عبدالجليل بدزي - قصيدة: "المنحوتة من العرعار"

سبق وأن نشرت هذا النص تحت يافطة الملحون الصويري وأعلام مدينة الصويرة، وذلك لكون الشاعر ينتمي لهذه المدينة الرائعة الجمال، وعلقت عليه بما جادت به الفكرة آنذاك، مشيرا إلى أن القصيدة من روائع الترجمات في فن الملحون، وقد ارتأيت أن أعيد نشر هذا النص بطلب من أخي وصديقي الأستاذ مصطفى خليفي وبعض الخلان الآخرين حتى تعم الفائدة، مشيرا إلى أن الأستاذ الفذ الحاج أحمد سهوم قد توقف عندها، مشيرا إلى تأثر صاحبها بالأدب العالمي، خاصة أسطورة "بيك ماليون"، التي قرر فيها الخالق أن يتزوج بالمخلوق، وما في ذلك من عمق فكري تأملي، يدفعنا إلى إعادة طرح السؤال حول مصداقية انتماء هذا النص الدسم والخطير للشيخ محمد بن الصغير.
وتطفو بعض القضايا الأخرى إلى السطح مشيرة إلى أن كل قراءة مسطحة متسرعة لنص الملحون، تستهدف القشور دون النواة، لابد أن تؤدي إلى استخلاصات ونتائج ساذجة وأحكام قاصرة لا يمكن أن توصلنا للمأمول المتعلق بكون هذه القصيدة هي أصدق نص دال على العمق الحضاري والفكري والثقافي للمغاربة، ومن هنا وجب على الباحثين التوجه للقضايا الجوهرية العميقة التي تؤهل نصوص الملحون، وتضعها في القمة التي هي أهل لها، فلا يمكن بأي حال من الأحوال وانطلاقة من القراءات المتسرعة والمسطحة أن نحاكم الملحون وأهله، متهمين الكل بالفساد والانحراف والدونية وما شابه، ذلك أن الفن لا يخلو من رمزية، ولم نسمع أبدا ناقدا أدبيا ولا باحثا في القصيدة الفصيحة، أدان شعراء الفصيح لمجرد أن يقرأ شعر الفحش والتهتك عند "صريع الغواني"، أو "أبي نواس"، أو "عمر بن أبي ربيعة" وغيرهم، بل إن هناك من أشار إلى أن المشروعين الخاصين بكل من "الإمام الشافعي" والشاعر "أبي نواس"، يلتقيان في نقطة حب الله والدفاع عن العقيدة مهما اختلفت السبل التي يتبعها كل واحد منهما، ومن هنا نرى وجوب رصد القضايا الجوهرية التي يطرحها شيخ الملحون، بإعادة القراءة السليمة لقصائد: ( الحراز، والضيف، والعشاقي، وما اعتبر ضربا من الشعر اللوطي وغيرها)، بل وحتى القصائد التي كانت في أغراض أخرى غير ما ذكر، مما ييسر لنا السبيل لتصحيح كثير من مفاهيمنا الخاطئة حول الملحون وأهله، مع متمنياتي الصادقة أن يقتنع كل باحث ومهتم ومتابع وولوع، بأن هذه القصيدة الملحونة ليست بالبساطة التي يعتقدها الكثيرون، إنها زئبقية متمنعة لا تسلس قيادها إلى لمن أعمل فكره، وأجهد عقله، وسار على دربها حتى تقرحت قدماه، وغاص على معانيها حتى تقطعت أنفاسه، وبعد كل هذا العناء، يأمل أنه شارف على الاتصال.
ومن القضايا الأخرى التي تحيلنا عليها هذه القصيدة، السؤال المطروح في نهاية النص، والذي عجز السابقون عن الإجابة عنه، ولعل ما ساقه الشيخ الجليل، فارس القصيدة الملحونة المعاصرة الأستاذ أحمد بدناوي، في قراءته التي سبق ونشرتها على هذه الصفحة الإلكترونية، يضيء بموضوعية ووعي، وصرامة منهجية وقراءة شفافة رشيقة، الجانب المظلم في هذه القضية التي أصبحت شفرتها واضحة مفهومة بعد هذه القراءة الموضوعية.
فإليكم أحبتي أقدم هذا النص الذي طلبتم إعادة نشره، مع رجائي أن تتأملوا قضاياه جيدا، وما كتب حوله، وتناقشوا ذلك بجدية العالم الذي يسعى نحو الحقيقة مهما كلفه الأمر من ثمن، مع خالص حبي لكم جميعا.
قصيدة:"المنحوتة من العرعار"
نظم الشيخ: محمد بن الصغير الصويري
امرمت السوسي المزلوك
الحــربــة:
* هَــــاذْ هِــــيَّ مَـــاهِيَــــا غِيــرْ مَنْ اجْــدَرْ ذَا العَــــرْعـَــارْ*
* نَـحْـــتْ مَـاهَــــرْ عِـيـَّــــارْ *
* دَمّْ وَلـحَـــمْ رَجْــعَــتْ وَاحْـــيَاتْ وَلاتْ امْـــرَة *
القســم الأول:
كـانـوا باثـنــيــن امســافـريــن * فاطـريــق الخيـر امرافــقيــن
واحد فيهم نحات * صانع ارفيع ابْهَـرْ جَمْعْ العقول * ما عند ابنادم مايقول * من غير اصويري * ما يطوع العرعار الهشيش * من غير افشـر* من دون فيش * كا يصنع بالعرعار شي عْجَايب * ما يشريها لويز* ولا جوهر ولا يبريز* والثاني كان امجادلي * وفكــل افـراح امواولي * واتجـر دغيا دغيا اغناه ربي * وصار من اللباب * إبيع ويشري فلثياب * عنـده لحـرير مع الصابـرة * وعنده الملف مع الكامرة * وعنـده لغوالي العاطرة * واعكـر والحركـوس * والسواك ولكحول * وما على الجمال من احمول * زاروا امقام سيــدي مكــدول * وسكــدوا خـرجوا فالســرويــة *
* مـــن الصـويـــرة جــــدوا فالــسيـــر فالـفــيـافي واقـفـــار*
* كايغــنــيــــوا اشــــعـــــــار*
* قاصــدين بـاعـــزم ونـيـــة البهــجـــة الحمــرة *
القســم الثاني:
في اعــوينـت سيــدي ياسيــن * صابــوا صاحبنا ابـن الـزيــن
هـروه وقال اكـلام * ما انـقـد انقوله * واللي اقوى عليه افضوله * زعمة ابغى يسمعه * إيجي حتى العندنا * ويرافقنا فاجمعنا * وانجيبوا ليه خينا * واحداه انهـروه ليه * ويسمع أش يقول ليه * عنداك يقول على اسفيه * لحديث اقياس * وغايته ادراوه قابـط ذيك الطريـق * وارجع حتى هو ارفيـق * يا محـلاها ذيـك المرافــقة * من حْكاياته الخارقة * والمغــربات رايــقــة *
* والضـــحــــك ولـقـجـــــام فالـطــــريــــــق الســـيــــ،ــار*
* هـــكـــــــذا داز انــــهــــار*
* روحوا فيه الفــــــرح اعـــــريس للــمـســـــرة *
القســم الثالث:
راحــت شمس انهــار لثـنيــن * دكــــوا كـيـطــون امعاونيــن
واتوضاو وصلاو* عاد جـبـدوا لعشة * وبعدها اتـرايوا * إقسموا ليلهـم * على العسة ما بينهم * بالمشخــرة ضربوا العـود * عاود ثاني ضربـوا العود * وبان اشكون اللــول * واشكون الثاني * وجا العود فالتيجاني * واخـرج من الكيطون إيـدوز نويبته * يحـرس بالجـد ارفاكـتـه * باش إيدوز وقـته * وباش يـتـونـس * صاب اصنيعته * صاب اجـدر دا العـرعـار* غير مرمي * واطول من طولته * اجبـد أدواته وزاد له * يـنـقـش ويـدقـدق * ويمري بالملاكـيـة *
* كــان مـسكـــون مــع الصــنــعـة امـخـلـخـلالــــه لـفـكــار*
* ولا ابـحــــالــه صـبـــــــار*
* صانـــع اتــقي وانــقي وامعيشتـه امعيشة مــرة *
القســم الرابع:
عَـــسّْ اسويـعــاتــه كامــليــن * وانـحـت قامة تسبي العــيــن
امرة خمرية كاملة * وقفها وقفة صايلة * وامشى فيق من نوبته يعس * واتكى فـفـريشه انعـس * والتاجر من حيث شافها * اجمـد فيه الدم وافها * واتـراجع دغية واعـرفها * ذات من العـرعار* اصنعها ذاك الجـن * وابدا يخمم ويتمكـن * وبعدها امشى يجــري لصنـادقه * واجـبـد قـفـطان اخضر* من الموبـر واقميـص من الحـريـر* والسبنية ازواقها امشجـر* واسقليها اكـثير* والعبروق وعصابته ذا الـويـز* والشربـيـل الكـبيـر* لبسها نبتها *
* وزيـــن لــهــــا خــــلاها فــيـــن صابـــهـــا للـتــبـــهــــار*
* وفــــيــــق بـــا عــمــــــــر*
* ابـــن الـــزيــــن يـعــــس النوبة ويـلقـــى لمرة *
القســم الخامس:
افهـــا فـيهــا يـــا فــاهـــمـــين * وداخــت بيـه الـدنيا فاحيـــن
زكا راسه دغية وزاد ليها * واخـزر فيها امليح * طيـر سبنيتها الـريـح * وعلى راسه غادي اتـطيـح * غماته فـزعاتـه * وهـوساتـه * وافـلـت ليه الـرتاج * زاد اتـفاكـم ليه المـزاج * ومن هاذي موحال واش باقي يـفـلـت * اتـلاحقات فيه انـفاسه * وطاح فالوطـة كايـلـهـث * لو كـان شاهـدوه وناسه * مسكـيـن كـيف كايـتـمرت * اشحال عاد عـــرا راســه *
* امنين شاف فاجــنابه صاب اشحــال من اشــلاخ العــرعار*
* الكــــبـــــار والصـــغــــار*
* ابحال من جــاه ومرمــق له واعـــرف الجـــرة *
* عــــاد ولــــى عـــنـه لـعيـــا وعـــاد مسكــيــــن انــهــــار*
* وعـــاود ارفـــع لــبـــصار*
* باش ينظــــر هـــاذ الخشبـــة وجاتــــه حكـــرة *
* كــيـــف حـــتــى يـــتـــفـــزع بالخــــوة وهـــو عــــيـــار*
* ما ابـــحــــالـــــه عــــيــار*
* وباش من كـــيــــد إيــرد الصاع بألــف عـبــرة *
* ابـــــدا يخمـم كــــيفاش وباش خص ياخــــذ بالــــــثـــــار*
* مــن الخــسيـــس النجــــار*
* على اللي ما خـــبـره واتخانــقـات فيـه الحسرة *
* بعــد ساعة اضـــرب بكــفــوفه الأرض ضربــت تطهــار*
* اتـــيـــمـــم باخــــتــــصـار*
* ودار للقبلــة يـــرجى خالقه اعــظـيـــم القــدرة *
* غيــر كــبــر واسجــد سجــدة اسمــع عــطسـة بجـــهـــار*
* احيـات بــنــت العـــرعــار*
* غيـر سلـــم طاحــت بيـن إيـــديه عـــذرة سمرة *
* قال ليهـا نبـــغـــيــــك اتــــفيـــقي اعـــديـــــم اليـــضــمار*
* مـــــع الــذيـــب النـجــــار*
* غـــيـــر فاقــــوا شعشـع لحماق فـلـثنيـن ابمـرة *
* اشكـــون من حـقـه ياخــــذهـا من الثــــلاثـــــة يـــذكــــار*
* واهــيـا هــــل لــــفــكــــار*
* يا الــودبـــة يا هــــل لعـــلــــوم نعـــم القــــرة *
* قال محـــمــــد بـــن الصغيــــر والســـلام فـــلـشــعـــــار*
* إيــــعـــــم سـايــر لـبـــرار*
* والجــــواب إيــصــيبــه من راد فالبـــيــات العــــشــــرة *

تعليقات

لا توجد تعليقات.

هذا النص

ملف
ديوان الملحون والزجل والشعر العامي - ملف
المشاهدات
275
آخر تحديث
أعلى