تتصفحين كتاب المعاني وأنا لائذ من عينيك. الشاعر جواد الشلّال ،، العراق
لم أكمل قصيدتي؛
كنت أتسلق معنى مجهولاً مسكوناً بالهمهمات ،
أنتزع ريش مفردات نحيلة،
أمزجها مع فقاعات صابون ،
أرميها على بياض ما
وأشعر بتعب جديد..
تلك مهنة تليق بي وأنا أسكن عشوائيات لغة ودكاكين ضحك ودموعاً باردة..
أعتمد مصدراً معقوفاً لأجعل القلق يشعر بالاطمئنان !
أتعبني كلُّ هذا الشعر ،
مرميٌ على حافة سطر ..
تقسو عليه أشجار هجينة وضفاف هوامش..
هجرته الأفواه العارية وحدقات النشوة المعدلة وراثياً ،
نقبت عن سرّ ضحكات حادة
تنمو بسرّية ، تقطع أصلاب قصائدَ ، وتفتك بالمارّة والطيور وشواذ شعر..
لم أعثر على تاريخ مثل عين ماء..
تتبعت كلّ حناجر وأثواب القديسات وحدائق بلاط الشعر ،
كلُّ شيء ليس على ما يرام ،
هناك ماء وأناشيد
وأرقام فئات نقدية وأبواق تحيي صهيلاً ماجناً وكلاب حراسة،
كانت هناك ملاعق تشبه الجدب، ونمو أبيض مثل غرة حصان..
في طريق المعنى
سألت امرأة عابرة ذات ثغر ذابل:
لماذا لم لا تلعنين مصيرك
وتكتبين ابتسامة ثائرة على رأسك؟
أجابت:
انتظر حين أكمل نعيي،
وأشتم معاني الدم والأبواب وثورة الليل وعطاء العيون الخؤون ،
لم تكمل القصيدة ،
رمت السطر بنظرة حاسرة ودمعة عالقة بهدب طويل !!
.
الشَّاعر جواد الشَّلّال ،،، العراق
===================================
نقد،،،،،
فزيولوجيا النَّص ،،،،،. نص نقدي المقابل
يُكلِّمُ الشاعرُ في هذا النَّصِّ امرأةً سيدةً رسم ملامحها على ذوقه من انسجة الشعر وحروف اللغة ، وطينة معانيها واختلق موضوعتَه المشتهاةَ مراودةً لها ، وصاولَ
في الغاية قريناً يلاقيه في التهويم تارةً ، واخرى في المكاشفة الحلولية ، وهذا طبع المبدع
، من اجل ان يحتاط اجتهادَه يصنع حلقاتٍ مفتوحةً للتَّحقُّقِ او أنصافَها يسكنُ نفسَه بها
يترصَّدُ ماله من ملاكات الموْجود المساهم معه كونيّاً في الصَّيرورة وفعل الخَلْق ، كونه أيْ المبدع يأتي عارياً لا جيبَ ولاجعبةَ اعزلاً من الواقع المادي
الذي غادره حتى من جسده الطِّيني نعم ينهدم فينفلق منه برقٌ شعاعٌ هو معادله الطَّيْفي ، يتحصّل من خلاله بغيتَه الجماليةَ ، بل هو الوحيد الذي ينزل دون عِدَّةٍ وعددٍ يتجنّد بها للزوميّاته
ماعدا حبالٌ ووشائجٌ اثيريةٌ تَتْبعُ أو معه ، تسبقُه وليست بالبعيدة عنه ولا بالملازِمةِ له ، تأتي به كالمُفَوّفة الهابَّةِ من ريح ارجواني تيّاريةِ التواصيف -هكذا نرى- تلتفُّ كالدولاب أو كالحلزون لاتقاس بنسبيٍّ من السرعةِ انّما اعلى جداً من فيزياء وطاقة الموجود ، نعم طاقة المبدع ارقى وابلغ من طاقة المادي الذي نحن فيه وباضعافٍ لاتُقدّر فلعلّها من نسبيّات المطلق بما نعتقد ذلك ،
وهذا متَّفقٌ عليه ، نعم فمكان وزمان المبدع من لِدْنيّتِها هي - نعني نُظِمَ هجرتِه -بانعزال عمّا يحيطُه من الماحول ، هي عالَمُه المُحْدَثُ وهو عالَمُها بالمقابل كأنّما طوّقَهما نطاقٌ فاشتدّا وانجذبا طينةً ومشجاً ،اختلطا فاندمجا
فباتا صورةً واحدةً لاانفكاك ولاهزهزةَ في الحال ،
هذا تبيانٌ من جانب ، يوجبُ الاشارة له ، انما يهمُّنا شيءٌ نرى من الضروري تسجيل منظور بخصوصه ومن خلال شعر زميلنا الماجد الاستاذ جواد الشَّلال في نصِّه
( تتصفّحين كتاب المعاني )
ومن جانب اخر هناك إلحاحٌ يحثُّ بفكرةٍ تبينيّةٍ تخدم غرض النقد على طاولة النَّص ، نستنهلُها بسؤال ، هل النَّصُّ هذا وِلِدَ كمخلوقٍ بدفعة طَلْقٍ واحدة فشقَّ مشيمته ،مثلما يُولَد الغزالُ والشَّاةُ
أم وِلِدَ على مُهَلٍ زمنيَّةٍ ، نسمّيها التنزيلَ بأقصادٍ ،،،؟
وأيُّهما الاصلح طريقةً لطبيعة الفعل الابداعي المفضّل ،،،؟
ماذا نسمِّي أنْ شاعرٌ ينجز نتاجَه في ساعةٍ او ليلةٍ او نهارٍ ، او يستمر يوماً او اكثر معدودات لم يتأخّرْ ،،
وماذا نقول عن شاعرٍ يُغَطِّشُ في فترة تقصرُ او تطولُ ينتجُ بيتينِ او ثلاثةَ واكثر ، ويبقى اياماً ويواصل ما شاء من ابداعٍ في ذات النَّصّ كذلك بيتين او اكثر تُضاف لما قبلها حتى اكمال القصيدة بشهر او شهرين او اكثر ،،وقد تكون سنةً
هذا يحصل وموجود بين صفوف شعراءنا حيثما عاشوا وتواجدوا وكلُّ الشعراء في العالم ، اذاً هي طريقتانِ يتَّبعها المبدع حسب الضرورة والافتراض ، حين انجازه لمشروع النَّص ايّما نصٍّ روايةً كان او قصّةً أو قصيدةً وحتى اللوحة والمقال وكلُّ تعبيرية موجبة ،
لكنَّما اين الميل والقبول هل للطريقة التَّامَّةِ المخاض من الطَّلْق حتى يخرج المخلوق الفني دفعةً واحدةً مكتملاً يتحلّى بتمام الصورة والدِّزاين حسب جنسه الادبي وطرازه ،
أم عكس الطريقة والتي من خَلَلِها وعَلَلِها ان تتقطَّع الاحاسيس وتدفقات الشعور وفيض الادراك
وكأنَّك تتناسى او تنسى أنْ تحت يدك نصٌّ نعم ينقطع هنا الاستغراق وسخونة الامتاع اللذائذي، فتنغمر في ظواهر اخرى وكنت قد افترقتَ وبردتْ حجارتُك ، فالابداع اول صفاته ، ان المبدع يتلبّس حمّاه حمّى الفن والخلق ، باعلى مايمكن من قياس ، اذ يصف المفكرون وفلاسفة النقد ، تلك الحُمّى قادرة على اذابة جبال /افريست /باقلِّ من ثانيةٍ واقلّ ، او تستطيع ان تنشِّفَ مياة الابيض المتوسط او الهندي وتدخل خارج حدود الزمن المادي الى نسبية اعلى واعلى من نسبية الكون باجمعه ،
ومن الواضح ان نقول للمبدع انت مشمولٌ بسحرية وسِرِّ حقيقةِ ( كن فيكون ) وهذي حتمية قائمةٌ امام وجهة النَّظر اعلاه ، حمّى الابداع تستدعي وعن طريق ادراك مبدع دخل رياضاته واستمكن حاله ومآله ، يستطيع ان يستجلب خزائن ملوك الفراعنة ايّاً منهم وحسب المقدّر النَّصّي وضروراته ،فيحوِّلها الى اعتبار يدخل التَّناصّات يكاشفها يفترض عليها وتفترض عليه فإنّ كلَّ شيءٍ حيٌّ هناك ، ولعلّ الزمن بمغاليقه ينفتح طوعاً حين اللحظة ،
فللمبدع تقانة خاصة متميّزة جديرة بتحقّق ايّ شيئيّةٍ تُحَب وتُفتَرض بما يلائم شرط التكوين ،
وهذا اجراء القدرة في الفن
ومطلوبٌ من الفنان ان يمتلك اعلى طاقات القدرة ، وليس هذا تمنِّياتٍ ونيلاً من احد ، انّما هو طبيعةٌ وتكوينُ موهبة حتميّتان ،
الآن اوضحنا انَّ ولادةَ النَّصّ ايّما نصٍّ بطريقتينِ
الاولى - الولادةُ الطبيعية الكاملة ولادة طلْق ودفع فيزيولوجي حتى يكمل خروج المخلوق من رٰحِمِه الخاص به
والثانية - الولادةُ التقطيعية أيْ التَّنزيلُ بالاقصاد حسب السبب الفارض
وكنا قد اشرنا لذلك بأنَّ الولادة الكاملة اولى وايسر ،وهنا لابد من وفرة عوامل محددة لذلك الحدوث والالتزام وهي :-
١- الخلوة ، نعم الفنان يحرص جداً ان يختلي في موقف ابداعه لحظة الخلق الفنّي ، لاجل رعاية الحال الابداعي والاستشراف عليه والاستبصار بجزئياته،
٢- غياب وانعدام العامل الشاغل لما له من تأثير على مجريات الحدث ، وبغيابه ينقطع الارتباط مع المحيط الواقع ، فيتمُّ التوحد والاندماج في الموقف التَّصَيُّري
٣- انهمار الحال التَّكويني في النُّظُم كلٌّ بمعناه وبعفوية ،
٤- تنامي ونشوب قوى المخلوق الجديد الارادية وهو في العتم الرَّحَمي ، ما يحدث حينها جدلٌ يستقطب خصائص المعادلة هناك ، فكلّما نشطت انفكّت تابعيّة الذاتي رويداً الى ان يعتمد اراداته نقصد به مخلوق الصورة النَّصِّية ، فينفلت معتمداً قواه الخاصّة
٥ - للمكان تأثيره ومحدداته ، وهنا التأثير الابرز ، من باب فلسفة المكانية الوجودية التي اشّرت العَوَز في البدء ، فاستلمت الذات ربطاً مع القدري وعلى ضوء هذا تمَّ استلهام وتحفيز روح الفنان
هكذا نرى ونربط ، فتأثير المكان بالولادة الابداعية تأثير مباشر وحادّٰ جداً ، هو العالِم المُقَدِّرُ بالنَّقص والحاثُّ عليه في استجلاب الوافد المناسب والسَّاد في العَوَض ،
هذا مايجعل المبدع مسكون بحمّى النتاج ووجع الطَّلْق حدَّ اظهار المحدث وانزاله ،
٠
امّا الولادة النَّصِّية الثانية ، النوع التقطيعي
كذلك لها من عوامل الفعل عكس ماجرى من دفق تلقائيٍّ في الولادة الكاملة ، وبنسبيّات مترددة ضعيفة ،ودون المستوى مايؤثّر على حمّى وانهمار اللحظة ،
نعم موجود ولكنَّ الساقية لم تأخذ نصاب مجراها ، أذ تصبُّ قليلاً ، وهذا تحدِّده عوامل وهي:-
١- خلوة قلقة وهذا ما يقصف روح المشتركات وتعويقها عند النزول ،
٢- حضور الشاغل العبثي ، مايلهي الحس ويشوش ما للعقل وممكنات الذات الجَّوّاني ، فيحدث عَلَل الرابط بانظمته كافّةً ،
٣- عسر عامل التَّصَيُّر وانكفاؤه في نموه وتصاعده
٤- مايؤدي الى وهن ارادة المخلوق وتأخُّره في اخذ دوره
٥- وكل هذا نحتمله افتراضاً حادثاً أنَّ المكان لم يستجبْ بالتمام ، كونه واقعاً تحت تأثير
صرعتيْنِ ،
الاولى - صرعة الذات الراغبة بالانتاج لهوىً في الشارع يطرق الفنان ، فتجدُه يراودُ الفعل دون انهمارية وانسياب انفعالي للنزول
والثانية- صرعة المكان وهي الخصلة التي تستوعب المحدث وتحفّز المبدع وتعطي الايعاز المُلِحَّ، فنقول المكان ذو استجابةٍ مقسورة لم يتهيأ بالتمام ، أو نتمثَّلُه كالفارق بين وردةٍ تفتَّحت واعطت عرضَها الجمالي بالكامل وبين وردةٍ اخرى تفتحت على ربع او نصف من حجمها ، اي لم تلحق نُظُمُها للان ،هكذا هو حال الولادتين وتأثير عوامل كلٌّ منهما فيهما ،
فقصيدتنا ( تتصفّحين كتاب المعاني ) ل جواد الشَّلّال لو طبَّقنا منظورنا على فيزياء البُنى في وحدة شكلها ومضمونها لوجدناها ،قد تمّتْ على طريقة الطَّلْق الكامل في الايلاد المرجو
وهذا تحدِّدُه عوامل هي:-
١- سَواءُ مسامية الصورة الكلّية ، حيثُ لاندوبَ ولا تقشّرات في الملمس المنظور
٢- المسح الموضوعي الموزّع توزيعاً متعادلاً وبطبيعية متوازنة للمعنى الجمالي والفني
٣- انسياب الموسيقى المتدفّق والشامل في جسدية النَّص الشّعرية وتغطية كل الاركان
٤- الروح السردية النشطة وتقنية حداثة الفعل البنيوي وفق السياق والتجربة المعاصرة
٥- لا اثرَ للتقطيعية ولا اثرَ لارتباك المزاج
واخيراً نقول ، هي وجهة نظر في مقالنا البسيط هذا ، فنلتمس العذرَ من المعنيّين الاساتذة لو قدّروا بأنّا شطحنا قد ،
حميد العنبر الخويلدي
حرفية نقد اعتباري - العراق
لم أكمل قصيدتي؛
كنت أتسلق معنى مجهولاً مسكوناً بالهمهمات ،
أنتزع ريش مفردات نحيلة،
أمزجها مع فقاعات صابون ،
أرميها على بياض ما
وأشعر بتعب جديد..
تلك مهنة تليق بي وأنا أسكن عشوائيات لغة ودكاكين ضحك ودموعاً باردة..
أعتمد مصدراً معقوفاً لأجعل القلق يشعر بالاطمئنان !
أتعبني كلُّ هذا الشعر ،
مرميٌ على حافة سطر ..
تقسو عليه أشجار هجينة وضفاف هوامش..
هجرته الأفواه العارية وحدقات النشوة المعدلة وراثياً ،
نقبت عن سرّ ضحكات حادة
تنمو بسرّية ، تقطع أصلاب قصائدَ ، وتفتك بالمارّة والطيور وشواذ شعر..
لم أعثر على تاريخ مثل عين ماء..
تتبعت كلّ حناجر وأثواب القديسات وحدائق بلاط الشعر ،
كلُّ شيء ليس على ما يرام ،
هناك ماء وأناشيد
وأرقام فئات نقدية وأبواق تحيي صهيلاً ماجناً وكلاب حراسة،
كانت هناك ملاعق تشبه الجدب، ونمو أبيض مثل غرة حصان..
في طريق المعنى
سألت امرأة عابرة ذات ثغر ذابل:
لماذا لم لا تلعنين مصيرك
وتكتبين ابتسامة ثائرة على رأسك؟
أجابت:
انتظر حين أكمل نعيي،
وأشتم معاني الدم والأبواب وثورة الليل وعطاء العيون الخؤون ،
لم تكمل القصيدة ،
رمت السطر بنظرة حاسرة ودمعة عالقة بهدب طويل !!
.
الشَّاعر جواد الشَّلّال ،،، العراق
===================================
نقد،،،،،
فزيولوجيا النَّص ،،،،،. نص نقدي المقابل
يُكلِّمُ الشاعرُ في هذا النَّصِّ امرأةً سيدةً رسم ملامحها على ذوقه من انسجة الشعر وحروف اللغة ، وطينة معانيها واختلق موضوعتَه المشتهاةَ مراودةً لها ، وصاولَ
في الغاية قريناً يلاقيه في التهويم تارةً ، واخرى في المكاشفة الحلولية ، وهذا طبع المبدع
، من اجل ان يحتاط اجتهادَه يصنع حلقاتٍ مفتوحةً للتَّحقُّقِ او أنصافَها يسكنُ نفسَه بها
يترصَّدُ ماله من ملاكات الموْجود المساهم معه كونيّاً في الصَّيرورة وفعل الخَلْق ، كونه أيْ المبدع يأتي عارياً لا جيبَ ولاجعبةَ اعزلاً من الواقع المادي
الذي غادره حتى من جسده الطِّيني نعم ينهدم فينفلق منه برقٌ شعاعٌ هو معادله الطَّيْفي ، يتحصّل من خلاله بغيتَه الجماليةَ ، بل هو الوحيد الذي ينزل دون عِدَّةٍ وعددٍ يتجنّد بها للزوميّاته
ماعدا حبالٌ ووشائجٌ اثيريةٌ تَتْبعُ أو معه ، تسبقُه وليست بالبعيدة عنه ولا بالملازِمةِ له ، تأتي به كالمُفَوّفة الهابَّةِ من ريح ارجواني تيّاريةِ التواصيف -هكذا نرى- تلتفُّ كالدولاب أو كالحلزون لاتقاس بنسبيٍّ من السرعةِ انّما اعلى جداً من فيزياء وطاقة الموجود ، نعم طاقة المبدع ارقى وابلغ من طاقة المادي الذي نحن فيه وباضعافٍ لاتُقدّر فلعلّها من نسبيّات المطلق بما نعتقد ذلك ،
وهذا متَّفقٌ عليه ، نعم فمكان وزمان المبدع من لِدْنيّتِها هي - نعني نُظِمَ هجرتِه -بانعزال عمّا يحيطُه من الماحول ، هي عالَمُه المُحْدَثُ وهو عالَمُها بالمقابل كأنّما طوّقَهما نطاقٌ فاشتدّا وانجذبا طينةً ومشجاً ،اختلطا فاندمجا
فباتا صورةً واحدةً لاانفكاك ولاهزهزةَ في الحال ،
هذا تبيانٌ من جانب ، يوجبُ الاشارة له ، انما يهمُّنا شيءٌ نرى من الضروري تسجيل منظور بخصوصه ومن خلال شعر زميلنا الماجد الاستاذ جواد الشَّلال في نصِّه
( تتصفّحين كتاب المعاني )
ومن جانب اخر هناك إلحاحٌ يحثُّ بفكرةٍ تبينيّةٍ تخدم غرض النقد على طاولة النَّص ، نستنهلُها بسؤال ، هل النَّصُّ هذا وِلِدَ كمخلوقٍ بدفعة طَلْقٍ واحدة فشقَّ مشيمته ،مثلما يُولَد الغزالُ والشَّاةُ
أم وِلِدَ على مُهَلٍ زمنيَّةٍ ، نسمّيها التنزيلَ بأقصادٍ ،،،؟
وأيُّهما الاصلح طريقةً لطبيعة الفعل الابداعي المفضّل ،،،؟
ماذا نسمِّي أنْ شاعرٌ ينجز نتاجَه في ساعةٍ او ليلةٍ او نهارٍ ، او يستمر يوماً او اكثر معدودات لم يتأخّرْ ،،
وماذا نقول عن شاعرٍ يُغَطِّشُ في فترة تقصرُ او تطولُ ينتجُ بيتينِ او ثلاثةَ واكثر ، ويبقى اياماً ويواصل ما شاء من ابداعٍ في ذات النَّصّ كذلك بيتين او اكثر تُضاف لما قبلها حتى اكمال القصيدة بشهر او شهرين او اكثر ،،وقد تكون سنةً
هذا يحصل وموجود بين صفوف شعراءنا حيثما عاشوا وتواجدوا وكلُّ الشعراء في العالم ، اذاً هي طريقتانِ يتَّبعها المبدع حسب الضرورة والافتراض ، حين انجازه لمشروع النَّص ايّما نصٍّ روايةً كان او قصّةً أو قصيدةً وحتى اللوحة والمقال وكلُّ تعبيرية موجبة ،
لكنَّما اين الميل والقبول هل للطريقة التَّامَّةِ المخاض من الطَّلْق حتى يخرج المخلوق الفني دفعةً واحدةً مكتملاً يتحلّى بتمام الصورة والدِّزاين حسب جنسه الادبي وطرازه ،
أم عكس الطريقة والتي من خَلَلِها وعَلَلِها ان تتقطَّع الاحاسيس وتدفقات الشعور وفيض الادراك
وكأنَّك تتناسى او تنسى أنْ تحت يدك نصٌّ نعم ينقطع هنا الاستغراق وسخونة الامتاع اللذائذي، فتنغمر في ظواهر اخرى وكنت قد افترقتَ وبردتْ حجارتُك ، فالابداع اول صفاته ، ان المبدع يتلبّس حمّاه حمّى الفن والخلق ، باعلى مايمكن من قياس ، اذ يصف المفكرون وفلاسفة النقد ، تلك الحُمّى قادرة على اذابة جبال /افريست /باقلِّ من ثانيةٍ واقلّ ، او تستطيع ان تنشِّفَ مياة الابيض المتوسط او الهندي وتدخل خارج حدود الزمن المادي الى نسبية اعلى واعلى من نسبية الكون باجمعه ،
ومن الواضح ان نقول للمبدع انت مشمولٌ بسحرية وسِرِّ حقيقةِ ( كن فيكون ) وهذي حتمية قائمةٌ امام وجهة النَّظر اعلاه ، حمّى الابداع تستدعي وعن طريق ادراك مبدع دخل رياضاته واستمكن حاله ومآله ، يستطيع ان يستجلب خزائن ملوك الفراعنة ايّاً منهم وحسب المقدّر النَّصّي وضروراته ،فيحوِّلها الى اعتبار يدخل التَّناصّات يكاشفها يفترض عليها وتفترض عليه فإنّ كلَّ شيءٍ حيٌّ هناك ، ولعلّ الزمن بمغاليقه ينفتح طوعاً حين اللحظة ،
فللمبدع تقانة خاصة متميّزة جديرة بتحقّق ايّ شيئيّةٍ تُحَب وتُفتَرض بما يلائم شرط التكوين ،
وهذا اجراء القدرة في الفن
ومطلوبٌ من الفنان ان يمتلك اعلى طاقات القدرة ، وليس هذا تمنِّياتٍ ونيلاً من احد ، انّما هو طبيعةٌ وتكوينُ موهبة حتميّتان ،
الآن اوضحنا انَّ ولادةَ النَّصّ ايّما نصٍّ بطريقتينِ
الاولى - الولادةُ الطبيعية الكاملة ولادة طلْق ودفع فيزيولوجي حتى يكمل خروج المخلوق من رٰحِمِه الخاص به
والثانية - الولادةُ التقطيعية أيْ التَّنزيلُ بالاقصاد حسب السبب الفارض
وكنا قد اشرنا لذلك بأنَّ الولادة الكاملة اولى وايسر ،وهنا لابد من وفرة عوامل محددة لذلك الحدوث والالتزام وهي :-
١- الخلوة ، نعم الفنان يحرص جداً ان يختلي في موقف ابداعه لحظة الخلق الفنّي ، لاجل رعاية الحال الابداعي والاستشراف عليه والاستبصار بجزئياته،
٢- غياب وانعدام العامل الشاغل لما له من تأثير على مجريات الحدث ، وبغيابه ينقطع الارتباط مع المحيط الواقع ، فيتمُّ التوحد والاندماج في الموقف التَّصَيُّري
٣- انهمار الحال التَّكويني في النُّظُم كلٌّ بمعناه وبعفوية ،
٤- تنامي ونشوب قوى المخلوق الجديد الارادية وهو في العتم الرَّحَمي ، ما يحدث حينها جدلٌ يستقطب خصائص المعادلة هناك ، فكلّما نشطت انفكّت تابعيّة الذاتي رويداً الى ان يعتمد اراداته نقصد به مخلوق الصورة النَّصِّية ، فينفلت معتمداً قواه الخاصّة
٥ - للمكان تأثيره ومحدداته ، وهنا التأثير الابرز ، من باب فلسفة المكانية الوجودية التي اشّرت العَوَز في البدء ، فاستلمت الذات ربطاً مع القدري وعلى ضوء هذا تمَّ استلهام وتحفيز روح الفنان
هكذا نرى ونربط ، فتأثير المكان بالولادة الابداعية تأثير مباشر وحادّٰ جداً ، هو العالِم المُقَدِّرُ بالنَّقص والحاثُّ عليه في استجلاب الوافد المناسب والسَّاد في العَوَض ،
هذا مايجعل المبدع مسكون بحمّى النتاج ووجع الطَّلْق حدَّ اظهار المحدث وانزاله ،
٠
امّا الولادة النَّصِّية الثانية ، النوع التقطيعي
كذلك لها من عوامل الفعل عكس ماجرى من دفق تلقائيٍّ في الولادة الكاملة ، وبنسبيّات مترددة ضعيفة ،ودون المستوى مايؤثّر على حمّى وانهمار اللحظة ،
نعم موجود ولكنَّ الساقية لم تأخذ نصاب مجراها ، أذ تصبُّ قليلاً ، وهذا تحدِّده عوامل وهي:-
١- خلوة قلقة وهذا ما يقصف روح المشتركات وتعويقها عند النزول ،
٢- حضور الشاغل العبثي ، مايلهي الحس ويشوش ما للعقل وممكنات الذات الجَّوّاني ، فيحدث عَلَل الرابط بانظمته كافّةً ،
٣- عسر عامل التَّصَيُّر وانكفاؤه في نموه وتصاعده
٤- مايؤدي الى وهن ارادة المخلوق وتأخُّره في اخذ دوره
٥- وكل هذا نحتمله افتراضاً حادثاً أنَّ المكان لم يستجبْ بالتمام ، كونه واقعاً تحت تأثير
صرعتيْنِ ،
الاولى - صرعة الذات الراغبة بالانتاج لهوىً في الشارع يطرق الفنان ، فتجدُه يراودُ الفعل دون انهمارية وانسياب انفعالي للنزول
والثانية- صرعة المكان وهي الخصلة التي تستوعب المحدث وتحفّز المبدع وتعطي الايعاز المُلِحَّ، فنقول المكان ذو استجابةٍ مقسورة لم يتهيأ بالتمام ، أو نتمثَّلُه كالفارق بين وردةٍ تفتَّحت واعطت عرضَها الجمالي بالكامل وبين وردةٍ اخرى تفتحت على ربع او نصف من حجمها ، اي لم تلحق نُظُمُها للان ،هكذا هو حال الولادتين وتأثير عوامل كلٌّ منهما فيهما ،
فقصيدتنا ( تتصفّحين كتاب المعاني ) ل جواد الشَّلّال لو طبَّقنا منظورنا على فيزياء البُنى في وحدة شكلها ومضمونها لوجدناها ،قد تمّتْ على طريقة الطَّلْق الكامل في الايلاد المرجو
وهذا تحدِّدُه عوامل هي:-
١- سَواءُ مسامية الصورة الكلّية ، حيثُ لاندوبَ ولا تقشّرات في الملمس المنظور
٢- المسح الموضوعي الموزّع توزيعاً متعادلاً وبطبيعية متوازنة للمعنى الجمالي والفني
٣- انسياب الموسيقى المتدفّق والشامل في جسدية النَّص الشّعرية وتغطية كل الاركان
٤- الروح السردية النشطة وتقنية حداثة الفعل البنيوي وفق السياق والتجربة المعاصرة
٥- لا اثرَ للتقطيعية ولا اثرَ لارتباك المزاج
واخيراً نقول ، هي وجهة نظر في مقالنا البسيط هذا ، فنلتمس العذرَ من المعنيّين الاساتذة لو قدّروا بأنّا شطحنا قد ،
حميد العنبر الخويلدي
حرفية نقد اعتباري - العراق