رايفين فرجاني - العلوم

أريد كتابة شيء عن العلوم في مقال أو ربما حتى كتاب لاحقا,خاصة وأن العلوم شكلت أكثر الأمور جاذبية بالنسبة إلي في طفولتي. لا أعرف ماذا حدث عندما كبرت,ربما لأني اكتشفت أن الأمر أكثر تعقيدا مما كنت أحسب. أو ببساطة,هناك عوامل بشرية متمثلة في أشخاص بعينهم سامحهم الله كانوا السبب في نفوري من العلوم. وعند الكتابة عن العلوم,تميل أي كتابة للناحية الأدبية,كما درجت الجامعات على تصنيف أي توجه معرفي ما بين علمي وأدبي, وهو ما يؤكد عليه بعض علماء الأعصاب مثل روجر سبيري Roger Sperry حول كون المخ ينقسم إلى جانبين أيسر وأيمن؛الأيسر ماهر في المسائل التقنية والعلمية والمنطقية,والفص الأيمن ماهر أكثر في استيعاب الجوانب الفنية. وقد يتميز بعض البشر بتفوق جانب عن الآخر (وهو ما يتكشف كثيرا لدينا في الحياة العملية) واعتقد أن هناك بشر قادرة على التميز في الجانبين. مثلا أجد نفسي أميل إلى الأدب رغم قدراتي التحليلية العالية. لكن هل أنا قادر مثلا على التجريد لتصوير مشاكل منطقية كما في الرياضيات. قبل تطبيقها على أرض الواقع. المشكلة إني متأكد من كوني غير ماهر في أي مسألة تقنية,وأي آلية معينة خاصة لو يدوية. ومع ذلك أجد نفسي أجاهد لاستيعاب كل شيء,من أجل التفوق على الجميع,وربما أكون تفوقت على جانب كبير من البشر وربما لا (مجرد أبله أو عبيط يحسب نفسه ذكيا). وإذا ما تركنا تلك الإستغراقات الذاتية-الوجودية جانبا نجد أن أي كتابة عن العلوم تميل (لوحدها) لكي تكون كتابة أدبية أو صحافية أو فلسفية أو تاريخية. ماذا يمكن أن نكتب عن العلوم غير تاريخ العلوم,أو تبسيط العلوم (صحافية) أو عشقنا للعلوم (أدبية). أو قيمة العلوم وتصنيفها وأهميتها في حياتنا (فلسفية). أميل أكثر للأخيرة لأنها قادرة على استيعاب ما سبق,وتزيد عليها. فحديثنا عن العلوم,عادة يبدأ بتصنيفها. وأنا أميل للتصنيف بحكم أنه واحد من العمليات العقلية الست (أو ربما سبع,أربع!) الرئيسية في التفكير البشري,وهي التصنيف والتوصيف والتصوير والتجريد والتحليل والتركيب. أنا أصنف أي موضوع قبل كتابته,ليس لأضيق على نفسي الزاوية أو الخانة التي أكتب بها. بل لأن ذلك يساعدني على التفكير السليم وتنظيم أفكاري.

نلحظ إني قررت أن جميع المعارف لا تخرج عن ثلاث مجالات رئيسية,وهو ما يتفق فيه معي كل مصنف موسوعي وكل بحاثة وكل ذو عقل رشيد (إلا إذا جاء من هو أكثر دراية وذكاء وأنا بانتظاره). تلك العلوم الثلاثة هي

1-الفلسفة

2-العلوم

3-الفنون

وباختصار,فالفلسفة هي الفكر الإنساني وكل ما يختص به,والعلوم هي الأدوات التي تصل بنا إلى الفكر السليم,والفنون هي الأدوات التي نعبر بها عن أفكارنا هذه. لذا فالعادة,ربما أغالي من قيمة الفلسفة (ولا زلت على عنادي هذا) وأضم إليها كل العلوم الإنسانية,وحتى العلوم القياسية (الرياضيات,والمنطق,والبرمجة) لما فيها من مقدرات عقلية على التجريد. بينما جعلت أو نظرت إلى جميع العلوم النظرية (تجريدية لكن مختصة بحقول معينة) والتطبيقية منها أيضا,ما هي إلا وسائل تغذي الفلسفات والعلوم الإنسانية والنقدية,وتغذي الآداب والفنون. الأخيرة هي أي كتابة تأتي عن الفلسفة أو العلوم,وإلا فإننا لو تركنا الكتابة لا يبقى لنا سوى الممارسة العقلية الفلسفية (الميالة للتأمل والتجريد) أو العلمية (الميالة للمطابقة والتجميد).

لذا قسمت العلوم إلى علوم نظرية,وعلوم تطبيقية.

ولكني كنت قد أعددت قسم ثالث لفلسفة العلوم,وتاريخ العلوم. ثم قررت أن أوزع فلسفة العلوم على الفلسفة,حيث المناهج الفلسفية,وعلى فلسفة العلوم (ضمن المدارس الفلسفية الكبرى),وعلم المكتبات والمعلومات حيث مناهج البحث العلمي. أما عن تاريخ العلوم,فرأيت أن أفضل مكان لها هو قسم الأيديولوجيا (الموزع أصلا على الأيديولوجيا بمعنى علم الأفكار حيث كل طائفة ودراسة كل طائفة على حدى,وعلى علم الأيديولوجيا كقسم من الميتافيزيقا وفلسفة الدين والإلهيات / أي عموم علوم الميتافيزيقا؛الوجود واللاهوت والنفس). يبدوا أنني وضعت نفسي في حيرة عظيمة من أمري.

حتى أن الفيلسوف الألماني الكبير إيمانويل كانط Immanuel Kant كان قد قسم العلوم إلى علوم يمكنه فهمها بواسطة العقل (الرياضيات) وأخرى يلزم لفهمها المرور بالتجربة (الطبيعيات),وعلوم أخرى لا يمكن فهما لا بالعقل ولا بالتجربة (الإلهيات).

لاحظ أننا أحيانا قد نتحدث عن العلم بوصفه مرادفا للمعرفة في العموم المطلق.

على كل حال ارتأيت أن أقسم العلوم إلى طائفتين كبيرتين كما هو معروف

[1] النظريات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلوم النظرية هي تلك المعنية بدراسة الظواهر التي تحيط بنا (ولهذا سميت علوما طبيعية) دون الاستفادة الحقيقية منها (ولهذا سميت علوما بحتة أو نظرية). ولكن لا يعني عموم الفائدة حولها أو بعدها. وهي

-الأرض: علم دراسة الأرض

-البيئة: علم دراسة البيئة,والطقس

-الإحياء: علم دراسة الكائنات الحية

-الفيزياء:علم دراسة الظواهر الطبيعية

-الكيمياء: علم دراسة المادة

-الطاقة: علم دراسة الطاقة,وهو علم وثيق الصلة مع الفيزياء

-الحركة: أو علم الميكانيكا وعلم الديناميكا والديناميكا الحرارية,معني بالحركة

-البصريات: يتصل أيضا مع السمعيات

-الفلك: معني بدراسة الفضاء

[2] التطبيقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-الصناعة: تصنيع وتصميم المعدات الآلية

-التقنية: تصنيع وتصميم المعدات التقنية

-الهندسة: صناعة الأشكال والتصميمات الهندسية وإدارتها

-الاتصالات: إنتاج وتصميم المعدات الرقمية وأجهزة الاتصالات

-الزراعة: الهندسة والإنتاج الزراعي

-الطب

-علم الوراثة والتشريح ووظائف الأعضاء

-الصيدلة والصناعات الغذائية

-البناء

-القياس: المواصلات,والطاقة,وعلم القياس,وعلم الأدلة الجنائية,والتجارة والقانون,وإدارة الأعمال,والسلوك,والإدارة العسكرية,والغذائية,والقياس (أووف), وعلم الطب البيطري.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى