رغم الزخم الكبير الذي تعرف الساحة الزجلية المغربية في الآونة الأخيرة، والتي شهدت اندفاعة أساسية على مستوى إنتاج القصيدة الزجلية ونشرها عبر دواوين ملأت رفوف المكتبات، إلى جانب خلق إطارات ثقافية من أجل الاهتمام بها نقدا وتحليلا وتعريفا، وتنظيم مهرجانات وملتقيات وطنية خاصة بأسئلة الزجل القلقة على مستوى التعريف ووضع القوانين المنظمة للكتابة في هذا الصدد ــ رغم كل ذلك ــ إلا أن هذا المشروع ظل ناقصا، وبدون فعالية كبيرة، لعدم انخراط كبار شعراء القصيدة الزجلية المغربية في المشروع، وإمساكهم في الغالب عن عدم نشر نصوصهم وإخراج دواوينهم، لأسباب ليس هذا مجال طرحها، ومن بين هؤلاء الشعراء الكبار، نذكر الزجال المارد إدريس بلعطار، الذي يعتبر بحق في وقتنا هذا، واحدا من أعمدة هذا الفن على المستوى الوطني.
عندما تواجه نصوص بلعطار، تطالعك بوجهها الفني الذي ينبئك عن أن الكتابة الزجلية عنده ليست من قبيل الإنتاج المتسرع الذي يتخذ من اللهجة العامية في بساطتها وسيلة لتوليد الكلام فقط، بل هي كتابة عميقة لها صوتها الخاص، تنتج قصيدة مشحونة بالآلام والأكدار، ممزوجة بطراوة التجربة الإنسانية، فضلا عن اشتغالها على لغة ثالثة يتداخل فيها العربي الفصيح والعامي الفصيح، إضافة إلى قوتها الإيقاعية الناضجة والغير المفتعلة، وستوفر لنا قصيدته تحت عنوان "الفنار" فرصة لتوضيح بعض الجوانب الإبداعية عند هذا الشاعر، إن من حيث المبنى أو من حيث المعنى.
في بداية هذه المغامرة المتعلقة بقراءة النص، سننطلق أولا من رهان المضمون، والذي أداره الشاعر حول قضية حساسة اجتماعيا، ومستهلكة من طرف المبدعين، عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات الإنسانية، إنها قضية العلاقات الاجتماعية، وما تتصف به من صفات إيجابية وصفات سلبية تتغير بتغير الظروف التي تمر بها، وهذه المرة، يشعر بلعطار بالانعكاسات السلبية للحضارة المادية على حياة الإنسان وعلاقاته داخل المنظومة الاجتماعية، لدرجة بدأنا نخدع في الأشخاص كما يخدع الإنسان العطشان بالسراب، فيتعذر علينا إدراك حقيقتهم، أوزانهم وأحجامهم، وانطبق علينا ــ حسب بلعطارــ القول المأثور:"إذا وليت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة"، أو كما قال سيدي عبد الرحمن المجذوب:
اتْخَلطاتْ وُلا ابْغَــاتْ تَصْفَا ++ وَلْعَـبْ خَـزّْهَا فُــوقْ مَاهَــا
رِيَّاسْ مَــنْ غِيـــرْ مَــرْتْبَــة ++ هُمَــــا اسْبَـــابْ اخْــــلاهَا
وهي الوضعية هي التي يؤشر عليها النص عندما يقول:
شحال من "دزة" من البعد تبان سبع
وعند القرب، يا وعدي، تصيبها نعجة
وشحال من ملخة على كلخة يتجدع
واخرين يقولوا: "ها ... عَلّامْنَا جَا.."
وكأني بالشاعر يقتبس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتعلق ب"الرويبضة"، وهو الرجل التافه الذي يسوق الناس ويأتمرون بأمره دون أن يجرأ أحد على معارضته أو مناقشته في شيء، ويستمر النص في تجسيد مواصفات هذه العلاقات الإنسانية التي تأثرت كثيرا بالحضارة المادية، فيرى أنها أصبحت مبنية على النفاق والخداع والابتعاد عن الطريق القويم، كما أن الأقرباء والأقارب ــ سواء كانت الروابط بينك وبينهم دموية أو علاقة صداقات ــ الكل يبيت لك المقالب والغدر، ومستعد أن يبيعك بأبخس الأثمان، وذلك من أجل قضاء مصالحه الخاصة، الشيء الذي يجعل الإحساس بالألم يتضاعف ويكبر، حتى جفت العيون من الدموع، وانطبق علينا قول الشاعر العباسي المتغطرس:
رماني الدهــر بالأرزاء حتى ++ فــؤادي فــي غشاء مــن نبال
فصــرت إذا أصابتنــي سهام ++ تكسرت النصال على النصال
وهـان فــمــا أبالي بالـــرزايا ++ لأني ما انتفـعـــت بأن أبالـــي
إنها وضعية كئيبة السبب فيها هو التبعية والسياسة الانبطاحية، والفقر الكافر، كلها عوامل جعلت القيــم الأصيلــة المشكلة لهويتنا منــذ غابر الأزمان تضيع وتتغيــر، وأصبحنا نلهث وراء الغرب الذي جاءنا بحضارة مادية خرساء، أنست الناس إنسيتهم، فحملوا راية العصرنة دون تمحيص أو تدقيق، والسبب الثاني وراء هذا التغيير الذي أصاب المجتمع، فإنه يتمثل في الشرق/ دول الخليج، التي استغلت ثرواتها النفطية من أجل أن تسارع في الأرض فسادا، اعتقادا منهم أنهم بأموالهم يستطيعون شراء ما يحلوا لهم، حتى الذمم والفضائل، بل ويشترون حتى الرجولة وعزة النفس، وغيرة الناس على أعراضهم، وفي ذلك يقول الشاعر:
هُوَ الغَرْبْ ... وُشَلا بَليَاتْ فِينَا ازْرَعْ
هو الشَّرْقْ بَفْحَايْشْ النفط دَارْ ضَجَّة
هذاك وَرَّانَا بْحِيرَة فْ عِينْ ذِيبْ تَلمَعْ
كذاك لَاخُرْ.. وَرَّانَا مْنِينْ جَا لَحْجَى
هذا هو المضمون الذي ينقله النص باختصار شديد، والواقع أن بلعطار كان مسبوقا لهذا الغرض، سواء من طرف شعراء الفصيح، كما نجد عند أحد الشعراء المعاصرين، والذي يقول في هذا نفس السياق:
خنافسُ الأرض تجـري في أعِنَّتِها**وسـابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتـدِ
وأكــرمُ الأُسْــدِ محبـوسٌ ومُضطهــدٌ**وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ
وأتفــهُ الناس يقضي في مصالحهــمْ**حكمَ الرويبضـةِ المذكورِ في السنَدِ
فكــم شجــاعٍ أضـاع النــاسُ هيبتَهُ**وكــمْ جبانٍ مُهـــابٍ هيبـةَ الأسَــدِ
وكــم فصيــحٍ أمــات الجهــلُ حُجَّتَـهُ**وكـــم صفيقٍ لهُ الأسـماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غـدا فــي غيــر موضعـهِ**وكم وضيعٍ غـــدا في أرفعِ الجُــدَدِ
دار الزمـان علـــى الإنسـان وانقــلبَـــتْ**كـــلُّ المـوازيـــن واختــلَّـتْ بمُســتنـــد
أما شيوخ "الملحون"، فكثير منهم قد تطرق لهذا الغرض وكتب فيه، وعلى سبيل المثال هذا سيدي عبد القادر العلمي يقول في قصيدته "القلب"، وهي قصيدة من امرمت مكسور الجناح:
وَهْوَ يَا سِيدِي الَخُّوتْ والذّْهَبْ وَالفَضَّة هُمَا الأحْبَابْ +
وَالوْقَرْ والعَزّْ والأمَانْ + وُالاعْتِزَالْ عْلَى الرَّقْبَانْ + أَهْلْ البَهْتَانْ
صْحَبْتْ مَنْ لايْلُه نْفَعْ كِيفْ اللّي صْبَحْتْ نَابْتَة لُه فالقَلبْ احْبُوبَة + لَا حَدّْ إِيدَاوِيهْ
خَمَّمْتْ فُولَادْ جِيلنَا وَتْأمَّلْتْ انْصِيبْهُمْ بَعْصَا وَحْدَة مَضْرُوبَة + مَعْطنْ شَرْبُوا فِيه
أما الشيخ محمد بن علي ولد أرزين، فنجده يقول في قصيدته "المْعَرْفَة"، وهي من امرمت المبيت لمثني:
مَاصَابْتْ النَّاسْ مْعَرْفَة وَعْسَاكْ أَنَا نْدِيرْ صَحْبَة + اْبِيلْ اللِّي يْدِيرْ فْهَاذْ الْجِيلْ صْحَابُه
أَرَاسِي لَا حْبِيبْ عَنْدَكْ إِلَّا مَنْ جَابْتُه مْحَبَّة + وَاللِّي مَا جَابْتُه مْحَبَّة عَارَفْ شَايَنْ جَابُه
مَا جَا إلا لْحَاجْتُه يَقْضِيهَا يَصْطادْ فِيكْ وَجْبَة + الْعَبْ امْعَاهْ بَامْفَرَّجْ حَتَّى تَسْطابُه
أُورِيهْ فِي ضَامْتْ الشّطارَة وَابْيَادَقْها مْيَاتْ لَعْبَة + واللعْبَة التّاليَة إِيصِيبَكْ فِيها غَلابُه
فَتَّشْ قَلبُه وخاطرُه وفَدْوَاخَلْ صَدْرُه وما اتّْخَبَّة + وَاحَدْ غَرْضُه ما اعْلِيكْ في هُولُه وَشْغَابُه
والأمثلة كثيرة على ذلك، فإذا كان الأمر على هذا الحال، فإننا نتساءل عن رهان إدريس المضموني من خلال هذه القصيدة، أو بصورة أوضح، ما هو الجديد الذي جاء به الشاعر على مستوى المضمون من خلال هذه القصيدة؟.
إن التيمة الأساسية التي يتمحور حولها النص ليست من ابتكار الشاعر، بل كان مسبوقا إليها من طرف الشعراء المذكورين سلفا وغيرهم، حيث قال فيها الذين سبقوه من شعراء الملحون حتى استهلكت، ولكن تناول الشاعر لها من جديد، جاء برؤية جديدة واعية بعيدة عن النزعة الفردية والصراعات الشخصية التي كانت تطبع مسار أهل الملحون الذين طرحوا هذا الموضوع كتجسيد لصراعات شخصية كانت تنشب بينهم لعدة أسباب، فينظر الشيخ لهذا الصراع بطريقة عاطفية بعيدة عن الرؤية العقلانية، مما يلون نظرته وشعره باليأس والقتامة من المجتمع ككل، إلا إن بلعطار وهو يتحدث عن هذه القضية، يطرحها بتصور عقلاني مجردا عن كل ما هو شخصي، إن الشاعر يجعل من هذه القضية قضية اجتماعية تمس أخلاق المجتمع ككل، من جراء التغيرات التي طرأت على مواقف الناس وأخلاقهم، عارضا الأسباب الكامنة وراء ذلك التغيير، داعيا الكل إلى ضرورة الرجوع إلى الأصل، والمحافظة على الهوية الوطنية، إن إدريس لا يكتب قصيدته مما سمع من شيوخ الكلام أو عامة الناس مما هو متوفر سواء من خلال الأمثال الشعبية أو الأقوال العامة كما يفعل العديد من الزجالين الذين يأخذون من المحكيات الفولكلورية والشعبية، إن شاعرنا يشتغل في إطار سؤال الكتابة على التيمة المختارة بوعي صادق، فيجعلها في خدمة الصالح العام للفئات الشعبية، بتصور لم تستطع الكتابات السابقة أن تصل إليه لأسباب بعيدة عن طرحنا الآني. فإذا كان هذا شأن مضمون النص، فماذا عن الشكل؟.
من خلال النظرة الأولى للنص، نرصد قضية بارزة بشكل كبير، إنها تتعلق بحضور الطريقة التقليدية في الكتابة الزجلية خاصة لدى شعراء الملحون، حيث استغل بلعطار امرمة عروضية من امرمات الملحون، وهي "امرمت لمبيت لمثني لمشركي"، والمتكونة من 10/10، دون أن نغفل تأثير سيدي عبد الرحمن المجذوب من خلال رباعياته، والذي شكل الذائقة الفنية عند الشاعر إدريس، وفي ذلك ملاحظتين:
ــ ليس هناك من عيب في هذه المتابعة، خاصة أنها تكشف عن أصالة في الكتابة، وأن ما يصدر عن بلعطار ليس دخيلا على المجتمع المغربي.
ــ أن إدريس رغم تأثره النسبي بالأشكال التي ذكرنا، إلا أنه لم يكن وفيا لها بشكل تام، بل نجده قد خط طريقه الجديدة انطلاقا من أسئلة الكتابة، والتي جعلته يطرح مواضيع جديدة كانت أم قديمة، بوعيه الخاص حسب ما يلائم المجتمع، وكل تغيير على مستوى المضمون، لابد أن يواكبه تغيير على مستوى الشكل، لتلازمهما معا، وهكذا نجد بلعطار، ورغم استغلاله للمرمة السابقة الذكر، إلا أنه جعل للقصيدة بنية ملائمة لذوق الشباب، بعيدة عن طول ورتابة وتقسيمات قصيدة الملحون، كما أنه كان بعيدا عن الكتابة المشذرة، والأحكام العامة، والمثالية التي نجدها في أشعار سيدي عبد الرحمن المجذوب، إن شعر بلعطار من هذه الناحية أكثر واقعية، أبعد ما يكون عن الطرح العاطفي لقضايا المجتمع، والتي ينظر إليها بموضوعية تامة، وهذا لا ينافي قدرته الفائقة على نفث السحر في رؤيته للقضايا التي يتحدث عنها، وذلك بلمساته الشاعرية الفائقة الجمال، والتي تتخللها اقتباسات من أجل إكساب الأفكار قوتها، هذه الاقتباسات تَدِقّ حتى تكاد تخفى عن أعين المتلقين، مثل ما نجد في المقطع الثاني من القصيدة، حيث اقتبس مضمون الحديث النبوي الشريف، والمتعلق ب "الرويبضة"، وهو الرجل التافه الذي سيخضع له الناس شريفهم ووضيعهم في آخر الزمان، أما على مستوى المأثور الشعبي، فقد استثمر الشاعر حكاية الغراب الذي يريد تعلم مشية الحمامة في الحكاية المعروفة، دون أن ننسى الإشارة إلى أثر الشعر العربي في الذائقة الفنية لبلعطار، ففي المقطع الثالث من قصيدته، نسمع صوت الشاعر العربي القديم عندما قال:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة +++ ويروغ منك كما يروغ الثعلب
إضافة إلى هذا، فلغة الشاعر الشعرية ذات كثافة إيحائية ورمزية عالية جدا، لاحظوا معي قوله على سبيل المثال لا الحصر:
وشحال من ملخة على كلخة يتجذع
واخرين يقولوا: "ها ... علاّمْنَا جا .."
أو قوله:
والدين عاد ف الدلالة فازمانا اتوزع
وسنان المشط صارت فلجة حْدَى فلجة
مع إشارة تهم جانب الصور الشعرية، والتي كان لها حضورا مكثفا على مستوى النص، مع ابتعاد الشاعر عن الإطناب والحشو الذي يوقع النص في الخطابية، ويعرو الشعر بالجفاف.
بعد هذا المسح السريع لهذا النص، نخلص إلى جملة من الملاحظات نوجزها في التالي:
• نصوص بلعطار يتدفق فيها الإيقاع في انسيابية غير متكلفة، فهو لا يبحث عن الإيقاع، بقدر ما يكون منشغلا بالفكرة التي يريد بلورتها من خلال كتاباته، وهذه التلقائية على مستوى الإنتاج، تكسب نصوصه رونقا وجمالا.
• القصيدة عند شاعرنا مشروع يحمل الكثير من ملامح آثار اشتغال الكتابة وإعادة الكتابة والتشذيب، مما يوفر للكلمة إمكانية العثور على الدفء والجمال في تجاورها مع أخواتها على مستوى جسد القصيدة، إن الكلمة توضع موزونة مشحونة بدفق هادئ يكشف عن عذوبة البث، وحرارة البوح.
• إدريس أثناء تشييد متنه الشعري، يثبت أنه في مراحل نضجه وتطوره الشعريين، لقد كان أثناء الكتابة يستثمر ثراء ذاكرته التي تختزن الكثير من ملامح المجتمع والكتابات التقليدية وغيرها، ويتموقف منها شاقا طريقه نحو مشروع آمن به من خلال طرح واضح لأسئلة الكتابة بطريقة جد عميقة، وذلك قصد الخروج من جبة الكتابة الزجلية التقليدية (الملحون أساسا)، وهي أسئلة أصبحت مؤخرا لديه أكثر إلحاحا، فهل استطاع فعلا أن يتخلص من هذه النماذج التقليدية ويتجه نحو التجديد الذي كان يصبو إليه؟.
• إدريس بلعطار يكتب بكثير من التلقائية والسهولة والبساطة الخادعة والانسياب، لكنه في كل هذا، يكشف عن شاعر متمرس، متمكن من أدواته التعبيرية والفنية، خبرته القصيدة وخبرها، فاكتسب تجربة جعلته يكون ملما بخفاياها وخفايا القضية التي يطرحها تحت نظر المتلقي، مما يدفعني للقول بأن الواجب يفرض علينا أن نبتهج بهذا الشاعر ونفرح به، ذلك أنه يرتقي سلم الكتابة بثقة كبيرة وحب لجمهوره، هذا الحب المتبادل الذي يجعل منه شاعرا جديرا بالصحبة، فتحية خاصة لهذا الشاعر الكبير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النص الذي اشتغلت عليه
قصيدة:"الفنار"
العين سليمة ...والشوفة راها تخدع
كيف السراب يشوفو العطشان مرجة
شحال من "ذزّة" من البعد تبان سبع
وعند القرب ،ياوعدي، تصيبها نعجة
وشحال من ملخة على كلخة يتجدّع
واخرين يڭولوا :"ها ...علامنا جا"..
سحساحة ولحلاحة ..محركهم طمع
وعيونهم تزغلل إلا شافت "اللقجة"
يسقوك حلاوة لسان ف كيسان تلمع
ويدسّوا في ڭيعانها ..سم الرهجة
والخير ف ذ الناس ماعاد ليوم يشفع
حيث الصدق سمّاوه "الطريق العوجا"
والمعقول نخّْلوه ..ڭالوا: ما فيه نفع
والحق باعوه ف سوق الباطل ڭرجة
والعام لّي تڭول لفساد جدرو تڭلع
إيجيك... من يزيد في سلالمو درجة
قسات لقلوب والعين ما عادت تدمع
وكح ما العشق خيّب للعطشان رجا
والصحبة صبح بالصح صرفها يخلع
واللي سقتيه حليب... يسقيك حدجة
والخو.. ماعادت خاوةليوم ليه تردع
ساعة غدر خوه ..بلا سبة بلا حجة
والدين عاد ف الدلالة. ف زمانا توزّع
وسنان لمشَط صارت فلجة حدى فلجة
هو الغرب ...وشلا بليات فينا زرع
هو الشرق بفحايش النفط دار ضجة
هذاك ورّانا بحيرة ف عين ذيب تلمع
كذاك لاخر ..ورّانا منين جا لحجى
وحنا ولينا كيف ذاك لغراب يخنع
ف قصة الحمامة والمشية لعرجا
وحنا يا خوفنا يغيب ويتمحى طابع
فنار لطريقنا.. وبيه المركب ينجا
ادريس بن العطار
عندما تواجه نصوص بلعطار، تطالعك بوجهها الفني الذي ينبئك عن أن الكتابة الزجلية عنده ليست من قبيل الإنتاج المتسرع الذي يتخذ من اللهجة العامية في بساطتها وسيلة لتوليد الكلام فقط، بل هي كتابة عميقة لها صوتها الخاص، تنتج قصيدة مشحونة بالآلام والأكدار، ممزوجة بطراوة التجربة الإنسانية، فضلا عن اشتغالها على لغة ثالثة يتداخل فيها العربي الفصيح والعامي الفصيح، إضافة إلى قوتها الإيقاعية الناضجة والغير المفتعلة، وستوفر لنا قصيدته تحت عنوان "الفنار" فرصة لتوضيح بعض الجوانب الإبداعية عند هذا الشاعر، إن من حيث المبنى أو من حيث المعنى.
في بداية هذه المغامرة المتعلقة بقراءة النص، سننطلق أولا من رهان المضمون، والذي أداره الشاعر حول قضية حساسة اجتماعيا، ومستهلكة من طرف المبدعين، عندما يتعلق الأمر بالمجتمعات الإنسانية، إنها قضية العلاقات الاجتماعية، وما تتصف به من صفات إيجابية وصفات سلبية تتغير بتغير الظروف التي تمر بها، وهذه المرة، يشعر بلعطار بالانعكاسات السلبية للحضارة المادية على حياة الإنسان وعلاقاته داخل المنظومة الاجتماعية، لدرجة بدأنا نخدع في الأشخاص كما يخدع الإنسان العطشان بالسراب، فيتعذر علينا إدراك حقيقتهم، أوزانهم وأحجامهم، وانطبق علينا ــ حسب بلعطارــ القول المأثور:"إذا وليت الأمور لغير أهلها فانتظر الساعة"، أو كما قال سيدي عبد الرحمن المجذوب:
اتْخَلطاتْ وُلا ابْغَــاتْ تَصْفَا ++ وَلْعَـبْ خَـزّْهَا فُــوقْ مَاهَــا
رِيَّاسْ مَــنْ غِيـــرْ مَــرْتْبَــة ++ هُمَــــا اسْبَـــابْ اخْــــلاهَا
وهي الوضعية هي التي يؤشر عليها النص عندما يقول:
شحال من "دزة" من البعد تبان سبع
وعند القرب، يا وعدي، تصيبها نعجة
وشحال من ملخة على كلخة يتجدع
واخرين يقولوا: "ها ... عَلّامْنَا جَا.."
وكأني بالشاعر يقتبس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتعلق ب"الرويبضة"، وهو الرجل التافه الذي يسوق الناس ويأتمرون بأمره دون أن يجرأ أحد على معارضته أو مناقشته في شيء، ويستمر النص في تجسيد مواصفات هذه العلاقات الإنسانية التي تأثرت كثيرا بالحضارة المادية، فيرى أنها أصبحت مبنية على النفاق والخداع والابتعاد عن الطريق القويم، كما أن الأقرباء والأقارب ــ سواء كانت الروابط بينك وبينهم دموية أو علاقة صداقات ــ الكل يبيت لك المقالب والغدر، ومستعد أن يبيعك بأبخس الأثمان، وذلك من أجل قضاء مصالحه الخاصة، الشيء الذي يجعل الإحساس بالألم يتضاعف ويكبر، حتى جفت العيون من الدموع، وانطبق علينا قول الشاعر العباسي المتغطرس:
رماني الدهــر بالأرزاء حتى ++ فــؤادي فــي غشاء مــن نبال
فصــرت إذا أصابتنــي سهام ++ تكسرت النصال على النصال
وهـان فــمــا أبالي بالـــرزايا ++ لأني ما انتفـعـــت بأن أبالـــي
إنها وضعية كئيبة السبب فيها هو التبعية والسياسة الانبطاحية، والفقر الكافر، كلها عوامل جعلت القيــم الأصيلــة المشكلة لهويتنا منــذ غابر الأزمان تضيع وتتغيــر، وأصبحنا نلهث وراء الغرب الذي جاءنا بحضارة مادية خرساء، أنست الناس إنسيتهم، فحملوا راية العصرنة دون تمحيص أو تدقيق، والسبب الثاني وراء هذا التغيير الذي أصاب المجتمع، فإنه يتمثل في الشرق/ دول الخليج، التي استغلت ثرواتها النفطية من أجل أن تسارع في الأرض فسادا، اعتقادا منهم أنهم بأموالهم يستطيعون شراء ما يحلوا لهم، حتى الذمم والفضائل، بل ويشترون حتى الرجولة وعزة النفس، وغيرة الناس على أعراضهم، وفي ذلك يقول الشاعر:
هُوَ الغَرْبْ ... وُشَلا بَليَاتْ فِينَا ازْرَعْ
هو الشَّرْقْ بَفْحَايْشْ النفط دَارْ ضَجَّة
هذاك وَرَّانَا بْحِيرَة فْ عِينْ ذِيبْ تَلمَعْ
كذاك لَاخُرْ.. وَرَّانَا مْنِينْ جَا لَحْجَى
هذا هو المضمون الذي ينقله النص باختصار شديد، والواقع أن بلعطار كان مسبوقا لهذا الغرض، سواء من طرف شعراء الفصيح، كما نجد عند أحد الشعراء المعاصرين، والذي يقول في هذا نفس السياق:
خنافسُ الأرض تجـري في أعِنَّتِها**وسـابحُ الخيل مربوطٌ إلى الوتـدِ
وأكــرمُ الأُسْــدِ محبـوسٌ ومُضطهــدٌ**وأحقرُ الدودِ يسعى غير مضطهـدِ
وأتفــهُ الناس يقضي في مصالحهــمْ**حكمَ الرويبضـةِ المذكورِ في السنَدِ
فكــم شجــاعٍ أضـاع النــاسُ هيبتَهُ**وكــمْ جبانٍ مُهـــابٍ هيبـةَ الأسَــدِ
وكــم فصيــحٍ أمــات الجهــلُ حُجَّتَـهُ**وكـــم صفيقٍ لهُ الأسـماعُ في رَغَدِ
وكم كريمٍ غـدا فــي غيــر موضعـهِ**وكم وضيعٍ غـــدا في أرفعِ الجُــدَدِ
دار الزمـان علـــى الإنسـان وانقــلبَـــتْ**كـــلُّ المـوازيـــن واختــلَّـتْ بمُســتنـــد
أما شيوخ "الملحون"، فكثير منهم قد تطرق لهذا الغرض وكتب فيه، وعلى سبيل المثال هذا سيدي عبد القادر العلمي يقول في قصيدته "القلب"، وهي قصيدة من امرمت مكسور الجناح:
وَهْوَ يَا سِيدِي الَخُّوتْ والذّْهَبْ وَالفَضَّة هُمَا الأحْبَابْ +
وَالوْقَرْ والعَزّْ والأمَانْ + وُالاعْتِزَالْ عْلَى الرَّقْبَانْ + أَهْلْ البَهْتَانْ
صْحَبْتْ مَنْ لايْلُه نْفَعْ كِيفْ اللّي صْبَحْتْ نَابْتَة لُه فالقَلبْ احْبُوبَة + لَا حَدّْ إِيدَاوِيهْ
خَمَّمْتْ فُولَادْ جِيلنَا وَتْأمَّلْتْ انْصِيبْهُمْ بَعْصَا وَحْدَة مَضْرُوبَة + مَعْطنْ شَرْبُوا فِيه
أما الشيخ محمد بن علي ولد أرزين، فنجده يقول في قصيدته "المْعَرْفَة"، وهي من امرمت المبيت لمثني:
مَاصَابْتْ النَّاسْ مْعَرْفَة وَعْسَاكْ أَنَا نْدِيرْ صَحْبَة + اْبِيلْ اللِّي يْدِيرْ فْهَاذْ الْجِيلْ صْحَابُه
أَرَاسِي لَا حْبِيبْ عَنْدَكْ إِلَّا مَنْ جَابْتُه مْحَبَّة + وَاللِّي مَا جَابْتُه مْحَبَّة عَارَفْ شَايَنْ جَابُه
مَا جَا إلا لْحَاجْتُه يَقْضِيهَا يَصْطادْ فِيكْ وَجْبَة + الْعَبْ امْعَاهْ بَامْفَرَّجْ حَتَّى تَسْطابُه
أُورِيهْ فِي ضَامْتْ الشّطارَة وَابْيَادَقْها مْيَاتْ لَعْبَة + واللعْبَة التّاليَة إِيصِيبَكْ فِيها غَلابُه
فَتَّشْ قَلبُه وخاطرُه وفَدْوَاخَلْ صَدْرُه وما اتّْخَبَّة + وَاحَدْ غَرْضُه ما اعْلِيكْ في هُولُه وَشْغَابُه
والأمثلة كثيرة على ذلك، فإذا كان الأمر على هذا الحال، فإننا نتساءل عن رهان إدريس المضموني من خلال هذه القصيدة، أو بصورة أوضح، ما هو الجديد الذي جاء به الشاعر على مستوى المضمون من خلال هذه القصيدة؟.
إن التيمة الأساسية التي يتمحور حولها النص ليست من ابتكار الشاعر، بل كان مسبوقا إليها من طرف الشعراء المذكورين سلفا وغيرهم، حيث قال فيها الذين سبقوه من شعراء الملحون حتى استهلكت، ولكن تناول الشاعر لها من جديد، جاء برؤية جديدة واعية بعيدة عن النزعة الفردية والصراعات الشخصية التي كانت تطبع مسار أهل الملحون الذين طرحوا هذا الموضوع كتجسيد لصراعات شخصية كانت تنشب بينهم لعدة أسباب، فينظر الشيخ لهذا الصراع بطريقة عاطفية بعيدة عن الرؤية العقلانية، مما يلون نظرته وشعره باليأس والقتامة من المجتمع ككل، إلا إن بلعطار وهو يتحدث عن هذه القضية، يطرحها بتصور عقلاني مجردا عن كل ما هو شخصي، إن الشاعر يجعل من هذه القضية قضية اجتماعية تمس أخلاق المجتمع ككل، من جراء التغيرات التي طرأت على مواقف الناس وأخلاقهم، عارضا الأسباب الكامنة وراء ذلك التغيير، داعيا الكل إلى ضرورة الرجوع إلى الأصل، والمحافظة على الهوية الوطنية، إن إدريس لا يكتب قصيدته مما سمع من شيوخ الكلام أو عامة الناس مما هو متوفر سواء من خلال الأمثال الشعبية أو الأقوال العامة كما يفعل العديد من الزجالين الذين يأخذون من المحكيات الفولكلورية والشعبية، إن شاعرنا يشتغل في إطار سؤال الكتابة على التيمة المختارة بوعي صادق، فيجعلها في خدمة الصالح العام للفئات الشعبية، بتصور لم تستطع الكتابات السابقة أن تصل إليه لأسباب بعيدة عن طرحنا الآني. فإذا كان هذا شأن مضمون النص، فماذا عن الشكل؟.
من خلال النظرة الأولى للنص، نرصد قضية بارزة بشكل كبير، إنها تتعلق بحضور الطريقة التقليدية في الكتابة الزجلية خاصة لدى شعراء الملحون، حيث استغل بلعطار امرمة عروضية من امرمات الملحون، وهي "امرمت لمبيت لمثني لمشركي"، والمتكونة من 10/10، دون أن نغفل تأثير سيدي عبد الرحمن المجذوب من خلال رباعياته، والذي شكل الذائقة الفنية عند الشاعر إدريس، وفي ذلك ملاحظتين:
ــ ليس هناك من عيب في هذه المتابعة، خاصة أنها تكشف عن أصالة في الكتابة، وأن ما يصدر عن بلعطار ليس دخيلا على المجتمع المغربي.
ــ أن إدريس رغم تأثره النسبي بالأشكال التي ذكرنا، إلا أنه لم يكن وفيا لها بشكل تام، بل نجده قد خط طريقه الجديدة انطلاقا من أسئلة الكتابة، والتي جعلته يطرح مواضيع جديدة كانت أم قديمة، بوعيه الخاص حسب ما يلائم المجتمع، وكل تغيير على مستوى المضمون، لابد أن يواكبه تغيير على مستوى الشكل، لتلازمهما معا، وهكذا نجد بلعطار، ورغم استغلاله للمرمة السابقة الذكر، إلا أنه جعل للقصيدة بنية ملائمة لذوق الشباب، بعيدة عن طول ورتابة وتقسيمات قصيدة الملحون، كما أنه كان بعيدا عن الكتابة المشذرة، والأحكام العامة، والمثالية التي نجدها في أشعار سيدي عبد الرحمن المجذوب، إن شعر بلعطار من هذه الناحية أكثر واقعية، أبعد ما يكون عن الطرح العاطفي لقضايا المجتمع، والتي ينظر إليها بموضوعية تامة، وهذا لا ينافي قدرته الفائقة على نفث السحر في رؤيته للقضايا التي يتحدث عنها، وذلك بلمساته الشاعرية الفائقة الجمال، والتي تتخللها اقتباسات من أجل إكساب الأفكار قوتها، هذه الاقتباسات تَدِقّ حتى تكاد تخفى عن أعين المتلقين، مثل ما نجد في المقطع الثاني من القصيدة، حيث اقتبس مضمون الحديث النبوي الشريف، والمتعلق ب "الرويبضة"، وهو الرجل التافه الذي سيخضع له الناس شريفهم ووضيعهم في آخر الزمان، أما على مستوى المأثور الشعبي، فقد استثمر الشاعر حكاية الغراب الذي يريد تعلم مشية الحمامة في الحكاية المعروفة، دون أن ننسى الإشارة إلى أثر الشعر العربي في الذائقة الفنية لبلعطار، ففي المقطع الثالث من قصيدته، نسمع صوت الشاعر العربي القديم عندما قال:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة +++ ويروغ منك كما يروغ الثعلب
إضافة إلى هذا، فلغة الشاعر الشعرية ذات كثافة إيحائية ورمزية عالية جدا، لاحظوا معي قوله على سبيل المثال لا الحصر:
وشحال من ملخة على كلخة يتجذع
واخرين يقولوا: "ها ... علاّمْنَا جا .."
أو قوله:
والدين عاد ف الدلالة فازمانا اتوزع
وسنان المشط صارت فلجة حْدَى فلجة
مع إشارة تهم جانب الصور الشعرية، والتي كان لها حضورا مكثفا على مستوى النص، مع ابتعاد الشاعر عن الإطناب والحشو الذي يوقع النص في الخطابية، ويعرو الشعر بالجفاف.
بعد هذا المسح السريع لهذا النص، نخلص إلى جملة من الملاحظات نوجزها في التالي:
• نصوص بلعطار يتدفق فيها الإيقاع في انسيابية غير متكلفة، فهو لا يبحث عن الإيقاع، بقدر ما يكون منشغلا بالفكرة التي يريد بلورتها من خلال كتاباته، وهذه التلقائية على مستوى الإنتاج، تكسب نصوصه رونقا وجمالا.
• القصيدة عند شاعرنا مشروع يحمل الكثير من ملامح آثار اشتغال الكتابة وإعادة الكتابة والتشذيب، مما يوفر للكلمة إمكانية العثور على الدفء والجمال في تجاورها مع أخواتها على مستوى جسد القصيدة، إن الكلمة توضع موزونة مشحونة بدفق هادئ يكشف عن عذوبة البث، وحرارة البوح.
• إدريس أثناء تشييد متنه الشعري، يثبت أنه في مراحل نضجه وتطوره الشعريين، لقد كان أثناء الكتابة يستثمر ثراء ذاكرته التي تختزن الكثير من ملامح المجتمع والكتابات التقليدية وغيرها، ويتموقف منها شاقا طريقه نحو مشروع آمن به من خلال طرح واضح لأسئلة الكتابة بطريقة جد عميقة، وذلك قصد الخروج من جبة الكتابة الزجلية التقليدية (الملحون أساسا)، وهي أسئلة أصبحت مؤخرا لديه أكثر إلحاحا، فهل استطاع فعلا أن يتخلص من هذه النماذج التقليدية ويتجه نحو التجديد الذي كان يصبو إليه؟.
• إدريس بلعطار يكتب بكثير من التلقائية والسهولة والبساطة الخادعة والانسياب، لكنه في كل هذا، يكشف عن شاعر متمرس، متمكن من أدواته التعبيرية والفنية، خبرته القصيدة وخبرها، فاكتسب تجربة جعلته يكون ملما بخفاياها وخفايا القضية التي يطرحها تحت نظر المتلقي، مما يدفعني للقول بأن الواجب يفرض علينا أن نبتهج بهذا الشاعر ونفرح به، ذلك أنه يرتقي سلم الكتابة بثقة كبيرة وحب لجمهوره، هذا الحب المتبادل الذي يجعل منه شاعرا جديرا بالصحبة، فتحية خاصة لهذا الشاعر الكبير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النص الذي اشتغلت عليه
قصيدة:"الفنار"
العين سليمة ...والشوفة راها تخدع
كيف السراب يشوفو العطشان مرجة
شحال من "ذزّة" من البعد تبان سبع
وعند القرب ،ياوعدي، تصيبها نعجة
وشحال من ملخة على كلخة يتجدّع
واخرين يڭولوا :"ها ...علامنا جا"..
سحساحة ولحلاحة ..محركهم طمع
وعيونهم تزغلل إلا شافت "اللقجة"
يسقوك حلاوة لسان ف كيسان تلمع
ويدسّوا في ڭيعانها ..سم الرهجة
والخير ف ذ الناس ماعاد ليوم يشفع
حيث الصدق سمّاوه "الطريق العوجا"
والمعقول نخّْلوه ..ڭالوا: ما فيه نفع
والحق باعوه ف سوق الباطل ڭرجة
والعام لّي تڭول لفساد جدرو تڭلع
إيجيك... من يزيد في سلالمو درجة
قسات لقلوب والعين ما عادت تدمع
وكح ما العشق خيّب للعطشان رجا
والصحبة صبح بالصح صرفها يخلع
واللي سقتيه حليب... يسقيك حدجة
والخو.. ماعادت خاوةليوم ليه تردع
ساعة غدر خوه ..بلا سبة بلا حجة
والدين عاد ف الدلالة. ف زمانا توزّع
وسنان لمشَط صارت فلجة حدى فلجة
هو الغرب ...وشلا بليات فينا زرع
هو الشرق بفحايش النفط دار ضجة
هذاك ورّانا بحيرة ف عين ذيب تلمع
كذاك لاخر ..ورّانا منين جا لحجى
وحنا ولينا كيف ذاك لغراب يخنع
ف قصة الحمامة والمشية لعرجا
وحنا يا خوفنا يغيب ويتمحى طابع
فنار لطريقنا.. وبيه المركب ينجا
ادريس بن العطار
رهان الكتابة عند الشاعر إدريس بلعطار بقلم ذ عبدالجليل بدزي
رهان الكتابة عند الشاعر إدريس بلعطار قصيدة: الفنار نموذجا بقلم: عبد الجليل بدزي رغم الزخم الكبير الذي تعرف الساحة الزجلية المغربية في الآونة الأخيرة، والتي شهدت
malhoun.yoo7.com