المولد النبوي الشريف الذي يحتفل به سنويا في أرجاء العالم الإسلامي، وحتى خارجه، أنتج جملة من الطقوس والعادات التي خرجت عن الجانب التعبدي الصرف، وهي عادات أصبحت متصلة في المخيال الجماعي الإسلامي بالمولد، ورغم اختلافها من بلد إسلامي إلى آخر إلا أنها تذكر الجميع بالرسول الكريم ومولده. في تونس تحولت عصيدة الزقوقو إلى مرادف تقليدي غذائي للاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
عصيدة الزقوقو التونسية، التي تحتفل من خلالها غالبية العائلات التونسية بالمولد النبوي الشريف، تكاد تكون أكلة متفردة في العالم العربي الإسلامي، يُعتمدُ في إعدادها على مادة أساسية، هي الحبات التي يتم استخراجها من شجرة الصنوبر الحلبي، وهي أشجار تنتشر في مناطق الشمال الغربي التونسي.
لعصيدة الزقوقو أصول تاريخية طريفة، حيث أن إعدادها وربطها بالمولد النبوي الشريف حديث العهد مقارنة بالأنواع الأخرى من العصيدة الشعبية البيضاء التي تحضر انطلاقا من الدقيق (المستخرج من حبوب القمح) والزيت.
طرافة عصيدة الزقوقو التونسية تنبع من كون اعتماد تلك المادة من حبات أشجار الصنوبر الحلبي يذكّر التونسيين بالمجاعة التي عاشتها تونس عام 1864، وحينها اضطرت أعداد كبيرة من العائلات إلى اعتماد تلك المادة لتعويض النقص الحاد في الحبوب المترتب بدوره عن الجفاف الذي ضرب أغلب جهات البلاد (خاصة الشمالية منها والتي كان نشاطها الفلاحي يقوم على زراعات الحبوب). منطلق تنبّه العائلات التونسية آنذاك إلى استعمال الزقوقو مادة غذائية كان شبهه الكبير بحبات الدرع (وهو نوع من الذرة البيضاء).
بعد خروج البلاد من ظرفية الجفاف ظل استعمال الزقوقو يحيل على المجاعة والفقر والعائلات التي تعيش أوضاعا ضنكة، وحتى عندما بدأ استعمال عصيدة الزقوقو يتسرب شيئا فشيئا إلى العائلات التونسية، ظلت العائلات الكبرى خاصة في العاصمة (ممن يُسمّون بالبلدية) ترى في استعماله عيبا تبعا لأنه يذكّر بسنوات المجاعة، لكن استعماله خاصة في المولد بدأ في التوسع إلى أن أصبح عادة ثابتة لدى أغلب العائلات التونسية، مع عدم التخلي عن العصيدة البيضاء القديمة التي تعجن وتمزج بزيت الزيتون.
اتصال عصيدة الزقوقو بجفاف العام 1864 لا يمنع من القول بأن استعمالها كان قد بدأ قبل ذلك خاصة لدى سكان الشمال الغربي التونسي حيث تنتشر غابات الصنوبر الحلبي، وهذا يحيل إلى الاختلافات التاريخية حول منشأ الأكلة، حيث تعتبر بعض الدراسات التاريخية أن الأكلة دخلت إلى البلاد مع الوجود الفاطمي (ظل في تونس بين 909 و973 ميلادي قبل انتقالها إلى مصر) لكن غيابها عن بقية البلدان التي كانت تحت الحكم الشيعي يجعل هذه الفرضية ضعيفة وقابلة للدحض.
وثمة قراءات ترجع الأكلة إلى الموريسكيين الذين وفدوا إلى تونس بعد طردهم من أسبانيا انطلاقا من عام 1609. وبصرف النظر عن صواب هذه القراءات من عدمه فالثابت أن أكلة عصيدة الزقوقو، بصرف النظر عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لمستعمليها، كانت مستعملة قبل مجاعة 1864.
عرفت عصيدة الزقوقو تطورات كبيرة من ناحية طرق إعدادها أو من ناحية المواد التي أضيفت إليها، حيث أصبحت تضاف إلى عجينة الزقوقو فواكه جافة من قبيل اللوز والبندق والفستق. ويفهم السعي إلى وضع هذه الإضافات بالسعي الجماعي اللاواعي للتخلص من ارتباط العصيدة بالمجاعة والجفاف، وهو سعي جماعي انخرطت فيه خاصة العائلات الثرية التي كانت ترى في أمر استهلاك أكلة متصلة بالفقر عيبا.
اليوم تتصدر عصيدة الزقوقو لائحة الأكلات المحيلة في الاحتفالات الدينية، مع وجوب الإشارة إلى أن انتشار عصيدة الزقوقو مازال متفاوتا بين جهات البلاد التونسية، حيث أصبحت عادة أساسية في أغلب الجهات الشمالية للبلاد، لكن استعمالها في الجنوب التونسي مازال محدودا، حيث تستعمل العصيدة البيضاء في المولد النبوي الشريف. والتطورات التي عرفتها الأكلة والإضافات التي لحقتها جعلت كلفتها ترتفع بشكل ملحوظ، وأنتجت موسما سنويا لجني حبات الزقوقو من أشجار الصنوبر الحلبي، وأصبحت مئات العائلات تجد في تلك المادة مورد رزق موسمي ظرفي، بجني تلك الحبات وبيعها.
الأكلة التي طالما ارتبطت عند التونسيين بالمجاعة أصبحت اليوم مكلفة جدا، انطلاقا من ارتفاع أسعار الكيلوغرام من الزقوقو وكذلك لما يكلّفه شراء الفواكه الجافة التي تستعمل لتزيين العصيدة وهو ما يحيلنا على تطور في الذائقة التونسية واكبه إدخال تحويرات على أكلات العصيدة التقليدية.
وجدير بالذكر أنه لا يوجد نظير عربي إسلامي لعصيدة الزقوقو التونسية، ولعل أقرب مثال لتلك المادة هو ذلك الجنس من “البوزة” التي تعد في إسطنبول.
عصيدة الزقوقو التونسية، التي تحتفل من خلالها غالبية العائلات التونسية بالمولد النبوي الشريف، تكاد تكون أكلة متفردة في العالم العربي الإسلامي، يُعتمدُ في إعدادها على مادة أساسية، هي الحبات التي يتم استخراجها من شجرة الصنوبر الحلبي، وهي أشجار تنتشر في مناطق الشمال الغربي التونسي.
لعصيدة الزقوقو أصول تاريخية طريفة، حيث أن إعدادها وربطها بالمولد النبوي الشريف حديث العهد مقارنة بالأنواع الأخرى من العصيدة الشعبية البيضاء التي تحضر انطلاقا من الدقيق (المستخرج من حبوب القمح) والزيت.
طرافة عصيدة الزقوقو التونسية تنبع من كون اعتماد تلك المادة من حبات أشجار الصنوبر الحلبي يذكّر التونسيين بالمجاعة التي عاشتها تونس عام 1864، وحينها اضطرت أعداد كبيرة من العائلات إلى اعتماد تلك المادة لتعويض النقص الحاد في الحبوب المترتب بدوره عن الجفاف الذي ضرب أغلب جهات البلاد (خاصة الشمالية منها والتي كان نشاطها الفلاحي يقوم على زراعات الحبوب). منطلق تنبّه العائلات التونسية آنذاك إلى استعمال الزقوقو مادة غذائية كان شبهه الكبير بحبات الدرع (وهو نوع من الذرة البيضاء).
بعد خروج البلاد من ظرفية الجفاف ظل استعمال الزقوقو يحيل على المجاعة والفقر والعائلات التي تعيش أوضاعا ضنكة، وحتى عندما بدأ استعمال عصيدة الزقوقو يتسرب شيئا فشيئا إلى العائلات التونسية، ظلت العائلات الكبرى خاصة في العاصمة (ممن يُسمّون بالبلدية) ترى في استعماله عيبا تبعا لأنه يذكّر بسنوات المجاعة، لكن استعماله خاصة في المولد بدأ في التوسع إلى أن أصبح عادة ثابتة لدى أغلب العائلات التونسية، مع عدم التخلي عن العصيدة البيضاء القديمة التي تعجن وتمزج بزيت الزيتون.
اتصال عصيدة الزقوقو بجفاف العام 1864 لا يمنع من القول بأن استعمالها كان قد بدأ قبل ذلك خاصة لدى سكان الشمال الغربي التونسي حيث تنتشر غابات الصنوبر الحلبي، وهذا يحيل إلى الاختلافات التاريخية حول منشأ الأكلة، حيث تعتبر بعض الدراسات التاريخية أن الأكلة دخلت إلى البلاد مع الوجود الفاطمي (ظل في تونس بين 909 و973 ميلادي قبل انتقالها إلى مصر) لكن غيابها عن بقية البلدان التي كانت تحت الحكم الشيعي يجعل هذه الفرضية ضعيفة وقابلة للدحض.
وثمة قراءات ترجع الأكلة إلى الموريسكيين الذين وفدوا إلى تونس بعد طردهم من أسبانيا انطلاقا من عام 1609. وبصرف النظر عن صواب هذه القراءات من عدمه فالثابت أن أكلة عصيدة الزقوقو، بصرف النظر عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لمستعمليها، كانت مستعملة قبل مجاعة 1864.
عرفت عصيدة الزقوقو تطورات كبيرة من ناحية طرق إعدادها أو من ناحية المواد التي أضيفت إليها، حيث أصبحت تضاف إلى عجينة الزقوقو فواكه جافة من قبيل اللوز والبندق والفستق. ويفهم السعي إلى وضع هذه الإضافات بالسعي الجماعي اللاواعي للتخلص من ارتباط العصيدة بالمجاعة والجفاف، وهو سعي جماعي انخرطت فيه خاصة العائلات الثرية التي كانت ترى في أمر استهلاك أكلة متصلة بالفقر عيبا.
اليوم تتصدر عصيدة الزقوقو لائحة الأكلات المحيلة في الاحتفالات الدينية، مع وجوب الإشارة إلى أن انتشار عصيدة الزقوقو مازال متفاوتا بين جهات البلاد التونسية، حيث أصبحت عادة أساسية في أغلب الجهات الشمالية للبلاد، لكن استعمالها في الجنوب التونسي مازال محدودا، حيث تستعمل العصيدة البيضاء في المولد النبوي الشريف. والتطورات التي عرفتها الأكلة والإضافات التي لحقتها جعلت كلفتها ترتفع بشكل ملحوظ، وأنتجت موسما سنويا لجني حبات الزقوقو من أشجار الصنوبر الحلبي، وأصبحت مئات العائلات تجد في تلك المادة مورد رزق موسمي ظرفي، بجني تلك الحبات وبيعها.
الأكلة التي طالما ارتبطت عند التونسيين بالمجاعة أصبحت اليوم مكلفة جدا، انطلاقا من ارتفاع أسعار الكيلوغرام من الزقوقو وكذلك لما يكلّفه شراء الفواكه الجافة التي تستعمل لتزيين العصيدة وهو ما يحيلنا على تطور في الذائقة التونسية واكبه إدخال تحويرات على أكلات العصيدة التقليدية.
وجدير بالذكر أنه لا يوجد نظير عربي إسلامي لعصيدة الزقوقو التونسية، ولعل أقرب مثال لتلك المادة هو ذلك الجنس من “البوزة” التي تعد في إسطنبول.