ياسر أنور - من عجائب آية (ليسوءوا وجوهكم)

من اللمحات اللغوية العجيبة في قوله تعالى : فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا
أولا : حذف جواب شرط إذا في قوله (فإذا جاءل ، فلا نعرف ما جواب الشرط ، هل سيكون مثل الآية الاولى (بعثنا عليكم عبادا لنا) ؟ ذهب كثير من المفسرين إلى أنه نفس الجواب، وحذف الدلالة الجواب الأول عليه ، ويكون التقدير : فإذا جاء وعد الآخرة بعثنا عليكم عبادا لنا ليسوءوا وجوهكم
وهذا وجه لغوي مقبول ، لكن الحذف في الآية يبدو أنه يحمل أسرارا أكثر بكثير من هذا التوجيه اللغوي.
ثانيا : ليسوءوا وجوهكم ، وهو أمر عجيب حقا كما أوضحنا في مقالة سابقة ، حيث إن سوءة الوجه بمعنييه المادي والنفسي هو أمر طبيعي وفطري يحدث لكل حزين محبط أو مهزوم.فكيف يكون سوءة الوجه من علامات وعد الآخرة إذن، وهو أمر عام بل وحدث في الوجه الأول لا محالة؟
ثالثا : الضمير في الفعل علوا في قوله تعالى وليتبروا ما علوا تتبيرا ، على من يعود ؟ هل يعود على المحذوف المقدر (عبادا لنا ) أم يعود على بني إسرائيل ؟ فإذا كان يعود على بني إسرائيل ، فلماذا عدل عن ضمير المخاطب علوتم إلى ضمير الغائب علوا ؟ فيكون وليتبروا ما( علوتم)، قياسا على (ليسوءوا وجوهكم)، وما فائدة هذا العدول أو الالتفات من المخاط إلى الغائب؟ أما إذا كان الضمير يعود على العباد، فما الذي سوف يتبره ويهدمه هؤلاء العباد ؟ هلى يهدمون بيوت و أبنية أنفسهم ؟ هذا غير مقبول ولا معقول ؟ أم تكون ما في قوله ما علوا ليست اسم موصول مفعول به ، وفي هذه الحالة تكون ما مصدرية ، ويكون المعنى ، وليتبروا مدة علوهم،. المفعول محذوف؟ وقد رجح هذا بعض المفسرين ، لكنه ليس مقبولا أيضا ، لأنه بهذا المعنى سيكون وظيفة هؤلاء العباد هي الهدم مدة علوهم ، وكان أحرى أن تكون وظيفتهم البناء إلا إذا كان ما يهدمونه هو أصنام تعبد من دون الله ، وهذا غير موجود حاليا، فما الذي يتبره هؤلاء العباد؟



ياسر أنور

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى