لعل أهم ما أظهرته الحرب الإسرائيلية على غزة، في معركة طوفان الأقصى التي بدأت في 7 أكتوبر(تشرين أول) 2023م هذا الصمود الأسطوري، الذي أبداه الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة في مواجهة الجيش الإسرائيلي الذي هاجم غزة من البر والبحر والجو، ومنع عنها الطعام والماء والكهرباء والدواء، ودمر المنازل والمدارس والمساجد والكنائس ومراكز الإيواء في محاولة لإبادة الشعب الفلسطيني.
إن الإنسان ليتساءل عن سر هذا الصمود الشعبي، وتلك المقاومة الباسلة التي أبداها المقاومون في تصديهم لجيش العدو ودباباته، التي توغلت في القطاع تبث حممها على كل شيء، حتى إن المواد المتفجرة التي ألقيت على القطاع تعادل في تأثيرها أكثر من قنبلتين ذريتين كاللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين.
لا شك أن هذا الصمود يعود في جانب منه إلى الميزات، التي يتصف بها الإنسان الفلسطيني، وبخاصة الفلسطيني في غزة، الذي تمرس على معاركة الغزاة في أعوام 48، 56، 67، وتحمل الحصار لسنوات طويلة، وما تخللها من انتفاضات وغارات وتوغلات برية لقوات الاحتلال بلغت أشدها في عامي: 2014م، وهذا العام2023م.
لكن الجانب الآخر لهذا الصمود يتمثل في المكان، الذي يدور فيه الصراع بين الفلسطينيين وأعدائهم؛ فمقدرة الإنسان الفلسطيني، بما يملكه من أسلحة بسيطة لا تقف وحدها في مقارعة الغزاة، بل هي ضعيفة ولا أهمية لها (كما أرى) إذا جردت من قوة المكان، أي قوة الأرض، التي كما يقول اللواء والمحلل والخبير العسكري الدكتور فايز الدويري: "الأرض جزء من العقيدة"، تلك القوة المستمدة من موقع فلسطين الجغرافي المميز، وتاريخها الكنعاني العريق، وما ظهر فيها من الحضارات والديانات، ومن قدسيتها الإسلامية التي وردت في سورة "الإسراء " بقوله تعالى:" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " ومن تلك النباتات التي تجذرت في أرضها واشتهرت بها، وجعلت تربتها متماسكة قوية، وأشهرها أشجار الزيتون والتين والبلوط والصبار والسنديان والعوسج.
أدركت الحركة الصهيونية قوة الأرض الفلسطينية وأهميتها، وأيقنت بأن من يملك الأرض فإنه يملك ما فوقها من بشر ونبات وحيوان وجماد، فسعت بشتى الوسائل إلى تملك فلسطين، وبناء كيانها المزعوم على أرضها. ولم تترك وسيلة إلا استخدمتها في سبيل ذلك، من الشراء، إلى الاغتصاب، إلى المصادرة، وإلى طرد السكان.
أما أهل فلسطين فيعرفون قوة أرضهم منذ مر العصور،" وأهل مكة أدرى بشعابها"، وقد نشأت بينهم وبينها علاقة متينة؛ فهي التي أمدتهم بوسائل الحياة من طعام وماء وهواء، ومنحتهم الهوية، وعززت فيهم روح الانتماء، وحمتهم بجبالها ووديانها، وكستهم من جمالها وسحرها، وزودتهم بالقوة والعنفوان. أما هم فقد أحبوا ترابها، وكل شيء عليها، ودافعوا عنها بأرواحهم ودمائهم، وكان رفاتهم بعض مكوناتها. وقد تلاحموا معها في المعارك التي خاضوها مع الغزاة، وكانت النتيجة الانتصار لهم، كما حدث في حطين واليرموك وأجنادين وأسوار عكا.
لقد أدرك المقاومون في معركة طوفان الأقصى هذه الصفة للأرض الغزية، وتعمق وعيهم بالمكان، ومعرفتهم بشعابه ومنحنياته وطرقه، وما فيه من سهول وجبال وشوارع وأزقة. فلجؤوا إلى باطن الأرض في دفاعهم عن المقدسات والكرامة، وكانت الأرض عاملًا مهمًا في نجاح المقاومين في تكبيد العدو خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات. لقد قاتلت مع المقاومين، واحتضنتهم في أنفاقها كاحتضان الأم لأبنائها، فكانوا يخرجون منها لمنازلة عدوهم المدجج بالأسلحة الفتاكة، ويسجلوا الانتصار عليه.
هكذا كان الإنسان الغزي واعيًا في تعامله مع المكان ومتشبثًا به، بخلاف هذا العدو الطارئ عليه، الذي جاء كي يدمر الأرض، ويحرق شجرها، ويهدم ما عليها من بيوت، ويبيد أهلها. إنه لا تهمه هذه الأرض لأن تاريخه فيها ضئيل، بخلاف ابنها إنه المعني بالدفاع عنها وحمايتها" لا يحرث الأرض إلا عجولها" لأنها قطعة من قلبه، وجزء من جسده؛ فلا غرابة أن تقاتل معه لينتصرا معًا على عدوهما المشترك وعدو الحياة.
إن الإنسان ليتساءل عن سر هذا الصمود الشعبي، وتلك المقاومة الباسلة التي أبداها المقاومون في تصديهم لجيش العدو ودباباته، التي توغلت في القطاع تبث حممها على كل شيء، حتى إن المواد المتفجرة التي ألقيت على القطاع تعادل في تأثيرها أكثر من قنبلتين ذريتين كاللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين.
لا شك أن هذا الصمود يعود في جانب منه إلى الميزات، التي يتصف بها الإنسان الفلسطيني، وبخاصة الفلسطيني في غزة، الذي تمرس على معاركة الغزاة في أعوام 48، 56، 67، وتحمل الحصار لسنوات طويلة، وما تخللها من انتفاضات وغارات وتوغلات برية لقوات الاحتلال بلغت أشدها في عامي: 2014م، وهذا العام2023م.
لكن الجانب الآخر لهذا الصمود يتمثل في المكان، الذي يدور فيه الصراع بين الفلسطينيين وأعدائهم؛ فمقدرة الإنسان الفلسطيني، بما يملكه من أسلحة بسيطة لا تقف وحدها في مقارعة الغزاة، بل هي ضعيفة ولا أهمية لها (كما أرى) إذا جردت من قوة المكان، أي قوة الأرض، التي كما يقول اللواء والمحلل والخبير العسكري الدكتور فايز الدويري: "الأرض جزء من العقيدة"، تلك القوة المستمدة من موقع فلسطين الجغرافي المميز، وتاريخها الكنعاني العريق، وما ظهر فيها من الحضارات والديانات، ومن قدسيتها الإسلامية التي وردت في سورة "الإسراء " بقوله تعالى:" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " ومن تلك النباتات التي تجذرت في أرضها واشتهرت بها، وجعلت تربتها متماسكة قوية، وأشهرها أشجار الزيتون والتين والبلوط والصبار والسنديان والعوسج.
أدركت الحركة الصهيونية قوة الأرض الفلسطينية وأهميتها، وأيقنت بأن من يملك الأرض فإنه يملك ما فوقها من بشر ونبات وحيوان وجماد، فسعت بشتى الوسائل إلى تملك فلسطين، وبناء كيانها المزعوم على أرضها. ولم تترك وسيلة إلا استخدمتها في سبيل ذلك، من الشراء، إلى الاغتصاب، إلى المصادرة، وإلى طرد السكان.
أما أهل فلسطين فيعرفون قوة أرضهم منذ مر العصور،" وأهل مكة أدرى بشعابها"، وقد نشأت بينهم وبينها علاقة متينة؛ فهي التي أمدتهم بوسائل الحياة من طعام وماء وهواء، ومنحتهم الهوية، وعززت فيهم روح الانتماء، وحمتهم بجبالها ووديانها، وكستهم من جمالها وسحرها، وزودتهم بالقوة والعنفوان. أما هم فقد أحبوا ترابها، وكل شيء عليها، ودافعوا عنها بأرواحهم ودمائهم، وكان رفاتهم بعض مكوناتها. وقد تلاحموا معها في المعارك التي خاضوها مع الغزاة، وكانت النتيجة الانتصار لهم، كما حدث في حطين واليرموك وأجنادين وأسوار عكا.
لقد أدرك المقاومون في معركة طوفان الأقصى هذه الصفة للأرض الغزية، وتعمق وعيهم بالمكان، ومعرفتهم بشعابه ومنحنياته وطرقه، وما فيه من سهول وجبال وشوارع وأزقة. فلجؤوا إلى باطن الأرض في دفاعهم عن المقدسات والكرامة، وكانت الأرض عاملًا مهمًا في نجاح المقاومين في تكبيد العدو خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات. لقد قاتلت مع المقاومين، واحتضنتهم في أنفاقها كاحتضان الأم لأبنائها، فكانوا يخرجون منها لمنازلة عدوهم المدجج بالأسلحة الفتاكة، ويسجلوا الانتصار عليه.
هكذا كان الإنسان الغزي واعيًا في تعامله مع المكان ومتشبثًا به، بخلاف هذا العدو الطارئ عليه، الذي جاء كي يدمر الأرض، ويحرق شجرها، ويهدم ما عليها من بيوت، ويبيد أهلها. إنه لا تهمه هذه الأرض لأن تاريخه فيها ضئيل، بخلاف ابنها إنه المعني بالدفاع عنها وحمايتها" لا يحرث الأرض إلا عجولها" لأنها قطعة من قلبه، وجزء من جسده؛ فلا غرابة أن تقاتل معه لينتصرا معًا على عدوهما المشترك وعدو الحياة.