خالد جهاد - فتش عن المرأة

مما لا شك فيه أن صور الأبرياء في غزة كانت حديث الناس في الفترة الأخيرة ولا سيما صور الأطفال والنساء.. فلاحظ الجميع تصدر صور وتعليقات الكثير منهم للعناوين الرئيسية على مختلف المنصات الإعلامية وتنوعها، فتعرف البعض بصورةٍ أكبر على (المرأة الفلسطينية) وعلى الدور الكبير الذي تقوم به طوال الوقت دون أن يدري عنه أحد، والذي يأخذ أبعاداً مضاعفة عندما تكون زوجة أو أم أو حتى أخت أو ابنة لشهيد أو أسير.. فأصبحت محل تقدير واحترام واعجاب وثناء من الكثيرين حول العالم..

ولكننا عندما نتأمل المشهد لنرى الصورة كاملة من مختلف الزوايا وعلى امتداد البلاد (وهنا لا نبخس حق أحد ولا نلجأ للتعميم) سنجد أن المرأة بشكل عام كانت هي الأكثر بروزاً وتعليقاً ودعماً ونشراً وتأييداً ومساندةً لما يحدث في فلسطين وغزة (بشكلٍ ملموس) وكان موقفها هو الأشد قوة وصلابة والأكثر صموداً في محاولة نقل الحقيقة والتوعية بها في مختلف المنابر دون أن تبتغي من وراء هذا الدعم شيئاً، حيث استمر دون أن تمل أو تيأس أو تفتر عزيمتها مقارنةً بالعديد من الرجال بل وأشعرها تقاعس البعض بوجوب مضاعفة جهدها، وقد لوحظ هذا التباين في الموقف حتى ما بين بعض الأزواج..

لذلك تصح مقولة (فتش عن المرأة) لمعرفة بوصلة الكثير من القضايا والمواقف الأخلاقية، فهي وإن كان البعض (جهلاً منه) يعيب عليها عاطفتها إلا أن هذه العاطفة لا تنبع إلا من أخلاق وقناعة وعقيدة وشعور صادق وإيمان راسخ بما تدافع عنه أياً كان وهي ما نحتاجه بعد أن قادنا الحديث بإسم (العقل) إلى ما نعيشه الآن، ولربما كانت غريزة الأمومة الموجودة في داخل الكثيرات (وإن لم تصبح أماً) وذلك الرحم القادر على حمل الإنسان معنوياً قبل الحمل الفعلي هو ما يمكنها من حمل قضية وتبنيها بكل ذرةٍ في كيانها دون أن تلقي بالاً للكثير من الإعتبارات التي قد تصنف في زمننا الحالي كخسائر معنوية وحتى مادية..

وهنا للتوضيح لا نقلل من شأن كل من دعم بأي شكلٍ ممكن بل نقدره ونثمنه عالياً، لكننا نسلط الضوء على واقع نعيشه وبتنا نلحظه في مختلف نواحي الحياة خاصةً عندما نرى انحسار وتراجع دور الكثيرين ممن اتجهت الأنظار نحوهم وشعرنا بترددهم أو محاولة إختفائهم وسط الزحام بينما تصدرت الأنثى المشهد لتثبت أن المرأة هي من يربي الأبطال ويصنع الحضارة والأجيال والنصر وهي من يزرع الضمير ويغرس المشاعر في صدور الأمم..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى