ثقافة شعبية زينب محمد عبدالرحيم - الجازية الهلالية بين المدون والروايات الشفاهية

تمثل شخصية "الجازية" في النصوص الهلالية المدونة، نموذجا أكثر إيجابية للمرأة العربية عن نظيراتها التونسيات، أو عن بقية الشخصيات النسائية في الهلالية المدونة، قياسا على وضعها في المجتمع العربي، سواء من حيث المساحة الكمية أو الزمنية التي احتلتها في السيرة، أو من حيث طبيعة تصويرها فيها. فهي لها مواقفها الإيجابية في السيرة مع بني هلال، التي تنتصر فيها للمصلحة العامة على عاطفتها الشخصية (الأمومة ـ الزوجية)، على نحو ما يؤكد ذلك اختيارها للرحيل مع قبليتها/ بني هلال إلى الغرب، رافضة البقاء في مكة مع زوجها الأمير شكر الشريف، وابنها "محمد". ولعل القصائد التي جاءت على لسانها وزوجها في الوداع والذكرى والحنين (والذي أورد جزءًا منها ابن خلدون في مقدمته)، تؤكد الصراع النفسي الذي عاشته "الجازية"، كتلك القصيدة التي يقول فيها الشريف شكر بعدما سمع بخبر رحيل الجازية مع قبيلته.

لقد مثلت الجازية نموذجا مأمولا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة العربية، فأصبغ عليها راوي الهلالية المدونة وضعا اجتماعيا لم يكن مألوفا في العصر الذي كانت تُروى فيه الهلالي لقد مثلت الجازية نموذجا مأمولًا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة العربية.

صورة الجازية عند الراوي الشعبي، التركيز على أربعة مواقف للجازية:

فلقد مُنحت ثلث المشورة في بني هلال، لتقف على قدم المساواة مع كل من أبي زيد الهلالي والسلطان حسن.

وتذهب بعض الروايات الشفاهية الأخرى إلى أنها لم ترث هذا الثلث في المشورة بالوراثة عن أمها، بل إن المجتمع الهلالي قد منحها "ثلث المشورة" في حياة أبيها (السلطان سرحان)، بعدما عجز القوم عن تنفيذ الشرط القاسي الذي وضعه أبو زيد ليصفح عن بني هلال، ويسمح لأمه بالعودة إلى نجد، بعد حادثة مولده، واتهامها في شرفها، ورحيلها إلى أرض العلامات في ضيافة الملك فضل بن باسم الزحلان. حيث اشترط أبوزيد على بني هلال أن يفرشوا أمام جمل أمه حرير الرطايب من أرض العلامات حتى أرض نجد، ونظرًا لعدم وجود ما يكفي من الحرير لتلبية شرط أبي زيد، فإن الصلح كاد أن يفشل، لولا رجاحة عقل "الجازية"، التي اقترحت على العبيد أن يفرش جزء منهم الحرير أمام الجمل، ثم يقوم بعض العبيد بلمِّه من وراء الجمل، ثم إعادة فرده أمام جملها، حتى تصل خضرة الشريفة بجملها أرض نجد، وفي هذا تحقيق لمطلب أبي زيد. من هنا منح المجتمع الهلالي الجازية ثلث المشورة، ونصب لها كرسيا ثالثا إلى جوار كرسي السلطان وكرسي أبي زيد، فارس القبيلة الأول. ومنذ ذلك الحين أصبحت صاحبة الرأى والمشورة في بني هلال.


موقفها في الريادة وأختيارها لأبا زيد الهلالي

فهي التي تدفع أخيها السلطان حسن إلى إرسال سرية استطلاعية بقيادة أبو زيد لريادة تونس , وهي من تتقدم القبائل وتستنفر فرسانها للقتال وتشجعهم على النزال وتعلن النصر بزغاريدها والجازية بحكمتها وعقلها الراجح تمكنت من تحقيق النصر على العدو , وأيضًا استطاعت أن تستبعد دياب من المشاركة تحسبًا لتحالفه مع خليفة.

دور الجازية في التغريبة :الدور الذي لعبته الجازية مع الهلايل أثناء الرحلة، من قبيل الخطط التي وضعتها لتحقيق الأهداف الهلالية، والتي اكتفى بنو هلال معها بمجرد تنفيذ ما تشير به عليهم, ونُمثل الجازية الرابط السردي في التغرية فالجازية هي من بذلت التضحيات من أجل سلامة القبيلة بزواجها من الشريف شكر

وعلى الرغم من قوة شخصيتها فإنها كانت تتزوج بالإكراه مثل زواجها من سعد الزناتي بعد هجومه على بني هلال . موقف الجازية مع الأيتام: من المواقف التي تؤكد رجاحة عقل الجازية ـ في الهلالية الشفاهية ـ تربيتها للأيتام في أرض "محمود البياضي" ألد أعداء بني هلال , وحماية أيتام بني هلال إذ جمعت الاطفال الصغار بعد المذبحة الذي قام بها دياب وقتل أبطال الهلالية وأطلق على هؤلاء الأطفال جيل الأيتام وربتهم الجازية ودربتهم حتى أصبحوا قادرين على الأنتقام فالجازية شخصية قوية لها مكانتها العالية وكلمتها النافذة، فما كان العرب يفصلون في أمر دون الرجوع إليها



المصادر والمراجع:

أبوالليل، (خالد): روايات السيرة الهلالية في قنا، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، المجلد الأول، 2012.

عبد الحافظ، (محمد حسن): سيرة بني هلال ـ روايات من جنوب أسيوط، تقديم د. أحمد علي مرسي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سلسلة التراث، الطبعة الأولى، 2006.

القلماوي، (د. سهير): ألف ليلة وليلة، دار المعارف بمصر، 1959.

يونس، (عبد الحميد): الهلالية في التاريخ والأددب الشعبي، الهيئة العامة لقصور الثقافة، مكتبة الدراسات الشعبية،2003.

عبد الحافظ , (محمد حسن ): السرد والجنوسة في سيرة بني هلال ص52 , معهد الشارقة للتراث سيرة بني هلال في قصة أبو زيد الهلالي والناعسة وزيد العجاج،ص10.

الراوي , (د.صلاح) : الثقافة الشعبية وأوهام الصفوة ,ص383 ,ص384

بول زومتور , مدخل إلى الشعر الشفاهي مرسي , (أحمد ): من مأثوراتنا الشعبية

عبد الحافظ , (محمد حسن) : سيرة بني هلال الشفاهية ودرس الاختلاف ص76 :ص77 ,مجلة الفنون الشعبية العدد 79: 80 ,2008

ح

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى