* الأثر الدلالي لقصيدة الومضة
إذا كان النص الشعري الوجيز/ القصيدة اليومية هي تكثيف لتجربة شعرية تحتضن مشهداً حياتياً يرىٰ فيه الشاعر نصاً ٱخراً مستبطناً لرؤية جوّانية تتجاوز التفصيل المعيّش أو المُكتشف من قبل المتلقي ، فإن الومضة الشعرية تُعدُّ تكثيف التكثيف واختزال المُختزل واختصاراً لتجربة ذات امتدادات وفي كلّ الاتجاهات لإستحصال موقف رؤيوي من مشهدية الواقع السطحي صوب أغوار في الذات الإنسانية ، وهنا تكمن جماليات هذه الومضة التي تتصف بالزوال بعد أن تلفت النظر إلى المشهد السطحي والبسيط ، كما وتظهر قدرة الشاعر هنا في تخليق مقدّمات بلاغية ورسالية ليتمكن المتلقي من استخلاص الفكرة والرؤية المضمرة التي ستتصف عندئذ بالثبات ، وهذا مايمكن التوصل إليه في الومضة الشعرية موضوع التحليل للشاعر العراقي فاضل العزاوي ، إذ اختزلت تجربة المنفىٰ اختيارياً أو اضطرارياً في سطرين فقط وعبر ثنائية ال (هنا) وال (هناك) فالرمل يمثل الهنا/ الوطن الأول الذي سيحتاجه المنفيُّ لتأسيس وطنه في ال(هناك) المكان الثاني الذي لا ينتمي إليه المنفي بإفتقاده أية هويّة تمثلهُ ، إذ تظهر الحاجة الىٰ انتماء حقيقي لهوية حقيقية تركها المنفيُّ في مكانه الأول ، كما أنّ هذه الحاجة التي عبّرت عنها الومضة تقف بوجه أي ادّعاء يشير الىٰ إمكانية الاندماج لتحقيق الانتماء إلى المكان الثاني وعدّه وطناً ، إلّا أن مايثير الإنتباه هو اختيار الرمل لتأسيس وطن في المكان الثاني / بلاد المنفى لتحقيق المعادلة الصعبة في استبدال الٱخر بالمكان الأول الذي سيأخذ منه المنفي رملاً ليشعر بأنه في وطنه الأم ، ولكن من المعروف أن الرمل متحرك ولايتصف بالثبات ، فلماذا لم بستبدله بالتراب الذي هو عادة ما يُشار إليه للدلالة على الوطن ؟ ولعلّ قراءتنا التأويلية تضع جواباً قد يقترب من رسالة الومضة ، وهي أن الاوطان لاتغادر كما أن أي محاولة لإيجاد وطن المكان الأول في أي مكان ٱخر هي من المحاولات الهشة وغير المستقرّة ولم تكن أكثر من محاولة التشبث والتمسك بالوطن الاول ولايمكن التأسيس على ارضٍ متحركة وهشة .
لقد تمكنت هذه الومضة الشعرية للشاعر فاضل العزاوي من تحقيق الإكتفاء الدلالي متجاوزة الخاطر الشعري الزائل/السريع صوب توكيد حقيقة ثابتة وقارّة في علاقة المنفي في وطن المنفىٰ .
عبد علي حسن
5/9/2023
إذا كان النص الشعري الوجيز/ القصيدة اليومية هي تكثيف لتجربة شعرية تحتضن مشهداً حياتياً يرىٰ فيه الشاعر نصاً ٱخراً مستبطناً لرؤية جوّانية تتجاوز التفصيل المعيّش أو المُكتشف من قبل المتلقي ، فإن الومضة الشعرية تُعدُّ تكثيف التكثيف واختزال المُختزل واختصاراً لتجربة ذات امتدادات وفي كلّ الاتجاهات لإستحصال موقف رؤيوي من مشهدية الواقع السطحي صوب أغوار في الذات الإنسانية ، وهنا تكمن جماليات هذه الومضة التي تتصف بالزوال بعد أن تلفت النظر إلى المشهد السطحي والبسيط ، كما وتظهر قدرة الشاعر هنا في تخليق مقدّمات بلاغية ورسالية ليتمكن المتلقي من استخلاص الفكرة والرؤية المضمرة التي ستتصف عندئذ بالثبات ، وهذا مايمكن التوصل إليه في الومضة الشعرية موضوع التحليل للشاعر العراقي فاضل العزاوي ، إذ اختزلت تجربة المنفىٰ اختيارياً أو اضطرارياً في سطرين فقط وعبر ثنائية ال (هنا) وال (هناك) فالرمل يمثل الهنا/ الوطن الأول الذي سيحتاجه المنفيُّ لتأسيس وطنه في ال(هناك) المكان الثاني الذي لا ينتمي إليه المنفي بإفتقاده أية هويّة تمثلهُ ، إذ تظهر الحاجة الىٰ انتماء حقيقي لهوية حقيقية تركها المنفيُّ في مكانه الأول ، كما أنّ هذه الحاجة التي عبّرت عنها الومضة تقف بوجه أي ادّعاء يشير الىٰ إمكانية الاندماج لتحقيق الانتماء إلى المكان الثاني وعدّه وطناً ، إلّا أن مايثير الإنتباه هو اختيار الرمل لتأسيس وطن في المكان الثاني / بلاد المنفى لتحقيق المعادلة الصعبة في استبدال الٱخر بالمكان الأول الذي سيأخذ منه المنفي رملاً ليشعر بأنه في وطنه الأم ، ولكن من المعروف أن الرمل متحرك ولايتصف بالثبات ، فلماذا لم بستبدله بالتراب الذي هو عادة ما يُشار إليه للدلالة على الوطن ؟ ولعلّ قراءتنا التأويلية تضع جواباً قد يقترب من رسالة الومضة ، وهي أن الاوطان لاتغادر كما أن أي محاولة لإيجاد وطن المكان الأول في أي مكان ٱخر هي من المحاولات الهشة وغير المستقرّة ولم تكن أكثر من محاولة التشبث والتمسك بالوطن الاول ولايمكن التأسيس على ارضٍ متحركة وهشة .
لقد تمكنت هذه الومضة الشعرية للشاعر فاضل العزاوي من تحقيق الإكتفاء الدلالي متجاوزة الخاطر الشعري الزائل/السريع صوب توكيد حقيقة ثابتة وقارّة في علاقة المنفي في وطن المنفىٰ .
عبد علي حسن
5/9/2023