قبل بدء عرض الأزياء هذا دعونا نتحدث عما هو معروف أو بدهي. وليبدأ الخلاف من هنا: إذ يقول قائل إن ما هو معروف "نسبي" ويختلف من فرد لآخر، حسب كذا وكذا. إذن لنتحدث عن المتعارف عليه.. هذا أيضا محل خلاف، لأن الثقافة تحدد المتعارف عليه! حتى لا تتسع دائرة الجدل والخلاف أود أن أقول بأنه "لا دخان بلا نار". ثم يأتي صوت من معسكر الكشافة:" في محاولة إشعال نار لطهي الطعام في الغابة عبر الاحتكاك فإن الدخان يسبق النار". حسنا: الدخان والنار صنوان، هل يشكل هذا مخرج من الدخان الذي تثيره هذه السطور حتى الآن؟
كل هذا الدخان المثار هو للقول بأن أننا نحكم على الآخرين عبر "مستمسكات" من أشكالهم أو أقوالهم أو أفعالهم: إذن لا دخان بدون نار. ثم بعد الحكم نشق الصدور لمحاكمة النيات وعمل حفلة شواء لها على نار المعسكر. فإذا اصدرنا حكما منفصلا أو يجمع الثلاث مكونات التي تخص الآخر، فإننا نكون قد "تجاوزناه" ودخلنا في مملكتنا الخاصة، أو كما يقول كانط في "ملكة" حكمنا الخاصة، إذ أننا نتحدث عن فعل "تال" لما فعله أو قاله الآخر؛ وسواء كان حكما مستعجلا أو حكم قيمة، فإن رد فعلنا لن يخرج، بالطبع، عن تكويننا الفطري أو المكتسب. ويكون إما شعوريا خالصا أو عقليا يخالطه الشعور: والحالة الثانية هي الأرجح إذ أن الحكم العقلي الخال من الشعوري هو كطائر العنقاء. وهنا يبدو الشعور مثل “إغاظة" للعقل، وهو، أي الشعور الذي يوصف دوما بالنبل (لم نسمع أبدا عن شخص ذي عقل نبيل) وعندما نسمع ذلك فإننا أمام مداح منافق.
وبما أننا بعيدون عن الدخان فلنختبر شعورنا "الطازج" عندما نتعرض لعملية نشل (ودوما ما توصف بأنها خسيسة، وإذا لم تكن كذلك فإن النشال سوف ينتهي في السجن). هذا الشعور هو مزيج من الغضب والاستغفال (وهنا لا تجدي النصائح المسيحية بالتسامح والغفران)، وليتذكر كل من تعرض منا للنشل هذا الشعور.
لننتقل إلى شعور آخر ولنتابع أنفسنا أثناء وبعد التضليل. أثناء التضليل الناعم والمستلطف والعذب والذي يسرى في الدم كمخدر لذيذ فإننا نعيش النشوة (كم من سكان العالم منتشين؟)
لكن اكتشاف التضليل يشعرنا بشعور مشابه لشعور بعد النشل (هنا لا تنفع النصيحة الإسلامية بالصبر وعدم التجزع عند المصيبة الأولى). فعند إدراك التضليل نشعر أننا تعرضنا لعملية نشل من نوع آخر، فهذه المرة المسروق ليس الهاتف أو محفظة النقود: بل نباهتنا وعقلنا.
ونعود إلى الهدوء، هدوء ما بعد الفقد والمصيبة الأولى، ونحلل موقفنا لنجد أن التضليل، تماما كالنشل الخسيس؛ إما كان كذبا صريحا (لئيما)؛ أو كان إخفاء للحقيقة أو لي لعنقها (وهو قابل للكسر)، أو تزويرها أو كل ذلك معا كجلمود الشاعر الذي حطه السيل من عل. هنا يكتمل زواج اللؤم والخسة. ويترعرع هدوءنا ليصبح طفلا نبيها نسميه "التجربة" وكما قال حكيم ما، أن ما نسميه التجارب هو مجموع اخطاءنا (من قال إن التجربة لقيطة: قد تكون ملتقطة).
ولندخل، الآن، معرض أزياء التماسيح لنرى كيف يمكن ارتداء جلد تمساح. بعد تجاربنا مع الخسة واللؤم والآخرين، في البداية نبني جلدا بعد جلد: الأول من الشك والثاني من التوجس والثالث من المكر (والذي هو توأم التجربة)؛ ثم نكسب جلود التماسيح التي من سمكها لا تصلح لصناعة حقائب لوي فيتون النسائية الراقية. ثم نكتشف ويا للهول أن بحيرتنا، بحيرة التماسيح جفت تماما، وبما أننا معتادين على أكل لحوم إخواننا الموتى فلن نكون بحاجة لفتوى تجيز لنا أكل لحم التمساح المجاور: حتى هذا التمساح كان هو "الآخر".
في المرة القادمة تابعوا معنا: كيف تعثر على بيضة الفيل.
كل هذا الدخان المثار هو للقول بأن أننا نحكم على الآخرين عبر "مستمسكات" من أشكالهم أو أقوالهم أو أفعالهم: إذن لا دخان بدون نار. ثم بعد الحكم نشق الصدور لمحاكمة النيات وعمل حفلة شواء لها على نار المعسكر. فإذا اصدرنا حكما منفصلا أو يجمع الثلاث مكونات التي تخص الآخر، فإننا نكون قد "تجاوزناه" ودخلنا في مملكتنا الخاصة، أو كما يقول كانط في "ملكة" حكمنا الخاصة، إذ أننا نتحدث عن فعل "تال" لما فعله أو قاله الآخر؛ وسواء كان حكما مستعجلا أو حكم قيمة، فإن رد فعلنا لن يخرج، بالطبع، عن تكويننا الفطري أو المكتسب. ويكون إما شعوريا خالصا أو عقليا يخالطه الشعور: والحالة الثانية هي الأرجح إذ أن الحكم العقلي الخال من الشعوري هو كطائر العنقاء. وهنا يبدو الشعور مثل “إغاظة" للعقل، وهو، أي الشعور الذي يوصف دوما بالنبل (لم نسمع أبدا عن شخص ذي عقل نبيل) وعندما نسمع ذلك فإننا أمام مداح منافق.
وبما أننا بعيدون عن الدخان فلنختبر شعورنا "الطازج" عندما نتعرض لعملية نشل (ودوما ما توصف بأنها خسيسة، وإذا لم تكن كذلك فإن النشال سوف ينتهي في السجن). هذا الشعور هو مزيج من الغضب والاستغفال (وهنا لا تجدي النصائح المسيحية بالتسامح والغفران)، وليتذكر كل من تعرض منا للنشل هذا الشعور.
لننتقل إلى شعور آخر ولنتابع أنفسنا أثناء وبعد التضليل. أثناء التضليل الناعم والمستلطف والعذب والذي يسرى في الدم كمخدر لذيذ فإننا نعيش النشوة (كم من سكان العالم منتشين؟)
لكن اكتشاف التضليل يشعرنا بشعور مشابه لشعور بعد النشل (هنا لا تنفع النصيحة الإسلامية بالصبر وعدم التجزع عند المصيبة الأولى). فعند إدراك التضليل نشعر أننا تعرضنا لعملية نشل من نوع آخر، فهذه المرة المسروق ليس الهاتف أو محفظة النقود: بل نباهتنا وعقلنا.
ونعود إلى الهدوء، هدوء ما بعد الفقد والمصيبة الأولى، ونحلل موقفنا لنجد أن التضليل، تماما كالنشل الخسيس؛ إما كان كذبا صريحا (لئيما)؛ أو كان إخفاء للحقيقة أو لي لعنقها (وهو قابل للكسر)، أو تزويرها أو كل ذلك معا كجلمود الشاعر الذي حطه السيل من عل. هنا يكتمل زواج اللؤم والخسة. ويترعرع هدوءنا ليصبح طفلا نبيها نسميه "التجربة" وكما قال حكيم ما، أن ما نسميه التجارب هو مجموع اخطاءنا (من قال إن التجربة لقيطة: قد تكون ملتقطة).
ولندخل، الآن، معرض أزياء التماسيح لنرى كيف يمكن ارتداء جلد تمساح. بعد تجاربنا مع الخسة واللؤم والآخرين، في البداية نبني جلدا بعد جلد: الأول من الشك والثاني من التوجس والثالث من المكر (والذي هو توأم التجربة)؛ ثم نكسب جلود التماسيح التي من سمكها لا تصلح لصناعة حقائب لوي فيتون النسائية الراقية. ثم نكتشف ويا للهول أن بحيرتنا، بحيرة التماسيح جفت تماما، وبما أننا معتادين على أكل لحوم إخواننا الموتى فلن نكون بحاجة لفتوى تجيز لنا أكل لحم التمساح المجاور: حتى هذا التمساح كان هو "الآخر".
في المرة القادمة تابعوا معنا: كيف تعثر على بيضة الفيل.