محمد الصلوي - سفر الثورة

أنا لستُ فارسكِ الشهيدُ، ولستُ شاعركِ المسجى بالقوافي الذاهلات عن الحياة، ولست أغنية البلاد وروحها الثوري في ليل من وهبوا الظلام حديده واستنشقوا دخان خوف خائف من ضوء حراس الصباح المنتشي بغناء عطر الياسمين.

فالشعرُ تكتبهُ أنامل ثائر لم يرتدِ ثوب الخديعة ، لا يبلل نصهُ الوردي بالحذر الموشح بالكياسة ، لا يؤثث نزفه بالأمنيات الغائبات عن المواجع في تراتيل المجاز ، يعانق الجرح اللذيذ ويحتسي طعنات أنصاف المواقف في ابتسامِ الوقت حين تخذله السياسة ، لا يبالي بالذين تناوبوا طهر التراب المستبين.

أنا ذلك الألفُ الوحيد وغربة النص القريب من الحكاية ، بعدهُ من نشوة الأحلام في فجر أبطال الرواية ، أرتدي وجع القصيدةِ في مساءٍ مسه بوح الحقيقة:

أيها المبذور في كبد البلاد ، الطين عاقرةٌ إن مسها ضوء الهداية لا تبادله المسرةَ والدم المسفوح لا يروي شياطين الغواية ، والحروف تمازجت في جوقة اليأس المعتق ، فاختر لهذا النص أنثى قد يناسبها بكاء الحرف في رحم المرارة، إن شئت فادخل طينة اللهو الخفيف ولا تُعدْ للجرح سيرته القديمة، لاتفتش في فؤادك، إن شئت فاترك كل ما كتبت يمينك ، إن شئت فانسَ ، إن شئت لا تنسى ومت كمدا حزين.

الموكبُ الثوري في الطرقات،
أجراس الحياة ترن، مئذنة تغني
ثوار أرض البن في الساحات ينتظرون أغنية السنابل
يرتدونَ الأحمرَ الشفقي في عرس الزنابق
ينتمون إلى البلاد ويشــــرقونَ
خدود صبح اللحن تمتشق البداية
تنسج الورد المبلل في عيون العاشقين.

البوحُ صرخة عاشقٍ وهبَ َالفؤادَ حبيبةً أبديةً
أنصت لمحبرةِ (المشاقرِ) ترسم الأفق البعيدَ،
العشقُ قبضةُ ثائرٍ نسف البلادة ، هشمَ الصنم المُعلمنَ والمؤسلمَ والمحقنَ في عبايات القبيلةِ ، فانتشِ بالأدمية حين تتفل في شحوب المعتمين ، وَقَبّلِ النص المحرر حين يصبق في جبين الخائفين.

أكتب حروبك بالمزاهر والمواويل الشفيفة ربما تنجو البلاد لرقصتين ، امضغ رؤوس القاطفين الحلم من كحل العذارى، امنح بلادك وردتين وقبلتين
أقمْ صلاتكَ للقصاصِ
احفظ جروحكَ أيها الأزليُ
لا تنزف نشيد الغافلين على جلابيب المدينة
لا تكرر نومك الأبدي لا تخذل بلادك مرتين


* محمد الصلوي شاعر يمني مقيم بالمغرب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى