسؤال قبل ان يصل :-
" في إشي من هاي الجهة عمي" ؟
رد بسرعة :- لا ... لا يوجد شيء... لكن عليكم الحذر
رن هاتفه الجوال... نظر الى شاشة الجهاز،فقرأ اسم صديقه ففتح الخط وهو يسير بخطى سريعة ليوغر في المخيَّم بعيدا عن النار وأشياء أخرى... قال صديقه :الجيش قرب منزلنا... لقد اصيب صهيب... حاول ابني اسعافه الا أنه مُنِعَ من الاقتراب...
واصل سيره،فوجد مقاتلا آخرا على بعد أمتار من الثلاثة الاوائل بجانب أحد الازقه،إلى جانبه مناضل مسن يشهر مسدسه حتى لا يمروا... سأله عن مكان الجيش فأجاب... وعلى بعد أمتار اخرى اشرق على طريق متفرع،فرأى في الجهة اليمنى بعض مقاتلين يتأهبون،وفي الجهة اليسرى التي عرَّج عليها آخرون مثلهم،بعضهم لا زال يخرج من بين ركام اسفل المسجد الذي قصف قبل شهرين...وجميع من رآهم يرتدون الملابس السوداء التي تلفها " الجعب"...
أكمل سيره وهو يقرأ ما شاهده في تلك الوجوه التي تصفحها بسرعة... كلها تقول... ما زلنا رغم طول المسافة...
واصل خطاه عميقا...إتخذ طريقه غربا ليخرج من نطاق المخيَّم... كيفما تلفت رأى مثلهم...كلٌّ مستنفر ويده على الزناد... خرج من المخيَّم عبر الطريق التي تقع خلف مشفى جنين ...سيارات جيب عسكرية تتقدم حيث كان يسير... دخل المشفى وخرج منها الى قلب المدينة... اذاعة محلية تحدثت معه لنقل اخبار ما رأى وما سمع ...تلتها قناة فضائية...
قال له أحدهم لقد بدؤوا بالانسحاب... عاد الى المنزل على عجل،وانهى لقاءه مع القناة الفضائية،ثم خرج ليعرف ما هو سر الجلبة والضحكات التي يسمعها والقادمة من شرق بيته...فتح الباب فرآهم...نحو خمسة عشر شابا يافعا مستبشرا متلألئ الوجه ،يلبسون السواد يرفعون "سيوفهم" في أيديهم،ويعبرون الطريق بعدما رحل الغزاة...تذكر تلك الصورة التي تلت احداث السابع من آذار الماضي...عندما تحدى المخيَّم الموت بإقدام منقطع النظير...وها هو اليوم،وبالرغم مما جرى،وبالرغم الثمن الغالي الذي دفعه لفاتورة العزة والكرامة والكبرياء والإباء،لا زال يتحدى الموت،ويقهر أهل الموت غزاة الوطن الارض والشعب.
كانت الليلة الماضية كسابقاتها،شيء من الراحة المترقبة،لقد تعود "صناع الحمى" هنا على السهر الطويل،تلك الحالة التي غالبا ما تنتهي بقسط عميق من النوم لكثير من الفرسان "اصدقاء القمر"، والنوم لهذه الفئات الفتيّة يحتاج لساعات طويلة نسبيا حتى ترتوي اجسادهم استعدادا لانتظار جديد...
جاء صباح الاثنين الموافق الرابع من ايلول من العام 2023،العمال والموظفون وأصحاب المهن والمحال قصدوا ارزاقهم،طلاب وطالبات المدارس ورياض اطفال ايضا تبعوهم او ساروا معهم قاصدين مقاعدهم،بقيت البيوت مع من تبقى من ساكنيها من أمهات صابرات منتظرات محتسبات،أو كبار السن او اطفال رضع،أو مقاتل خلد وبندقيته للنوم قبل قليل...
هذه الحالة يدرسها المحتل جيدا،ويختار بمكره وخبثه استغلالها لتنفيذ عدوانه،يساعده في تحديد الهدف الزنانات التي تسبح في السماء،وجهاز الخلوي الذي به يسهل تحديد مكان الشخص المستهدف...
الساعة تقترب من العاشرة والنصف صباحا،وحدات خاصة هذه المرة من فرقة "جولاني" محشوة في سيارتين مدنيتين تندفع من الشارع الاقصى العلوي الجنوبي من المخيَّم،وتندفع الى بيت حضر اليه ثلاثة من المقاومين ذوي "العصبات الخضراء" لزيارة والدة وأسرة مرتقي سابق منهم،دقائق كانوا جميعهم في مرمى القوة المقتحمة التي نثرت القناصة في اكثر من منزل وتحصنت به...سرى الخبر كالنار في الهشيم في المخيَّم،ولعلعت صفارات الانذارالتي تشي بإقتحام احتلالي لمكان ما في المخيَّم،رافقه تدفق حوالي خمسين جيب وناقلة جند وجرافة الى المكان،وأماكن اخرى من المخيَّم والمدينة،وبدأ الرصاص يشق الهواء من والي المكان المستهدف...
كان لابد له أن يترك فراشه الذي لا زال ساكنا فيه،ويغسل وجهه بسرعة ويخرج...فعل ذلك على وقع تطاير الرصاص من كل ناحية وصوب،سار شرقا حيث صعوبة كشفه من جهة التوغل،ثم انعطف شمالا في طريق ضيق تمركز في نهايته ثلاثة مقاتلين ملثيمن،بادرة اولهم وهو يمسك بشدة سلاحه الرشاش بالسؤال قبل ان يصل :-
" في إشي من هاي الجهة عمي" ؟
رد بسرعة :- لا ... لا يوجد شيء... لكن عليكم الحذر
رن هاتفه الجوال... نظر الى شاشة الجهاز،فقرأ اسم صديقه ففتح الخط وهو يسير بخطى سريعة ليوغر في المخيَّم بعيدا عن النار وأشياء أخرى... قال صديقه :الجيش قرب منزلنا... لقد اصيب صهيب... حاول ابني اسعافه الا أنه مُنِعَ من الاقتراب...
واصل سيره،فوجد مقاتلا آخرا على بعد أمتار من الثلاثة الاوائل بجانب أحد الازقه،إلى جانبه مناضل مسن يشهر مسدسه حتى لا يمروا... سأله عن مكان الجيش فأجاب... وعلى بعد أمتار اخرى اشرق على طريق متفرع،فرأى في الجهة اليمنى بعض مقاتلين يتأهبون،وفي الجهة اليسرى التي عرَّج عليها آخرون مثلهم،بعضهم لا زال يخرج من بين ركام اسفل المسجد الذي قصف قبل شهرين...وجميع من رآهم يرتدون الملابس السوداء التي تلفها " الجعب"...
أكمل سيره وهو يقرأ ما شاهده في تلك الوجوه التي تصفحها بسرعة... كلها تقول... ما زلنا رغم طول المسافة...
واصل خطاه عميقا...إتخذ طريقه غربا ليخرج من نطاق المخيَّم... كيفما تلفت رأى مثلهم...كلٌّ مستنفر ويده على الزناد... خرج من المخيَّم عبر الطريق التي تقع خلف مشفى جنين ...سيارات جيب عسكرية تتقدم حيث كان يسير... دخل المشفى وخرج منها الى قلب المدينة... اذاعة محلية تحدثت معه لنقل اخبار ما رأى وما سمع ...تلتها قناة فضائية...
قال له أحدهم لقد بدؤوا بالانسحاب... عاد الى المنزل على عجل،وانهى لقاءه مع القناة الفضائية،ثم خرج ليعرف ما هو سر الجلبة والضحكات التي يسمعها والقادمة من شرق بيته...فتح الباب فرآهم...نحو خمسة عشر شابا يافعا مستبشرا متلألئ الوجه ،يلبسون السواد يرفعون "سيوفهم" في أيديهم،ويعبرون الطريق بعدما رحل الغزاة...تذكر تلك الصورة التي تلت احداث السابع من آذار الماضي...عندما تحدى المخيَّم الموت بإقدام منقطع النظير...وها هو اليوم،وبالرغم مما جرى،وبالرغم الثمن الغالي الذي دفعه لفاتورة العزة والكرامة والكبرياء والإباء،لا زال يتحدى الموت،ويقهر أهل الموت غزاة الوطن الارض والشعب.