اللغةُ تملك من البراءة ما لا يملكُه طفلٌ مدللٌ
غريرٌ عن الحدث أو الصدمة التي قد تترك أثراً دونما اي شك في الذاكرة ،
فكثيرٌ من الشعراء يتخاطرون معها - نعني اللغة - اجباراً على حمل المعاني المستجلبة من قِبَلِهم احياناً ،
ما لشيءٍ إلّا لان يقولوا كتبنا شعراً أو كتبنا سرْداً ، وهذي أحْمالٌ خِلَّبٌ ، لاتمضُّ في الاخيلة ولاتتركُ بصمةً عند المتلقّي مهما بلغت من استنساخ وتأشير وتلوينات ، كونها الفارغة والغير مؤيّدةٍ من عالم القدري الذي نجعلُه المُلْقِحَ الذي يولد اجنَّةَ الحِسْن المُثيرة في النفوس والمثري توالداً شرعياً وبنسبياتٍ محسوبةٍ في الحتمي الكوني ، والتي قد تدخلُ انظمةَ الترابط مباشرةً مع الماحول الوجودي والاعتباري ومعادلاتِهما ، لتؤدّي دورَها في المحيط الواقعي كالعادة وحسب المُقَدَّر لها من اجتهاد الذات السامي فكراً وتوقُّعاً ،
وإنْ سألنا عن عينِ الرِّشْدِ الحقيقية الدَّالةِ لنا باتجاه الحقائق الواعية والصانعة للجمال الفعلي ، فنقول نعم انَّها ( لمحةُ القدري أو قَدْحتُه ) والتي نعتبرها بنتَ الغيب المثاليةَ المُخْصِبةَ للمشج التصويري ،
وفي ظنِّنا لو فرَغَ النَّصُّ من هذي اللَّقْحةِ ، نعم جُعِلَ مَيِّتاً وإنْ وِلِدَ ، وهذا ما تُصابُ به نصوص كثيرة ، في ساحتنا اليوم و كم نعاني منه ،
يجبرون خيالَهم ، ويُرْكِبُوه نصاباتٍ ليست مقدَّراً لها ان تنمو وتسمو ، ولا حتى فيها نبضٌ يدقُّ لِتَحْيى ،
مجرد ينفخون بالالفاظ ويرسمون من طينتها المَيّتةِ صوراً ، قد يُصَبِّغونَ اطرافها لتُغايرَ الجامد
والمتحجّر ، يوهمون به المتلقّي او يرضون به انفسهم ، نعم اللغة طَيِّعَةٌ بريئةٌ تُساقُ حيثُما وجّهَ المُوجِّهُ لها. أو مَثَلُهُ
مَثَلُ صانع الدُّمى ،
او مثل الذي يجعلُ من جلد ابن البقرة الميّتِ عجلاً مثلاً ، فنقولُ عنه بَوَّاً يَخيطُهُ يصوِّرُه لها كي يوهمَها لتدُرَّ له حليباً فيحلبُها ،
هكذا بعض المتعسّفين على اللحظة الابداعية المنبعثةِ من روح وجيوب الغيبي ، المتصعلكين على نُظُمِ الموهبة الخلّاقة في الادب ،
ومااكثرهم بغثيثهم ورثيثهم ،
الابداعُ لَقْحَةٌ او قَدْحةٌ من بروقٍ نازلةٍ جراء قوى خفيّة تستبصرُ معنا الوقتَ من هناك ، ابداً ما اقرَّ شاعرٌ شعرَهُ ولا مبدعٌ ابداعَهُ بالبَتَّةِ إلّا بدافع منها ، من تلك البروق ، عند هذا تصلح اللحظةُ والطِّينةُ واجتهاد الذات في دخول الموقف في الصيرورة لحَبْك المخلوق وصورته،
الاستاذ جلال عباس ، رجل البحر ، وبحّار الشعر
ان شاء الله ، ومن خلال نصِّه هذا افترض علينا بحثنا وبخاصّيَّة نقدٍ نتوخّى بها مفارقة التمايز المسامي التي نحقق من خلالها ، انَّ نمطين من الفنِّ يجريانِ
- الاول الفنُّ الاصيل المُستبطِنُ لَقْحةَ القدري الوجودي كُليّةً
- والثاني الفنُّ المُتعسِّفُ عليه وعلى لحظته المنفعلة ،والذي يُجْبَرُ على حمل الصيغة والادبية
الفارغة من صفاتها لولا الشَّكليات ،
والخوف كلُّه من هذا المنفذ ، فبابُه مفتوحٌ لانَّ حدودَه تعتمد امكان اللغة والفاظها ونزوة الكاتب
، فليعلم انَّه مادام فاقداً الحلوليةَ مع الموجود ودائرة القدري ، فإنّه فاشل ولم يحصل على ريع مايتمنى ، اي تصبح موهبتُه فارغةً ، او مثل شبكة الصياد لم تؤْتِ صيدَها احياناً ، وقد ياتينا بما لاتطمح النوايا ،
( حدَّثتْني الذكرى
عندما كنتُ مشغولاً بالبحر
عن أُناسٍ نسيتُهم
وأُناسٍ مثل قوارب الصَّيد القديمةِ
يأخذُهم المدُّ ويأتي بهمُ الجزرُ
بالامس واثناء المطر الشحيح
شعرتُ بأنَّ المسافةَ بين قطرتي مطرٍ
مبلَّلَةً ايضاً )
اوّل الصفات التي نستجمع بها صحّةَ منظورنا
في البرهنة على انَّ شاعرنا حائزٌ على الحلولية
الوجودية ، حاملٌ في موهبته لَقْحَةَ البروق والقدري نعم هي :- ١- صفةُ الواقعية المؤثّرة التي لها مسامية الجذب والتغلغل عند التَّلقّي ،
٢- تشعر من خلالها انَّ ملحاً في طينة الصورة المختَلَقة ، تشعر انَّها نضيجةٌ غيرُ فاهيةٍ او باسجةٍ ، ولنَقُلْ اضحى الرغيف بإعداده جاهزاً
نعم استوى الرَّغيف ،
٣-استقرار ترابط وتماسك المبنى والمعنى
ولا قلق في ذلك او ارتباك في المعدل والنتيجة
فشاعرنا جلال عباس تعامل مع حلوليةٍ جاهزةٍ تامّةٍ ،اشتمل بها على روح المعنى الجمالي
وعلى خاصيّة رابط الاعتبار الجامع للبُنيةِ والنِّصاب النسبي لمحتوى الصورة النَّصّيّة ،
حميد العنبر الخويلدي
حرفيّة نقدٍ اعتباريّ- العراق
*****
النَّص الشِّعري ،،،، للشاعر البصري جلال عباس
حدثتني الذكرى
عندما كنتُ مشغولاً بالبحرِ
عن أُناسٍ نسيتُهم
وأُناسٍ مثل قوارب الصيد القديمة
يأخذُهم المدُّ
ويأتي بهمِ الجزرُ
بالامس واثناء المطر الشحيح
شعرتُ بأنَّ المسافةَ بين قطرتيْ مطر
مبلّلةً ايضاً
احتاجُ الى عالمٍ فيزيائيٍّ
يفسِّرُ لي ان الفراغَ شيءٰ
له لونٌ وطعمٰ ورائحةٌ
تارةً يكونُ نوعاً من الجمال
عند القبطان الشاعر
وتارةً اخرى يكون القبح
مبطَّناً بالخيال
المشكلةُ
كيف اصوغُه شعراً ،،؟
غريرٌ عن الحدث أو الصدمة التي قد تترك أثراً دونما اي شك في الذاكرة ،
فكثيرٌ من الشعراء يتخاطرون معها - نعني اللغة - اجباراً على حمل المعاني المستجلبة من قِبَلِهم احياناً ،
ما لشيءٍ إلّا لان يقولوا كتبنا شعراً أو كتبنا سرْداً ، وهذي أحْمالٌ خِلَّبٌ ، لاتمضُّ في الاخيلة ولاتتركُ بصمةً عند المتلقّي مهما بلغت من استنساخ وتأشير وتلوينات ، كونها الفارغة والغير مؤيّدةٍ من عالم القدري الذي نجعلُه المُلْقِحَ الذي يولد اجنَّةَ الحِسْن المُثيرة في النفوس والمثري توالداً شرعياً وبنسبياتٍ محسوبةٍ في الحتمي الكوني ، والتي قد تدخلُ انظمةَ الترابط مباشرةً مع الماحول الوجودي والاعتباري ومعادلاتِهما ، لتؤدّي دورَها في المحيط الواقعي كالعادة وحسب المُقَدَّر لها من اجتهاد الذات السامي فكراً وتوقُّعاً ،
وإنْ سألنا عن عينِ الرِّشْدِ الحقيقية الدَّالةِ لنا باتجاه الحقائق الواعية والصانعة للجمال الفعلي ، فنقول نعم انَّها ( لمحةُ القدري أو قَدْحتُه ) والتي نعتبرها بنتَ الغيب المثاليةَ المُخْصِبةَ للمشج التصويري ،
وفي ظنِّنا لو فرَغَ النَّصُّ من هذي اللَّقْحةِ ، نعم جُعِلَ مَيِّتاً وإنْ وِلِدَ ، وهذا ما تُصابُ به نصوص كثيرة ، في ساحتنا اليوم و كم نعاني منه ،
يجبرون خيالَهم ، ويُرْكِبُوه نصاباتٍ ليست مقدَّراً لها ان تنمو وتسمو ، ولا حتى فيها نبضٌ يدقُّ لِتَحْيى ،
مجرد ينفخون بالالفاظ ويرسمون من طينتها المَيّتةِ صوراً ، قد يُصَبِّغونَ اطرافها لتُغايرَ الجامد
والمتحجّر ، يوهمون به المتلقّي او يرضون به انفسهم ، نعم اللغة طَيِّعَةٌ بريئةٌ تُساقُ حيثُما وجّهَ المُوجِّهُ لها. أو مَثَلُهُ
مَثَلُ صانع الدُّمى ،
او مثل الذي يجعلُ من جلد ابن البقرة الميّتِ عجلاً مثلاً ، فنقولُ عنه بَوَّاً يَخيطُهُ يصوِّرُه لها كي يوهمَها لتدُرَّ له حليباً فيحلبُها ،
هكذا بعض المتعسّفين على اللحظة الابداعية المنبعثةِ من روح وجيوب الغيبي ، المتصعلكين على نُظُمِ الموهبة الخلّاقة في الادب ،
ومااكثرهم بغثيثهم ورثيثهم ،
الابداعُ لَقْحَةٌ او قَدْحةٌ من بروقٍ نازلةٍ جراء قوى خفيّة تستبصرُ معنا الوقتَ من هناك ، ابداً ما اقرَّ شاعرٌ شعرَهُ ولا مبدعٌ ابداعَهُ بالبَتَّةِ إلّا بدافع منها ، من تلك البروق ، عند هذا تصلح اللحظةُ والطِّينةُ واجتهاد الذات في دخول الموقف في الصيرورة لحَبْك المخلوق وصورته،
الاستاذ جلال عباس ، رجل البحر ، وبحّار الشعر
ان شاء الله ، ومن خلال نصِّه هذا افترض علينا بحثنا وبخاصّيَّة نقدٍ نتوخّى بها مفارقة التمايز المسامي التي نحقق من خلالها ، انَّ نمطين من الفنِّ يجريانِ
- الاول الفنُّ الاصيل المُستبطِنُ لَقْحةَ القدري الوجودي كُليّةً
- والثاني الفنُّ المُتعسِّفُ عليه وعلى لحظته المنفعلة ،والذي يُجْبَرُ على حمل الصيغة والادبية
الفارغة من صفاتها لولا الشَّكليات ،
والخوف كلُّه من هذا المنفذ ، فبابُه مفتوحٌ لانَّ حدودَه تعتمد امكان اللغة والفاظها ونزوة الكاتب
، فليعلم انَّه مادام فاقداً الحلوليةَ مع الموجود ودائرة القدري ، فإنّه فاشل ولم يحصل على ريع مايتمنى ، اي تصبح موهبتُه فارغةً ، او مثل شبكة الصياد لم تؤْتِ صيدَها احياناً ، وقد ياتينا بما لاتطمح النوايا ،
( حدَّثتْني الذكرى
عندما كنتُ مشغولاً بالبحر
عن أُناسٍ نسيتُهم
وأُناسٍ مثل قوارب الصَّيد القديمةِ
يأخذُهم المدُّ ويأتي بهمُ الجزرُ
بالامس واثناء المطر الشحيح
شعرتُ بأنَّ المسافةَ بين قطرتي مطرٍ
مبلَّلَةً ايضاً )
اوّل الصفات التي نستجمع بها صحّةَ منظورنا
في البرهنة على انَّ شاعرنا حائزٌ على الحلولية
الوجودية ، حاملٌ في موهبته لَقْحَةَ البروق والقدري نعم هي :- ١- صفةُ الواقعية المؤثّرة التي لها مسامية الجذب والتغلغل عند التَّلقّي ،
٢- تشعر من خلالها انَّ ملحاً في طينة الصورة المختَلَقة ، تشعر انَّها نضيجةٌ غيرُ فاهيةٍ او باسجةٍ ، ولنَقُلْ اضحى الرغيف بإعداده جاهزاً
نعم استوى الرَّغيف ،
٣-استقرار ترابط وتماسك المبنى والمعنى
ولا قلق في ذلك او ارتباك في المعدل والنتيجة
فشاعرنا جلال عباس تعامل مع حلوليةٍ جاهزةٍ تامّةٍ ،اشتمل بها على روح المعنى الجمالي
وعلى خاصيّة رابط الاعتبار الجامع للبُنيةِ والنِّصاب النسبي لمحتوى الصورة النَّصّيّة ،
حميد العنبر الخويلدي
حرفيّة نقدٍ اعتباريّ- العراق
*****
النَّص الشِّعري ،،،، للشاعر البصري جلال عباس
حدثتني الذكرى
عندما كنتُ مشغولاً بالبحرِ
عن أُناسٍ نسيتُهم
وأُناسٍ مثل قوارب الصيد القديمة
يأخذُهم المدُّ
ويأتي بهمِ الجزرُ
بالامس واثناء المطر الشحيح
شعرتُ بأنَّ المسافةَ بين قطرتيْ مطر
مبلّلةً ايضاً
احتاجُ الى عالمٍ فيزيائيٍّ
يفسِّرُ لي ان الفراغَ شيءٰ
له لونٌ وطعمٰ ورائحةٌ
تارةً يكونُ نوعاً من الجمال
عند القبطان الشاعر
وتارةً اخرى يكون القبح
مبطَّناً بالخيال
المشكلةُ
كيف اصوغُه شعراً ،،؟