المستشار بهاء المري - «يوميات قاض10» كواليس الخيانة.. قصة قصيرة

صارت تكرهها كُرهًا لا حُدودَ له، بعد أن أيقنَتْ علاقتها بزوجها، كانتا من قبلُ صديقتين حميمتين لا تفترقان معظم الوقت، ابتلعَت آلامها ولم تشأ افتعال مُشكلة، فالصديقة تعرفُ عنها علاقتها هي الأخرى بصاحب كوافير كان يُحبها قبل زواجها.
إقرأ أيضاً

«صلابة ناعمة».. قصة قصيرة للكاتب الهادي نصيرة | تونس
«صلابة ناعمة».. قصة قصيرة للكاتب الهادي نصيرة | تونس
«الأكذوبة» قصيدة للدكتور محمود خليل
«الأكذوبة» قصيدة للدكتور محمود خليل
«سِتْ اَلْحُسنْ – غزة» قصيدة للشاعر ناصر قورة
«سِتْ اَلْحُسنْ – غزة» قصيدة للشاعر ناصر قورة

العلاقة شائكة، الزوجان شقيقان، وكل منهما تَدَّخرُ سرًا عن الأخرى، ولكنها استشعرَت منها خَطرًا أكبر بعد أن صَارت أرملة، وراح زوجها يتعللُ بوجوب رعايتها هي وابنها الوحيد لأنها أرملة أخيه.

لم يتوقف الحقدُ والتخطيط لتدميرها عند حدٍّ مُعين، راحت تُوَسوسُ لزوجها بخطورة إمكانية زواجها، وصَيرورة الثروة الكبرى التي خلَّفها شقيقه لغريب تَجلبه إليهم.

لم يعبأ بكلامها، استمرَّ في التردُّد عليها، لاحَظ تغييرًا ملحوظًا على حياتها، ظَهر على مَسرح الأحداث ابن عمها، يزورها كثيرًا، نشبَت بينهما خلافات بسببه، هدَّدها إنْ هي تزوجته، فثروة ابن أخيه لن تذهب لغريب مهما كان الثمن، تطرده من مسكنها، وتُحذِّره من مُعاودة زيارتها.

وجدت زوجته في هذه الخلافات مأربها، كثَّفَت من وَسوَستها، ملأت قلبه حِقدًا عليها وعلى ابنها: هذه الثروة لا يجب أن تضيع سُدًى، بل ابننا أولى بها، أنتَ تعلم أنها خائنة، ويمكنها تفضيل ابن عمها على ابنها، فلْيَمُت الابن لتعود إليكَ الثروة.

يشيعُ نبأ عقد ابن عمها العزم على الزواج منها، يَغلى الدمُ في عروقه، يتذكَّر ما قالته زوجته، يتملَّك منه شيطانه، يُصمِّم على قتله.

يَترصَّدها حال عودتها هي وابنها في ساعة متأخرة من الليل، يُطلق عيارًا ناريًا صوب الابن فيُرديه قتيلًا في الحال، ويُصيبها العيار في ذات الوقت، وتُنقل إلى المستشفى.

تَحضُر الأم الثَّكلى جلسة المحاكمة، يَطلبُ محاميها سماعها في جلسة سرِّية لإبداء أقوال جديدة لم تقلها من قبل في تحقيقات النيابة.

يرفع القاضي الجلسة، يأتي بالمتهم من القفص إلى غرفة المداولة، تُوجِّه حديثها للقاضي وكأنها تُجيد المرافعة: أعلمُ أنكم قد تقضون بإعدامه، ولكنِّى أراها عقوبة غير كافية، فلسوفَ يستريح بالموت.

تَستديرُ لتكون في مُواجهة المتهم، تتقلَّص عضلات وجهها، تَضغط على أسنانها بقوة وفكَّاها يتحركان يُمنةً ويُسرة، تُحدِّقُ فيه بنظراتٍ يَنبعث منها الشَّرر، تُخاطبه وقد اتَّسعَت عيناها: أمَّا أنتَ، فقد جئتُ اليومَ لأقولَ لكَ ما لم تَعلمه، لأحرقَ قلبكَ قبل أن تموت، أتعرفُ من الذي قتلتهُ؟ إنه ابنكَ، ابنكَ أنتَ، حمَلْتُ به منكَ أتذكرُ متى ...؟ بالطبع تذكر.

تصمُتْ، يُطبقُ الصَّمتُ مع صَمتها على المكان، فَغَرَت الأفواه يُصابُ المتهم بالذهول، يُحملقُفي كل ما حوله، يفتح فاه ليتكلم، يَتحَشرَج صوته ولا يقدر على الكلام، بقىَ فاغرًا فاه مادًّا يده إلى الأمام، انتابها ضَحِكٌ هيستيريِّ، استمرت في حديثها إليه مع تعالي ضَحكاتها: والولّدُ الذي في بيتكَ ليس ابنك، هو ابن ....الكوافير، يَسقُطُ المتهم على الأرض مَغشيًا عليه، تَستمر في الضَحِك، يَرفعُ القاضي الجلسة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى